"نعلم أن قبيلة عتيبة هم أهل الكرم والجود والنخوة والحمية والشهامة ويعرفون حق الجوار وهذا جاركم راشد إبراهيم حامد النجيدي البلوي الذي وافته المنية وهو لم يزل جار لكم ونتمنى منكم الدعاء له بالرحمة والمغفرة"
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
""اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها""
إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد الله على قضائه وقدره ولله
ما أخذ وله ما أعطى نحمده في الركوع وعند السجود نحمده حمد الشاكرين التائبين المرتضين بقضاء الله جل جلاله حمدا يليق بعزته وعظمته وقوته وجبروته.............أما بعد
في يوم الخامس والعشرين من الشهر الخامس في العام الألف وأربع مائة وثلاثون فقدت أعز إنسان في حياتي هو زوجي وأبو أولادي راشد بن إبراهيم بن حامد بن محمد النجيدي البلوي فقدت أغلى ما أملك بل لا أبالغ حينما أقول فقدت القبيلة كنزا ثمينا لا يعوض إنسانا وأبا عطوفا كريما,,,,,
لقد حكم القدر بأن نقف دون حراك لا نستطيع الدفاع عن أنفسنا ولم يسمح لنا حتى بالدفاع عن محبينا حتى حان موعد الموت ليأتي ويخطف من بين أيدينا ومن أمام أعيننا زوجي ويتركنا مابين مصدقين, ومكذبين ,مذهولين
ومفجوعين لا ندري كيف كنا؟ وأين نكون؟وكيف بدأنا؟ ومن أين انتهينا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟فقد مات زوجي مات الرجل الشهم صاحب الأخلاق العظيمة والهمة العالية"مات بعد أكثر من عشرين سنه عشرة ظللتنا فيها الحياة مع أبنائنا سعداء لا يكدر صفو حياتنا شيء.......نستقبل الدنيا بآلامها وأفراحها ليظللنا سقف بيت واحد يجمع فيه حلاوة الحياة وقسوتها فقد أمضيت معه سنينا وأياما ولم أرى أفضل من معاملته ولا أرحم من قلبه ولا ألطف من نفسه وحسن أخلاقه ولا أجمل من عفوه وصفحه عن الخطأ فحقا كان لي نعم الزوج ونعم العون والسند................لقد عاش إنسانا بسيطا بحياته ولكن كبيرا بأخلاقه العالية عاش حياته
لا يبالي بهذه الدنيا وملذاتها كان كريم النفس واليد متبسما في كل الأحوال سواء مر بحزن أو فرح لم ينهر أي إنسان في حياته حتى لو كان قد أخطأ في حقه كان متوازن الطباع ,حكيما لم أرى في حكمته وعقله أحدا غيره.......كان يداعب أطفاله يحنو عليهم يوفر لهم كل ما يحتاجونه,,لم يبخل عليهم بشيء قط كل حاجاتهم ملباة لهم صغيرهم وكبيرهم بالرغم من دخله القليل لم يقل لأي أحد من أبنائه
لا أستطيع, لا أقدر,لا أريد, لا يمكن ..........لم توجد في قاموسه كلمة لا لحاجيات أبنائه حتى لو كان الشيء الذي يريدونه لا يقدر عليه فعلا فإنه يحاول قدر المستطاع توفيره لهم ....وبالرغم من أن لديه أطفال معاقين فكان خير مهتما بهم يلبي كل رغباتهم لم يجعلهم يحتاجون لأحد لو كان في منتصف الليل لكان أستيقظ من نومه وذهب ليحضر
ما يريدونه كان يقول لن أتخلى عنهم وأتركهم طالما أن في عرق ينبض فكان حقا خير الأب المثالي وأيضا بالرغم من أنه العائل الوحيد لهم لم يتخلى عن مسؤليته ومهامه حتى لو كان منهكا من التعب أو يشتد عليه المرض ,,كان يحملهم على ظهره غير مهتما بصحته بل كان كل همه راحتهم وسعادتهم وبالفعل كان يوفرها لهم..