كهلٌ تخمشهُ مخالبُ الشيخوخةِ في وجههِ
على عتبةِ البابِ معتكِفاً حتى يمسُهُ ضوءُ القمر
يحمِلُ في يديهِ القفقفةِ ذاتِها حينَماْ كانت تتأخر عن موعدِ القدومِ إليه
ينحِتُ الخيزران نافثاً روحهُ الثكلى بِألحانِ هاربه
من أفئدَةٍ تنغمِسُ في جوفِ سكين
هو كذالك مُذ أن رحلت من قاسمتهُ نكباتِ الدهرِِ وفراسةِ الوجعِ
يحتدِمُ معركةٍ مع الزمنِ
يلهثُ لتوقيتٍ غادرَهُ للوراء يتأوه في ضحكةِ الصِبا
يلتقِطُ على الطريقِ شيئاً من خطواتها
لم يشق حينها طريقاً إلى بيتهِ الذي ماعادَ يعرِفهُ
لوحاته التي قد عثا بها الظلامُ فما عادت تُشبِهُهُ
أدراجُهُ الحبلى بكثيرٍ من رسائلِها لم يعُد إليها ليُكرِرَ لذةً إنتفضَت من تاريخٍ قادم
يجهشُ باكياً حينماْ يُدرِكُ أن القبرَ قدِ ألتهمَ جسدِها وأوشحةِ التُرابِ تحجِبُها عنه
ونسيَّ أن الموتَ قاسماً مشتركاً للحب والحياة
يرمي بالخيزران بعيداً
تبقى أنفاسَه مُعلقَةٌ تودُ الإنزلاق
تغورُ عينيهِ وينجلي من قسماتِ الصُبحِ الأملِ
رحلت وطلقَ الحياة وأزفرَ كل الفرحِ
رجُلاً غاربٌ
عينيهِ غَرِقَتانِ عِشقاً
مُلتهِبتَانِ فقداً
كان من أراد أن الموتَ يقرَأَهُ سريعاً
وقدرَهُ أن يظَلَ موتِهاْ لعنتهُ التي لاتُغفَر
ياوقارُ الكونِ
ياعزمِ الحُبِ ..إنهَضْ..
وانكبَ على سُجادِكَ وأرسِل طُهرَ الخفاياْ لربِ السمآء
إعتِقْ فرَحَ الخفقِ من سرمدِ الحُزنِ وافتِرَاءِ الوجعِ
إفترِس بِأنفِكَ حلوَ الهواءِ واغسِلْ وجهِ صحرائك عُشباً وسُنبِلات
إقترِبْ من نافِذَتِكَ وأرفَعِ الستارِ عنهاْ لكيلا تختنِقُ من جَفنِ البُكاء
وقُل للوجودِ حبيبتي ما ماتت فذكرُها تُفصِحُهُ الأُغنيات
هي نجمةُ المساءاتِ التي أنشقَ لها جيبُ السماء
هي في صوتِ العنادِلِ في صدورِ الأُمنيات
هي عذقُ الأبجديات
حبيبتي تملؤني حُباً .. تملؤني مسرات
إن قلتُ أن في وجودِها ماعادتِ الفراغات
إن قُلتُ أنَ في صمتها فصاحةِ السامقات
إن قلتُ في روحها غُرِسَ الخيرُ بذراتٍ .. بذرات
وإن الروح لروحِها تحدِبُ وتشتاق
إن قلتُ في عِطرِها تذوبُ الياسمينات
ومن مِعصمِها حتى خطوطِ كفيهاْ تنسابُ العابقات
وإن في عينيها سِحرُ مدائِنٍ لم ترَهاْ الخارطات
في خُلقتِها وعزربتِها ماتُحارُ بهِ السيرياليات
أواه أُخفِقُ في النحتِ ولكن من الجميلِ هاتَ وهات
أو بِلغةٍ أخرى تعني جناتُ الدنيا المُيسرات
إن رحلَت ليسَتِ النهاية فكُلُ الأطيافِ مُعلقاْت
وولائُكَ ذِكرىً لن تُنسِهِ السنين المقبلات
*
كل الأطياف مُعلقات