[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ولاعدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى أصحابه الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين وآله الطيبين ومن سار على منهاجه إلى يوم الدين أمابعد
فلقد كثر الحديث في هذه الأيام وقبلها عن قيادة المرأة للسيارة وهو موضوع أصبح كالسلاح بيد المختل يشير به متى شاء وكيف شاء بحسب تقلبات مزاجه .
إن هذا الموضوع والذي يتصارع فيه أبناء المجتمع موضوع حساس جدا كونه يعتبر بوابة لطرفي النزاع فيه , فالمتنازعون فيه هم أهل الغيرة من طرف والعلمانيون واللبراليون والمتحررون من طرف آخر ويتبع لهؤلاء وأولئك من الغوغاء مايتبعهم بحسب قوة التأثير ودرجة الإقناع.
والغيورون يرون قيادة المرأة للسيارة بوابة لتحررها من قيمها وأخلاقها وأنها الطريق الأول لنزع الحجاب وانفلات المرأة من قوامة الرجل وملاحظة الولي , وهي بداية النهاية وستفتح على البلاد من الكوارث الأخلاقية والاجتماعية مايتمنى الأريب العاقل معه باطن الأرض .
والمتحررون واللبراليون والعلمانيون يرون أنها بوابة تحرر المرأة مما يسمونه القيود كالحجاب والقوامة والقرار في البيت .
ويحتج من يؤيد قيادة المرأة بحجج كثيرة سأتطرق إلى مجملها في هذه العجالة وهي :
1 - ليس هناك دليل شرعي على تحريم قيادة المرأة للسيارة بالنص.
2 - أن المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقود الجمل وتركبه وهو و سيلة التنقل في ذلك العصر فالقياس هنا ظاهر.
3 - أنه سيخلصنا من عدد لايستهان به من السائقين الأجانب الذين لايخفى مايؤثرونه سلبا على بلادنا من عاداتهم الوافدة وأخلاقهم المستغربة ومايتسببون فيه من سلوكيات مشينة وربما أعمال إجرامية مخلة بالأدب والأمن فضلا عن مايكون منهم من إنهاك لاقتصاد البلاد من خلال تحويل ملايين الريالات لبلدانهم .
4 - أن قيادتها أقرب إلى الشريعة من خلوتها مع السائق لوحدها .
5 - ان القيادة ستساهم في حل كثير من المشاكل العائلية من خلال قضاء اللوازم البيتية والخاصة كون المرأة لاترتبط بالرجل في كل شأنه بل قد تقوم بمساعدته وتأمين مايمكن أن تساهم في تأمينه دون تكليفه بشيء فوق طاقته .
6 - أنها مطلب ملح في ظل غياب رب الأسرة ووجود حالات طارئة تستدعي التدخل السريع. 7 - أننا منفتحون على العالم وليس من المنطق أن يتقدم العالم ولانزال نحن في الوراء وبتلك النظرة المنغلقة . 8 - أن قيادة المرأة تمنحها ثقة بنفسها وتعيد لها حقها وتجدد لها الشعور بأنها محل ثقة المجتمع . 9 - هناك بلاد غيرنا سمحت للمرأة بالقيادة ولم يقع مايُخاف منه فلماذا تُحرم المرأة هنا من حقها وتتهم في عفتها ويصورونها إذا قادت السيارة بأقبح صورة ويصفونها بأقبح الأوصاف وأبشعها. تلك هي مجمل حجج المطالبين بالقيادة وهي حجج في ظاهرها قوية متماسكة تنبع من حس ظاهره حب الخير والغيرة. فمالذي يجعل الغيورين يشنعون على أهل هذه الحجج ويبالغون في التحذير منهم وبيان فسادهم؟
هذا السؤال تجد في جوابه الدحض الكامل لحجج المطالبين وبيان أنها وإن تماسكت في ظاهرها إلا أنها مختلة من الداخل يراد منها شيء غير المعلن .
تُرى ما الداحض لحجج المطالبين حتى نبقى على بصيرة من الأمر ونعرف السبيل ونستبين سبيل أعداء الدين .
إن دحض تللك الشبه التي يسمونها بالحجج الدامغة سهل جدا لا يتطلب كثير عناء ولا مزيد جهد . يكفيك أن تمعن النظر فيمن يطالب بالقيادة وأن تقرأ حاله لتعرف أن استشهاده بالشريعة والدين ليس لأجل الوقوف عندها فهو من أبعد الناس عنها غالبا فمالذي يجعله يحرص على معرفة حكم الشرع في هذا الأمر ؟ مالذي يجعل المتحرروهو الذي يرى أن الدين رجعية وتخلف وأنه لاينبغي أن يكون حاكما على كل أفعالنا وأقوالنا يطالب بالدليل ويبحث عن النص من الشريعة الذي يحرم قيادة المرأة للسيارة؟ وهل لو جاء النص بالتحريم سيرضى به ويتحاكم إليه؟ لقد جاءت مسلمات في شريعتنا لم يرفعوا بها رأسا ولم يستسلموا لها وهاهم يمارسون من الفساد والفجور مالايخفى ومع هذا لم يرجعوا إلى حكم الشريعة ولن يرجعوا. لقد حكمت الشريعة بكفر من سخر بالدين أو بشيء من السنن الثابتة ومع هذا فما أكثر سخريتهم بالدين ولمزهم للمتدينين . لقد حكمت الشريعة بوجوب الولاء للمؤمنين والبراءة من أعداء الدين ومع هذا فليس لهم عدو إلا المتدينين في حين أن صديقهم غيرهم. فأين غيرتهم والتزامهم بمنهج الشرع وهم من يبحث عن نص يحرم قيادة المرأة للسيارة؟.
