الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين ، نبينا محمد
و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :
عباد الله اتقوا الله حق تقاته و صِلوا ما أمر الله به أن يُوصل
من حقوقه وحقوق عباده، فصلوا أقاربكم الذين أمركم الله بوصلهم من جهة
آبائكم وأمهاتكم، فإن للأقارب حقوقاً واجبة على عباده المخلصين، موجبة
لرضا رب العالمين، لقد رتب الله - تعالى - على صلة الأرحام والأقارب
أجوراً عظيمة ومكاسب كبيرة في الدنيا والآخرة، فالقيام بحقوقهم من
أعظم ما يقربكم إلى الله - تعالى -ويوصلكم إلى رحمته وفضله وواسع منّه
وكرمه، قال الله - جل وعلا - ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )
أي اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفي الصحيحين من حديث
أبي هريرة قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليصل رحمه))
أيها المؤمنون إن من فضل الله - تعالى -علينا أن جعل صلة الرحم سبباً
لطول العمر وكثرة الرزق ففي الصحيحين قال - صلى الله عليه وسلم -:
((من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه))
فصلة الرحم يا عباد الله سبباً لسعة الرزق، وطول العمر، والمباركة
فيه،فسارعوا إلى صلة أرحامكم، وصلوهم بكل خير وبر، إن الواصل
لرحمه أيها المؤمنون هو الذي يسعى في إيصال كل خير إلى أقاربه، ودفع
كل شر عنهم بحسب الطاقة والوسع.
فصلوا يا عباد الله أرحامكم وأقاربكم بكل بر بالزيارة والهدية والنفقة
والمساعدة، صلوهم بالرأفة والحنان ولين الجانب والإبتسامة والإكرام
والاحترام، صلوهم بالنفقة بما لهم في الأموال من الحقوق واحتسبوا أجر
ذلك عند الله - تعالى - فإن الله لا يضيع عمل العاملين، واعلموا أنه كلما
قربت الصلة تأكد الحق وثبت الواجب، وزادت الحقوق والواجبات،
أيها المؤمنون إن صلة الرحم حق ثابت للأقارب ولو جاءت منهم الإساءة
وبدت منهم القطيعة، فالواجب على الإنسان أن يصل رحمه ولو قطعوه،
وأن يحسن إليهم ولو آذوه ، ففي الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الواصل بالمكافئ ولكن
الواصل مَن إذا قطعت رحمه وصلها))
فاحذروا عباد الله من قطيعة الرحم فإنها من أسباب لعنة الله وسخطه
وعقابه قال الله - تعالى ـ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )
ويقول - جل وعلا -( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا
اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )