المنتدى الإسلامي كل ما يتعلق بديننا الإسلامي حسب مذهب أهل السنة و الجماعة

 
كاتب الموضوع شذى العصمه مشاركات 90 المشاهدات 7110  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 08-05-2008, 02:50 AM   #31
معلومات العضو
شذى العصمه

الصورة الرمزية شذى العصمه
رقم العضوية : 12071
تاريخ التسجيل: Jan 2008
مجموع المشاركات : 10,462
الإقامة : فيني !
قوة التقييم : 37
شذى العصمه is on a distinguished road


ارض عن الله عزَّ وجلَّ

من لوازمِ ((رضيتُ باللهِ رباً ، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ  نبياً)). أن ترضى عن ربِّك سبحانه وتعالى ، فترضى بأحكامِه ، وترضى بقضائِه وقدرِهِ ، خيرِه وشرِه ، حُلوِه ومُرِّه .
إن الانتقائية بالإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ ليستْ صحيحةً ، وهي أن ترضى فَحَسْبُ عند موافقةِ القضاءِ لرغباتِك ، وتتسخَّط إذا خالف مرادك وميْلك ، فهذا ليس من شأنِ العبدِ .
إن قوماً رضُوا بربِّهم في الرخاءِ وسخطُوا في البلاءِ ، وانقادُوا في النعمةِ وعاندُوا وقت النقمةِ ، ﴿ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ﴾ .
لقدْ كان الأعرابُ يُسْلمون ، فإذا وجدُوا في الإسلامِ رغداً بنزولِ غيثٍ ، ودرِّ لبنٍ ، ونبْتِ عشبٍ ، قالوا : هذا دينُ خيْرٍ . فانقادُوا وحافظوا على دينِهم .
فإذا وجدُوا الأخرى ، جفافاً وقحْطاً وجدْباً واضحملالاً في الأموالِ وفناءً للمرعى ، نكصُوا على أعقابهم وتركُوا رسالتهم ودينهم .
هذا إذن إسلامُ الهوى ، وإسلامُ الرغبةِ للنفس . إن هناك أناساً يرضون عن اللهِ عزَّ وجلَّ ، لأنهم يريدون ما عند اللهِ ، يريدون وجهه ، يبتغون فضلاً من اللهِ ورضواناً ، يسعون للآخرةِ .

رضينا بك اللهمَّ رباً وخالقاً

وبالمصطفى المختارِ نوراً وهاديا

فإمَّا حياةٌ نظَّم الوحيُ سيرها

وإلا فموتٌ لا يسُرُّ الأعاديا

إن من يرشحُه اللهُ للعبوديّةِ ويصطفيه للخدمةِ ويجتبيه لسدانةِ الملَّةِ ، ثم لا يرضى بهذا الترشيحِ والاصطفاءِ والاجتباءِ ، لهو حقيقٌ بالسقوطِ الأبدي والهلاك السَّرمديِّ : ﴿ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ ، ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ .
إن الرّضا بوابةُ الديانةِ الكبرى ، منها يَلجُ المقرَّبون إلى ربِّهم ، الفرحون بهداه ، المنقادون لأمرِه ، المستسلمون لحكمه .
قَسَّمَ  غنائم حُنَيْنٍ ، فأعطى كثيراً من رؤساءِ العربِ ومتأخري العرب ، وترك الأنصار ، ثقةً بما في قلوبِهم من الرضى والإيمانِ واليقين والخيرِ العميمِ ، فكأنهم عتبُوا لأن المقصود لم يظهر لهم ، فجمعهم  وفسَّرَ لهم السرَّ في المسألةِ ، وأخبرهم أنه معهم ، وأنه يحبُّهم ، وأنه ما أعطى أولئك إلا تأليفاً لقلوبهم ، لنقْصِ ما عندهم من اليقين ، وأما الأنصارُ فقال لهم : (( أما ترضون أن ينطلق الناس بالشاء والبعير ، وتنطلقون برسولِ اللهِ  إلى رحالِكم ؟! الأنصار شعارٌ ، والناسُ دِثار ، رحم اللهُ الأنصار ، وأبناء الأنصارِ ، وأبناء أبناءِ الأنصارِ ، لو سلك الناسُ شِعْباً ووادياً ، وسلك الأنصارُ شعباً ووادياً لسلكتُ وادي الأنصارِ وشِعْبَ الأنصارِ )) . فغمرتْهم الفرحةُ . وملأتْهم المسرَّةُ ، ونزلتْ عليهم السكينةُ ، وفازوا برضا اللهِ ورضا رسولِهِ  .
إن الذين يتطلعون إلى رِضْوانِ اللهِ ويتشوَّقون إلى جنَّةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ ، لا يقبلون الدنيا بحذافيرِها بدلاً من هذا الرضوانِ ، ولا عوضاً عن هذا النوالِ العظيمِ .
أسلم أعرابيٌّ بين يدي رسول اللهِ  فأعطاه  بعض المالِ ، فقال : يا رسول اللهِ ، ما على هذا بايعتُك . فقال رسولُ اللهِ  : ((على ماذا بايعتني ؟)) قال : بايعتُك على أن يأتيني سهمٌ طائش فيقع هنا (وأشار إلى حلْقِه) ويخرج من هنا (وأشار إلى قفاه).قال له: ((إن تصْدُقِ اللهُ يصدقُكَ)). وحضر المعركة، وجاءه سهمٌ طائش ونفذ من نحرِه، ولقي ربَّه راضياً مرضيّا .
ما المالُ والأيَّامُ ما الدُّنيا وما

تلك الكنوزُ من الجواهرِ والذَّهَبْ

ما المجدُ والقصرُ المنيفُ وما المنى


ما هذه الأكداسُ مِن أغلى النشبْ

لا شيء كُلُّ نفيسةٍ مرغوبةٍ

تفنى ويبقى اللهُ أكرم من وَهَبْ

ووزَّع  ذات يوم أموالاً ، فأعطى أناساً . قليلي الدين ، ضحلى الأمانة ، مقفرين في عالم المُثُل ، وترك أناساً ثُلَّمتْ سيوفُهم في سبيلِ اللهِ ، وأُنفقتْ أمواُلهم، وجُرحتْ أجسامُهم في الجهادِ والذبِّ عن الملَّةِ ، ثم قام  خطيباً في المسجدِ وأخبرهم بالأمرِ ، وقال لهم : (( إني أعطي أناساً لمِا جعل اللهُ في قلوبِهم من الجزعِ والطمعِ ، وأدَعُ أناساً لما جعل اللهُ في قلوبِهم من الإيمانِ – أو الخيْرِ – منهم : عمرو بنُ تغلب )) . فقالَ عمروُ بنُ تغلب : كلمةً ما أريدُ أنَّ لي بها الدنيا وما فيها .
إنه الرضا عن اللهِ عزَّ وجلَّ الرضا عن حكْمِ رسولِهِ  ، طلبَ ما عندَ اللهِ ، إنَّ الدنيا لا تساوي عند الصحابي الواحد كلمة راضية باسمة منه  .
لقد كانت وُعودُ الرسول  لأصحابِه ثواباً من عندِ اللهِ ، وجنةً عنده ورضواناً منه ، لم يَعِدْ  أحداً منهم بقصرِ أو ولايةِ إقليمٍ أو حديقةٍ . كان يقول لهم : من يفعلُ كذا وله الجنةُ ؟ ولآخر : وهو رفيقي في الجنةِ ؟ لأن البذلُ الذي بذلوه والمالُ الذي أنفقوه والجهدُ الذي قدموه ، لا جزاء له إلا في الدارِ الآخرةِ ، لأن الدنيا بما فيها لا تكافئُ المجهود الضخم ؛ لأنها ثمنٌ بخيسٌ ، وعطاءٌ رخيصٌ وبذْلٌ زهيدٌ .
وعند الترمذيِّ : يستأذنُ عمرُ -رضي اللهُ عنه - رسول اللهِ  في العمرةِ ، قال : ((لا تنسنا من دعائِك يا أخي )) .
وقائل هذه الكلمة هو رسولُ الهدى  ، الإمامُ المعصومُ ، الذي لا ينطقُ عن الهوى ، ولكنها كلمةٌ عظيمةٌ وثمينةٌ ونفيسةٌ ، قال عمرُ فيما بعدُ : كلمة ما أريد أنَّ لي بها الدنيا وما فيها .
ولك أنْ تشعر أن رسول اللهِ  ، قال لك أنت بعينكِ : لا تْنسنا من دعائك يا أخي .
كان رضا رسول الله  عن ربِّه فوق ما يصفُه الواصفون ، فهو راضٍ في الغنى والفقرِ ، راضٍ في السلْمِ والحربِ ، راضٍ وقت القوةٍ والضعفِ ، راضٍ وقت الصحةِ والسقمِ ، راضٍ في الشدةِ والرخاءِ .
عاش  مرارة اليُتْمِ ، وأسى اليتمِ ، ولوعة اليتمِ فكان راضياً ، وافتقر  حتى ما يجد دَقَلَ التمرِ – أي رديئه - ، وكان يربطُ الحجر على بطنِه من شدَّةِ الجوعِ ، ويقترضُ شعيراً من يهودي ويرهنُ درعه عنده ، وينامُ على الحصير فيؤثرُ في جنبِه ، وتمرُّ ثلاثةُ أيام لا يجدُ شيئاً يأكلُه ، ومع ذلك كان راضياً عن اللهِ ربِّ العالمين ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً ﴾ .
ورضي عن ربِّه وقت المجابهةِ الأولى ، يوم وقَفَ هو في حزبِ اللهِ ، ووقفتِ الدنيا – كلُّ الدنيا – تحاربُه بخيلِها ورجِلها ، بغناها بزخرفِها ، بزهوِها بخيلائها ، فكان راضياً عن اللهِ . رضي عنِ اللهِ في الفترةِ الحرجةِ ، يوم مات عمُّه وماتت زوجتٌه خديجةُ ، وأُوذي أشدَّ الأذى ، وكُذب أشدَّ التكذيبِ ، وخُدشتُ كرامتُه ، ورُمي في صِدْقِهِ ، فقيل له : كذَّابٌ ، وساحرٌ ، وكاهنٌ ، ومجنونٌ ، وشاعرٌ .
ورضي يوم طُرِد من بلدِه ، ومسقطِ رأسهِ ، فيها مراتعُ صباه ، وملاعبُ طفولتِه ، وأفانينُ شبابِه ، فيلتفتُ إلى مكة وتسيلُ دموعُه ، ويقول : (( إنكِ أحبُّ بلادِ اللهِ إليَّ ، ولولا أنَّ أهلك أخرجوني منك ما خرجتُ )) .
ورضي عن اللهِ وهو يذهبُ إلى الطائفِ ليعرِض دعوته ، فيُواجه بأقبحِ ردٍّ ، وبأسوأِ استقبالٍ ، ويُرمى بالحجارةِ حتى تسيل قدماه ، فيرضى عن مولاه .
ويرضى عن اللهِ وهو يخرج من مكة مرغماً ، فيسير إلى المدينة ويُطاردُ بالخيلِ ، وتُوضعُ العراقيلُ في طريقِه أينما ذهب .
يرضى عن ربه في كلِّ موطنٍ ، وفي كل مكانٍ ، وفي كل زمنٍ .
يحضر أُحُداً  فيُشجّ رأسُه ، وتُكسرُ ثنيتُه ، ويُقتلُ عمُّه ، ويُذبحُ أصحابهُ ، ويُغلبُ جيشُه ، فيقول : (( صُفُّوا ورائي لأُثني على ربي )) .
يرضى عن ربِّه وقد ظهر حِلْفٌ كافرٌ ضدَّه من المنافقين واليهود والمشركين ، فيقف صامداً متوكِّلاً على اللهِ ، مفوِّضاً الأمر إليه .
وجزاءُ هذا الرضا منه  : ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ .
******************************************
هِتافٌ في وادي نخلة

أُخرج محمدٌ المعصومُ  من مكة حيث أهلُه وأبناؤه ودارُه ووطنُه ، طُردُ طرداً وشًرِّد تشريداً ، والتجأ إلى الطائفِ فقُوبل بالتكذيبِ وجُوبِه بالجحودِ ، وتهاوتْ عليه الحجارةُ والأذى والسُّ والشتمُ .
فعيناه بدموع الأسى تكِفانِ وقدماه بدماءِ الطهرِ تنزفانِ ، وقلبُه بمرارةِ المصيبة يَلْعَجُ ، فإلى من يلتجئ ؟ ومن يسألُ ؟ وإلى من يشكو ؟ وإلى من يقصدُ ؟ إلى اللهِ إلى القويِّ إلى القهارِ ، إلى العزيزِ ، إلى الناصرِ .
استقبل محمدٌ  القبلة ، وقصد ربَّ ، وشكر مولاه ، وتدفَّق لسانهُ بعباراتِ الشكوى وصادقِ النجوى وأحرِّ الطلبِ ، ودعا وألحَّ وبكى ، وشكا وتظلَّم وتألَّم .
المآقي من الخطوبِ بكاءُ
والمآسي على الخدودِ ظِماءُ

وشفاهُ الأيامِ تلثمُ وجهاً
نَحَتَتْهُ الرعودُ والأنواءُ

اسمع سؤال النبي  مولاهُ وإلهه ليلة نخلة ، إذْ يقول : (( اللهم إني أشكو إليك ضعْف قوتي وقِلَّة حيلتِي وهواني على الناسِ ، أنت أرحمُ الراحمين، وربُّ المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكِلُني ؟ إلى قريبٍ يتجهَّمُني ، أو إلى عدوٍّ ملَّكْتَه أمري ، إن لم يكن عليَّ غَضَبٌ فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لُي ، أعوذُ بنور وجهِك الذي أشرقتْ له الظلماتُ ، وصَلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ ، أن ينزلُ بي غَضَبُك ، أو يحلَّ بي سخطُك ، لك العُتْبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بكَ )) .
**********************************************
جوائز للرعيل الأول

﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ .
هذه غايةُ ما يتمناه المؤمنين وما يطلبُه الصادقون وما يحرصُ عليه المفلحون .. رضوانِ اللهِ . إن الرضا أجلُّ المطالبِ وأنبلُ المقاصدِ وأسمى المواهبِ .
هنا في هذه الآية جاء رضا اللهِ ، بينما ذُكِر في موضعٍ آخر الغفرانُ : ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾.وفي موطنٍ ثانٍ التوبةُ :﴿ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ﴾ . وفي ثالثٍ العفوُ : ﴿ عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ .
أما هنا : فالرضوان المحقَّقُ ، لأنهم يبايعونك تحت الشجرةِ وعلم اللهُ ما في قلوبِهم ، فبيْعتُهم بيعةٌ لأرواحهم الثمينةِ عندهم لتزهق لمرضاةِ الملكِ الحقِّ ، وبيعةٌ لأنفسهم النفيسةِ لتذهب لمرضاةِ الواحدِ القهارِ ، وبيعةٌ لوجودهم وحياتهم ، لأنَّ في موتهم حياة للرسالة ، وفي قتلهم خلوداً للملة ، وفي ذهابِهم بقاءً للميثاقِ .
وعِلم ما في قلوبهم من الإيمانِ المكينِ واليقينِ المتين ، والإخلاصِ الصافي والصدقِ الوافي ، لقد تعبُوا وسهرُوا ، وجاعُوا وظمئُوا ، وأصابهم الضررُ والضيقُ ، والمشقةُ والضنى ، لكنه رضي عنهم .
لقد فارقُوا الأهل والأموال والأولاد والديار ، وذاقُوا مرارة الفراقِ ولوعة الغربةِ ، ووعثاء السفرِ وكآبة الارتحالِ ، لكنه رضي عنهم .
لقد شُرِّدوا وطُرِدُوا وفُرِّقُوا وتعِبُوا وأُجهدُوا ، لكنَّه رضي عنهم .
هل جزاءُ هؤلاء المجاهدين والمنافحين عن الملةِ : غنائمُ من إبل وبقرٍ وغنمٍ ؟ هل مكافأةُ هؤلاء المناضلين عن الرسالة الذابِّين عن الدينِ : عُروضٌ ماليةٌ ؟ هل تظنُّ أنه يُبرِدُ غليل هؤلاءِ الصفوةِ المجتباةِ والنخبةِ المصطفاةِ ، دراهمُ معدودةٌ أو بساتينُ غنَّاء أو دورٌ منمَّقةٌ ؟ لا .
يُرضيهم رضوانُ اللهِ ، ويُفرحُهم عفوُ اللهِ ، ويُثلجُ صدورهم كلمةٍ : ﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً{12} مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً{13} وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً{14} وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا{15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ﴾ .
****************************************
الرضا ولو على جمْر الغضَا


