من الذي يستطيع الرقص..؟
عبدالله إبراهيم الكعيد
كنتُ قد طرحت في مقال سابق فكرة اختراع جهاز لفحص (الذمم) كما هي أجهزة الفحص الدوري للمركبات لكي نستطيع من خلال مؤشرات هذا الجهاز معرفة مدى صلاحية ذمة الانسان من عدمه خصوصاً وقد أضحت الذمم اليوم أوسع من ثقب الأوزون إلاّ من رحم ربي ولازلت مصرّاً على فكرة هذا الاختراع ومستعد أيضاً للتنازل عن أيّ حقوق تنتج عن تصنيع مثل هذا الجهاز وأعلنها صريحة هنا بأنني سأكون حينها أكثر الفرحين بسبب استشراء الفساد وعلى كافة المستويات فكل يوم نسمع عن فضيحة جديدة فهذا موظف مرتش وآخر سارق للمال العام وثالث أثرى بطرق غير مشروعة ورابع باع ضميره بأوراق نقدية زرقاء وخامس اختلس من صندوق الدولة وسادس وسابع و...و...و إذاً أراني على حق حين طالبت بضرورة فحص الذمم. في الغرب يُعلن الوزير أو المسؤول الكبير عن ثروته قبل تسلّمه لمنصبه ويخضع للمراجعة بعد تركه للوظيفه فيُحاسب فيما لوظهرت أموال لايُعرف مصدرها، وفي الدول الأخرى يدخل الرجل الوزارة وهو (منتّف) ويخرج منها سواء بإعفاءه من منصبه (بناء على طلبه) أو بناء على انتقاله للدار الآخره وحساباته السريّة والمكشوفة مثقلة بالملايين في غياب السؤال الكبير من أين لك هذا ..؟؟
في كتاب أحلى طرائف ونوادر الخلفاء والملوك من إعداد إميلي يعقوب كرم وردت حكاية أحد الحكّام الذي أراد أن يختار رجلاً ليستخدمه أميناً على أمواله وخزائنه، فأذاع بياناً يدعو فيه الراغبين في تولّي هذه الوظيفه الى الحضور، وحضر الى دار الحاكم عدد كبير من طُلاّب الوظيفة وكان طريقهم الى مجلس الحاكم ممرّاً طويلاً، ليس به أحد من الحُرّاس وقد امتلأت جوانب الممر بالمجوهرات، واجتاز طُلاّب الوظيفة هذا الممر حتى وصلوا الى مجلس الحاكم فقال لهم : إن الامتحان الوحيد لشغل هذه الوظيفه هو أن ترقصوا أمامي، فوجم جميع المتقدمين ولم يرقص منهم أحد إلاّ واحداً تقدّم أمام الحاكم يُؤدي الامتحان، ذلك لأن الباقين كانوا قد ملأوا جيوبهم بالمجوهرات ..!!
الآن وبصرف النظر عن واقعية الحكاية أو اكتنازها بالخيال (الفانتازي) دعونا نرها من زاوية واقعية فيما لو حدثت في زماننا فهل يمكن أولاً تصوّر فكرة الاعلان عن وظيفة (مسؤول) والطلب ممن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة التقدّم ..؟؟ هل تخيّلتم ماالذي سيحدث.؟؟ وهل يمكن توقّع نوعية المتقدمين ليكونوا مسؤولين..؟؟ الله الله...، ياما من الأعاجيب التي لن تخطر على قلب بشر ..! هل تعرفون لماذا .؟؟ أتوقع أنكم تعرفون لهذا ساختم حديثي بفقرة من إعلان الرياض والذي أصدره المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد من تنظيم جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام 2003م والتي تنص على ضرورة تفعيل دور وسائل الاعلام المختلفة في إبراز الصورة السيئة للفساد والكشف عنه ومحاربته وهانحن نقاوح أملاً في الشفافية ولو بالرقص على حبّة ونص حتى يُعرف مافي الجيوب.