قال ابن القيم : في وصف الحور العين
نسأل الله ان يرزقنا بالحور العين
أسرع وحث السير جهدك إنما -------- مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدث بالوصال النفس -------- وابذل مهرها ما دمت ذا إمكان
واجعل صيامك قبل لقياها ويوم -------- الوصل يوم الفطر من رمضان
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر -------- تلقى المخاوف وهي ذات أماني
فاسمع صفات عرائس الجنات -------- ثم اختر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا -------- ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي -------- قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها -------- سبحان معطي الحسن والإحسان
والطرف يشرب من كئوس جمالها -------- فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها -------- كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها -------- والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من -------- ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه -------- سبحان متقن صنعة الإنسان
لا الليل يدرك شمسها فتغيب -------- عند مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل -------- بل يتصاحبان كلاهما أخوان
حمر الخدود ثغورهن لآليء -------- سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبتسم ثغرها -------- فيضيء سقف القصر بالجدران
لله لاثم ذلك الثغر الذي -------- في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشباب -------- فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها -------- حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في -------- غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن -------- في حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه -------- عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقها وليس ثديها -------- بلواحق للبطن أو بدوان
لكنهن كواعب ونواهد -------- فثديهن كألطف الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بياض -------- واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحلي بعاده فله مدى -------- الأيام وسواس من الهجران
والمعصمان فإن تشأ شبهما -------- بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس -------- أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها -------- حفت به خصران ذات ثمان
أقدامها من فضة قد ركبت -------- من فوقها ساقان ملتفان
والساق مثل العاج ملموم يرى -------- مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك والجسوم نواعم -------- واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة -------- زادت على الأوتار والعيدان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله -------- ورد وتفاح على رمان
كالبدر ليلة تمه قد حف في -------- غسق الدجى بكواكب الميزان
من منطق رقت حواشيه ووجه -------- كم به للشمس من جريان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا -------- إطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها -------- هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لصب وامق -------- بلغت به اللذات كل مكان
أتلومه إن صار ذا شغل به -------- لا والذي أعطى بلا حسبان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا -------- يا رب معذرة من الطغيان
__________________