خرج رجلٌ من بني عبْسٍ يبحثُ عن إبلِه التي ضلَّتْ ، فذهب والتمسها ، ومكث ثلاثة أيامٍ في غيابِه ، وكان هذا الرجل غنياً ، أعطاه اللهُ ما شاء من المالِ والإبلِ والبقرِ والغنمِ والبنين والبناتِ ، وكان هذا المالُ والأهلُ في منزلٍ رحْبٍ على ممرِّ سيْلٍ في ديارِ بني عبس ، في رغدٍ وأمنٍ وأمانٍ ، لم يفكرْ والدُهم ولم يفكرْ أبناؤه أن الحوادث قد تزورهم ، وأن المصائب قد تجتاحُهم .
يا راقد الليلِ مسروراً بأوَّلِه
إنَّ الحوادث قد يطْرُقْنَ أسْحارا


نام الأهلُ جميعاً كبارُهم وصغارُهم ، معهم أموالُهم في أرضٍ مستوية ، ووالدهم غائبٌ يبحثُ عن ضالَّتِه ، وأرسل اللهُ عليهم سيْلاً جارفاً لا يلوي على شيءٍ ، يحملُ الصخور كما يحملُ التراب ، ومرَّ عليهم في آخر الليلِ ، فاجتاحهم جميعاً ، واقتلع بيوتهم من أصلها ، وأخذ الأموال معه جميعاً ، وأخذ الأهل جميعاً ، وزهقتْ أرواحُهم من تدفُّقِ الماء ، وصارُوا أثراً بعد عيْنٍ ، فكأنهم لم يكونوا ، صارُوا حديثاً يُتلى على اللسانِ .
وعاد الأبُ ثلاثةِ أيامٍ إلى الوادي ، فلم يُحِسَّ أحداً ، ولم يسمعْ رافداً ، لا حيَّ ولا ناطق ولا أنيس ، المكانُ قاعٌ صَفْصَفٌ ، يا اللهُ !! يا للدَّاهيةِ الدهياءِ !! لا زوجة لا ابن لا ابنة ، لا ناقةَ لا شاةَ لا بقرة ، لا درهم لا دينار ، لا ثوب لا شيء ، إنها مصيبةٌ !!
وزيادةً في البلاء : إذا جملٌ منْ جمالِهْ قْد شرد ، فحاول أنْ يدركه وأخذ بذيِله علَّة أن يجد رجلاً يقودُه إلى مكان يأوي إليه ، وبعد حينٍ ووقتٍ من هذا اليوم سمعه أعرابيُّ آخرُ ، فأتى إليه وقاده ، وذهب به إلى الوليدِ بنِ عبدِالملك الخليفةِ في دمشق ، وأخبره الخَبَرَ ، فقالَ : كيف أنتَ ؟ قال : رضيتُ عن اللهِ .
وهي كلمةٌ كبيرةٌ عظيمةٌ ، يقولُها هذا المسلُم الذي حَمَلَ التوحيد في قلبِه ، وأصبح آيةً للسائلين ، وعظِةً للمتَّعظين ، وعبرةً للمعتبرين .
والشاهد : الرضا عن اللهِ .
والذي لا يرضى ولا يسلِّمُ للمقدّر ، فإن استطاع أن يبتغي نفقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء، وإن شاء: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾
********************************************
وقفــــــة

قال أبو عليِّ بنِ الشبل :

وإذا هممت فناجِ نفسك بالمُنى

وَعْداً فخيراتُ الجنانِ عِداتُ

واجعلْ رجاءك دُون يأسِك جُنَّةً


حتى تزول بهمَّك الأوقاتُ

واسترْ عن الجُلَساءِ بثَّك إنما


جلساؤُك الحُسَّادُ والشُّمَّاتُ

ودعِ التوقُّع للحوادثِ إنه


للحيِّ منْ قبلِ المماتِ مماتُ

فالهمُّ ليس لهُ ثباتٌ مثلِ ما


في أهلِهِ ما للسرورِ ثباتُ

لولا مغالطةُ النفوسِ عقولها

لم تصْفُ للمتيقظين حياةُ

*******************************************
اتخاذُ القرار

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ﴾ . ﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ .
إن كثيراً منا يضطربُ عندما يريد أن يتخذ قراراً ، فيصيبُه القلقُ والحيرةُ والإرباكُ والشكُّ ، فيبقى في ألمٍ مستمرٍ وفي صداعٍ دائمٍ . إن على العبدِ أن يشاور وأن يستخير اللهَ ، وأن يتأمَّل قليلاً ، فإذا غلب على ظنه الرأيُ الأصوبُ والمسلكُ الأحسنُ أقدم بلا إحجام ، وانتهى وقتُ المشاورةِ والاستخارةِ ، وَعَزَم وتوكَّل ، وصمَّم وَجَزَم ، لينهي حياة التردُّد والاضطرابِ .
لقد شاور  الناس وهو على المنبر يوم أُحُد ، فأشاروا بالخروجِ، فلبس لأمته وأخذ سيفه ، قالوا : لعلَّنا أكرهناك يا رسول الله ؟ لو بقيت في المدينةِ . قال : (( ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يقضي اللهُ بينه وبين عدوِّهِ )) . وَعَزَم  على الخروجِ .
إن المسألة لا تحتاجُ إلى ترددٍ ، بل إلى مضاءٍ وتصميمٍ وعزمٍ أكيدٍ ، فإن الشجاعة والبسالة والقيادة في اتخاذِ القرارِ .
تداول  مع أصحابِه الرأي في بدرٍ : ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ﴾ ، ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى ﴾ ، فأشارُوا عليه فَعَزَم  وأقدم ، ولم يلوِ على شيءٍ .
إن التردٌّد فسادٌ في الرأيِ ، وبرودٌ في الهمَّةِ ، وَخَورٌ في التصميمِ وشَتاتٌ للجهدِ ، وإخفاقٌ في السَّيْرِ . وهذا التردُّدُ مرضٌ لا دواء له إلا العزمُ والجزمُ والثباتُ . أعرفُ أناساً من سنواتٍ وهم يُقدِمون ويُحجمون في قراراتِ صغيرةٍ ، وفي مسائل حقيرةٍ ، وما أعرفُ عنهم إلا روح الشكِّ والاضطرابِ ، في أنفسِهم وفي من حولهم .
إنهم سمحوا للإخفاقِ أن يصل إلى أرواحِهم فَوَصَلَ ، وسمحُوا للتشتُّتِ ليزور أذهانهم فزار .
إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة ، وتتأمَّل المسألة ، وتستشير أهل الرأي، وتستخير ربَّ السماواتِ والأرضِ ، أن تُقدِم ولا تُحجِم ، وأن تُنْفِذ ما ظهر لك عاجلاً غير آجلٍ .
وقف أبو بكر الصدِّيق يستشيرُ الناس في حروبِ الردةِ ، فأشار الناسُ كلهم عليه بعدمِ القتالِ ، لكنَّ هذا الخليفة الصدِّيق انشرح صدرُه للقتالِ ، لأن هذا إعزازٌ للإسلامِ ، وقطْعٌ لدابر الفتنةِ ، وسحقٌ للفئاتِ الخارجةِ على قداسةِ الدينِ ، ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيرٌ ، فصمَّم على رأيه ، وأقسم : والذي نفسي بيدهِ ، لأُقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاةِ والزكاةِ ، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدُّونه لرسولِ الله  لقاتلتُهم عليه . قال عمر : فلما علمتُ أن الله شرح صدر أبي بكر ، علمتُ أنه الحقُّ . ومضى وانتصر وكان رأيهُ الطيب المبارك ، الصحيح الذي لا لُبْس فيه ولا عِوَجَ .
إلى متى نضطربُ ؟ وإلى متى نراوحُ في أماكنِنا ؟ وإلى متى نتردَّد في اتخاذِ القرارِ ؟

