سألَنِي قلَمِي ذاتَ يوم: لِمَن أَيُّها الجمالُ تكتُب؟
صمَتُّ مَلِيّاً ثم قُلتُ له: أكتُبُ لأشياءَ كثيرة،
لنفسِي لشخصِي لِحدسِي لهمسِي
لِبُؤسِي وَأُنسِي لِلَيلِي وشمسِي لحاضرِي وأمسِي،
لِجَرحِي لِترْحِي لِمَرَحِي وفَرَحِي،
لِجمالِ الحَرفِ وَحُرِّيَّةِ الطَّرْحِ واحترامِ الصَّرحِ ورَوعةِ الشَّرح
لأُدَوِّنَ لأحفادِي محيايَ وميلادِي وأهازِيجِي وإنشادِي وتذكارَ أمجادِي
لِأُناطِحَ الأُدَباءِ وأُحاوِرَ النُّجَباءِ وأكشِفَ السُّفَهاءِ الذين جعلوا الحماقةَ لهم رداء،
أكتُبُ للطفلةِ للزهرةِ للدمعة للشمعةِ للنغمةِ للبَسمةِ للنَّجمةِ للرحمة،
للنَّقاءِ للصَّفاءِ للوفاءِ للحَياءِ للحُداءِ للغناءِ للهَناءِ للسَّناءِ للضِّياءِ للبهاءِ
لابْتِسامِ الوليدِ للفجرِ الجديدِ لليومِ السعيدِ للمجدِ التليد
للوَردِ وعبيرِهِ هِ والماءِ وخرِيرِهِ والخِلِّ وعشِيرِهِ والقلبِ وأسيرِه،
للصُّبْحِ وَنَسِيمِهِ والحُبِّ ونعِيمِهِ والشِّعرِ ونَديمِهِ والطَّلَلِ وهشِيمِه،
لِلَوعةِ المحرومِ وصرخةِ المظلومِ وحسرةِ المَضْيومِ وأنَّةِ المكلوم،
أكتُبُ لأذُودَ عن الحَقِّ الضّائِعِ وأُشَنِّعَ الصليبَ الطّامِعَ وأقُضَّ مَضجعَ المُتَخاذِلِ الخانِع
وَلٍِأنتَصِرَ لدِينِي وأُعَبِّرَ عن حَنيني لِأرضِي بينَ مدرِيدَ والصِّينِ،
لأبكِيَ على طفلِ العراقِ وأقمعَ أهلَ النِّفاقِ الذين ملأُوا الدُّنْيا شقاق
لِأَدُكَّ العرشَ الزّائفَ وأُحَفِّزَ القلبَ الخائِفَ
لأُمَنِّيَ الشُّجْعانَ بهزيمةِ الصُّلبان،
ويُسَجِّلْ عَنِّي الزمَنُ بأنَّ العِلجَ سيدفَعُ الثَّمَن.
أكتُبُ بقلَمٍ شامخٍ ذِي بريق، لا يُبالِي بأنينٍ أو صياحٍ أو نَعيق،
فإذا ما صادفَ حمقَى في الطريق، فسيترُكُهُم بيْنَ حريقٍ وغريق.
فكما تعلَمُ أَيُّها الحُرُّ الأشَم، أنَّ الصُّراخَ يكُونُ على قَدرِ الألَم،
فليَذُقْ ذاكَ أو تلكَ من وخزِ القَلَم، فليسَ بمنجِيهِم أسَفٌ أو نَدَم.
وليَسِلْ حِبرُ الجمالِ في كُلِّ واد، لا جفافَ ولا سُهادَ ولا نفادَ ،
ناشِراً فِكْراً منيراً للعباد، لا انقطاعَ لهُ إلى يومِ التناد
ولتَعِشْ يا جمالَ الحَرفِ في برجٍ رفيع، مُمسِكاً بسهامِ أقلامٍ تخرُقُ الحِصنَ المنيع،
تدمَغُ الباطِلَ وتلقِيهِ على الأرضِ صريع، كي يُشِعَّ الحَقَّ ويعلُوَ هاماتِ الجميع.
بقَلَمِ : جمال بن شحبل الظني.