[align=center]
( بــِسـْــمِ الـــلـــَّهِ الـــرَّحــْـمَـــنِ الـــرَّحــِـيـــمْ )
قـال عـز وجـل: [وَقَضَىَ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدوُا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناَ * إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمَا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرَا]
صدق الله العظيم - ســورة الإســراء الآيـات (23 – 25) .
انتابني صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك شعورغريب وشوق عارم وحنين جارف ومشاعر فياضة إلى أمي وإخوتي وأخواتي وأقاربي وجيراني وأهل بلدي ومسقط رأسي وشعبي الصامد المجاهد على ثرى وطني السليب الحبيب .
فجاءت هذه القصيدة كبطاقة معايدة مهداة لأمي الغالية حفظها الله ووقاها من كل سوء وأطال بعمرها في طاعته عز وجل وتجسيدا لصدق المشاعر وصدى الحنين والشوق وعودة للتذكير بأحداث وذكريات جرت في الماضي الجميل.
جــَمـِـيــلُ الــكـَـنـْـعــَانِــيّ
الــريــاض في 08/ 12/ 2008 م
الـمـوافـق 10 ذي الحجة 1429 هـ
[frame="7 80"]رِسالة إِلى أُميِ
جــَمـِـيــلُ الــكـَـنـْـعــَانِــيّ[/color]
[poem=font="Simplified Arabic,6,white,normal,normal" bkcolor="darkblue" bkimage="" border="double,4,darkred" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أُمَّيِ أَبُثُّ مِنَ الوُجْدَانِ أَشْعَارِيِ=شَوْقَاً أَتوُقُ إِلىَ الأَحْبَاَبِ وَالدَّارِ
أُمِّيِ إِلَيْكِ صَبَاحَ العِيدِ أَجَّجَنِيِ=فَيْضُ الشُّعُورِ بِقَلْبِيِ قَبْلَ أَشْعَارِيِ
رِضَاَكِ عَنِّيِ إِذاَ مَاَ جَاَءَ يَنْفَعُنِيِ=أَحْيَاَ سَعِيدَاً بلاَ ظُلْمٍ وَأَضْرَارِ
فَسَامِحِينِي جَزَاكِ اللَّهُ مَغْفِرَةً=وَقَدْ تَأَذَّيْتِ مِنْ زَلاَّتِ فِرْجَاَرِيِ
أَنْجُوُ بفَضْلِكِ مِنْ هَمِّيِ وَمِنْ كَمَدِيِ=كَيْدُ الحَسوُدِ تَلاَشَىَ بَعْدَ أَذْكَاَرِ
أُمَّاَهُ فيِ العِيدِ كَمْ أَصْبوُ لِقَرْيَتِنَاَ=وَكَمْ أَحِنُّ إِلىَ الخِلاَّنِ وَالجَاَرِ
هُنَاَكَ أُمِّيِ وَإِخْوَانِيِ وَأُسْرَتُنَا=خَيَالُ ذِكْرَىَ مَضَتْ فِيِ عَهْدِ خِتيِاِرِ