فلقد علمهم في المدارس ووقف بجانبهم ولم يتخلى عنهم بل جدد الأمل في نفوسهم ووضع الثقة في قلوبهم و والله لم أذكر أنه نام على فراشه قبل أن يتفقد أبنائه واحدا واحدا وإذا علم بأن أحدهم له حاجة يريدها لم يضع جنبه في الأرض بل يخرج ويجلبها ثم يأتي ويتأكد أنهم لم يطلبوا شيئا ثم ينام على فراشه , كان أبا عطوفا حانيا ليس قاسيا كأغلب الآباء بل كان إذا غضب أحد أفراد عائلته يحاول إرضائه بقدر ما يستطيع لم يبخل بتلك اللمسة الحانية على أبنائه ليراضيهم فيها , كان كريما إلى أبعد ما يكون وكان يحثني على إكرام كل من يدخل بيته حتى لو كان هو خارج بيته فكان إكرام ضيفه واجب عليه ,ويغضب أشد الغضب إذا علم بأن ضيفا أتى إلى منزله ولم يأخذ حق ضيافته ولم يكتفي بهذا بل يأمرني بتقديم ما يوجد في منزله قليلا أو كثيرا برا وإحسانا لضيوفه وجيرانه حتى أنه كان يستدين إن لم يجد شيئا,, ففي سيرة زوجي الكثير الذي يشرفني أنني زوجته ويرفع رأسي فيه.... ..... فكان رجلا في معاملته مع الناس ولطيفا عند الضعفاء والمساكين وجادا عند الحزم في الأمور ,,,و والله وبالله وتالله أنه بعد ممات زوجي لم يملأ عيني من رجال الدنيا بأكملها وأن ظفر من زوجي يساوي رجال الدنيا بكاملها لأن صفاته التي عايشتها لم تجتمع كلها برجل واحد ولكن العجيب أنني وجدتها تجتمع في زوجي وليس ما أقول هو كلامي فقط لأن شهادتي بزوجي مجروحة ولكن وددت أن أوضح الحقيقة وأنشرها ليعرف سيرته من لم يعرفه شخصيا ..... فلو قلت لكم أنه حنون ولطيف لم أقل لكم شيئا ’’ولو حدثتكم عن بره بوالديه لقلتم خجلا ليس من رجال الدنيا ...فلقد ماتت والدته التي أعتنى بها في مرضها وهي راضية عنه ومات زوجي ووالده راضي عنه حتى أن والده نطق بكلمة بعد وفاة ابنه راشد بن إبراهيم النجيدي البلوي أبكت من
كان قلبه يتفطر حزنا على هذا الرجل النادر حينما قال والده بهذه العبارة العامية ولكنها نزلت كذهب من فم هذا الأب الذي قال :"من يجيب لي ولد بدال راشد "ولم يقولها والده فقط بل قالها كل من عرفوا هذا الرجل الشهم العزيز الذي مات ولم يهن رجلا لأن الإحترام كان من أخلاقه ولم يحقر طفلا لأن الرحمة كانت صفاته,أحبه كل الناس لم يكن له أي شخص يكرهه كل من رآه أحبه بابتسامته وسماحة وجهه وطيب خلقة وخاطرة ,كل من رآه حتى لو لم يكن يعرفه قال إن هذا الشخص كريم الخلق بشوشا , لم ينهر في وجه سائل أبدا ... إذا أتاه شخص يطلبه مالا حتى لو لم يكن معه شيء يذهب ويستدين من أي شخص فيعطي الذي طلبه المال ويسامحه فيه,, أحبه الجميع صغيرا وكبيرا عرفوه الأطفال والكبار بدماثة خلقه وطيب نفسه ولم يؤذ جارا ولا عزيزا ولا حتى بعيدا لأنه كان يردد على مسامعي كلمات لم أعرف قيمتها إلا عند وفاته فكان يقول" الدنيا ما فيها خير اليوم فيها وبكره راحلين" كان يوصي على جيرانه ولم يؤذيهم حتى لو آذوه بل كانت كلمته لقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الجار فلا تؤذوا جيرانكم حتى لو كانوا مخطئين كان متسامحا مع كل الناس لم يعرف الحقد أو الحسد ولا الغيرة كان يتمنى الخير لكل الناس بل لا أبالغ بأنه يتمناه حتى لأعدائه ...بل كان إذا قيلت له كلمه تجرحه بل وتؤذي نفسه تبسم بوجه قائلها ولم يرد إلا بالإبتسامة فكانت خلقه ,,ولكن من حظ هذا الرجل بالدنيا أنه لم يمت إلا وهو زائر والده وألقى عليه النظرات الأخيرة وأعطاه دواءه بيديه وسلم عليه مودعه ولايعلم بأنه الوداع الأخير ولكن نرجوا من الله أن يكون من أهل الجنة حيث أنه مات في المدينة ودفن في البقيع ومات وهو على هيئة المصلي واضعا اليمنى على اليسرى ووجهه يتلألأ نورا ومبتسم رحمه الله وأتمنى كل من يقرأ هذه أن يدعوا له بالرحمة والجنة ويعلم الله أنني لو كنت شاعرة لكتبت بزوجي الملاحم ولكن أتمنى كل من يقرأ هذه وهو شاعرا أن يكتب في زوجي ما قرأه عنه إن كان لم يعرفه وأعلم أن قبيلة عتيبه مليئة بالشعراء الذين عرفوه والذين لم يعرفوه , فرجلا كهذا يخجل الشعر أمامه وكما قال المثل " اللي ما يعرف الصقر يشويه "
مع خالص الشكر والتقدير
زوجة الفقيد / أم فيصل البلوي