عِلمُ القانون
مدخل : لقد أصبحَ الفكر البشري شبهُ مستقرّ(ن) في مجالِ العلوم الإجتماعيّة والقانونيّة , بعد مراحل تطوّره الدّائمة والمستمرّة والتي مرّ مِن خلالها بمراحل صراعات عنيفة عبر التّاريخ لأسباب ليسَ هذا مجالُ حصرها , كان من أهمّها التنازع على المصالح المتعارضة والتباين في منطلقاتها وإختلافها من شخص لشخص ومن جماعة لجماعة ومن مكان إلى مكان
ومن زمان إلى زمان .
وقد إهتدت البشريّة إلى تنظيم هذه الحالة الفوضويّة الدمويّة التي فجّرت الثّورات العارمة في كثير من بلاد العالم إلى أنظمة إجتماعيّة وقانونيّة تنظم سيرورة المجتمع وتضبط إيقاعاته بتناغم شديد , تحت رؤية شاملة وكلّيّة تنطلق من المبادئ الثّلاثة التي أرستها الثّورة الفرنسيّة وهي : العدالة والحرّيّة والمساواة .
وكانت هذه الأنظمة الإجتماعيّة والقانونيّة هدفها الأساسي عند نشوئها التّقليل من حالة الإحتقان وحدّة الصّراعات المتزايدة بين الأفراد أو بين الطّبقات الإجتماعيّة المتفاوتة في المعرفةِ والمال وحقوق الملكيّة الخاصّة من ناحية , وبين الأفراد والمجتمع والسُّلطة العامّة من ناحيةٍ أُخرى .
وتعتبرُ نظريَّة العقد الإجتماعي ــ التي قام ببلورتها لنظريّة علميَّة حقيقيَّة عددٌ من العلماء وفقهاء القانون وعلم الإجتماع أمثال : توماس هوبز وجان جاك وجون روسو ــ أهم وثيقة في هذا المجال .
وهذه النَّظريّة تعتبر أوّل نظريّة علميَّة مكتملة تتحدَّث عن علاقة السّلطة بالشّعب أو تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في إطار قانوني وسياسي شبه محكم , ورسم الأُطر القانونيّة العامّة التي تَحكُم الدَّولة ومؤسّساتها والسُّلطة العامة داخلها وتبيين الحقوق والواجبات لها أو عليها تجاه الشّعب .
فماذا يعني لنا أنظمةٌ أو قوانين ؟
تعريف علم القانون :
هو مجموعة من القواعد العامّة والمجرّدة التي تحكم سلوك الأفراد داخل المجتمع وتنظّم مصالحه المتباينة والمتعارضة ويكون جزاءُ مخالفتها عقابٌ يصدر من السّلطة العامّة المختصّة .
ودلالةُ عامّة تعني : أي أنّها لا تختصُّ بفرد عن سواه , فهي موجَّهةٌ للمجموع وللعامّة دون تخصيص .
ودلالةٌ مجرّدة الآتية في التّعريف تعني : أي أن الخطاب القانوي لا ينصبُّ على الشّخص بعينه , وإنّما يتوجّه للصفة , فمن توافرت فيهِ هذه الصّفة الموجودة في الخطاب القانوني أو القاعدة القانونيّة فهو ملزم بتطبيقها .
السّلطة المختصّة بتشريع القوانين والأنظمة داخل الدّولة :
تختلفُ المؤسّسات التّشريعيّة من دولة إلى أُخرى حسب النّظام السّياسي الذي يشكّل هيكليّة مؤسّسات الدّولة وبنائها العام .
وقد تختلفُ أيضاً مسمّيات هذه المؤسّسات حسب ما ذكر أعلاهُ آنفاً .
ولكن قد إستقرَّ في الفقه القانوني والفقه السّياسي
على أنّ السّلطات العامّة التي تتكون منها الدّولة هي :
( ثلاثُ سلطات رئيسيّة )
1ـ السّلطة التّشريعيّة (وهي مُرادُ حديثي هُنا ) وهي المختصّة بسنّ القوانين داخل الدّولة .
2ـ السّلطةُ التّنفيذيّة ( مختصّة بتطبيق القانون وتنفيذه والسّهر على حمايته وعدم إختراقه ).
3ـ السّلطةُ القضائيّة ( تطبيق القانون من النّاحية القضائية وتحقيق عدالة القانون عند التنازع والإختلاف ).
