الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده :
بداية عندما نتكلم عن الفلسفة فإننا لا نقصد منها مخالفة العقيدة ، كما يظن البعض ، وإن ما يشكل على الكثير إنه يخلط ما بين ، الفلسفة بإعتبارها مفردة ؛ تعني أن يصل المرء إلى درجة الإبداع في فن من الفنون ، أو علم من العلوم ، أو بإعتبارها تدخل في مفهوم علم الكلام .
أما بشأن موضوعنا الذي نحن بصدده فإن الفقه الإسلامي يمتلك آليات جعلة منه بحق فلسفة فريدة ، لا توازيها فلسفة فقهية أخرى على الإطلاق كونه قائم على مصدرين ربانيين هما : الكتاب ، والسنة الشريفة ، إضافة إلى مصادر أخرى .. لايتسع المقام لذكرها . وبما أن الفقه الإسلامي يمتلك آليات ووسائل فإن من الواجب علينا أن نبين أهمية هذه الفلسفة وأهم ما ترتكز عليه ، ولبيان أوجه هذه الفلسفة فإنه لا يمكن تناولها من خلال حلقة أو حلقتين ،وإنما تحتاج إلى سلسلة حلقات ، وسيتم ـ إن شاء الله تعالى ـ بيانها بحسب إستطاعتنا من خلال سلسلة ما يعرف بـ ( فلسفة الفقه الإسلامي ) والذي نحتاج من خلال إستعراض جوانبه الحيوية أن نحظى بمشاركة ومداخلات الأخوة الأعزاء مسؤولي الموقع ومشرفيه وزائريه.
ولعل أهم ما يمكن أن نتناوله كبداية لهذه السلسلة هو التعرف على ( مقاصد الشريعة ) والتي تعكس في حقيقتها أهمية حياة الإنسان والمراد من سن المولى عز وجل للأحكام الشرعية ، فلا خلاف حول أن الغاية من خلق الإنسان إنما هو لغرض عبادة الله وحده لا شريك له ، ويتبع هذا الغرض السامي ، وظيفة أخرى يقوم بها الإنسان وهي إعمار الكون ، والمتأمل لهاتين الوظيفتين ، ولطبيعة خلق الإنسان ، يجد أنه ثمة آلية دقيقة ، وفلسفة عجيبة ، تتطلبها تحقيق هذه النتيجة السامية ؛ فنجد أن تقسيم المقاصد إلى ثلاثة أقسام تنسجم مع طبيعة تكوين الله ـ سبحانه وتعالى ـ وخلقه للإنسان والتي ثمثل في مجملها الجانب النير في حياته ، والتي لا تستقيم حياة الإنسان إلا به وهي حفظه للظروريات التي عبر عنها الفقهاء بالظروريات الخمس ، ويليها الحاجيات ، ثم الكماليات ، وأرى أن هذا التسلسل لمقاصد الشريعة قد راعى حال الإنسان وخلقته بإعتباره مخلوق و مكلف .
هذا ما يتسع المقام لذكره ، وسيتم إن شاء الله إكمال هذا الجانب في وقت لاحق تحت سلسلة في فلسفة الفقه الإسلامي .
والله ولي التوفيق ،،،
التوقيع
عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــقاب