وُلِدَ ابن زيدون في قرطبة سنة 1003م (394هـ) واسمه أحمد بن عبد الله بن زيدون أبوه فقيه من سلالة بني مخزوم القرشيين، وجدُّه لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر محمد ابن محمد بن إبراهيم، وكلمة صاحب الأحكام تعني أنه اشتغل بالفقه والقضاء.
تعلَّم ابن زيدون في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس يَفِدُ إليها طلاب العلم من الممالك الإسلامية والنصرانية على السواء.. ولمع بين أقرانه كشاعر.. وكان الشعر بداية تعرُّفه بفراشة ذلك العصر ولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي
كانت ولادة جميلة مثقفة شاعرة مغنية، لها مجلس بقرطبة يضم أشهر مثقفي وشعراء هذا العصر، أحبها ابن زيدون حبًّا ملك عليه حياته، وأحبته هي أيضًا، وعاش معها في السعادة أيامًا، ثم هجرته لسبب تافه اختلف فيه المؤرخون بغناء إحدى جواريها في حضورها فأغضبها منه ذلك..
.
نونية ابن زيدون :
.
[poem=font="Simplified Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/27.gif" border="none,4,gray" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا =
وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا =
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا =
أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا =
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا=
بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا =
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا =
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا =
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد =
بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا =
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه =
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا =
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا=
شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا =
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا =
يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا =
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ =
سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا =
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا =
وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا =
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما =
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا =
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً =
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا =
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به =
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا =
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا =
إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا =
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا =
من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا =
فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً =
منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا =
ربيب ملك كأن الله أنشأه =
مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا =
أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه =
مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا =
يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا =
وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا =
لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة =
وقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا =
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ =
فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا =
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا =
مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا =
أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله =
شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا =
لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه =
سالين عنه ولم نهجره قالينا =
ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ =
لكن عدتنا على كره عوادينا =
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً =
فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا =
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا =
ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنين=
عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ =
صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا=
[/poem]