:11612_1210249319:
الناموس هو صاحب السر وحافظه والمراد به جبريل عليه السلام !!!!
ليه سمي البعوض بالناموس؟؟؟
دورت الإجابه ولقيتها أتمنى الإستفاده للجميع.....
من حديث "الناموس"
هل خطر ببالك أن يكون هناك رابط معنوي بل لغوي بل منطقي بين "الناموس" أي البعوض الذي يؤذي الناس ويؤرقهم وبين الوحي الذي يهدي الناس ويرشدهم؟ ألا تأتي كلمة (ناموس) في الحديث بمعنى الوحي الذي ينزل على الرسل؟ جبريل؟ ألم يقل ورقة بن نوفل لخديجة رضي الله عنها عندما أخبرته بحال الرسول صلى ألله علي وسلم بعد عودته من غار حراء "إنه الناموس الذي كان يأتي موسى"؟ ألا نمر أحيانا بعبارة "نواميس الكون" او
"نواميس الطبيعة"؟ بمعنى القواعد والأطر التي تهدي سير البشرية؟ ثم كيف انتقلت هذه المفردة "الناموس" من هذه المعاني المجردة غير المحسوسة لتعني لاحقا البعوض، وهو معنى محسوس و ذات ملموسة؟ هذا ما سأتناوله في هذا المقال.
بداية أود القول أنه ما إن يدرس الواحد شيئا من فقه اللغة حتى تزداد علامات الاستفهام في رأسه، وكان من المفترض أن تقل. فعلى سبيل المثال منذ مدة وأنا أتأمل كيف لهذه المفردة "الناموس" أن يكون لها بون شاسع في الاستخدام بين اللغة الدارجة والتي تعني فيها البعوض، وبين اللغة الأدبية والتي تعني فيها الوحي او جبريل عليه السلام. ففي نواحي كثيرة من الوطن العربي كالحجاز واليمن ومصر يسمي الناس البعوض بالناموس، وكذلك يسمون الستارة الواقية منه والتي توضع على السرير بالناموسية. هذا من جهة. ومن جهة أخرى نجد الاستخدام الآخر المجرد في اللغة الأدبية، أي لغة الدين والعلم والكتابة ، فنجد فيها الناموس تطلق على الوحي الذي ينزل على الرسل والأنبياء أي جبريل عليه السلام، ومن ذلك حديث ورقة بن نوفل أعلاه، والذي نجده في البخاري (كتاب الوحي) وكذلك في كتب السيرة في قصة بداية الوحي وبداية التنزيل وإسلام خديجة وذهابها لورقة واستشارته.
وبعد البحث والتمحيص وتقليب الفكر في وجوه هذه المفارقة اللغوية وصلت إلى النتيجة التالية. اولا لابد أن أقرر ان المعاني المجردة لا بد أن تكون تطورت من معاني او دلالات محسوسة، بمعنى أن المحسوس هو أصل وضع الكلمات، ومن ثم تطورت هذه الكلمات واستعملت لتعني أشياء أو ذوات مجردة غير محسوسة. خذ مثلا عبارة (كثير الرماد) والتي تعني (كريم). طبعا الكرم هنا هو معنى مجرد (أي دلالة معنوية غير محسوسة) والأصل فيه هو كثرة الرماد التي تدل على كثرة إيقاد النار في هذا البيت . فالمحسوس هنا وهو الرماد الكثير هو الأصل الذي تطور عنه المعنى المجرد الكرم. وعودة إلى "الناموس" وصلت إلى نتيجة أن الأصل اللغوي الذي تطور منه معنى (الوحي) ومعنى (البعوض) هو الصوت الخفي الذي لا ترى مصدره. كيف؟ اولا ان الوحي في المعاجم تعني الصوت الخفي الذي لا ترى مصدره. وحتى في اللغة الدارجة لا زال البدو يقولون "توحي شي؟" بمعنى هل تسمع شيئا هنا؟ و كذلك يقولون " فيه وحى في هذه الدار المجاورة" بمعنى فيه أصوات ناس بالداخل ، وربما قالوا على الهاتف (ما اوحيك) بمعنى لا أسمعك أو لا أميز صوتك. ومادة (ن م س) تعني الصوت الخفي او المنخفض جدا، ففي القاموس المحيط يقول الفيروزأبادي بأن (نامَسَهُ) تعني سارّه، وبناء على صيغة (فاعول) التي هي للاّلة - مثل ما جاءت (ساطور) من سطر أو شطر وفاروق من فرق وحاسوب من حسب – بناء على هذه الصيغة جاءت (ناموس) لتعني الشيء الذي يصدر هذا الصوت الخفي او المنخفض، فانطبقت هذه الحال على صاحب سر الرجل الذي يساره ، وكذلك على الوحي او جبريل عليه السلام لآنه صاحب سرٍ له صوت خفي لا يسمعه إلا من ينزل عليه من نبي او رسول او مقرب، ثم من بعد ذلك انطبقت أيضا على البعوضة لان لها صوتا خفيا عبارة عن طنين منخفض جدا يسمعه الإنسان اذا جائت عنده او حامت حول رأسه وهو لا يراها وإنما يسمع صوتها. طبعا لا تظنن أني أشبّه الوحي الذي ينزل على الرسل والأنبياء بطنين البعوض، حاشاي أن أعني ذلك، وإنما أنا هنا أؤصل دلالة الصوت الخفي في مادة (ن م س) والتي اشنق منها المعنى المجرد والمعنى المحسوس أعلاه. والخلاصة أن الأصل هنا في هذين المعنيين هو الصوت الخفي. والله أعلم.
من أدبيات صالح المطيري.