هذه المقالة لا اعلم من الذي كتبها ولكن وجدتها في الايميل الخاص بي مرسولة من صديق يحب السخرية .. وهذه المقاله كماهي.
الناس والسوق
لعلها واحدة من أصعب الأيام في السعودية والكويت والأردن والإمارات. فالناس غاضبة لأنها تخسر في سوق الأسهم. ترى استثماراتها تهوي باتجاه الخسارة، وبعضهم نحو الفقر السريع. القانون يقول السوق مسؤولة عن نفسها ومن يتعاط المساهمة عليه ان يرضى بنتائجها. والحال تتشابه عندما تسقط السوق، وإن اختلفت الاسباب. فالبورصة اليابانية فقط الآن بدأت تنتعش، وهي التي هوت عام 1989 في عز الأربعين ألف نقطة ولم تصل الى عشرة آلاف نقطة إلا بعد عشر سنوات. ناسداك الاميركية التي اشتهرت بالأسهم التقنية سقطت بعد مضاربات عنيفة رفعتها الى خمسة آلاف نقطة ثم تحطمت السوق ولم تصل إلى ألف نقطة إلا بعد ثلاث سنوات. وقصتها ربما أقرب الى قصة اسواقنا، كونها مغالاة في المضاربة نفخت السوق حتى انفجرت. وهنا تبدو قلة التربية في السوق، ففي الاسواق العالمية التي واجهت مراتٍ حالات كساد وانهيارات كان الخاسرون يلومون انفسهم وبعضهم يعاقبها بالانتحار والقفز من نوافذ العمارات الطويلة. اما في اسواقنا فانهم يدفعون الحكومات الى الانتحار وتحميلها خسائرهم، ولن يهدأ لهم بال الا اذا عوضتهم عن رؤوس اموالهم وفوقها ارباحهم.
وقبل عام سمعت من المسؤولين عن السوق مخاوفهم من ان تصل الأمور حدا يقفز فيه الناس من العمارات، وعندما اتخذوا قرارات للتخفيف من سرعة الصعود بدعوى انها كوابح تحول دون الانفجار المحتوم صبت عليهم اللعنات وطلبوا للمحرقة. اهل الخبرة ينصحون بترك السوق تعالج نفسها، كما ان النظام يمنع التدخل، والاتفاقيات الدولية ايضا تصر على تقديس حرية السوق واستقلاليتها. رغم هذا كله، العاطفة أقوى من المنطق القائل إن السوق ربح وخسارة ومن يدخله عليه أن يتحمل الخسارة، كما له ان يستمتع بالربح متى ما جاء.
في اسواقنا قطيع وفي اسواقهم مؤسسات. القطيع هم غالبية المساهمين، جيش منهم يتبعون ظواهر السوق وإشاعاتها، في حين ان غالبية المساهمين في الاسواق الناضجة تضع اموالها لدى مؤسسات استثمارية تتولى عبر محافظها مصالحهم. افراد القطيع بسوء قراراتهم وتعجلهم على الربح حتما يقودون الجميع نحو الكوارث، أما في الاسواق الأخرى فتتولى المؤسسات اتخاذ القرار بالنيابة عنهم، وبالتالي تخفض احتمالات الخسارة وتحميهم من الوقوع في براثن محتالي السوق الذين انتشروا علانية في اسواقنا تحت مسمى المضاربة المشروعة ورغم التشاؤم الذي لف الأسواق إلا انها أيضا تعيش أزهى أيامها، أكثر حتى من زمن الطفرة النفطية الأولى. فالمداخيل البترولية الهائلة يواكبها التطور الاقتصادي المحلي لن تتخلى عن مد يد العون للسوق التي ستواصل انتعاشها لكن وفق أسس تمنح الثقة لزمن يتجاوز الطفرة نفسها. أي انها ليست حركة تصحيحية لسوق الأسهم بل ايضا للاقتصاد برمته وانظمته وعقول المتعاملين فيه.