إذا كنت ذا رأي فكنْ ذا عزيمةٍ
فإنَّ فساد الرأي أنْ تتردَّدا


إنَّ منْ طبيعةِ المنافقين إفشال الخطَّةِ بكثرةِ تكرارِ القولِ ، وإعادةِ النظرِ في الرأي : ﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ﴾ . ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.
إنهم يصطحبون « لو » دائماً ، ويحبون « ليت » ويعشقون « لعلَّ » فحياتُهم مبنيةٌ على التسويقِ ، وعلى الإقدامِ والإحجامِ ، وعلى التذبذبِ ، ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء ﴾ .
مرةً معنا ومرةً معهم ، مرةً هنا ومرةً هناك .
كما في الحديثِ : (( كالشاة العائرةِ بين القطيعين من الغنمِ )) وهو يقولون في أوقاتِ الأزماتِ : ﴿ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ ﴾ . وهم كاذبون على اللهِ ، كاذبون على أنفسهم ، فهم يسرون وقت الأزمةِ ، ويأتون وقت الرخاءِ وأحدُهم يقول : ﴿ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾ . إنه لم يتخذ إلا قرار الإخفاقِ والإحباطِ . ويقولون في الأحزابِ : ﴿ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ﴾ . ولكنَّه التخلصُ من الواجبِ ، والتملُّصُ من الحقِّ المبينِ .
*******************************************
اثبتْ أُحُـدُ
إنَّ منْ طبيعِة المؤمنِ : الثبات والتصميم والجزم والعزم ، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ ، أما أولئك : ﴿ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ ، وفي قرارِهم يضطربون ، وعلى أدبارِهم ينكصون ، ولعهودِهم ينقضون . إن عليك أيُّها العبدُ إذا لمع بارقُ الصوابِ ، وظهر لك غالبُ الظنِّ ، وترجَّح لديك النفعُ ، أن تُقدِم بلا التواءٍ ولا تأخُّرٍ .
اطَّرحْ ليتاً وسوفاً ولعلْ
وامضِ كالسيف على كفِّ البطلْ

لقد تردَّدَ رجلٌ في طلاق زوجته التي أذاقْته الأمرَّيْن ، وذهب إلى حكيمٍ يشتكيه ، قال: كم لك من سنة مع هذه الزوجةِ ؟ قال : أربع سنواتٍ . قال : أربع سنواتٍ وأنت تحتسي السُّمَّ ؟!
صحيحٌ أن هناك صبراً وتحمُّلاً وانتظاراً ، لكن إلى متى ؟ إن الفطِن يعلمُ أن هذا الأمرين يتمُّ أو لا يتمُّ ، يصلحُ أو لا يصلحُ ، يستمرُّ أو لا يستر ، فْليتخذْ قراراً .
والشاعرُ يقولُ : وعلاجُ ما لا تشْتهِيـ
ـهِ النفسُ تعجلُ الفراقِ

والذي يظهرُ من السِّيرِ واستقراءِ أحوالِ الناسِ ، أن الإرباك والحيرة يأتيهم في مواقف كثيرةٍ ، لكن غالب ما يأتيهم في أربعِ مسائل :
الأولى : في الدراسةِ واختيارِ التخصُّصِ ، فهو لا يدري أيَّ قسم يسلكُه ، فيبقى في ذلك فترةً . وعرفتُ طُلاَّباً ضيَّعُوا سنواتٍ بسبب تردُّدِهم في الأقسامِ ، وفي الكلياتِ ، فيبقى بعضهم متردداً قبل التسجيل ، حتى يفوته التسجيلُ ، وبعضُهم يدخلُ في قسمٍ سنةً أو سنتين ، فيرتضي الشريعة ثم يرى الاقتصاد ، ثم يعودُ إلى الطبِّ ، فيذهبُ عمرُ شَذَرَ مَذَرَ .
ولو أنه درس أمره وشاور واستخار الله في أولِ أمرِهِ ، ثم ذهب لا يلوي على شيء ، لأحرز عمره وصان وقته ، ونال ما أراد من هذا التخصُّصِ .
الثانية : العملُ المناسبُ ، فبعضهم لا يعرفُ ما هو العمل الذي يناسبُه ، فمرةً يعتنقُ وظيفةً ، ثم يتركُها ليذهب إلى شركةٍ ، ثم يهجرُ الشركة إلى عمل تجاري بحتٍ ، ثم يحصلُ على العدمِ والإفلاسِ والفقرِ ثم يلزمُ بيته مع صفوفِ العاطلين .
وأقولُ لهؤلاءِ : من فُتح له بابُ رزقٍ فلْيلزمْهُ ، فإنَّ رزقه منْ هذا المكانِ ، ومنْ لزم باباً أُوتي سهولته وفَتْحه وحكمته .
الثالثة : الزواجُ ، وأكثرُ ما يأتي الشباب الحيرةُ والاضطرابُ في مسألةِ اختيارِ الزوجةِ ، وقد يدخلُ رأي الآخرين في الاختيارِ ، فالوالدُ يرى لولدهِ امرأةً غير التي يراها الابنُ أو التي تراها الأمُّ ، فربما وافق الابنُ رغبة والدِه ، فيحصلُ ما لا يريدُه ، وما يحبَّه ، وما لا يقدمُه .
ونصيحتي لهؤلاءِ أن لا يُقدمُوا في مسألة الزواجِ بالخصوصِ إلا على ما يرتاحون إليه في جانبِ الدين والحُسْنِ والموافقةِ ، لأن المسألة مسألةُ مصيرِ امرأةٍ لا مكان للمجازفةِ بها .
الرابعة : تأتي الحيرةُ والاضطرابُ في مسألةِ الطلاقِ ، فيوماً يرى الفراق ويوماً يرى المعايشة ويوماً يرى أن يُنهي المعايشة ، وآخر يرى أن يقطع الحبْل ، فيصيبه من الإعياء ، وحُمَّى الروحِ ، وفسادِ الرأي ، وتشتُّتِ الأمرِ ، ما اللهُ به عليمٌ .
إن على العبدِ أن يُنهي هذه الضوائق النفسية بقرارِه الصارمِ ، إن العمر واحدٌ ، وإن اليوم لن يتكرَّر ، وإن الساعة لن تعود ، فعليه أن يعيشها سعادةً يشارك فيها بنفسِه ، يشاركُ بنفسِه في استجلابِ هذه السعادةِ ، وتأتي هذه السعادةُ باتخاذِ القرارِ . إن العبد المسلم إذا همَّ وعزم وتوكل على اللهِ بعد أن يستخير ويُشاوِر ، صار كما قال الأول :
إذا همَّ ألقى بين همَّيْه عينهُ
وأعرض عن ذكْرِ العواقبِ جانبا

إقدامٌ كإقدام السيل ، ومضاءٌ كمضاءِ السيفِ ، وتصميمٌ كتصميمِ الدهرِ ، وانطلاقٌ كانطلاقِ الفجرِ ، ﴿ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ﴾ .
***********************************************
كما تدين تُدان

عجباً لنا ! نريدُ من الناسِ أن يكونوا حلماء ونحنُ نغضبُ ، ونريدُ منهم أن يكونوا كرماء ونحن نبخلُ ، ونريد منهم الوفاء بحسن الإخاءِ ، ونحن لا نؤدي ذلك .
تُريدُ مهذَّباً لا عيب فيهِ
وهل عُودٌ يفوحُ بلا دُخانِ

وقالوا : من لأخيك كلِّه .
وقال آخر :
ولست بِمُسْتبْقٍ أخاً لا تلُمُّهُ
على شعثٍ أيُّ الرجالِ المهذَّبُ

وقال ابنُ الروميُّ :
ومِنْ عجبِ الأيامِ أنَّك تبتغي الـ
ـمهذَّب في الدنيا ولست مُهذَّبا

*************************************************
وقفــــةٌ

قال إيليا أبو ماضي :
أيُّها الشاكي وما بك داءٌ

كيف تغدو إذا غدوت عليلا

إنَّ شرَّ الجُناةِ في الأرض نفسٌ


تتوقَّى ،قبل الرحيلِ الرَّحيلا

وترى الشَّوْك في الورودِ، وتعمْى


أن ترى فوقها الندى إكليلا

هو عبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ


مَنْ يظُنُّ الحياة عبئاً ثقيلا

والذي نفسُهُ بغير جمالٍ


لا يرى في الوجودِ شيئاً جميلا

فتمتَّعْ بالصُّبحِ ما دُمت فيهِ


لا تخفْ أنْ يزول حتى يزُولا

وإذا ما أظلَّ رأْسك همٌّ


قصِّر البحث فيه كيْلا يطُولا

أدركتْ كُنْهَهَ طيورُ الرَّوابي


فمِن العارِ أن تظلَّ جهُولا

ما تراها والحقلُ مِلْكُ سواها

تخِذتْ فيه مَسْرَحاً ومقيلا

**********************************************
ضريبةُ الكلامِ الخلاَّبِ
إنّ سعادتنا تكملُ في قيامِنا بواجبنا مع خالقِنا ، ثم مع خلْقِه ، مع اللهِ ثم مع الإنسانِ . إن الكلام سهلٌ نطقُه وتجبيرُه وزخرفتُه ، لكن الأصعب من ذلك صياغتُه في مُثُلٍ عليا من الصفاتِ الحميدةِ والأعمالِ الجليلةِ ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ .
إنَّ الآمر بالمعروفِ التارك له ، والناهي عن المنكرِ الفاعل له ، يُوضعُ – كما في الحديث الصحيح – يوم القيامةِ في النارِ ، فيدورُ بأمعائِه كما يدورُ الحمارُ برحاهُ ، فيسأله أهلُ النارِ عن سرِّ هلاِكه ، فقال : كنتُ آمرُكم بالمعروفِ ولا آتيهِ ، وأنهاكُم عن المنكرِ وآتيةِ .
يا أيُّها الرجلُ المعلِّمُ غَيرهُ
هلاَّ لنفسِك كان ذا التعليمُ

