الجربان
وهذه التسمية قديمة ترجع إلى أميرهم الأول محمد الذي يدعون به فيقال (آل محمد) والجرباء هذه أم سالم بن محمد المذكور وهو المحفوظ أيضاً ولم يقطعوا في صحة تاريخها لقدم العهد ونقل ذلك ابن خلدون في تاريخه وكذبه... فهم من طييء كما قال الحيدري: " وحمائهم من آل محمد من طييء " اه.
ويؤيد هذا ما قاله صاحب مطالع السعود (عثمان بن سند): " وقد سمعته - (بنية) - ينتسب إلى طييء القبيلة المعروفة.. " اه(1) وقد ذكر صاحب (قلب جزيرة العرب(2 " إن الجرباء من قبيلة سنجارة وفرّعها إلى (العامود) و (الجرباء) وبيّن أن من الجرباء آل حريز، والحسنة، والبريج. والمنقول عنهم ان سنجارة قبيلة زوبعية وترجع إلى الحريث من طييء والجرباء من طييء رأساً وأنها من بطونهم القديمة.
عمود نسبهم
هم (آل محمد) كما تقدم. ومحمد رأس عمود نسبهم وأقدم من عرف من أجدادهم ممن لا يزال محفوظاً إلى الآن... ونبدأ في تعريفهم من أحد أجدادهم مجرن بن محسن بن مشعل بن مانع بن سالم بن محمد والملحوظ أن قد ابتلعت بعض الأسماء نظراً لعدم القطع الذي علمته من كثيرين منهم فلم يتمكنوا من الحفظ التام.
وفرحان بن صفوق أولاده كثيرون وهم:
1 - عبد العزيز.
2 - شلال. وهؤلاء أولاد درة.
3 - فيصل.
4 - عبد المحسن.
5 - هايس. أولاد السرحة.
6 - ثويني.
7 - العاصي.
8 - مجول. أولاد جزعة.
9 - جار الله.
10 - مطلك. ويقال له ابن العيط من زوجته بنت نوير العيط.
11 - الحميدي.
12 - زيد.
13 - أحمد. ويقال لهم الباشات (أولاد الجرجرية).
14 - ميزر.
15 - سلطان وهذا ابن بهيمة بنت ابن جشعم ويقال له ابن الجشعمية.
من هؤلاء فيصل والحميدي وأحمد وزيد لا يزالون في قيد الحياة. وان عبد العزيز ترك عجيل الياور وهو (أمير شمر) اليوم وشيخ مشايخهم.
وهؤلاء نقول فيهم ما تيسرت لنا معرفته:
1 - محمد
وهو الجد الأعلى الذي تسمت به فرقة الرؤساء فيقال لهم (آل محمد). ويقال أنهم كانوا سبعة من الأخوة أحدهم (الصديد) وهو جد (الصديد). وآخر هو جد البريج من الخرصة. والباقون ماتوا بلا عقب. ومن هذا يعلم أن (آل محمد) أو من يمتون إلى جد واحد هم هؤلاء.
2 - سالم
وهذا هو المعنيّ بقول شاعرهم:
من دور سالم والشريف ... محنّا للجاسي ليان
حنّا جما غش العراك... نلحكك على طول الزمان
3 - مانع.
4 - مشعل
وهذا يمتون إليه بالنسب الأقرب فيقال لهم آل مشعل. ونخوتهم الأخيرة نشأت من زمنه وهي (حرشة وأنا ابن مشعل) ويقول قائلهم:
مرد على سرد من أولاد مزيد ... حماة الدار لياجاه البلا من ضديده
اليجمع الوكرين بيوكر واحد ... العين توّه تهنّت بي رجيدة
تصافوا الصيداد هم وآل مشعل ... و تبشرت النوك بأيام عيده
يقول شبان من أولاد مزيد على خيل سرد يحمون ديارهم إذا جاءها البلاء من عدوهم. وهؤلاء يجمعون بينهم وبين أقاربهم فيخشى الأعداء سطوتهم وتهاب بطشهم وينامون في رقدة هنيئة من جراء اتفاق آل صديد وآل مشعل فتبشرت النوق بأيام عيدها.
وآل مشعل هم آل محمد والصيداد آل صديد وهم من آل محمد، أو كما قلت سابقاً من اخوة آل محمد رؤساء الصايح على اختلاف في ذلك ويجمعهم مزيد وهو جد أعلى.
5 - محسن.
6 - مجرن.
7 - الجعيري.
