ولي عهد دبي يشتري أغلى ناقة في العالم.. وبندقية بمليون دولار
عشرات آلاف الصقّارة يحتفون بانطلاق موسمهم من أبوظبي
الاحـد 12 شـوال 1429 هـ 12 اكتوبر 2008 العدد 10911
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: يوميات الشرق
أبوظبي: سلمان الدوسري
من أبوظبي.. زفّ عشرات الآلاف من الصقّارة الخليجيين «موسم المقناص» في المنطقة من خلال «المعرض الدولي للصيد والفروسية»، الذي ينظم سنوياً في العاصمة الإماراتية واختتم أمس. 526 شركة من 37 دولة من مختلف دول العالم شاركت في هذا الحدث، الذي أصبح قبلة أنظار كل من تعلق قلبه برياضة الصيد بالصقور، وغدا الموعد الرسمي لبدء موسم الصيد، والذي يمكن القول إنه يجمع عالم الصيد بشتى وسائله وأشكاله تحت سقف واحد وبطريقة راقية تتناسب مع الأهداف الموضوعة له. فهو يوفر احتياجات الصقّارة من وسائل وأدوات صيد ومعلومات يرغب بها المتخصصون، كما صار مركزاً تلتقي فيه الشركات الصانعة والمروجة لكي توفر للزائر ما يحتاجه وبأيسر السبل.
وخلال المعرض، أقيمت فعاليات «المزاد الرابع للهجن العربية»، وهو المزاد الوحيد في نوعه للهجن المكاثرة على مستوى العالم. وبلغ إجمالي الهجن المعروض في المزاد حوالي 80 رأس من خيرة السلالات الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج المجاورة، وذهب ريع هذا المزاد لدعم أبحاث الهجن، علماً، بأن هذه الإبل ولّدت عن طريق عملية زرع الأجنة بمركز الأبحاث البيطري. وسجلت ناقة بكر بيعت في هذا المزاد، أعلى سعر لناقة على مستوى العالم، وقد اشتراها الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بمبلغ 6 ملايين درهم.
من ناحية ثانية، في مجال البنادق ـ وبالأخص بنادق الصيد ـ سيطرت على أجنحة البنادق المعروضة مؤسسات التصنيع اليدوي وحسب الطلب، ومنها مؤسسات تنتج حصرياً لأفراد الأسر المالكة والمشاهير والشخصيات المهمة في مختلف أنحاء العالم، ومن أبرز هذه البنادق، بندقية عرضت وبلغ سعرها 3.5 مليون درهم، توسطتها صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وخلال أيام المعرض الأربعة بيعت مئات القطع من الأسلحة الخفيفة والبنادق، التي تجسد أحدث الطرازات التي كانت تعرض للمرة الأولى، وكان لافتاً جداً جناح أسلحة الصيد الذي اجتذب أعداداً كبيرة من الزوار. وكان ضمن المعروضات أكبر بندقية صيد في العالم، وهي مصنوعة حسب طلب خاص لاقتنائها كقطعة فريدة في نوعها، وقد عرضت للمرة الأولى عالمياً.
ولعل أكثر ما يسجّل للمعرض من إنجازات نجاحه ـ المشهود له عالمياً ـ في الترويج لاستخدام الطيور المكاثرة في الأسر لممارسة رياضة الصيد بالصقور، وذلك كبديل عن الصقور البرية المهددة بالانقراض، وتفعيل خطط الصيد المستدام واستراتيجياته، واستقطاب عشرات الآلاف من الزوار من مختلف أنحاء العالم، والترويج لإمارة أبوظبي كمكان فريد يجتذب السياح.
أيضاً، شهد المعرض العديد من الفعاليات التي أثبتت نجاحها في الدورات الماضية، فاكتسبت شهرة عالمية، كمسابقات جمال الصقور والسلوقي، والمزادات الضخمة للخيول والهجن والصقور، ومسابقات البحوث والاختراعات والشعر والرسم والتصوير الفوتوغرافي. كما شهدت الدورة الجديدة بطولة جمال الخيل العربية الأصيلة ـ لسن ما دون 3 سنوات ـ والتي تنظم من منطلق تشجيع مالكي الخيل على إنتاج أفضل السلالات.
وكان جمهور المعرض على موعد مع العديد من معارض الصور واللوحات الفنية والعروض الفولكلورية، بالإضافة للعديد من الفعاليات التراثية المتميزة التي أعدتها «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث» وفقاً لاستراتيجيتها في الحفاظ على التراث الثقافي لإمارة أبوظبي، وبما يساهم في تحويل المعرض إلى مهرجان تراثي يستمتع به جميع أفراد العائلة وجميع المواطنين والمقيمين في الإمارات، ويستقطب عشرات الآلاف من الزوار من داخل وخارج الدولة.