كِرِامُ قَوْمِيِ وَأقَرَانِيِ بِدِيَرتِناَ=جِيلٌ تَرَبَّىَ عَلَىَ أَخْلاَقِ ثُوَّارِ
مِنْ صَفْوَةِ الناَّسِ لاَ تُحْصَىَ مَآثِرُهُمْ=هُمُ الأَبَاَةُ وَمِنْ أَبْنَاَءِ أَحْرَارِ
فِيِ حَفْلَةِ العُرْسِ كَمْ تَمْتَازُ دَبْكَتُنَاَ=وَالنَّاَيُ تَصْدَحُ وَاليَرْغوُلُ أَوْتَاَرِيِ
بِهَاَ أَجُوُدُ عَلَىَ الزَّجَّاَلِ مِنْ قَلَمِيِ=صَوْتُ العَتابَاَ يُنَاَجِيِ جُلَّ أَفْكَاَرِيِ
لِذَا أَبوُحُ إِلَىَ يَاصِيدَ قَاَفِيَتِيِ=تَنْسَابُ عَزْفَاً عَلىَ آهَاَتِ مِزْمَاَرِ
وَقَدْ رَفَعْتُ لِوَاءَ الشِّعْرِ مِنْ أَلَمِيِ=كَالطَّيْرِ أَشْدُو عَلَىَ أَنْغَاَمِ قِيثَاَرِ
وَفَرْحَةُ العِيدِ كَمْ تَحْلوُ بِرُؤْيَتِكُمْ=طَاَلَ الغِيَاَبُ فََشَبَّ الوَجْدُ كَالنَّاَرِ
مَاذَا يُفِيدُ لَنَاَ غِبُّ اللِّقَاَءِ بِكُمْ=فِيِ الصَّيْفِ نَأْتِي لَمَامَاً ضِمْنَ زُوَّارِ
ذَكَرْتُ يَاصِيدَ(1) فِي عَهْدِ الصِّبَا وَلِهَاً=عِلَىَ رُبَاهَاَ وَضَاَعَتْ كُلُّ أَشْعَارِيِ
وَقَدْ لَجَأْتُ إِلَىَ تَدْوِينِ سِيرَتِهَا=فَهَلْ تَرَاءَىَ بِهَاَ أَطْلاَلُ آثَاَرِ
كُلُّ البِقَاَعِ لَنَاَ دَاَنَتْ طَوَاعِيَةً=وَكَمْ قَفَزْنَاَ عَلىَ سِلْسَالِ أَحْجَاَرِ
كُنَّاَ نَعِيشُ بِعَاَدَاتٍ وَقَدْ دَرَسَتْ=حَيْثُ التَّرَاحُمِ بَيْنَ الجَاَرِ وَالجَاَرِ
زِيَاَرَةُ الأَهْلِ وَالأَرْحَاَمِ أَوْجَبَهَاَ=شَرْعُ الإلَهِ عَلَىَ رَهْطٍ وَأَنْفَاَرِ
هُنَاَ أَعوُدُ لِمَاَ تُمْلِِيهِ ذَاكِرَتِيِ=وَتُبْحِرُ النَّفْسُ غَوْصَاً دُوَنَ مِنْظَاَرِ
فِيِ مَوْسِمِ الزَّيْتِ وَالزَّيْتوُنِ نَقْطِفُهُ=مِنْ قُفَّةِ التُّفْلِ يَجْرِيِ نَبْعُ (زِيبَاَرِ)
وَلَمْبَةُ الكَاَزِ إِذْ تَذْوِيِ بِسَهْرِتِنَا=نَهِبُّ فَوْرَاً إِلىَ (الوَابُوُرِ) فِيِ الدَّارِ
إِنْ أَقْبَلُ الغَيْثُ مَحْمُوُلاً بِدِيمَتِهِ =وَالمَاَءُ يَهْمِيِ شِتَاءً مِثْلَ إِعْصَارِ
فَيَفْرَحُ الخَلْقُ إِيذَانَاً بِمَقْدَمِهِ=وَيَفْتَحُوُنَ لَهُ أَفْوَاهَ آبَاَرِ
وَالسَّيْلُ يَنْصَبُّ فيِ الوِدْيَاَنِ مُنْدَفِعَاً=نَحْوَ اليَنَاَبيعِ أَوْ تَزْوِيدِ أَنْهَاَرِ
كُنَّا صِغَارَاً وَفِي فَصْلِ الرَّبِيعِ نُرَىَ=بَيْنَ الحُقُوُلِ لِنَجْنِيِ بَيْضَ (شِنَّارِ)
