[ALIGN=CENTER]
[ALIGN=center]
هاهي الدنيا تكتظ بالسكان.. وبعد ليل طويل استيقضت الشمس وفتحت عيناها
لتصدر أشعتها الساخنة فيذوب الليل تصاعدياً نحو السماء ..
وأخذت الشمس تراقب البشر .. وتسمع همسات حبهم ..
و تلمس مشاعر صدقهم .. وتعايش أحلامهم ..
فاستهوتها تلكـ العلاقة الطاهرة استهوتها الصداقة ..
فحاولت مرات و مرات أن تصاحب البشر .. !
و لكنها حارت في إرضاء رغباتهم.. فهم في الشتاء يهرعون لها ..
ويطلبون قربها ..
أما الصيف فيذمونها.. و يهربون من مواجهتها ..
فأدركت أن العلاقة مع البشر .. ليست إلا....
علاقة دفئ و ضوء .. فرضت عليهم منذ آلاف السنين ..
فقررت أن تنظر إلى مجراتها الواسعة المليئة بالكواكب و الأجرام ..
فلمحت لمعة في السماء .. لتعلم أنه القمر و أخيراً هاهي تجد رفيقاً لدربها و
أصبحت تسير في سرعة لتصل إليه فتحادثه و تسامره ..
ولكن هاهو القمر يهرب من مواجهتها.. لتشرق الشمس في كل يوم من مشرق الأرض ..
باحثة عن القمر في أرجاء السماء .. و تصل إلى مغرب الأرض ولم تجده بعد فتغرب
في منظر مؤلم و تنشر ألوان الغروب الحزينة على أرجاء السماء ..
لتجعل كل من ينظر إليها تسيل عيناه المحترقة
من لهيب آلمها دموع حارقة ..
ورويداً .. رويداً .. حتى تختفي وبذالكـ المنظر تكون قد فرضت فرضية دائمة
و أطلقت عليها ( حزن المغيب )
ثم هاأنا اليوم في صحراء الخيانة مطعونة بخنجر سرابها مُلقاة على الأرض
بعد أن تعبت من الركض خلفها الشمس وأنا
أناديها و أقول لها خذيني .. خذيني .. أيتها الشمس دعيني أبحث معكـ عن صديقه مخلصه
.
و لكنها مدبرة حزينة و غابت كعادتها ليتدرج الظلام على مرآة السماء ..
و يبادر الليل في سرد مزاياه ..
فنجوم تحتل أماكنها في السماء .. ليأتي بعد ذلكـ القمر و يجلس في مكانه
وكأنه ملكـ من ملوكـ الدنيا ..
كل ذلكـ و أنا أراقب و كفاي ملطخة بدمي .. فلقد قبضت بها على
جرحي النازف لعلي أخفف قليل من آلامه
فحادثت القمر و حادثني فقال لي :
مآبكـ يا صغيرتي وما هذه الملامح التي أراها ؟
فقلت : سأخبركـ بشرط أن تعدني بأن تلتقي مع الشمس
و تحقق رغبتها التي عاشت من أجلها سنوات طويلة ....
فقال : حسناً .. حسناً ..
فقلت ....
آه يا نديمي .. يا قمر .. كانوا لي كالحياة بعد الموت .. كالشفاء بعد السقم ..
كانوا السعادة عند الحزن .. كانوا .. و كانوا ..
ثم خانوا و باعوا .. و تركوا لي هذا الجرح النازف .. و وقعوا عليه باسم ( صديقات )
ولان بعد أن عرفت حكايتي عليك أن تذهب إلى الشمس التي طالما ضحت من أجلكـ ..
فضحكـ مني ساخراً ..
وقال ..
صديقة .... و ضحت .... تبدين صغيرة ولا تفهمين معنى التضحية
فأجبته .. بلى .. أفهم ..
أن الشمس تمدكـ بالضوء ليعكسه لسطحكـ المعتم فتظهر بهذه الروعة ..
و تكون لأجمل بين نجوم السماء ..
هل تعلم بأنكـ بسبب جمالكـ أصبحت مصدر إلهام العاشقين ..
وأن ملكات جمال الأرض يقعن في مقارنة خاسرة أمامكـ ..
فتوصف أنت بالجمال و الروعة .. وتوصف هي بالحرارة و الهجير ..
كل ذلكـ بفضل الشمس أليست تلكـ قمة التضحية ..
فقال لي : لقد لبس صديقاتكـ قناع الحب و الوفاء ثم خلعوه في لحظه حاسمه
لتظهر هويتهم الحقيقة ..
فلماذا لا تكون تضحية الشمس من هذا النوع ..
أن التضحية في نظري أن تتخلي عن الصداقة في سبيل أن لا تدعي
الفرصة لأي شخص أن يخلع القناع
الذي على وجهه فتكون الدنيا كلها وفاء و جمال و تضحية ..
آه لو تعلمين إني أرى مثلكـ الكثير .. و الكثير ..
ففي ضوء الشمس تختفون أيها البشر خوفاً من أن يكشف الضوء حقيقتكم ..
أو أن يسطع ضوءها على قصصكم فتجعلها تتبخر .. و تفوح .. و تنتشر رائحتها ..
فيشم أخباركم كل من في الأرض ..
فإذا جاء الليل كشفتم أسراركم .. و ارتكبتم جرائمكم .. و خذلتموني ..
فيزداد إصراري و عزمي .. على أن أبعد عن الشمس كل ما أراكم ..
ثم سار نحو الغرب الآن الشمس أتت من الشرق وهاهي الشمس
تواصل بحثها عن القمر على أمل اللقاء به ....
أما أنا .. فسوف أخمد جراحي و أسير رفيقة للوحدة ..
آه .. أيتها الوحدة .. كم نهرب منكـ .. و نبعد عنكـ فإذا خان بنا الصحاب ..
و غدر بنا الأحباب ..
لم نجد في هذا الكون سواكـ ..
كم أنتِ وفية ..
كم أنتِ وفية أيتها الوحدة ..
سارة الشهري
[/ALIGN]
[/ALIGN]