وبما أنّ حديثي منصبٌّ على السّلطة المختصّة بصناعة وتشريع القانون , فإنّ حديثي سيتناولُ بشكل(ن) مقتضب السّلطة التّشريعيّة .
السّلطة التّشريعيّة (البرلمان ـ أو مجلس الأمّة ـ أو مجلس الشّعب ـ أو مجلس الشّورى تجاوزاً ) ـ مترادفات ـ فهو كما ذكرت يختلفُ مسمّاهُ من دولة(ن) لأخرى , حسب واقع نظامها السِّياسي أو القانوني ولكن المضمون وجوهر عملها واحد في جميع المسمّيات الواردة .
والسّلطةُ التّشريعيّة هي المعنيّةُ بتشريع وسنّ القوانين والأنظمة التي تُعنى بتنظيم الحياة العامّة والخاصّة في الدّولةِ والمجتمع .
ويتمُّ خلقُ القانونِ أو القاعدة القانونيّة أو سنّهِ داخل السّلطة التّشريعيّة (البرلمان ) بإتخاذ عدّة مراحل سأجملها كالآتي :
1ـ إقتراح القانون داخل (البرلمان ) من خلالِ أعضائه الممثلين للشعب أو أعضاء من جهة الحكومة ممثّلةً بالسّلطة التنفيذيّة داخل البرلمان وبحسب ما يتطلّبهُ القانون من نسبة متطلّبةٌ للإقتراح تختلف من بلد لبلد آخر .
2ـ المناقشة والدّراسة والتّصويت .
3ـ مرحلةُ التّصديق .
4ـ النّفاذ والإعلان في الجريدة الرسيميّة .
هذه هي الخطوات بشكل مقتضب للغاية .
فبعد إتّخاذ هذه المراحل يصبح القانون واجب التّطبيق والنّفاذ ويجب إحترامهُ من الجميع دون إستثناء أي أحد مطلقاً .
مصادرُ سنِّ التّشريع (القانون)
تختلف مصادر التّشريع من دولةٍ لأخرى حسب ما ذُكرَ أعلاه
ولكنّها في غالب البلدان تتّفقُ على الآتي :
1ـ الشّريعة الإسلاميّة ( المصدر الأول ) في غالب البلدان العربيّة والإسلاميّة وإن كان من حيثُ التّطبيق لا يوجد تفعيل حقيقي لهذا المصدر الأساسي , كما أن بعض البلدان الأوربيّة قد تأخذُ بهذا المصدر في بعض الجوانب التّشريعيّة الخاصّةِ بها .
2ـ التّشريع ( المصدر الثّاني ) وهو عبارة عن القوانين التي يقترحها الأعضاء الممثلين للشعب في السلطة التّشريعيّة .
3ـ العرف ( المصدر الثّالث ) .
4ـ السّوابق القضائيّة ( المصدر الرّابع ) أي أحكام المحاكم بإختلافِ درجاتها , وهو مصدر تكميلي فقط , وليس أساسي كالمصادر الثّلاثةِ الأولى .
5ـ شروح الفقهاء على القوانين ( المصدر الخامس ) وهو مصدر تكميلي وإن كان لهُ إعتبارهُ الكبير من حيثِ التّشريع .
6ـ المعاهدات والإعلانات والمواثيق العالميّة والأنظمة الدّوليّة ( مصدر سادس للتشريع ) تكميلي أيضاً .
وبما أنّنا في ظلِّ دولة(ن) نظامُها السّياسي ملكي حسب تعبيرات فقهاء القانون والسّياسة , فإن المؤسّسة التّشريعيّة لسنّ القوانين والأنظمةِ في دولتنا المباركة هي ( مجلس الوزراء ) بمعنى أنَّ السُّلطتين التّشريعيّة والسُّلطة التّنفيذيّة جُمعت تحت سُلطةٍ واحدةٍ وهي ( مجلس الوزراء ) .
يشاركُ هذه المؤسّسة التّشريعيّة مجلس الشّورى في هيئة إقتراحات وبشكل مقتضب في الناحية التشريعيّة .
هذه نُبذة ميسّرة للغاية , حول تعريف القانون والسّلطة المختصّة بتشريعة
ومصادرهِ الأساسيّةِ والتّكميليّة .
............................
تحيّة عاطرة وكريمة للجميع
بقلم / شاعر الحرب