يقتلون الحسين ويسألون عن دم البعوضة
إن كانوا يريدونها بمثل منطقهم فليأتوني بنص صريح يحرّم قطع الإشارة ويلزمني بالوقوف عندها؟ فإن قالوا : إن ذلك مخالفة لولي الأمر فالإشارو القيادة سيَّان وإن قالوا: قطع الإشارة فيه مفاسد .قلنا وكذلك القيادة. وكل مايمكن تطبيقه على الإشارة فهو ينطبق على القيادة تماما .
والشبه الشرعية التي أوردوها لو كانت من عالم بالشريعة غيور على أهلها لكان في مناقشتها أحوال وأحوال ولكنها حين تصدر ممن ينخرفي الثوابت ويمزق المسلمات ويقلب الحقائق حتى جعل من الكافر الأصلي آخراً يجب احترامه وتقديره والتعايش معه وعدم معاداته , ويجعل من الدين عيبا ونقيصة ويرى أن ديننا سبب تخلفنا وأن ثوابتنا هي سبب تفوق الغرب الكافر علينا ويرى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخل في الخصوصيات والحريات . وأن الزنا علاقات شخصية والخلوة حب بريء وان الدين أفيون الشعوب .
حين تصدر هذه الشبه من هؤلاء فلا يمكن أن نصدق أنهم يبحثون عن مخرج شرعي بل لايمكن لنا أن نخدع أنفسنا ونضحك عليها حين نقنعها بغيرة هؤلاء على الشريعة والمحارم.
ومثل هذا زعمهم أن خلوتها مع السائق أبشع من قيادتها فهم بذلك يظهرون أنهم يريدونها أن تتخلص من هذه الخلوة المحرمة وكأنهم بهذا يريدون إيهام القارىء والمطلع أنهم من ذوي النزاهة والعفة والغيرة وهم من أشغل الهيئات بقضايا الاختلاء ومايمارسونه في الخارج من الخلوات والليالي الحمراء والسوداء والصفراء أكبر دليل على غيرتهم تلك ولكأني بهم والله قد غاروا من السائق كونه اختلى بهذه المرأة ولم يغاروا على المرأة من السائق فهم يريدونها لهم وحدهم دون غيرهم .
إذْ كيف نصدِّق شبهة كهذه الشبهة وهم أنفسهم من يطالبون المرأة أن تخرج لتعمل مع الرجل وتختلط به في المدرسة والمطعم والمنتزه والمستشفى وغير ذلك وهم من صفق وبقوة للفتاة التي تعمل مختلطة في المستشفيات واعتبروا ماحققته من اقتحام لحمى الدين واختلاطها بالرجال إنجازا يستحقُّ الإشادة.
كيف نصدقهم وهم من طبل للعهر والفجور وعده من أرقى المنجزات وذلك ظاهر في ثناء القوم على روايات بعض ساقطيهم وسفلتهم كتركي الحمد ورواية بنات الرياض وغيرها مما يحكي طموح القوم وغايتهم من قيادة المرأة .
ولئن كانت خلوة المرأة مع السائق تشكل عندهم هذا الخطر وذلك الإزعاج فلماذا لم يطالبوا بعزلها عن الرجال في المستشفيات؟
أليس هؤلاء هم من وقف أمام الأصوات الحرة النزيهة الغيورة التي طالبت بإنشاء محاضن طبية نسائية مستقلة واعتبروا تلك المطالبات ضربا من الخيال وأن تحقيقها من المحال كونها فكرة ساذجة مكلفة تحتوي على خطورة لايمكن تصور آثارها .
لماذا غاروا على المرأة من السائق الأجنبي بزعمهم ولم يغاروا على الخادمات اللواتي يختلون بهنَّ في بيوتهم وشققهم؟ .
أليست الخادمة امرأة محرمة من أي دولة كانت؟ أم أن الخادمة حمى مباحا؟
عجيب منطقهم وهم من يعلم أنها شبهة أوهن من بيت العنكبوت قالها قبلهم قوم آخرون وكذبوا فلما قادت المرأة لم يتخلوا عن السائق بل استمر الوضع على ماكان عليه وزيادة والعياذ بالله.
ومثله وليس ببعيد قياسهم ركوب المرأة على الجمل بقيادة السيارة ونسيانهم أن الجمل دابة مبصرة تعرف الطريق لايتطلب ركوبها كبير جهد كانت المرأة تركبها في السابق للتنقل في الأسفار وغالبا ماتكون في هودج مصونٍ ولم يعهد بل ولم ينقل أنها كانت تنتقل ببعيرها داخل المدينة لقضاء حاجاتها أو لزيارة أقاربها والسفر لايخفى وضعه من خلو المكان وقلة الأعين والأنظار وماعليه نساء ذلك العصر وماخلفه من الحياء والحشمة والالتزام وليس هذا وحده عند المسلمين فقط بل هو حياء جبلت عليه المرأة ومن قرأ تاريخ الحجاب علم أن السفور والتكشف طارىء وليس هو الأصل .
[/align]