إن التقاعد من قعود، يستنتج الفرد من معناه
رغبة إدارة العمل بقعوده عن أعماله اليومية،
وإخراجه عن دائرة التأثير في مهنة لعيب
أو قصور فيه يعتمد على عمره، بل يفهمه البعض
على أنه قعوده عن ممارسة الحياة الاعتيادية كاملة،
لأنه كبر في السن وبالتالي أصبح شخصاً غير منتج،
وغير قادر على أداء وظيفته التي طالما مارسها
واعتز بها طوال حياته بهمة ونشاط.
إن الحوار السلبي الذي يدور في خلد المتقاعد
يعبر عن مدى ابتعاده المتدرج عن المجتمع المحيط به،
وميله للعزلة الناجمة من اعتقاده بعدم رغبة الآخرين
بتواجده بينهم، لأنه أصبح شخصاً غير منتج،
قاعد عن العمل، عالة على غيره، تحاصره الأمراض
وكبر السن، منتظراً الموت في أية لحظة،
مع أنه قد يكون قادراً على العمل ومقبلاً على
الحياة بصحة وحيوية، إلا أن قرار التقاعد
الذي جاء ليختطف منه حياته، قد يخلق عنده
هذه الروح المعنوية المنخفضة التي تؤثر
بدورها على أدائه الأسري والمجتمعي،
وشعوره بأنه فقد نفوذه وهيبته بين أسرته ومجتمعه.
إن التقاعد الذي يعتبر البعض نهاية الحياة،
قد يكون عند البعض الآخر بداية حياة جديدة،
وفرصة لاكتشاف الذات، والجلوس مع النفس
وتقييم إمكاناتها، بعد سنوات طويلة من العمل
ومعاركة الحياة، يتفرغ فيها الشخص إلى
حياته الخاصة، وممارسة أوجه الحياة التي
كانت زحمة العمل تعيقه عنها، فتتكشف فيه
مهارات جديدة قد يتفرغ لها، كالميل للكتابة
وإفادة الآخرين من واقع تجربته الطويلة،
ووضع خبراته بين يدي الأجيال القادمة،
أو تقديم هذه الخبرات عن طريق المحاضرات
والاستشارات، أو الميل إلى مجالات الخدمات
التطوعية المجتمعية، أو الترفيه عن النفس
واكتشاف آفاق جديدة في الحياة والثقافات
والأمم والشعوب، عن طريق السفر والاطلاع والقراءة
كاتبتنا القديرة الدعجانية
تقبلي مروري ودمتي بود