بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة أبي العباس الناشئ في المصطفى عليه السلام
إخواني القراء إن أبا العباس عبد الله بن محمد الناشئ قد مدح الرسول في قصيدته التي في طياتها فضله ونسبه الكريم وإليكم نص القصيدة :
مدحت رسول الله أبغي بمدحه وفور حظوظي من كريم المــــآرب
مدحت امرأ فات المديح موحداً بأوصافه عن مُبعد ومُـــقــــارب
نـبـيـاً تسامى في المشارق نوره فـلاحـت هواديه لأهــل الـمغارب
أتـتـنا به الأنـبـاء قــبل مجيئه وشاعت به الأخبار في كل جانب
وأًصبحت الكُهان تهتف بأسمه وتنفي به رحم الظنون الكواذب
وأنطقت الأصنام نطقاً تبرأت إلى الله فيه من مـقـــال الأكاذب
وقالت لأهل الكفر قولاً مبيناً أتاكم نبي من لــؤي بــن غـالـــب
ورام استراق السمع جن فزيلت مقاعدهم منها رُجومُ الكواكــب
هدانا إلى ما لم نكُن نهتدي له لطول المعمى من واضحات المذاهب
وجـــاء بـــآيــــات تـبـيـن أنـهـــا دلائـــل جبـــار مُصيب مُعـــاقــب
فمنها انشقاق البدر حين تعممت شعوب الضيا منه رءوس الأخاشب
ومنها نبوع المــاء بـيــن بـنـانــه وقد عــدم الـــوراد قـــــرب المشارب
فـــروى بـــه هما فقيراً وأمهـلت بـأعنـاقه طوعـــاً أكــــن الـمذانب
وبئر طغت بالماء من مس سهمه ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب
وضرع مراه فاستدر ولـــم يـكُـن بــه درة تــصغي إلــى كف حالب
ونطق فصيح مــن ذراع مُـبـيـنة لكيد عـــدو للــعــداوة نــاصــب
وإخباره بالأمر من قـــبــل كــونه وعـنـد بـواديــه بـمـا فـي العواقب
ومن تلكم الآيات وحي أتى بـــه قريب الـمآتي مُسجم العـجائـــب
تقاصرت الأفكار عنه فلم يُطع بليغاً ولم يخطر على قلب خاطــب
حوى كل علم واحتوى كُل حكمة وفــات مـرام الـمُستمر الـمــــوارب
أتانا به لا عن روية مرئيء ولا صُحف مستمل ولا وصف كاتب
يواتيه طوراً في إجابة سائل وإفتاء مسـتـفت ووعظ مخاطــب
وإتيان بُرهان وفرض شرائع وقص أحــاديــث ونـــص مــــآرب
وتصريف أمثال وتثبيت حُجة وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب
وفي مجمع النادي وفي حومة الوغي وعند حُدوث المُعضلات الغرائب
فيأتي على ما شئت من طُرقاته قويم المعاني مُسـتــدر الضرائب
يُصدق منه البعض بعضاً كأنما يُــلاحـــظ مـعـنـاه بـعـين المُراقب
وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما وصفناه معلُوم بطول التجارب
تــأبــى بـعـبـد الله أكــــرم والـد تبلج منه عن كريــم المناسب
وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به قريش على أهل العُلا والمناصب
ومن كان يستسقى الغمام بوجهه ويصدر عن آرائـــه في النــوائـــب
وهاشم الباني مشيد افتخاره بغُر المساعي وامتــنـــان المواهب
وعبد مناف وهو علم قومه اشــ تطاط الأماني واحتكام الــرغائب
وإن قصيا من كريــــم غراسه لفي منهل لم يدن من كف قاضب
به جمع الله القبائل بعـدمــــا تقسمها نهب الأكف السوالب
وحل كلاب من ذرى الـمجد معقلاً تقاصر عـــنــه كـــل دانٍ وغائب
ومرة لم يــحلل مـــريــرة عزمه سفاه سفيه أو محُوبة حائب
وكعب علا عن طالب الـمجد كعبه فنال بأدنى السعي أعلى المراتب
وألـوى لــؤي بالعُـــداة فطوعت له هـمـم الشم الأنوف الأغالب
وفي غالب بأس أبي البأس دونهم يُدفع عنهم كل قرن مغالب
وكانت لفهر في قريش خطابة يعوذ بها عند أشتجار المُخاطب
وما زال منهم مالك خير مالك وأكرم مصحوب وأكرم صاحب
وللنضر طول يقصر الطرف دونه بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب
لعمري لقد أبدى كنانة قلبه محاسن تأبى أن تطوع لغالب
ومن قلبه أبقى خزيـمة حمده تليد تراث عن حميد الأقارب
ومدركة لم يُدرك الناس مثله أعف وأعلى عن دنيء المكاسب
وإلياس كان اليأس منه مقارناً لأعدائه قبل اعتداد الكتائب
وفي مضر يستجمع الـفخر كله إذا اعتركت يوماً زحوف المقانب
وحـل نــزار مـن ريــــاسة أهـلـه محلا تسامى عن عُيون الرواقب
وكــان مـعـد عُـــــدة لــــولـيــه إذا خاف من كيد العدو الـمُحارب
وما زال عدنان إذا عُـــد فضـلـه توحد فيه عن قرين وصاحب
وأد تـــأدى الفضل مـنه بغايــة وإرث حواه عن قروم أشايب
وفــي أدر حـلم تزيــن بالـحجـا إذا الحلم أزهاره قطوب الحواجب
وما زال يستعلي هـميسع بالعُلا ويتبع آمال البعيد الـمُراغب
ونبت بنته دوحة العـــز وابتنى معاقله في مشمخر الأهـاضب
وحيزت لقيذار سماحة حاتـم وحكمة لُقمان وهـمة حاجب
هُم نسل إسماعيل صادق وعده فما بعده في الفخرمسعى لذاهب
وكان خليل الله أكرم من عنـت له الأرض من ماش عليها وراكب
وتـارحُ مــا زالــت لــه أريـحـيـة تبين منه عن حميد المضارب
وناحور نـحار العدى حُفظت له مآثر لما يُحصها عد حاسب
وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة يقد الطلى بالمرهفات القواضب
وأرغو ناب في الــحروب مُحكم ضنين على نفس المشح المغالب
وما فالغ في فضله تلو قومه ولا عابر من دونهم في المراتب
وشالخ وأرفخشذ وسام سمت بهم سجايا حمتهم كل زار وعائب
وما زال نوح عند ذي العرش فاضلاً يعدده في الـمُصطفين الأطايب
ولـمك أبوه كان في الروع رائعاً جريئاً على نفس الكمي المُضارب
ومن قبل لـمك لم يزل متوشلخ يذود العدى بالذائدات الشوارب
وكانت لإدريس النبي منازل من الله لم تُقرن بهمة راغب
وقينان من قبل اقتنى مجد قومه وفات بشأو الفضل وخد الركائب
وكان أنوش ناش للمجد نفسه ونزهها عن مرديات المطالب
وما زال شيث بالفضائل فاضلاً شريفاً بريئاً من ذميم المعايب
وكلهم من نور آدم أقـــبوُا وعن عوده أجنوا ثمار المناقب
وكان رسول الله أكرم مُنجب جرى في ظُهور الطيبين المناجب
مقابلة آباؤه وأمـــهاتـــــة مُبرأة من فـــاضحات المثالب
عليه سلام الله في كل شارق ألاح لنا ضوءاً وفي كل غارب
المرجع / الأنباه على قبائل الرواه
لأبن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي
وشهركم مبارك والسلام ختام