نُونْ وَ مَا يَسْطُرُون فصحى, حر, خواطر, نثر, قصة,أمثال وحكم, مقالة

إضافة رد
كاتب الموضوع العنيد900 مشاركات 3 المشاهدات 1489  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 05-27-2006, 09:36 AM   #1
معلومات العضو
عضو جديد

رقم العضوية : 3616
تاريخ التسجيل: May 2006
مجموع المشاركات : 1
قوة التقييم : 0
العنيد900 is on a distinguished road
قراءة تونسيه لقصيدةٍ شعبية

نقلاً عن جريدة الجزيرة
الاحـد 21 مايو 2006م



قراءة في قصيدة
الرويس أقام قصيدته على جملة من المكونات الجمالية
الشاعر يكتب بقلبه قبل يده والإبداع لا تحدده لغة

* مبارك حامدي (*) :
لا جدال أن جوهر الفن الرفيع واحد، سواء سكبته روح الفنان ألحانا يشدو بها شدو الطيور أو قصصا يغزل خيوطها ويحوك سجفها أردية رائقة الجمال أو شعرا ساحر الأنغام أخاذ التصاوير والفكر.. ومما لا اختلاف حوله أن الشاعر المبدع مبدع سواء سكب لواعج نفسه في قيثارة الشعر النبطي او في قيثارة الشعر العربي الفصيح. فكيف إذاً تأتي له هذا وذاك فتكلم بلسانين وعزف على وترين شاكيا منكسرا او متعاليا منتصرا، متبرما بعالم الناس محلقا في الأعالي بعيداً.. ذاك هو الشاعر سالم الرويس..
وانه لمن المتعة بمكان أن نحاول في هذه القراءة المتواضعة أن نقرأ إحدى قصائده الرائعة محاولين استكناه دررها متتبعين خفقات قلبه وراء كل حرف، فالشاعر سالم الرويس يكتب بقلبه قبل يده وبدمه قبل حبره وقصيدته تسبق فيها الشهقة الحرف.

*****
النص:

جهى المطر سافي الغرمول ما رشّـه
سحايبٍ .. والمطـر راعـد وبراقـي
وش عاد لو نبّه العصفور في عشّـه
من كثر ما عذب العصفور ما ضاقـي
تعلّق الدمـع فـي عينـه ولا مشّـه
عبايرٍ فـي عيونـه تحـرق حراقـي
لو دنّق الدمع حـول بالجمـل قشّـه
لكّن دمع الكرامه لو نـزل .. راقـي
ياصاحبي من كثر ما دمعـي اخشّـه
ماحدن درى عن جروحٍ تسكن اعماقي
ما نيب هاك الغريـق معلّـق بقشّـه
انـا ثلـوم الليالـي جبّـرت ساقـي
والله ما اجامل الغشاش فـي غشّـه
ورزقي على اللي معه مفتاح الارزاقي
ويا صاحبي للـوداع قلوبنـا هشّـه
ما عاد تقوى اللقا اللي عقبه فراقـي
الجرح يدمع ولا لي في الزمن هشّـه
وأردع همومٍ على الخفـاق تنساقـي
لوّي فقير العبـاد ومسكنـي عشّـه
ما غيّر الوقت لا طبعي .. ولا اخلاقي
لي حاجةٍ فـي تقـا الايـام منخشّـه
لا جابها لي زماني .. ياخـذ الباقـي


