مقطع من المحاضرة الرائعة (عزاء لأهل البلاء) للشيخ عبد الله بن محمد العسكر
(من أسباب المصائب )
أخواني هذا مقطع من المحاضرة الرائعة (عزاء لأهل البلاء) للشيخ عبد الله بن محمد العسكر
رابط المحاضرة
http://www.soutiat.com/open.php?_wm_...wm_action=open
سبب المصيبة
إن المصيبة حين تحل بالعبد فلابدَّ أن يكون لنزولها سبب، وهذا السببُ في غالب الأمر لأجل ما كان من العبد من معصية اجترحتها يداه، أو تفريطٍ في طاعة مولاه.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30 ، وقال سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
روى الطبري وصححه الألباني من حديث البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اختلج عرقُ (أي ما اضطرب ولا تحرك عرق) ولا عينُ إلا بذنب، وما يدفع الله أكثر "( )
ولقد كان السلف الصالح- رحمهم الله- يفقهون ذلك الأمر جيداً ويعلمون أن الذنب سبب حلول البلاء ولو كان صغيراً.
يقول الفضيل بن عياض: "والله إني لأقع في الذنب فأجد ذلك في خلق دابتي وزوجتي".( )
وقال ابن سيرين – رحمه الله – " إني لأعلم الذنب الذي حرمت به قيام الليل أربعة أشهر ذاك أني قلت لرجل : يا مفلس "( )!! قال أبو سليمان الداراني : " قلّت ذنوبهم فعرفوا من أين أوتوا وكثرت ذنوبناً فلم ندر من أين نؤتى " ( ) والله المستعان .
سار أحد العلماء ومعه أحد طلابه فمرَّت امرأة فجعل ذلك الطالب ينظر إليها ويمتع بصره بها – وقد كان هذا الطالب حافظ للقرآن ، فقال له الشيخ – حينما رأه ينظر إلى تلك المرأة : "تفعل هذا والله لتجدنَّ غبها ولو بعد حين " فنسيَ القرآن بعد أربعين سنة, نعوذ بالله من سخطه وعقابه .
ولا شك أن نسيان القرآن وفوات الطاعة هو نوع من أنواع البلاء.
وقد يكون الإبتلاء من الله تبارك وتعالى لعبده لأجل أن يرفع درجته, ويعلي منزلته في الجنة
روى أبو يعلى وابن حبان وحسنه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه مما يكره حتى يبلغه إياها" .( )
ولهذا أبتلي رسولنا صلى الله عليه وسلم, ومرض مع أنه مغفورٌ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وما كان ذلك كذلك؛ إلا ليعلي الله درجته ومنزلته في الجنة.
يقول أبو سعيدٍ الخدري – كما عند أبي ماجة بسندٍ صحيح – :" دخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك –مريض-عليه قطيفة فوضع الرجل يده فوق القطيفة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم متدثراً بها فقال الرجل: ما أشد حماك يا رسول الله ؟ - وجد الحرارة على القطيفة من شدة الحمى التي أصابت جسد محمدٍ صلى الله عليه وسلم – فقال النبي عليه الصلاة والسلام :" إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر إن كان النبي من الأنبياء يبتلى بالقمل حتى يقتله – تأملوا هذا في من ؟! في صفوة الخلق وأحباب الله الأنبياء – وإن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالفقر حتى ليأخذ العباء فيجوبها – أي يقطعها ويجعلها له شبه الجلد – وإن كانوا –مع هذا كله – ليفرحون بالبلاء
كما تفرحون بالرخاء" ( ).
فصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, ونسأل الله أن يعلي منازلنا وإياكم في جناته جنات النعيم.