من أعظم المشاكل التي تواجهنا في الحياة، قابلية العقل واستعداده لأن يفكربأسلوب انفعالي غير متزن، ومن شان هذا الأسلوب أن يدفعنا لرؤية المواقف التي نمر بها من خلال غمامة كثيفة، او رؤيتها بصورة مشوشة، ولذا يكون حكمنا على الموقف خاطئا مما يوقعنا في مشاكل عديدة لاحقا، بل يوقعنا فيما هو أسوأ من ذلك فبسبب ذلك النمط من التفكيرالانفعالي تغدو حياتنا مليئة بالضغوط وتسيطر علينا الافكارالسلبية مما يجعلنا عرضة للاكتئاب.
فيما يلي بعض أساليب التفكير الخاطئة التي نتعرض لها جميعا، والتي تعوق تفكيرنا السليم المتوازن:
1- القفز للنتائج بسرعة:
غالبا ما نستعجل في الحكم على قضية ما، فبمجرد سماعنا لطرف بسيط من الموضوع نسارع لاصدار حكمنا عليه، وقبل ان نستوفي الاحاطة به من جميع جوانبه حتى في الامور البسيطة، فعلى سبيل المثال قد تبعث برسالة لأحدهم ويتأخر في الرد عليك، فيذهب عقلك في تأويلاته مذاهب شتى، وتختمرتلك التأويلات والتخمينات في ذهنك، لتصبح حقيقة دامغة تتصرف بناء عليها، وغالبا ما تكون تلك التخمينات بعيدة عن الحقيقة، ومما يزيد الأمر سوءا ان أغلبها تخمينات سلبية، فالعقل بطبيعته يشك في نوايا الآخرين دوما، ولا ريب أن مثل هذا الشك يوقعنا في مشاكل مع أهلنا وأصحابنا، لذا علينا ان نحذرمن الوقوع في هذا الفخ.. فخ القفز السريع للنتائج، أو على الأقل نذكر انفسنا أن تلك النتيجة التي توصلنا لها قد تكون خاطئة.
لا جدال انه من الظلم أن يسئ الآخرون معاملتك، لكن الأسوأ من ذلك ان تحمل بداخل رأسك عقلا شكاكا على الدوام.
2- تفكيرنا اما أسود أو أبيض:
نحن بفطرتنا ننظر للعالم من حولنا اما بمنظار أسود، أو بمنظار أبيض، فنحن اما ناجحون تماما، أو على العكس فاشلون تماما، وبناء على ذلك نصنف الناس على انهم أعداء لنا أو أصحاب، والمحزن في الأمر ان أية غلطة بسيطة نقترفها تجعلنا نعتقد اننا قد فشلنا في حياتنا فشلا تاما، فعلى سبيل المثال قد نتفوه بعبارة خطأ، ثم نفترض اننا بسببها خسرنا أو أفسدنا علاقة نحرص عليها، وبالمقابل من شأن نجاح بسيط نحصل عليه أن يملأنا زهوا وغرورا وذاك هو عين عدم التوازن في التفكير، ولا يمكن ان نعيش حياتنا بمثل هذا الاسلوب غير المنطقي. علينا ان نتفادى اليأس المفرط، وايضا الزهو المفرط.. فلا افراط ولا تفريط وبدلا من ان نحكم على أنفسنا بالفشل عندما نخطئ يجدر بنا ان ننظر لتلك الأخطاء على انها مجرد حجارة صغيرة تعترض طريق تطورنا وتنميتنا لذاتنا.
3- لا تلم الاخرين على أخطائك:
غالبا ما نجعل من أنفسنا قضاة أو حكما على الاخرين، ولو تأملنا الامر جيدا والتزمنا الامانة والموضوعية لأدركنا اننا نشترك معهم فيما اقترفوه من أخطاء، لكننا حين نطلق أحكامنا ضدهم نطلقها من خلال تلك الاهمية التي نعطيها لذواتنا وليس من خلال شفقتنا عليهم، ويزداد الامر سوءا حين نقترف الخطأ ثم نتملص من الاعتراف به، ونسارع بإلقاء اللوم على الآخرين، وأنهم السبب فيما وقعنا فيه من أخطاء، اذ يصعب على النفس مواجهة أخطائها ويسهل عليها بالمقابل رمي الاخرين بها، فتقول لك: لو ان الآخر تصرف بطرية صائبة لما وقع منك ما وقع!
هذا بالضبط ما يقوله لك عقلك الذكي ليبرر لك ما اقترفته من أخطاء، ولهذا نظل نمارس نفس الاخطاء، ونظل نخلق لانفسنا نفس المشاكل على الدوام.. كن امينا مع نفسك.. واجهها واعترف بخطئك.