فما الذي صنع جمالية هذه القصيدة؟ وكيف استوت على هذا النحو الإبداعي الرفيع؟ نهضت القصيدة على جملة من المكونات الجمالية تعلقت بعضها بهيكل القصيدة وبنيتها الخارجية واتصل بعضها الآخر بمعانيها ودلالاتها.
الثراء الإيقاعي ودلالاته
وقف الشاعر في الأشطار على حرفي الشين والهاء الساكنة، ولئن كان الحرف الأول هو حرف الضجيج والتصويت فإن الثاني حرف السكون والموت وهو الى ذلك حرف حلقي يفضح الغصة التي تجلل القصيدة ولعل هذا ما يعزز اتجاه القصيدة من الموت الى الحياة ومن الأمل إلى اليأس. ولعل انتهاء الاشطار الثانية بحرف حلقي آخر هو حرف القاف متبوعا بكسرة طويلة يعزز هذا الانحدار نحو الانكسار ويجسد امتداد النفس بالشكوى والألم في تنهدات متتالية يقف عليها كل بيت من أبيات القصيدة مما يحولها الى تنهيدة كبرى من أول النص إلى آخره.
بنية النص
يكشف معمار القصيدة عن مراوحة بين التجلي والتخفي وبين الانتصار والانكسار.. تميزت القصيدة بالتدرج ابتداء بالتخفي وصولا إلى التجلي وقد مثلت الأبيات الأربعة الأولى مرحلة التكنية والتلويح دون التصريح، فبدأ الشاعر متحدثا عن مظاهر طبيعية موحية (المطر، سحايب، راعد، العصفور، الجمل) فالمطر رمز الخصب والحياة ولكنه هنا مطر كاذب وأمل خائب انتظره (السافي) وهو أحوج ما يكون لإرواء ظمئه دون جدوى (مارشه)، ولكن ماء آخر غير مرغوب فيه مقابل الماء الأول حسَّا ومعنى قد غمر الشاعر، فكأن هذا بديل عن ذاك من حيث هو نتيجة له فمن هو المطر المخلف لوعده؟ ومن هو العصفور الباكي؟ هل المطر هو الحبيب أم الحظ؟ أم الدنيا؟ وهل العصفور الباكي هو الشاعر أم قلبه؟ أم كل إنسان حاصرته الهموم وطاشت سهامه في صفصاف بلقع فهو كظيم؟
في البيت الخامس يسفر الشاعر عن وجهه ويظهر ضمير المتكلم (أنا) (يا صاحبي من كثر ما دمعي أخشه) ولئن كان قسم التخفي مقترنا بالإفصاح عن مشاعر الحزن والانكسار والضعف الإنساني فإن هذا القسم الثاني - قسم التجلي - قد اتصل بالمكابرة واعلان الانتصار والاحزان (محد درى عن جروح - ما نيب هاك الغريق - لوي فقير العباد - ما غير الوقت) فأي الوجهين أصدق صدقا في الترجمة عن المشاعر الحقيقية للشاعر؟ لا شك في ان الوجه الأول هو الاقرب الى نفس الشاعر والأصدق في ترجمة حالته الوجدانية، أما القسم الثاني وما تعلق به من تجل وانكشاف فإن الشاعر يخضع فيه الى المواضعات الاجتماعية ومعايير الجماعة وإكراهاتها، وان لنا لدليلا لا ينقض في البيت الأخير في عدم صمود هذا القناع الأخير اذ يعاود الشاعر ضعفه فيفصح في كلمات تستعيد رقتها وعذوبتها ولا تخلو من استعطاف وشكوى يزيدها التلويح والتلميح جمالا على جمال (لي حاجة في تقى الأيام منخشه - لا جابها لي زماني يأخذ الباقي) ان توظيف الشاعر لكلمة (حاجة) تترك الأبواب مشرعة لجميع التأويلات وهي أفصح وأبدع في همسها بالمعنى من كل تصريح فما هي تلك الحاجة التي يبيع بها الشاعر (الباقي من الدنيا).
المعجم والدلالات
مما يلفت الانتباه أن عالم القصيدة هو عالم البداوة النقي بكل مؤثثاته الحية والجامدة (الجمل، المطر، سافي الغرمول...) فما دلالة ذلك في سياق القصيدة وما دور هذا العالم في اجلاء كون الشاعر؟ وما مدى ارتباطه بالجو النفسي للقصيدة؟
لا شك أن التماثل في صفتي النقاء والطهر بين موضوع القصيدة (القيم والألم) وبين عالم البداوة الذي وقع استدعاؤه لا يحتاج الى تأويل بعيد، وبذلك يمكن القول إن التطابق تام بين الجو النفسي للقصيدة وبين المعجم الذي منح منه الشاعر.
الصور والتخييل
يمكن الجزم أن أهم سمة تميز هذه القصيدة هو نهوضها على سلسلة من الصور المجازية التي أضفت عليها جوا من التلميح والإيحاء، من ذلك مثلا الكناية في قوله (الخفاق) لتسمية القلب الذي نابت عنه صفة من الصفات الموحية والدالة في هذا السياق وكذلك ما تلبست به كلمات من قبيل: المطر والعصفور من معان ويمكن القول إن لاقصيدة برمتها تتحول الى استعارة كبرى لا تنكشف.. وتعود العبارات فيها الى وضوحها وشفافيتها الا في البيت الأخير حيث يتكامل الوضوح والتعتيم في صياغة بلاغة النص ومن المفيد ان نلاحظ ان الوظيفة التي نهض بها الوضوح الذي جاء في البيت الأخير هو التركيز على بؤرة النص (الحاجة) وتثبيتها في ذهن السامع او القارئ، ومن هنا نفهم اختيار الشاعر لكلمة (الحاجة) عنوانا لنصه.
الخاتمة
هكذا تناولنا جزءا من بلاغة هذا النص وكشفنا الغطاء عن مظاهر القول الجميل فيه واظهرنا بقدر يسير عدم اختلافه من حيث القيمة عن أي نص فصيح ايقاعا ومعمارا وتخييلا وعسى ان تكون لنا عودة الى أحد نصوص الشاعر الناضحة عشقا للغة وافتنانا بغزل الحروف والكلمات.