وقف الوعظُ الشهيرُ أبو معاذ الرازي فبكى وأبكى الناس ، ثم قال :
وغيرُ نقيِّ يأمرُ الناس بالتقى
طبيبٌ يداوي الناس وهُو عليلٌ

كان بعضُ السلفِ إذا أراد أن يأمر الناس بالصدقةِ ، تصدَّق هو أولاً ، ثم أمرهم ، فاستجابُوا طواعيةً .
وقرأتُ أن واعظاً في عهدِ القرونِ المفضَّلةِ ، أراد أن يأمر الناس بالعِتْقِ ، وقد طلب منه كثيرٌ من الرقيق أن يسأل الناس ذلك ، فجمع نقوداً في وقتٍ طويل ثم أعتق رقبةً ، ثم أمَّ فأمرَ بالعِتْق ، فاقتدى الناسُ وأعتقُوا رقاباً كثيرة .
**********************************
الراحةُ في الجنَّةِ

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ .
يقولُ أحمدُ بنُ حنبلَ ، وقد قيل له : متى الراحةُ ؟ قال : إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت .
لا راحة قبل الجنةِ ، هنا في الدنيا إزعاجاتُ وزعازعُ وفتنٌ وحوادثُ ومصائبُ ونكباتُ ، مَرَضٌ وهمٌّ وغمُّ وحزنٌ ويأسٌ .
طُبِعَتْ على كدرٍ وأنت تريدُها
صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ

أخبرني زميلُ دراسةٍ من نيجيريا ، وكان رجلاً صاحب أمانةٍ ، أخبرني أن أمَّه كانت تُوقظُه في الثلثِ الأخير ، قال : يا أمَّاهُ ، أريد الراحة قليلاً . قالت : ما أوقظك إلا لراحتِك ، يا بني إذا دخلت الجنة فارتحْ .
كان مسروقٌ – أحدُ علماءِ السلفِ – ينامُ ساجداً ، فقال له أصحابهُ : لو أرحت نفسك . قال : راحتها أريدُ .
إن الذين يتعجَّلون الراحة بتركِ الواجبِ ، إنما يتعجَّلون العذاب حقيقةً .
إنَّ الراحةً في أداءِ العمل الصالحِ ، والنفعِ المتعدِّي، واستثمارِ الوقتِ فيما يقرِّبُ من اللهِ .
إنَّ الكافر يريدُ حظَّه هنا ، وراحتَهُ هنا ، ولذلك يقولون : ﴿ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ .
قال بعضُ المفسِّرين : أي : نصيبنا من الخَيْرِ وحظَّنا من الرزقِ قبل يومِ القيامةِ .
﴿ إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ ، ولا يفكِّرون في الغدِ ولا في المستقبلِ ، ولذلك خسرُوا اليوم والغد ، والعمل والنتيجة ، والبداية والنهاية .
وهكذا خُلقتِ الحياةِ ، خاتمتُها الفناءُ فهي شربٌ مكدَّرٌ ، وهي مزاجٌ ملوَّن لا تستقرُّ على شيء ، نعمةٌ ونقمةٌ ، شدَّةٌ ورخاءٌ ، غنىً وفقرٌ .
هذه هي النهاية :
﴿ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ .
**********************************************
وقفـــــةٌ

