أعزائي .. الكرام
بعد التحية والسلام .. وبعد
سنن التقدير والإحترام ..
إليكم هذه الرائعة .. التي حملتهـا إليكم
من بساتين الأدب .. وستكون بداية لي .. في
هذا المنتدى ..
زجــاجة عطـر ..
وأهدى لها مرة زجاجة من العطر الثمين وكتب معها…
يا زجاجة العطر : اذهبي إليها وتعطري بمس يديها وكوني رسالة قلبي لديها…
وها أنا ذا أنثر القبلات على جوانبك ، فمتى لمستك فضعي قبلتي على بنانها ،
وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنو نظرتها وحنانها،والمسيها من تلك القبلات
معاني أفراحها في قلبي ومعاني أشجانها..وها أنا ذا أصافحك فمتى أخذتك
في يدها فكوني لمسة الأشواق ..وها أنا ذا أضمك إلى قلبي فمتى فتحتك فانثري
عليها في معاني العطر لمسات العناق.
إنها الحبيبة يا زجاجة العطر وما أنت كـ سواك من كل زجاجة ملأت سائلا ،
ولا هي كـ سواها من كل امرأة ملأت حسنا ، وكما افتتنت الصناعة في إبداعك
واستخراجك افتتنت الحياة في جمالها وفتنتها…حتى لأحسب أسرار الحياة
في غيرها من النساء تعمل بطبيعة وقانون، وفيها وحدها تعمل بفن وظرف
وأنت سبيكة عطر كل موضع منك يأرج ويتوهج ،
وهي سبيكة جمال كل موضع فيها يستبي ويتصبى؟
وما ظهرت معانيك إلا أفعمت الهواء من حولك بالشذا ، ولا ظهرت معانيها إلا أفعمت القلوب
من حولها بالحب . وكلتاكما لا تمس أحد منهما إلا تلبس بها فلا يستطيع أن يخلص منها.
أنت عندي أجمل أنثى في الطيب من بنات الزهر ،وهي عندي أجمل أنثى في الحب من بنات آدم..
قولي لها يا زجاجة العطر إنك خرجت من أزهار كأنها شعل نباتية ،
وكانت في الرياض على فروعها كأنه تجسمت من أشعة الشمس والقمر فلما ابتعتك وصرت في يدي ،
خرجتِ من شعل غرامية وأصبحت كأنك تجسمت من أِواقي وتحياتي ولمسات فكري، ولذلك أهديتك…
وقولي لها إن شوق الأرواح العاشقة يحتاج دائما إلى تعبير جميل كجمالها ،
بليغ كبلاغتها ينفذ إلى قلب الحبيب بقوة الحياة سواء رضي أو لم يرض
وهذا الشوق النافذ كان الأصل الذي من أجله خلق العطر في الطبيعة ،
فحينما تسكب الجميلة قطرة من الطيب على جسمها ، تنسكب في هذا الجسم
أشواق وأشواق من حيث لا تدري ولا تدري …ولذلك بعثتك..
وقولي لها انك اتساق بين الجمال والحب، فحين تهدَي زجاجة العطر من محب إلى حبيبته
فإنما هو يهدي إليها الوسيلة التي تخلق حول جسمها الجميل الفاتن جو قلبه العاشق المفتون
ولو تجسم هذا المعنى حينئذ فنظره ناظر لرآها محاطة بشخص أثيري ذائب من الهوى واللوعة
يفور حولها في الجو ويسطع ولذلك يا زجاجة العطر أرسلتك…..
أيها العطر كانت أزهارك فكرة في فن الحسن توثبت وطافت زمنا على مظاهر الكون الجميلة
كي تعود آخرا فتكون من فن الحب وفي ذلك مازجت الماء العذب ولامست أضواء القمر والنجوم
وخالطت أشعة الشمس واغتسلت بمائة فجر منذ غرسها إلى إزهارها لتصلح بعد ذلك
أن يمس عطرها جسم الحبيبة ويكون رسالة حبي لديها…
أيها العطر لقد خرجت من أزهار جميلة وستعلم حين تسكبك على جسمها
أنك رجعت إلى أجمل أزهارك وأنك كالمؤمنين تركوا الدنيا ولكنهم نالوا الجنة ونعيمها…
مصطفى صادق الرافعي
هـامة أدبية لاتحتاج إلى تعريف
وبعد أن قطفت لكم إحدى وروده .. أتمنى
أن تستمتعوا بشذاها .. وأنتم في أفضل حال
دمتم .. برضا وسعادة