8 - الحميدي
وهو والد فارس الجربا. ويعرف ب(الأمسح) لأنه ولد وعينه مسحاء فلم يظهر لها أثر. ويعد من مشاهير شيوخ آل محمد. وقد ترك أولاده ذكراً ذائعاً وهم مطلق وفارس ومن يليهم. وهم ألصق بنا وحوادثهم قريبة منا ولا تزال ترددها التواريخ أو تتناقلها الألسن.
ومن أولاد الحميدي (عمرو) ومنه آل عمرو وأخو فارس... ولا يزال فرعهم معروفاً..
9 - مطلق
يعرف ب(أخو جوزة) وهذا أراد مهادنة الامام ابن سعود(1) ولكن ابنه مسلطاً لم يرضخ لمطالب الامام من زكاة وقص الشعاف (شعر الرأس) وما ماثل. فشوق اباه على القيام في وجه ابن سعود فحاربه. وهذه مبادئ نزوحهم الى أنحاء العراق ومن بواعث الميل اليه.
وأساساً كانت حكومة العراق أيام المماليك تحرق الارم على الأمير ابن سعود وترغب كثيراً في جلب عشائره لجانبها لتكون أعرف بما عنده...
وقد حكى عثمان بن سند(1) حادثة له مع ابن سعود قال: " وأغار في سنة 1212ه - 1798م سعود بن عبد العزيز بن محمد السعود على بادية العراق وكان مطلق ابن محمد(2) الجرباء نازلاً في بادية العراق. فلما صبحهم سعود فر منهم من فر وثبت من ثبت. فممن ثبت وقاتل جيش سعود مطلق جرباء فكّر على الفرسان مرة بعد أخرى. فكلما كرّ على كتيبة هزمها فحاد عن مطاعنته الشجعان. فعثرت فرسه في شاة فسقط من ظهر فرسه فقتل..
وكان قتله عند سعود من أعظم الفتوح إلا أنه ودّ أسره دون قتله.
هذا. ومطلق من كرام العرب، عريق النجار، شريف النسب، من الشجعان والفرسان الذين لا يمتري بشجاعتهم إنسان. له مواقف يشهد له فيها السنان والقاضب ووقائع اعترف له بالبسالة فيها العدو والصاحب.
وأما كرمه فهو البحر حدث عنه ولا حرج. وأما أخلاقه فألطف من الشمول وأذكى من الخزامى في الارج وأما بيته فكعبة المحتاجين وركن الملتمسين... (إلى أن قال):
يا بحر لا تفخر بمدك واقصر ... عن أن تضارع حاتمياً شمري
ما حل في كفيه مقسوم على ... كل الأنام غنيهم والمعسر
ما ثم مأثرة سمت الاروى ... مرفوعها عنه لسان الاعصر
ففناؤه مأوى طريد خائف ... وحباؤه مغن لضيف معسر
انتهى ما قاله صاحب المطالع.
وأصل هذه الوقعة ان الحكومة العثمانية كانت تلح بازعاج لمحاربة ابن سعود والقضاء على غائلته، فقد كانت تعهدها من أكبر الغوائل في نظرها... فجهزت ثويني شيخ المنتفق قبل هذه الوقعة بسنة (سنة 1211ه - 1797م). خصوصاً بعد ان استولى ابن سعود على الاحساء وفر من وجهه آل عريعر أمراء بني خالد بقبائلهم ملتجئين الى العراق فاغتنم القوم هذه الفرصة... فلم ينجح بها ثويني وانتصر ابن سعود عليهم وقتل ثويني. فكان ذلك داعية الهجوم على العراق وذلك انه في رمضان هذه السنة (سنة1212ه - 1798م) سار سعود ابن عبد العزيز آل سعود بجيشه وعشائره وأغار على انحاء المنتفق (سوق الشيوخ) فصبح القرية المعروفة ب(أم العباس) وقتل منها كثيرين... وكان الشيخ حمود في البادية فلم يدركه وعاد إلى أطراف نجد، ثم عطف وأغار في سنته على تلك البادية وقصد جهة السماوة وقد علم ان العربان الكثيرة مجتمعة في الأبيض الماء المعروف قرب السماوة فأغار عليها. وبين هذه شمر والضفير وآل بعيج والزقاريط وغيرهم... فكانت الوقعة التي قتل فيها مطلق الجرباء. والتفصيل في تاريخ العراق...
وله أيام منها يوم العدوة: وهذا ماء معروف وهو مزرع لشمر قرب بلد حائل وكان - كما قال الشيخ عثمان بن بشر - قد نهض سعود (سنة 1205ه - 1791م) الى قبائل مطير وقبائل شمر ولستنفر أهل نجد وقصدهم في تلك الناحية فوقع قتال شديد فانهزمت تلك القبائل وقتل منهم قتلى كثيرة وحصل قوم سعود على غنائم كثيرة...