قال إيليا أبو ماضي : كمْ تشتكي وتقولُ إنك معُدِمُ

والأرضُ ملكُك والسما والأنجُمْ؟

ولك الحقولُ وزهرُها وأريجُها


ونسيمُها والبُلْبلُ المترنِّمُ

والماءُ حولك فضَّةٌ رقْراقةٌ


والشمسُ فوقك عسْجدٌ يتضرَّمُ

والنورُ يبني في السُّفوح وفي الذُّرا


دوراً مزخرفةً وحيناً يهْدِمُ

هشَّتْ لك الدنيا فما لك واجماً ؟


وتبسَّمتْ فعلام لا تتبسَّمُ ؟

إن كنت مكتئباً لعزٍّ قد مضى


هيهات يُرجعُه إليك تَنَدُّمُ

أو كنت تُشفقُ من حلولِ مصيبةٍ


هيهات يمنعُ أنْ يحِلَّ تجهُّمُ

أو كنت جاوزت الشباب فلا تقلْ


شاخ الزمانُ فإنه لا يَهْرَمُ

انظرْ فما زالتْ تُطِلُّ من الثَّرى

صورٌ تكادُ لحِسْنِها تتكلَّمُ

**************************************************
الرِّفْقُ يُعينُ على حصولِ المقصودِ

مرَّتْ آثارٌ ونصوصٌ في الرفقِ ، والرفقُ شفيعٌ لا يُرَدُّ في طلبِ الحاجاتِ ، ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين جدارين ، الذي لا يتسع إلا لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَحَسْبُ ، لا تدخلُها هذه السيارة إلا برفقٍ من قائدِها وحذرٍ وتوقٍّ ، بينما لو أقبل بها مسرعاً وأراد المرور من هذا المكان الضيقِ لاصطدم يمْنةً وَيسْرَةً وتعطلتْ سيارتُه ، والطريقُ لم يزِد ولم ينقصْ ، والسيارةُ هي هي ، لكنَّ الطريقة هي التي اختلفت، تلك برفقٍ وهذه بشدَّةٍ . والشجرةُ الصغيرةُ التي نغرسُها في حوضِ فناءِ أحدِنا ، إذا سكبت عليها الماء شيئاً فشيئاً تشربُ منه وينفعُها ، فإذا أخذت كميةً من هذا الماء بعينهِ وحجْمه وألقيته دفعةً واحدة لاقتلعت هذه النبتة من مكانِها ، إن كمية الماءِ واحدةٌ ولكن الأسلوب تغيَّر .
إن منْ يخلعُ ثوبه برفقٍ يضمنُ سلامة ثوبِه ، خلاف من يجذِبُه بقوةٍ ويسحبُه بسرعةٍ ، فإنه يشكو من تقطُّعِ أزرارِه وتمزُّقِهِ .
ومن اللطائف في انكشافِ عَدَمَ صدقِ إخوةِ يوسف في مجيئِهم بثوبِهِ ، وزعْمِهم أن الذئب أكله : أنهم خلعُوا الثوب برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ ، ولو أكله الذئبُ كما زعموا لمزَّق الثوب كلَّ ممزَّقٍ ، ولم يخلْعْه خلْعاً .
إن حياتنا تحتاجُ إلى رفقٍ نرفقُ بأنفسِنا : (( وإن لنفسِك عليك حقاً )) . نرفقُ بإخواننا : (( إن الله رفيق يحب الرفق )) . نرفقُ بالمرأةِ : (( رفقاً بالقواريرِ )) .
على الجسورِ الخشبيِة التي بناها الأتراكُ على ممراتِ الأنهارِ ، مكتوبٌ في أول الجسرِ : رفقاً رفقاً . لأن المارَّ بهدوءٍ لا يسقطُ ،أما المسرعُ فجديرُ أن يهوي إلى مستقرِّ النهر .
وفي مذكّراتٍ لأديب سوريٍّ كان يسكنُ في مدينة « السلمية » ، وله درَّاجةٌ ناريةٌ ، أراد أن يعبر بها على جسر بناه الأتراكُ من الخشبِ على النهرِ ، وهم بنوْه لمن أراد أن يمشي بدراجته متئداً متأنياً ، قال هذا الرجل : فذهبتُ مسرعاً على جسري ، فلما أصبحتُ من أعلى الجسرِ متوسِّطاً النهر ، نظرتُ يَمْنَةً ويَسْرَةً ، وأنا لم أرفقْ بنفسي ولا بدراجتي فاضطربتْ بي واختلَّ نظري ، فوقعتُ بدراجتي في النهرِ ... وكانت قصةً طويلة .
إنَّ على مداخلِ حدائقٍ الزهورِ والورود في بعضِ مدنِ أوروبة : لوحةٌ مكتوب فيها : «تَرَفَّقْ» ، لأن الداخل مسرعاً لا يرى ذاك النبت الجميل ولا يضمنُ سلامة ذاك الوردِ الباهي ، فيحصل الدعس والدفس والإبادة ، لأنه ما رفق ولا تأنَّى .
هناك معادلة تربوية تقول : إن العصفور تربوية تقول : إن العصفور لا يترفَّقُ كالنحلة . وفي الحديث : (( المؤمنُ كالنحلة ، تأكلُ طيباً وتضعُ طيباً ، وإذا وقعتْ على عُودٍ لم تكسْرِه )) . فالنحلة لا تُحِسُّ بها الزهرةُ أبداً ، وهي تعلقُ الرحيق بهدوء ، وتنالُ مطلوبها برفقٍ . والعصفورُ على ضآلةِ جسمِه يخبرُ الناس بنزولِه على سنابل ، فإذا أراد النزول سقط سقوطاً ، ووثب وثْباً .
ولا أزالُ أذكرُ قصة الرسَّام الهنديِّ ، وقد رسم لوحةً بديعة الحسنِ ملخَّصها : سنبلةُ قمح عليها عصفورٌ قد وقع ، وهذه السنبلة مليئةٌ بالحبِّ ، مترعرعةُ النموِّ ، باسقةُ الطولِ ، وعلَّقها الملِكُ على جدارِ ديوانِه ، ودخل الناسُ يهنِّئون الملك بهذه اللوحةِ ويشكرون الرسَّام على حسنِها ، ودخل رجلٌ فقيرٌ مغمورٌ في وسطِ الزحامِ فاعترض على اللوحةِ ، وأخبرَ أنها خطٌأ ، وضجَّ الناسُ به وصجُّوا ، لأنه خالف الإجماع، فاستدعاه الملكُ برفقٍ وقال : ما عندك؟ قال : هذه اللوحةُ خطٌأ رسمُها ، وَغَلطٌ عرْضها . قال : ولِمَ ؟ قال : لأنَّ الرسام رسمَ العصفور على السنبلةِ وترك السنبلة مستقيمةً ممتدةً ، وهذا خطٌأ ، فإنِّ العصفور إذا نزل على سنبلة القمحِ أمالها، وأخضعها ، لأنه ثقيلٌ لا يملكُ الرفق . قال الملكُ : صدقت . وقال الناسُ: صدقت . وأنزل اللَّوْحة ، وسُحبت الجائزةُ من الرسامِ .
إنَّ الأطباء يُوصون بالرفقِ في تناولِ العلاجِ ، وفي مزاولةِ العملِ والأخذِ والعطاءِ .
فذاك يقلعُ ظفْره بيده ، وذاك يباشرُ سِنِّه بنفسِه ، وآخر يَغُصُّ باللقمة ، لأنه أَكَبرَها وما أحسن مضْغها .
إن الماء يترفَّقُ ، وإن الريح تُزمجرُ فتدمِّرُ . قرأتُ لبعضِ السلفِ أنه قال : إن مِن فِقْهِ الرجل رِفْقَهُ في دخولِه وخروجِه منه ، وارتداءِ ثوبِه وخَلْعِ نعلِه وركوبِ دابتهِ .
إن العَجَلةَ والهوجَ والطيْشَ في أخذ الأمورِ وتناولِ الأشياء ، كَفِيلةٌ بحصولِ الضررِ وتفويتِ المنفعِة ، لأن الخَيْرَ بُني على الرفقِ : (( ما كان الرفقُ في شيء إلاَّ زانه ، وما نُزع الرفقُ من شيء إلاَّ شانهُ )) .
إنَّ الرفق في التعاملِ تُذعنُ له الأرواحُ ، وتنقادُ له القلوبُ ، وتخشعُ له النفوسُ .
إن الرفيق من البشرِ مِفتاحٌ لكلِّ خَيْرٍ ، تستسلمُ له النفوسُ المستعصية ، وتثوبُ إليه القلوبُ الحاقدةُ ، ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ .
*******************************************
وقفــــةٌ
طه حسين يتحدَّثُ بصيغةِ الغائب :
« كان يرى نفسه إنساناً من الناسِ وُلد كما يُولدون ، وعاش كما يعيشون ، يقسِّم الوقت والنشاط فيما يقسِّمون فيه وقتهم ونشاطهم ، ولكنه لم يكنْ يأنسُ إلى أحدٍ ، ولم يكنْ يطمئنُّ إلى شيء ، قد ضُرِب بينه وبين الناسِ والأشياء حجابٌ ظاهرُه الرضا والأمنُ ، وباطنُه من قِبَلِه السخطُ والخوفُ والقلقُ واضطرابُ النفسِ ، في صحراء موحشة لا تحدُّها الحدودُ ، ولا تقومُ فيها الأعلام ، ولا يتبيَّن فيها طريقه التي يمكنُ أن يسلكها ، وغايته التي يمكن أن ينتهي إليها » .
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : « إنها تمرُّ بالقلبِ لحظاتٌ من السرور أقول : إن كان أهلُ الجنة في مِثْلِ هذا العيش ، إنَّهم لفي عيشٍ طيِّبٍ » .
وقال إبراهيم بن أدهم : « نحن في عيش لو علم به الملوكُ لجالدونا عليه بالسُّيوفِ » .
************************************
http://www.saaid.net/
حتى تكون أسعد الناس

