من يسافر للطائف صيفاً ثم يعود من إجازته فلابد أن يحمل معه هدايا للأقارب والأصدقاء؛ والخياران الوحيدان لك هناك؛ إما الرمان الطائفي المشهور الذي قد يصل حجم الحبة منه إلى حجم رأس الكبش؛ أو العسل الشبابي الحلو
المذاق الذي يعرفه بعض الناس معرفة جيدة؛ ويفرقون بينه وبين غيره.
والعسل الشبابي يأتي من جنوب الطائف؛ وهو منسوب إلى شبابة من كنانة كما يرجح بعض المؤرخين؛ ولذلك اشتهر باسم العسل الشبابي؛ وكان عمرو بن العاص له بستان يسمى الوهط يخرج نتاجه زبيب وعسل شبابيح طلبه منه الوليد فأهداه له؛ ثم لما قام الوليد طلبه عمرو منه فأعاده له؛ وفي الطائف تجد رجالاً يرتدون ملابس خاصة حول منطقة الشفاء وغيرها يبيعون العسل الشبابي المشهور!! وهذا المسمى للعسل يغري الناس بشرائه من أولئك الذين يرتدون أشكالاً للملابس ويصيحون بأعلى أصواتهم «عسل شبابه يا شباب» والناس يخدعهم هؤلاء الذين تحسبهم مواطنين؛ وفي الأخير تجدهم من بلد عربي شقيق؛ لكنهم يرتدون ملابس غريبة تغري الأطفال والمراهقين الذين يمطون أفواههم فرحاً بصاحب العسل ليصوّروا معه وهو يرتدي ملابس قديمة من عصور قديمة كما يقولون. اشتريت من هذا العسل الشبابي كمية جيدة بسعر مرتفع نوعاً ما؛ وقد أقسم صاحبه بالله العظيم الغالب الطالب أنه عسل نقي مئة بالمئة؛ وأني لم أغش فيه؛ وزاد: أنه من مزرعتنا وأن النحل لا يأكل إلا الزهور وأوراق الأشجار.
جئت إلى الرياض أحمل الهدايا من العسل الشبابي؛ وأخذت عينة منه لمختبر العسل؛ فلما خرجت النتيجة ضحك صاحبي وقال: أأنت اشتريت عسلاً أم سكراً؟ قلت بل عسلاً شبابياً صافياً من بلاد كنانة؟
قال: هؤلاء يطعمون النحل سكراً؛ بحيث يشترون كيساً من السكر ويضعونه للنحل؛ فتجد إسهال النحل عسلاً سكرياً!!! قالها وضحك وزاد: ضحكوا عليك؟
تعجبت من هذا العسل المغشوش كيف انطلى على الناس واشتروه؛ وكيف غاب الرقيب «لا أدري مَن المسؤول عن رقابتهم وهم يبيعون؛ هل هي البلدية هي التي يجب أن تأخذه منهم وترميه في صناديق القمامة؛ أم حماية المستهلك» وأين هي حماية المواطن من حيث الصحة؛ لأن من لديهم مرض السكر يظنون أن العسل النقي الصافي يساعدهم على حمية السكر؛ كما أنه قد عرف عند الناس أن العسل يصلح للحوامل وأصحاب العمليات الجراحية؛ فكيف يتم غش الصحة والأصحاء مع المرضى على سواء. وليس الغش هناك في العسل وحده؛ بل وصل إلى الرمان الطائفي المشهور؛ حيث إن سعر الرمان الطائفي يكون غالياً؛ لأن موسم قطافه يتأخر عن وقت الصيف المبكر؛ بمعنى أن موسم قطافه يكون بعيد رجوع المصطافين؛ لكنَّ البائعين هناك يشترون رماناً مستورداً من بلد قريب ويدلسون على الناس بأنه طائفي؛ تماماً مثل تدليس العسل الشبابي المشهور.
مسألة الغش وفي المصايف بالذات مسألة يجب أن يتم الانتباه لها كحماية للمستهلك من خداع الباعة والتلاعب أيضاً بصحة المرضى الذين لهم حمية على العسل النقي الصافي.. فأين الحماية في المصايف لدينا؟ هذا من صميم مسؤوليات حماية المستهلك؛ فهل تتحرك في الحماية من الخداع والغش والتدليس على الناس؟ لا أدري لكن أظن أنهم سيفعلون.
د. محمد أبو حمرا
الرابط
http://www.al-jazirah.com/20100327/ar3d.htm