سلطان بن جهجاه بن حميد العتيبي
في حديث لـ )الجزيرة لماذا أمية ثقافية بين الشباب في ظل هذا الكم الهائل من وسائط المعرفة في هذا العصر..؟!
هذا لقاء ليس بالجديد ولكن احببت ان اضعه بين ايديكم.
* هناك تحت ظلال الأشجار الوارفة في مزرعته في وادي العقيق بعشيرة، كان هذا اللقاء:
جلسنا سوياً، الشيخ سلطان بن جهجاه بن حميد وأنا قبالة أشجار نخل تنوء بما تحمل من عذوق التمر الجني، وكنت كلما ألقيت عليه سؤالاً نظرت نحو هذه العذوق المتدلية ، فلعلي أجد عندها سؤالاً جديداً يسعف ذاكرتي الصحافية، في مواجهة ذاكرة ضيفي الذي يجيبني عن كل سؤال مشافهة وكأنه يغرف من بحر.
أكثر من مناسبة فرضت نفسها في هذا الحوار، في مقدمتها بطبيعة الحال، هذه الاحتفالية الكبيرة التي تشهدها الطائف، وبقية مراكزها، بمناسبة بدء فعاليات التنشيط السياحي، وثقافة الشيوخ الراسخة التي في ظني لم يعد يأبه بها الشباب في هذا الزمان، عوضاً عن أن يكون في المستوى نفسه بعد هؤلاء الشيوخ الذين منهم ضيفنا الشيخ سلطان بن جهجاه بن حميد، في حكمته وعلمه وثقافته الشاملة.
الحياة ثقافة
* بدأت أسئلتي، من حيث لاحظت أن ضيفي واسع الثقافة، وأنه كثيراً ما يستشهد بالشعر العربي قديمه وحديثه، وبأمثال العرب وحكمتهم.. هل كان يقرأ كثيراً في الصغر.. وما أشهر الكتب التي يوصي بقراءتها..؟
قال: أولاً، أنا لم أقرأ ولم أكتب إلا وعمري بين )17 و18( عاماً، بعد أن كلفني الملك عبدالعزيز رحمه الله، بإمارة عروى وقبيلة المقطة، وليس عندي هواية لقراءة الكتب إلا كتاب الله عز وجل، وسيرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكما يعلم الجميع، فإن الحياة ثقافة، والثقافة أفق الواقعية، أما التوصية للشباب، فهي أن يبدأوا من صغرهم في دراسة كتاب الله وسيرة نبيه والأصول الثلاثة القديمة، التي جددها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، والقصص الحسنة التي جاء بها القرآن الكريم، حيث قال رب العالمين لنبيه: )نحن نقص عليك أحسن القصص(. هذا ما أوصي به نفسي والشباب الذين ندعو أن يجعلهم ربي قدوة حسنة.
أبنائي وبناتي..؟
* قلت بعد ذلك: هل أبناؤك يقرأون مثلك..؟
فقال: أبنائي خمسة وبناتي خمس. وقد نهلوا من العلم ما يؤهلهم للعمل به إن شاء الله، ومثلهم في ذلك مثل بقية أبناء المملكة عامة، الذين بدأ فيهم العلم بداية توحيد المملكة في القرن الرابع الهجري بقيادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، الذي أكن له كل تقدير واحترام لأنه وحد البلاد وكانت شبه قارة، وبعد توفيق الله ثم صحبة الرجال الذين يستحق أحفادهم من بعدهم التقدير والاحترام، ثم أدخل العلم بإرادة الله ونشر الثقافة العامة على من ولاه الله مصالحهم.
أنا عايشت الملك عبدالعزيز في آخر أيامه قبل وفاته، وسمعت منه ومن غيره في كثير من المناسبات.. وهذا الذي سمعته منه وشاهدته ما سمعته عن غيره مدى الحياة الماضية.. سمعته يقول رحمه الله وهو يرفع يديه إلى السماء في أكثر من مناسبة: )اسمعوا يا مسلمين.. الله يجعل .. إن كان فيه عز للإسلام والمسلمين مني إنه يعزني. وإن كان ما فيه للإسلام ولا للمسلمين عز مني إنه يقبض روحي(.
وكان هذا دأب عبدالعزيز في كل مناسبة، فالحقيقة إني قدرته وأحببته وتمكنت محبته في نفسي.. رحمه الله.