• الإيمانُ يُذْهِبُ الهموم ,ويزيلُ الغموم , وهو قرةُ عينِ الموحدين , وسلوةُ العابدين .
• ما مضى فاتَ , وما ذهبَ ماتَ ,فلا تفكرْ فيما مضى , فقد ذهب وانقضى .
• ارض بالقضاءِ المحتومِ , والرزقِ المقسومِ , كلُّ شيءٍ بقدرٍ ، فدعِ الضَّجَرَ .
• ألا بذكر اللهِ تطمئنُّ القلوبُ , وتحطُّ الذنوبُ , وبه يرضى علاّمُ الغيوبِ , وبه تفرجُ الكروبِ .
• لا تنتظرْ شكراً من أحدٍ , ويكفي ثواب الصمدِ , وما عليك ممَّنْ جحدَ , وحقدَ, وحسدَ.
• إذا أصبحت فلا تنتظرِ المساء , وعشْ في حدودِ اليومِ , وأجمعْ همَّك لإصلاحِ يومِك .
• اتركِ المستقبلَ حتى يأتي , ولا تهتمَّ بالغدِ ؛ لأنك إذا أصلحت يومك صلح غَدُكَ .
• طهِّرْ قلبك من الحسدِ, ونقِّهِ من الحقدِ , وأخرجْ منه البغضاء , وأزلْ منه الشحناءَ.
• اعتزلِ الناس إلا من خيرٍ , وكن جليس بيتِك , وأقبلْ على شأنِك , وقلِّلْ من المخالطةِ .
• الكتابُ أحسنُ الأصحابِ , فسامرِ الكتب , وصاحبِ العِلْمَ , ورافقِ المعرفة .
• الكونُ بُني على النظامِ , فعليك بالترتيبِ في ملبسِك وبيتِك ومكتبِك وواجبِك .
• اخرجْ إلى الفضاءِ , وطالعِ الحدائق الغناء وتفرَّجْ في خَلْقِ الباري وإبداعِ الخالقِ .
• عليك بالمشي والرياضةِ , واجتنبِ الكَسَلَ والخمولَ, واهجرِ الفراغَ والبطالةَ .
• اقرأ التاريخَ ، وتفكرْ في عجائبهِ ، وتدبْر غرائبَه واستمتعْ بقصصِه وأخبارِه .
• جدِّدْ حياتَك , ونوِّعْ أساليبَ معيشتِك , وغيِّرْ من الروتينِ الذي تعيشُه .
• اهجر المنبهاتِ والإكثار منها كالشاي والقهوةِ, واحذرِ التدخين والشيشةَ وغَيْرَها.
• اعتنِ بنظافة ثوبِك وحسنِ رائحتِك وترتيبِ مظهرِك مع السواكِ والطيبِ .
• لا تقرأْ بعض الكتبِ التي تربِّي التشاؤمَ والإحباطَ واليأسَ والقنوطَ .
• تذكرْ أن ربَّك واسعُ المغفرةِ يقبلُ التوبة ويعفو عن عباده , ويبدلُ السيئاتِ حسناتٍ .
• اشكرُ ربَّك على نعمةِ الدينِ والعقلِ والعافيةِ والسِّتْرِ والسمعِ والبصرِ والرزقِ والذريةِ وغيرِها .
• ألا تعلمُ أن في الناس من فَقَدَ عقله أو صِحَّتَه أو هو محبوسٌ أو مشلولٌ أو مبتلًى ؟! .
• عشْ مع القرانِ حفظاً وتلاوةٌ وسماعاً وتدبراً فإنه من أعظمِ العلاجِ لطردِ الحزنِ والهمَّ .
• توكلْ على اللهِ وفوِّضْ الأمرَ إليه , وارضَ بحكمِه , والجأ إليه , واعتمْد عليه فهو حَسْبُك وكافيكَ .
• اعفُ عمَّنْ ظلَمَك , وصلْ من قطعَك , وأعطِ من حرمَك , واحلمْ على من أساءَ إليكَ تجدِ السرورَ والأمنَ .
• كَرِّرْ «لا حولَ ولا قوَة إلا باللهِ » فإنها تشرحُ البالَ وتصلح الحالَ , وتُحمل بها الأثقالُ , وترضي ذا الجلال .
• أكثر من الاستغفارِ , فمعَه الرزقُ والفرجُ والذريةُ والعِلْمُ النافعُ والتيسيرُ وحطُّ الخطايا .
• اقنعْ بصورتِك وموهبتِك ودخلِك وأهلِك وبيِتك تجدِ الراحةَ والسعادةَ .
• اعلم أن مع العسرِ يسراً ، وأن الفرجَ مع الكَرْبِ وأنه لا يدومُ الحالُ ، وأن الأيامَ دولٌ .
• تفاءلْ ولا تقنطْ ولا تيأسْ , وأحسن الظنَّ بربِّك وانتظرْ منه كلَّ خيرٍ وجميلِ .
• افرحْ باختيارِ اللهِ لك , فإنك لا تدري بالمصلحِة فقد تكونُ الشدةُ لك خيْراً من الرخاء .
• البلاءُ يقرِّبُ بينك وبين اللهِ ويعلِّمك الدعاء ويذهبُ عنك الكِبْرَ والعُجْبَ والفَخْرَ .
• أنت تحملُ في نفسِك قناطير النعم وكنوز الخيرات التي وهبك الله إياها .
• أحسن إلى الناس وقدمِ الخير للبشرِ ؛ لتلقى السعادة من عيادةِ مريضٍ وإعطاءِ فقيرٍ والرحمةِ بيتيمٍ .
• اجتنبْ سوء الظنِّ ، واطرحِ الأوهامَ ، والخيالاتِ الفاسدةَ ، والأفكارَ المريضةَ .
• اعلم أنك لستَ الوحيدَ في البلاءِ , فما سَلِمَ من الهمِّ أحدٌ , وما نجا من الشدةِ بَشَرٌ .
• تيقَّن أن الدنيا دارُ محنٍ وبلاءٍ ومنغِّصاتٍ وكدرٍ فاقبلْها على حالِها واستعنْ باللهِ .
• تفكرْ فيمن سبقوك في مسيرةِ الحياةِ ممَّن عُزِلَ وحُبِسَ وقتلَ وامْتُحِنَ وابتليَ ونكبَ وصودرَ .
• كل ما أصابك فأجرُه على اللهِ من الهمِّ والغمِّ والحزنِ والجوعِ والفقرِ والمرضِ والدَيْنِ والمصائبِ .
• اعلمْ أن الشدائد تفتحُ الأسماع والأبصار وتحيي القلبَ ، وتردعُ النفسَ ، وتذكر العبدَ وتزيد الثوابَ .
• لا تتوقعِ الحوادثَ , ولا تنتظر السوءَ, ولا تصدقِ الشائعاتِ , ولا تستسلمْ للأراجيفِ .
• أكثرُ ما يُخافُ لا يكونُ , وغالبُ ما يُسمع من مكروهٍ لا يقعُ , وفي اللهِ كفايةٌ وعنده رعايةٌ ومنه العَوْنُ .
• لا تجالسِ البُغضاءَ والثُقلاءَ والحَسَدَة فإنهم حُمَّى الروحِ , وهمْ رُسُلُ الكَدَرِ وحملةُ الأحزانِ .
• حافظْ على تكبيرة الإحرامِ جماعةً , وأكثرِ المُكْثَ في المسجدِ , وعوِّد نفسَك المبادرةَ للصلاةِ لتجدَ السرورَ .
• إياك والذنوبَ , فإنها مصدرُ الهمومِ والأحزانِ ، وهي سبب النكباتِ ، وبابُ المصائبِ والأزماتِ .
• داومْ على ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ . فلها سرٌّ عجيبٌ في كشف الكْربِ , ونبأٌ عظيمٌ في رفعِ المحنِ .
• لا تتأثْر من القولِ القبيحِ والكلامِ السيئِ الذي يقال فيك ، فإنه يؤذي قائلَه ولا يؤذيك .
• سَبُّ أعدائك لك وشتمُ حسّادِك يساوي قيمتَك ؛ لأنك أصبحتَ شيئاً مذكوراً ، ورجلاً مهماً .
• اعلمْ أن من اغتابك فقد أهدَى لك حسناتِه ، وحطَّ من سيئاتِك ، وجعلَك مشهوراً، وهذه نعمةٌ .
• لا تشدِّدْ على نفسِك في العبادةِ , والزمِ السنةَ واقتصدْ في الطاعةِ , واسلكِ الوسطَ وإياكَ والغُلُوَّ .
• أخلصْ توحيدك لربك لينشرحَ صدرُك , فبقدرِ صفاءِِ توحيدِك ونقاءِ إخلاصِك تكونُ سعادتُك .
• كن شجاعاً قويَّ القلبِ ، ثابتَ النفسِ ، لديك همةٌ وعزيمةٌ , ولا تغرنَّك الزوابعُ والأراجيفُ .
• عليك بالجود فإن صدرَ الجوادِ منشرحٌ وباله واسعٌ ، والبخيلُ ضيقُ الصدرِ ، مظلمُ القلبِ ، مكدرُ الخاطرِ .
• أبسط وجهَك للناسِ تكسبْ ودَّهم , وألنْ لهم الكلامَ يحبوك , وتواضْع لهم يجلّوك .
• ادفع بالتي هي أحسنُ , وترفقْ بالناسِ , وأطفئِ العداواتِ , وسالمْ أعداءُك , وكثّر أصدقاءَكَ .
• من أعظم أبوابِ السعادةِ دعاءُ الوالدين , فاغتنمْه ببرِّهما ليكون لك دعاؤهما حصناً حصيناً من كلِّ مكروهٍ .
• اقبل الناس على ما هم عليه وسامحْ ما يبدرُ منهم , واعلمْ أن هذه هي سنة اللهِ في الناسِ والحياةِ .