وفي تصريحات صحافية للفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال زيارته للمعرض، قال الشيخ محمد إن هذا الحدث التراثي «يجسد حرص دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، على إعلاء شأن تراث الآباء وعطاء الأجداد وإحياء الموروثات العربية الأصيلة والعمل على الحفاظ عليها وتطويرها وتعريف الأجيال المقبلة بأبرز ملامحها ومكوناتها العريقة لما تمثله من ركن أساسي في مقومات الحفاظ على الهوية الوطنية ورافد هام لمخزون التراث الإنساني». وأوضح أن ما تحققه المعارض التراثية المتخصصة من نجاحات غير مسبوقة على أرض الإمارات تؤكد صحة النهج الذي سار عليه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) في الاعتزاز بالموروث والعادات الأصيلة والتقاليد العربية العريقة، وحرصه على المحافظة على البيئة، وصون خصائصها واتساع رقعتها وتنميتها، وفي حماية الحيوانات والطيور البرية من الانقراض، وعليه نال عن جدارة واستحقاق لقب «الرائد الأول للصقارين وحماة البيئة في العالم من قبل الهيئات الدولية والمنظمات العالمية والإقليمية» لأنه استشرف مبكراً الحاجة الماسة إلى أن يعيش الإنسان في بيئة نقية صالحة متجددة ومتنوعة وأن تنعم الأجيال المقبلة بمقومات العيش المستدام».
ولفت ولي عهد أبوظبي الى أن «معرض أبوظبي للصيد والفروسية» يحظى بالدعم والمساندة لأنه يعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة عبر هيئاتها ومؤسساتها المختصة وجهودها مع الهيئات الدولية والفعاليات العالمية من أجل المحافظة على البيئة الطبيعية، وبرامج إكثار الحبارى والصقور وحماية سلالات الهجن والخيل العربية وخاصة تلك التي تتهددها المخاطر وكذلك العمل على لفت انتباه العالم لأهمية تبني قضايا التنمية المستدامة وصون تراث الإنسان.
ولقد حظي الجناح الخاص بالحرف التراثية والصناعات اليدوية، كالحدادة والغزل والنسيج وصناعة الفخار، بمكانة مهمة ضمن اهتمامات واستراتيجية «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث». وجرى تصميمه بطابع الأسواق الشعبية القديمة وخاصة سوق أبوظبي القديم الذي كان يمثل معلماً مهما من معالم العاصمة، وأحد أهم الأسواق الشعبية التي تمتاز بالأصالة والمعاصرة، وتجمع بين عبق الماضي وحداثة الحاضر، كما نفّذ وبني بمواد وخامات بيئية. كما كان هناك حرص على إبراز النخلة ومنتجاتها من مختلف أنواع التمور التي تشتهر بها الإمارات، وذلك تكريما لهذه الشجرة التي ارتبطت منذ التاريخ بحياة البدوي والصحراء، وطالما كانت مصدرا للخير والرزق له.
وأوضح الدكتور إسماعيل الفحيل، من إدارة التراث المعنوي بـ«هيئة ابوظبي للثقافة والتراث»، المشرفة على الجناح، ان عدد من شاركوا في إعداد الجناح يقرب من 73 شخصاً، جانب منهم من العاملين في قسم الحفاظ على التراث والصناعات اليدوية في «الهيئة»، وجانب آخر من المنطقة الغربية، إلى جانب مشاركة مسؤولين من مهرجان مزاينة الإبل في الظفرة بالمنطقة الغربية. وأوضح ان «الهيئة» تتبنى مشروعاً طموحاً يهدف لإنهاض الحرف والصناعات اليدوية عن طريق دعم الحرفيين والحرفيات، وشراء منتجاتهم، وإعادة عرضها وبيعها في أماكن الجذب السياحي. وكذلك العمل على تأسيس جمعيات خاصة بهم تهتم بشؤونهم، وتقدم الخدمات الاستشارية المجانية لهم، وتمدهم بالمعلومات اللازمة.
وتابع أن هدف «الهيئة» من وراء كل ذلك «تغيير النظرة السائدة لدى المجتمع حول الصناعات التقليدية وجدواها الاقتصادية» من خلال رفع درجة الوعي بأهمية الأعمال اليدوية والحرف وتشجيع الأبناء على تعلمها وممارستها وتنمية مهاراتهم وتطوير إنتاجها بما يتناسب مع متطلبات العصر، بوصفها قطاعاً اقتصادياً فاعلاً يسهم في توفير وخلق فرص عمل لشرائح المجتمع المختلفة، وتحسين المستوى المعيشي للأفراد، كما أنها تلعب دوراً جوهريا في تفعيل دور السياحة لما لها من طابع يبرز عادات وتقاليد المجتمع الذي تمثله.