ثم أعادوا الكرة على جموع سعود وكان مقدمهم مسلط بن مطلق الجرباء وكان قد نذر أن يجشم فرسه صيوان سعود فاراد أن يتم نذره فقتل...
والتفصيل في عنوان المجد.(1) وقال ابن سند: " العدوة: لسعود بن عبد العزيز عليه (على مطلق). وفي ذلك اليوم قتل ابنه مسلط. وكان شجاعاً... طاعن ذلك اليوم حتى كف كل رعيل، وقرى كل ذابل وصقيل.. وأما مطلق فإنه في ذلك اليوم هزم الكتائب وأروى من دم الفرسان كل سنان وقاضب:
قوم إذا حربوا فآساد الشرى ... وإذا هم أعطوا فابحر جود
(1/45)
يا عين إن ماتوا فقد مات الندى ... فعليهم حزناً بدمعك جودي
خاضوا الوغى بصوارم وشياظم ... قب البطون تؤم جيش سعود
فتفرقت منه الكمأة كأنهم ... نقد نوافر من زئير أسود
لاقاهم الأسد الضبارم مطلق ... فتلقوا بشليل قعود
فلما ضاقت على سعود الأوهاد والنجود، خان ابن هذّال(3) فلم يكن
لمطلق مجال فنكص على العقب... ونجا هو وبنو عمه فاناخ رحاله
في بادية العراق الى أن اخضر عيشه وراق. " اه(4) وهذه الوقعة تعين تاريخ نزوحهم الى العراق (سنة 1205ه - 1791م) ثم سار مطلق من العراق الى سورية وتوجه مع أحمد باشا الجزار الى الحج فرجع الى العراق وبقي في بادية العراق وله السلطة الكبيرة والنفوذ العظيم. ولما قتل رثاه ابن سند في قصيدة طويلة... والى المترجم ينسب آل(مطلك) " مطلق " ...
ومنهم الآن سطام بن سميط بن سلطان بن فهد بن مطلك بن الحميدي...؟؟؟
10- مسلط الجربا
هو ابن مطلق ويلقب بالمحشوش أي الغضوب. وهو شجاع مشهور بالبسالة وتفوق على كثير من القبائل كقبيلة بني خالد وكان رئيسهم ابن حميد آل عريعر وكان قد قال لابن حميد (ولد حمرة حزك) أي انهم يلتمسون الحسن والجمال دون عراقة النسب وطيب الأرومة. وكان قد أبرز لهم أمه وكانت بادية الأنياب مهولة المنظر فقال ان ابي التمس مثل هذه لتلد مثلي.
ومما يحكى عنه ان أمه كانت تخشى بطشه فتحذره. من ذلك انه سألها يوماً أي أشجع، هو أو أبوه؟ فلم تجبه فلما ألحّ عليها قالت له كل منكما شجاع وبعد الالحاح الزائد ذكرت ان أباه أشجع فضربها ضربة كادت تطير بأم رأسها. وكان قد تحارب أبوه مطلق مع إحدى القبائل فقتل له ولدان فحملهما على بعير ومع هذا لم يبال واتصل بأمهما في ذلك اليوم فولدت مسلطاً هذا فصار من تلك العلقة وشاعت أخباره...
وهو مشهور بالكرم. أجرى السمن سواقي وصار يأكله الضيوف مع التمر وقد شاهد كرمه الأعداء والأقارب... توفي قبل أبيه كما أشير الى ذلك فيما مر.
ويحكى عنه أنه حينما قوى أمر ابن سعود وأمر بجز الشعاف وتأدية الزكاة امتنع أن يتكلم مع أحد وصار يراقب على رجم (تل) يبقى فيه طول النهار وقسماً من الليل فحسبوا أنه عاشق أو مختل العقل فأرسل إليه أبوه أن يأتيه ويطيع أوامر ابن سعود فأبى وضرب عبد ابن سعود. فأدمى جبينه. وحينئذ غضب الأب وتناول سيفه وتقدم إليه قاصداً قتله فقال مسلط:
نطيت راسي مشمخرات العراجيب ... الرحم الطويل النايف المجلح الزي
ونيت ونه ما تهجع بها الذيب ... وأوجس ضلوعي من ضميري تنز
اشجي لاخو جوزة ستر الرعابيب ... الحر عند دار المذلة ينز
ليصار ماناتي سواة الجلاليب ... وكلايع بايماننا نبزي
وحينئذ أدرك الأب مرامي ولده فاجابه:
اصبر تصبرّ واجمع الخبث للطيب ... وهذي حياة كل ابوها تلز
أخاف من كوم روسها جاليعابيب ... وسيف على غير المفاصل يحز
................. يتبع...............