قد يحرر فنجان القهوة شاعرا، أو كاتبا، أو مسؤولا بمرتبة " استراتيجي" من " نق" الشريك، وضجيج الأولاد وربما الأحفاد في البيت، لكن سؤالا " مرا " لا هو " عالريحة" ولا " بحب الهيل " للمثقفين المسؤولين، والمسؤولين المثقفين، مازال يمرمر حلوقنا منذ اليوم الذي " تمرمرت " عيشتنا على هذه الأرض، ومرمغ الجاهلون والغزاة ( سوا سوا ) كرامة عقولنا وعفروها بالتراب!! بالله عليكم أجيبونا : هل أن تحرير بيتنا الفلسطيني ووعي أهله من زحمة وضجة الموت والدمار، والنقيق، والنعيق المفتوح على الأثير ليلا ونهارا ممكن من على كرسي مقهى على الرصيف؟!
لا تقولوا لنا : إنها استراحة مثقف محارب!! وأرجوكم ألا تقنعونا أن سواد القهوة المرشوفة على أرصفة شوارع مدننا التي باتت بلا شارع، ولا مشرع ولا أرصفة ولا حتى ميناء سيحيي أفكاركم، فتتماسك، فتنهض، فتنهضون.
خذوا ما شئتم من الوقت للتفكير، حتى لو رسب " عكر " القهوة في القاع، فالراسبون أيها السادة - إن كنتم تعلمون أو لا تعلمون- يثيرون الزوابع في الفناجين، فيكبرونها ويضخمونها، ويصورونها باحتراف، فيظنهم عامة الناس أبطالا، أما أنباء وأخبار " تبصيراتكم " وقراءاتكم في الفناجين، وعكرها المدلوق على رؤوسنا لن تشفي جروحنا النازفة الملتهبة!! فهل أعجبكم شخص جدتنا العجوز " الختيارة " فتقمصتم روحها في زمن انطلاق " الكابتشينو " من روما ساخنة حارة إلى باريس دافئة!!
لا أرصفة لشوارع مدننا ومخيماتنا مادام فينا من " يعرض " ويوسع شارعه بجثامين أبناء البلد ليحظى بالهيمنة على الشارع كله والرصيف!! تيقظوا فلا وقت لارتشاف القهوة كما نراها على أرصفة شوارع مدن الحرية، فهناك لا يبيت واحد من الناس جائعا،
ولا يستفيق على صراخ آلام مريض،
ولا يقض مضاجعهم دوي انفجارات الصواريخ والقنابل،
ولا يمضون أوقاتهم في تشييع الشهداء أو في بيوت العزاء،
ولا يعدون الضحايا كما تعد أعمدة الإنارة المعدنية على الرصيف
ولا يقضون من أعمارهم سنوات بلا رقم أو بطاقة أو جواز سفر، ولا هوية،
ولا يمضون نهارهم في البحث عن " ليتر وقود " ليمارسوا القيادة على أصولها الديمقراطية!!
فالمثقفون في مجتمعات العالم مسؤولون وفي مواقع الريادة، فلماذا تفور عندنا " الدولة " على الجمر، فيتصاعد الدخان، وقد يحترق "السامر" بمن فيه فيما أكثرهم عندنا مضطجعون على " جاعد
"!.فلا خير في مثقفين لا شارع لهم ولا رصيف.