التعصب القبلي، وهو موضوع أضاء القضية كثيراً ولسوف أقف على بعض ما جاء فيه
وخاصة ما أشار إليه الدكتور عبدالرحمن بن محمد العسيري جريدة (الرياض 2007
/9/30)
حول نوع من الترميز العنصري الخطير وذلك بأن يضع بعض الشباب على لوحات سياراتهم
إشارات وعلامات تكشف عن قبيلة صاحب السيارة،
وهذه العلاقات مبنية على مؤشرات الوسم القبائلي حيث تملك كل قبيلة وسما تضعه على
مواشي القبيلة لإثبات الملكية ولحماية الماشية، وهو في الأصل يمثل علامة عملية وشعار
هوية ذات بعد مصلحي يضمن حقوق الملكية مثله
مثل العلامة التجارية اليوم أو الشعار الرسمي للمؤسسات والأوطان، هذا
و هو الأصل ولكن الوسم تحول ليكون قيمة ثقافية وصار يحمل أبعاداً رمزية ويمثل هوية
متميزة، وصار مدعاة للحمية والعصبية وقد كان ذلك ضروريا
في زمن الفترة القبائلية بما انها مرحلة لها خصائصها ولها دواعيها ولها
ظروفها التي تحتمها ومن ثم تبررها وتوجبها، غير أن تحول الجماعة البشرية إلى وطن
يعني بالضرورة التحول إلى المواطنة، وهذه تقضي توحيد
الجميع تحت شعار واحد يلغي الشعارات الفئوية والطائفية والمناطقية
والقبائلية، ويحول الرموز السابقة إلى الملف الثقافي وإلى كتاب التاريخ والذاكرة، غير ان
انبعاث الرموز القبائلية - كما أثبتها الدكتور العسيري، -
هو ما يثير القضية لا بوصفها ثقافة وتاريخا وذاكرة، وإنما بوصفها مؤشراً
على تحيزات وتمييزات فئوية ومن ثم يجعلها خطرة بما إنها لا تتفق مع مفهوم التكامل
الاجتماعي الذي تفترضه بنية الوحدة الوطنية، وهذا يفكك مفهوم
المواطنة حيث سيدفع الفرد للخضوع لسلطة الوسم والاستجابة
لشروطه، ولقد روى العسيري في دراسته أقوال بعض الشباب الذين اتخذوا من الوسم
ورسمه على لوحات سياراتهم وسيلة لاستثارة الحمية القبلية حتى
قال بعضهم إن الوسم يساعده على معرفة الانتماء القبلي لصاحب
السيارة فيهب لمساعدته ويتجنب إيذاءه لمجرد أن يرى العلامة على اللوحة، وهذا لا يشير
إلى العصبية القبائلية فحسب، بل إنه يشير إلى موقف سلبي من
الآخرين الذين لا يحملون الشعار نفسه أو لا يملكون شعاراً قبائلياً،
وإذا كانت السيارة لا تحمل هذا الوسم أو تحمل وسما مغايراً لقبيلة منافسة فإن التعامل
سيكون سلبيا بسبب هذه العلامة المغايرة، كما إن هذا السلوك
الترميزي يشير إلى حس تصارعي ميدانه الشارع وعلامته لوحات السيارات