- باحث من تونس ..

(*) سالم الرويس شاعر سعودي تعرفنا إليه في مملكة البحرين حيث يعمل حاليا مدرسا للغة العربية وآدابها
وقد جمعنا العمل معا.. وله مشاركات شعرية عديدة في المحافل الشعرية الفصيح منها والنبطي فنشر في الصحافة الخليجية واستضيف في بعض البرامج الإذاعية السعودية منها والبحرينية

العنيد900 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-27-2006, 11:32 AM   #2
معلومات العضو
فواز الشيباني
عضو مميز

رقم العضوية : 2623
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مجموع المشاركات : 4,383
قوة التقييم : 27
فواز الشيباني is on a distinguished road

الله يعطيك العافيه
يا لعنيد900
على المجهود الرائع

ولاهنت ياغالي

فواز الشيباني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-27-2006, 10:12 PM   #3
معلومات العضو
اخو من طاع الله
عضو مميز

رقم العضوية : 2103
تاريخ التسجيل: Oct 2005
مجموع المشاركات : 16,931
الإقامة : $ عاصمة الربيع $
قوة التقييم : 53
اخو من طاع الله is on a distinguished road

مشكور وبيض الله وجهك على الجهد وعلى نقل المقال الراااااااااااائع

اخو من طاع الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-2006, 10:23 PM   #4
معلومات العضو
حسام هوازن

مشرف سابق

رقم العضوية : 1672
تاريخ التسجيل: Jul 2005
مجموع المشاركات : 8,353
قوة التقييم : 36
حسام هوازن is on a distinguished road

اخي العنيد 900 مشكور ولاهنت

على الموضوع الرائع والجميل

دمت بخير

حسام هوازن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
**الغاز شعبية** مزيونة عتيبيه المواضيع المكررة 0 05-12-2007 01:22 PM
وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة اخو من طاع الله المنتدى الإسلامي 13 05-19-2006 10:56 AM
قصيدة شعبية قديمة فواز الشيباني منتدى الشعر الشعبي المنقول 16 05-11-2006 09:46 AM




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها