جمرة العرب
هنا تفصيل لمثل هذه الألقاب القبلية الجاهلية
من كتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام
يقال للقبائل التي تستقل بنفسها وتستغني عن غيرها "الأرحى". وعرفت القبيلة التي لا تنضم إلى أحد ب "الجمرة". ذكر إنها القبيلة تقاتل جماعة قبائل. وكل قبيل انضموا فصاروا يدا واحدة ولم يحالفوا غيرهم، فهم جمرة. وقيل: الجمرة: كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أحدا ولا ينضمون إلى أحد. تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عبس لقبائل قيس. ولما سأل "عمر" "الحطيئة" عن عبس و مقاومتها قبائل قيس. قال: "يا أمير المؤمنين كنا ألف فارس كأننا ذهبة حمراء، لا نستجمر و لا نحالف، أي لا نسأل غيرنا إن يجتمعوا إلينا لاستغنائهم عنهم". والجمرة إجماع القبيلة الواحدة على من ناوأها من سائر القبائل.
وذكر إن "الجمرة" ألف فارس، أي القبيلة التي يكون فيها ذلك العدد من الفرسان ؛ وقيل ثلاثمائة فارس، أو نحوها. والذي يستنتج من آراء علماء اللغة والنسب في تعريف "الجمرة"، إنها القبائل المقاتلة القوية التي تعتمد على نفسها في القتال، ولا تركن إلى غيرها، ولا تحالف غيرها لتستفيد من هذا الحلف في قراع القبائل.
ومن مفاخر هذه القبائل كثرة ما عندها من فرسان، والفرسان في ذلك اليوم هم عماد حركة الجيوش، ومن أسباب القوة والانتصار. وقد عدوا القبيلة التي يكون فيها ثلاثمائة فارس أو نحوها جمرة، وقيل الجمرة: ألف فارس.
ومن جمرات العرب:
ضبة بن اد، وعبس بن بغيض، والحارث بن كعب، ويربوع بن حنظلة. و ذكر بعض العلماء إن جمرات العرب ثلاث جمرات: بنو ضبة بن اد بن طابخة بن الياس بن مضر، وبنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر. فطفئت منهم جمرتان. طفئمت ضبة، لأنها حالفت الرباب وطفئت بنو الحارث، لأنها حالفت مذحج. وبقيت "نمير" لم تطفأ، لأنها لم تحالف. وورد إن الجمرات: عبس بن ذبيان بن بغيض، والحارث بن كعب، وضبة بن اد، وهم إخوة لأم، لأن أمهم امرأة من اليمن. تزوجها "كعب بن عبد المدان يزيد بن قطن، فولدت له: الحارث بن كعب، وهم أشراف اليمن ثم تزوجها "بغيض بن ريث بن غطفان"، فولدت له عبسا وهم فرسان العرب، ثم تزوجها "اد" فولدت له ضبة. فجمرتان في مضر، وهما عبس وضبة و جمرة في اليمن، وهم بنو الحارث بن كعب. وذكر بعض آخر إن الحارث، هم بنو كعب بن علة بن جلد. ومنهم من عد تميما من الجمرات.
"قال الخليل: الجمرة كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم، لا يحالفون أحدا، ولا ينضمون إلى أحد، تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لمقارعة القبائل كما صبرت عبس لقيس كلها".
و إذا تأملت كلام العلماء في جمرات العرب، تجده يصادم بعضه بعضا حتى إن الواحد منهم يذكر عددا، ثم يذكر عددا غيره في موضع آخر من كتابه. وقد اعتذر عن ذلك بعض العلماء إذ قال: "قلت فإذا تأملت كلامهم تجده مصادما بعضه مع بعض"، ثم ذكر أمثلة من أمثلة هذا التصادم، ثم خلص إلى هذه النتيجة، واعتذر عنهم بقوله: "و إذا تأملت كلامهم علمت انه لا مخالفة ولا منافاة، إلا إن البعض فصل والبعض أجمل".
وعندي إن للعواطف القبلية دخل في هذا الاضطراب، فمن النسابين من تعصب لقبيلة، فجعلها من الجمرات، بسبب صلته بها، ومنهم من تعصب لغيرها، ومنهم من تعصب على هذه القبيلة أو تلك، فأخرجها من الجمرات، فمن هنا وقع هذا الارتباك عند العلماء حين سألوا نسابي القبائل ورواة الأخبار عن أيام الجاهلية، وعن الأنساب والقبائل، وهي من أهم الامور حساسية عند العرب، فظهرت العصبية في مؤلفات أهل النسب والأخبار حين شرعوا بالتدوين.
انتهى الكتاب
و في كتاب سبائك الذهب
يقول ان امراءة من اليمن رأت في منامها انه خرج من فرجها ثلاث جمرات.
تزوجها "كعب بن عبد المدان يزيد بن قطن، فولدت له: الحارث بن كعب، وهم أشراف اليمن
ثم تزوجها "بغيض بن ريث بن غطفان"، فولدت له عبسا وهم فرسان العرب،
ثم تزوجها "اد" فولدت له ضبة.
فجمرتان في مضر، وهما عبس وضبة
و جمرة في اليمن، وهم بنو الحارث بن كعب.
ومن ذلك يتبين لنا ان عبس بن ذبيان بن بغيض، والحارث بن كعب، وضبة بن اد، هم إخوة لأم.
هذا و الله اعلم
تحياتي
الحارثي2