وَإِنْ بَدَا رَأْسُ أُسْتَاذٍ بِصَلْعَتِهِ=نَفِرُّ ذُعْرَاً سِرَاعَاً إِثْرَ فُرَّارِ
بِهَاَ دَرَجْتُ مَعَ الأَتْرَابِ يَجْمَعُنَاَ=عَلَىَ ثَرَاهَاَ وَكَمْ مَارَسْتُ مِضْمَارِيِ
نُجْريِ السِّبَاقَ بِأَفْوَاجِ الحَمِيرِ ضُحَىً=حَتَّىَ نَفُوُزَ بِأَلْقَاَبٍ وَأَدْوَارِ
وَنَحْنُ نَسْرَحُ فيِ المَرْعَىَ بِمَاشِيَةٍ=فَوْقَ السُّفُوحِ وَفيِ أَنْحَاَءِ أَغْوَارِ
بَيْنَ المَزَارِعِ فَلاَّحٌ يُرَاقِبُنَاَ=وَيُطْلِقُ الصَّوْتَ فِيِ حِرْصٍ كَإِنْذَارِ
بَعْضُ النَّوَاطِيرِ يَقْسوُ فِيِ تَعَامُلِهِ=وَنَحْنُ نُغْرِقُ فِيِ تَمْوِيهِ إِدْبَاَرِ
وَالكُلُّ مِنَّاَ سَعِيدٌ فِيِ مُهَمَّتِهِ=يَلُمُّ مَاَ شَاَءَ مِنْ ضَأْنٍ وَأَبْقَاَرِ
تَرْعَىَ الخِرَافُ عَلَىَ الكُثْبَانِ وَادِعَةً=وَالذِّئْبُ يَكْمُنُ فِيِ طَيَّاَتِ أَوْكَاَرِ
وَثَعْلَبٌ رَاحَ يَغْزوُ القُنَّ مُخْتَلِسَاً=وَالصَّقْرُ يَهْوِيِ عَلَىَ الأَفْعَىَ بِمِنْقَاَرِ
خَلْفَ العَصَافِيِرِ نَعْدوُ فِي مَرَابِعِهَا=نَصْطَادُ فَرْخَاً تَرَاخَىَ بَيْنَ أَطْيَاَرِ
وَنَخْطِفُ اللَّوْزَ مِنْ بُسْتَانِ جَاَرَتِنَاَ=بَيْنَ (الحَوَاكِيرِ) نَعْلوُ جِذْعَ أَشْجَارِ
وَكِسرَةُ الخُبْزِ مِنْ إِنَتَاَجِ بَيْدَرِناَ=وَشُرْبَةُ المَاَءِ مِنْ إِبْرِيقِ فَخَّاَرِ
فَطِيرَةٌ مِنْ شَذَىَ الطَّاَبوُنِ نَكْهَتُهَاَ=تَفوُحُ بِالزَّيْتِ أَزْكَىَ حِينَ إِفْطَاَرِيِ
وَالزَّعْتَرُ الغَضُّ يُسْقَىَ فِي مَنَابِتِهِ=فِيِ حَوْمَةِ البَرِّ يَنْموُ بَيْنَ اَزْهَاَرِ
وَالغَابُ يَبْدوُ بَعِيدَاً عَنْ مَضَارِبناَ=نَمْضِيِ صَبَاحَاً إِلَىَ أَحْرَاشِ (مِكْسَارِ)
لِنَجْمَعَ الفِطْرَ وَالبَلُّوُطَ فِيِ شَغَفٍ=عَصْرَاً نَعُوُدُ لِشَيِّ الصَّيْدِ فِيِ النَّاَرِ
وَالبَقْلُ وَالفُوُلُ وَالعَكُّوُبُ مَوْسِمُهُ=وَالعُشْبُ كَثٌّ وَيَحْوِيِ نَبْتَ مُرَّارِ
وَأَخْضَرُ (اللُّوُفِ) وَ (الخُرْفَيْشِ) شَائِكُهُ=بَيْنَ الدُّرُوبِ تَدَلىَّ فَوْقَ صُبَّاَرِ
وَالزَّرْعُ فِي السَّهْلِ يَبْدوُ فِي تَمَاوُجِهِ=شِبْهَ السَّحَابِ يُوَازِيِ سَقْفَ أَسْوَارِ
يَوْمَ الحَصَادِ نَلُمُّ القَشَّ فيِ رُزَمٍ=وَالمُدُّ يُعْطِيِ بِذَارًا نِصْفَ قِنْطَاَرِ
وَالتِّينُ وَالتُّوُتُ وَالبَرْقُوُقُ نَرْقُبُهُ=سَعْيَاً نَحُوُمُ عَلَىَ أَغْصَانِ أَثْمَاَرِ
هَذِيِ البِلاَدُ كِتَاَبُ اللَّهِ بَارَكَهَاَ=أَنَّىَ تَؤُوُلُ لِمَوْتُوُرٍ وَخَوَّارِ
أَعْنِيِ فِلِسْطِينَ تَاجَ الكَوْنِ أَعْشَقُهَا=أَعَاذَهَاَ اللَّهُ مِنْ آَثَاَمِ سِمْسَارِ
وَأَذْرِفُ الدَّمْعَ مِلْءَ الطَّرْفِ يَا وَطَنِيِ=أَبْكِيِ ثَرَاكَ دَمَاً مِنْ عَيْنِ مِدْرَارِ
هِيِ الحَيَاَةُ وَكَمْ تَقْسوُ بِمُجْمَلِهَاَ=وَمَاَ افْتَرَيْتُ إِذاَ مَاَ سُقْتُ أَعْذَارِيِ
أَحْيَاَ غَرِيبَاً بِأَرْضِ اللَّهِ أَذْرَعُهَاَ=أَسْعَىَ إِلىَ الرِّزْقِ مَشْفوُعَاً بإِصْرَارِ
عِشْرُونَ عَامَاً وَعَشْرٍ ثُمَّ ثُلْثَهُمَاَ=عَنْ نَاظِرَيْكِ وَقَدْ يَمَّمْتُ أَسْفَارِيِ
أُمِّيِ رَجَوْتُ إِلَهَ العَرْشِ يَحْفَظُهَاَ=فِيمَاَ أُعِيذُكِ مِنْ رُقْيَاَ وَأَذْكَاَرِ
عِصَاَبَةُ الرَّأْسِ وَالمِنْدِيلِ زِينَتُهَاَ=حُلْوَ الثِّيَاَبِ وَقَدْ شُدَّتْ بِزُنَّاَرِ
دَعَوْتُ رَبِّيِ بِأَنْ يُنْجِيكِ مِنْ مَرَضٍ=وَأَنْ يُقِيلَكِ مِنْ حُزْنٍ وَإِعْسَارِ
وَأَنْ يُثِيبَكِ فِيِ عَدْنٍ وَرَوْضَتِهَا=وَأَنْ يَقِيكِ بِيَوْمِ الحَشْرِ مِنْ نَاَرِ
وَأَنْ أَرَاكِ أَمَاَمَ الحَوْضِ هَانِئَةً-بِشُرْبَةٍ مِنْ لَدُنْ هَاَدٍ وَمُخْتَاَرِ
وَوَالِدِيِ فِيِ رِحَاَبِ اللَّهِ أَحْسِبُهُ=مِنْ أَهْلِ طُوُبىَ بِحِفْظِ الوَاحِدِ البَاَرِيِ
يَثْوِيِ الحَبيبُ قَرِيرَ العَيْنِ مُبْتَهِلاً=عَفْوَ الكَرِيمِ لَهُ مِنْ جُوُدِ غَفَّاَرِ
وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْظَىَ بِجَنِّتِهِ=نَجْلُ الحُسَيْنِ وَكَمْ صَلَّىَ بِأَسْحَارِ
مَهْمَاَ بَذَلْتُ لِبِرِّ الوَالِدَيْنِ أَنَاَ=أَحْتَاَجُ صِدْقَاً إِلَىَ مِلْيُوُنِ دِينَاَرِ
أَمَّاَ الجَزَاءُ فَمِنْ رَبِّيِ أَفوُزُ بِهِ=طِيبُ العَطَاَءِ بِابْنَاَئِيِ وَأعْمَاَرِيِ
يُبَاَرُكُ اللَّهُ أَعْمَاَلِيِ وَعَاَئِلَتِيِ=لِكَيْ نَعِيشَ مَعَاً فيِ حِفْظِ جَبَّاَرِ[/poem]
(1)يَاصِيدَ: قرية الشاعر في فلسطين [/frame]
[/align]