• لا تعشْ في المثاليّاتِ بل عشْ واقعَك , فأنت تريدُ من الناسِ ما لا تستطيعه فكنْ عادلاً.
• عشْ حياة البساطةِ وإياكَ والرفاهيةَ والإسراف والبَذْخَ فكلما ترفَّهَ الجسمُ تعقَّدتِ الروحُ .
• حافظْ على أذكارِ المناسباتِ فإنها حفظُ لك وصيانةٌ , وفيها من السدادِ والإرشادِ ما يصلحُ به يومُكَ .
• وزّعِ الأعمالَ ولا تجمعْها في وقتٍ واحدٍ ، بل اجعلْها في فتراتٍ وبينها أوقاتُ للراحةِ ليكنْ عطاؤُك جيداً .
• انظرْ إلى من هو دونك في الجسمِ والصورةِ والمالِ والبيتِ والوظيفةِ والذريةِ ، لتعلمَ أنك فوقَ ألوفِ الناسِ .
• تيقّنْ أن كل من تعاملُهم من أخٍ وابنٍ وزوجةٍ قريبٌ وصديقٌ لا يخلو من عيبٍ، فوطِّنْ نفسَك على تقبلِ الجميعِ .
• الزمِ الموهبة التي أعطيتها، والعلمَ الذي ترتاحُ له، والرزقَ الذي فُتِح لك ، والعمل الذي يناسبُك.
• إياك وتجريح الأشخاصِ والهيئاتِ، وكن سليمَ اللسانِ ،طيبَ الكلامِ ، عَذْبَ الألفاظِ ، مأمونَ الجانبِ .
• اعلمْ أن الاحتمالَ دفنٌ للمعائب ،والحلمَ سترٌ للخطايا , والجودَ ثوبٌ واسعٌ يغطي النقائصَ والمثالبَ .
• انفردْ بنفسِك ساعةً تدبِّرُ فيها أمورك ، وتراجعُ فيها نفسك ، وتتفكرْ في آخرتِك ، وتصلحُ بها دنياك .
• مكتبتُك المنزليةُ هي بستانُك الوارفُ , وحديقتُك الغنَّاءُ ,فتنزَّهْ فيها مع العلماءِ والحكماءِ والأدباءِ والشعراءِ .
• اكسبِ الرزقَ الحلالَ وإياكَ والحرامَ , واجتنبْ سؤالَ الناسِ , والتجارةُ خَيْرٌ من الوظيفةِ , وضاربْ بمالِكِ واقتصدْ في المعيشةِ .
• البسْ وسطاً , لا لباسَ المترفين ولا لباسَ البائسين , ولا تُشهرْ نفسَك بلباسٍ , وكْن كعامةِ الناسِ .
• لا تغضبْ فإن الغَضَبَ يفسدُ المزاجَ ، ويغيِّر الخلقَ ويسيءُ العشرةَ ، ويفسدُ المودةَ ، ويقطعُ الصلة .
• سافر أحياناً لتجدد حياتك ، وتطالعَ عوالمَ أخرى ، وتشاهدَ معالمَ جديدةً ، وبلداناً أخرى ، فالسفرُ متعةٌ .
• احتفظُ بمذكرة في جيبِك ترتّبُ لك أعمالَك ، وتنظمُ أوقاتِك ، وتذكرُك بمواعيدِك ، وتكتبُ بها ملاحظاتك.
• ابدأِ الناسَ بالسلامِ ، وحيَّهم بالبسمةِ ، وأعِرْهمُ الاهتمام ؛ لتكون حبيباً إلى قلوبهم قريباً منهم .
• ثق بنفسِك ولا تعتمدْ على الناس ، واعتبرْ أنهم عليك لا لك وليس معك إلا اللهُ ولا تغترَّ بإخوانِ الرخاءِ .
• احذرْ كلمة (سوف) وتأخيرَ الأعمالِ والتسويفَ بأداء الواجبِ ، فإن هذ عنوانُ الفشلِ والإخفاقِ .
• اترك الترددَ في اتخاذِ القرارِ ، وإياك والتذبذبَ في المواقفِ ، بل اجزمْ واعزمْ وتقدمْ .
• لا تضيِّع عمرك في التنقلِ بين التخصصاتِ والوظائفِ والمهنِ ، فإن معنى هذا أنك لم تنجحْ في شيء.
• افرحْ بمكفراتِ الذنوبِ كالصالحاتِ ، والمصائبِ والتوبةِ ودعاءِ المسلمين ، ورحمةِ الرحمنِ، وشفاعةِ الرسولِ  .
• عليك بالصدقةِ ولو بالقليلِ ، فإنها تطفئُ الخطيئةَ ، وتسرُّ القلبَ ، وتُذْهِبُ الهمَّ ، وتزيدُ في الرزقِ .
• اجعلْ قدوتك إمامك محمداً  فإنه القائدُ إلى السعادةِ , والدالُّ على النجاحِ ، والمرشدُ إلى النجاةِ والفلاحِ .
• زُرِ المستشفى لتعرف نعمةَ العافية , والسجْنَ لتعرفَ نعمة الحريةِ , والمارستان لتعرف نعمةَ العقلِ ؛ لأنك في نِعَم لا تدري بها .
• لا تحطمْك التوافِهُ , ولا تعطِ المسألةَ أكبرَ من حجمِها , واحذرْ من تهويلِ الأمورِ والمبالغةِ في الأحداثِ .
• كن واسع الأفُقِ ، والتمسِ الأعذارَ لمن أساءَ إليك لتعش في سكينةٍ وهدوءٍ , وإياك ومحاولةَ الانتقامِ .
• لا تُفرِحْ أعداءك بغضبِك وحزنِك فإن هذا ما يريدون , فلا تحققْ أمنيتَهم الغالية في تعكيرِ حياتِك .
• لا توقد فرناً في صدرك من العداواتِ والأحقادِ ، وبغضِ الناسِ ، وكرهِ الآخرين , فإن هذا عذابٌ دائمٌ .
• كن مهذباً في مجلسِك , صموتاً إلا من خيرٍ , طلق الوَجْهِ محترماً لجلاّسِك ، منصتاً لحديثِهم , ولا تقاطِعْهُم أثناء الكلامِ .
• لا تكنْ كالذبابِ لا يقعُ إلا على الجُرْحِ , فإياك والوقوعَ في أعراضِ الناسِ وذكرِ مثالبِهم والفرحِ بعثراتِهم وطلبِ زلاتِهم .
• المؤمنُ لا يحزنُ لفواتِ الدنيا ولا يهتمُّ بها ، ولا يرهبُ من كوارثِها ، لأنها زائلةٌ ذاهبةُ حقيرةٌ فانيةٌ .
• اهجرِ العِشْقَ والغرامَ ، والحبَّ المحرمَ ؛ فإنه عذاب للروحِ ، ومرضٌ للقلبِ , وافزعْ إلى اللهِ وإلى ذكرِه وطاعتِه .
• إطلاقُ النظرِ إلى الحرامِ يورثُ هموماً وغموماً وجراحاً في القلبِ , والسعيدُ من غضَّ بصرَه وخافَ ربَّهُ .
• احرص على ترتيبِ وجباتِ الطعامِ , وعليك بالمفيدِ ، واجتنبِ التخمة ، ولا تنمْ وأنت شبعانُ .
• قدرِّ أسوأ الاحتمالاتِ عند الخوفِ من الحوادثِ , ثم وطّنْ نفسك لتقبلَ ذلك فسوف تجدُ الراحةَ واليسرَ .
• إذا اشتدَّ الحبلُ انقطَعَ , وإذا أظلمَ الليلُ انقشَعَ , وإذا ضاقَ الأمرُ اتَّسَعَ , ولن يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ .
• تفكّرْ في رحمةِ الرحمنِ ، غَفَرَ لبغيٍّ سقتْ كلباً، وعفا عمن قَتَلَ مائةَ نفسٍ ، وبسط يده للتائبين ، ودعا النصارى للتوبةِ .
• بعدَ الجوع شبَعٌ ، وعقب الظمأِ رِيٌّ، وإثر المرض عافيةٌ ، والفقرُ يعقبُه الغنى ، والهمُّ يتلوه السرورُ ، سَنَّةٌ ثابتةٌ .
• تدبّرْ سورة ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ وتذكرْها عند الشدائدِ ، واعلمْ أنها من أعظمِ الأدويةِ عند الأزماتِ .
• أين أنت من دعاءِ الكَرْبِ (( لا إله إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا اللهُ ربٌّ العرشِ العظيم ،لا إله إلا الله ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ الكريم )) .
• لا تغضبْ إذا غضبتَ فاسكتْ و تعوذْ من الشيطانِ وغيّرْ مكانك ، وإن كنت قائماً فاجلسْ وتوضأ وأكثرْ من الذكرِ .
• لا تجزَعْ من الشدةِ فإنها تقوي قلبَك ، وتذيقُك طعمَ العافيةِ ، وتشدُّ من أزرِك وترفعُ شأنِك ، وتظهرُ صبرَك.
• التفكر في الماضي حُمْقٌ وجنون ، وهو مثل طَحْنِ الطحينِ ونَشْرِ النشارةِ وإخراجُ الأمواتِ من قبورِهم .
• انظرْ إلى الجانبِ المشرقِ من المصيبةِ ، وتلمّحْ أجرها ، واعلمْ أنها أسهلُ من غيرِها ، وتأسَّ بالمنكوبين .
شذى العصمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها