العودة   منتديات عتيبه > الأقسام العامة > المنتدى العام

المنتدى العام المواضيع العامة والمنقولات والحوادث اليومية وأخر المستجدات العربية والدولية

 
كاتب الموضوع راعي السويدى مشاركات 11 المشاهدات 2090  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 10-24-2005, 03:48 AM   #1
معلومات العضو
عضو جديد

رقم العضوية : 2039
تاريخ التسجيل: Oct 2005
مجموع المشاركات : 4
قوة التقييم : 0
راعي السويدى is on a distinguished road
قصة عجيبه على احدى نساء العصمه

العدد 305 السنة 27 جمادى الآخرة 1423هـ سبتمبر 2002م
المجلة العربيه
يخرج الحي من الميت

منذ أكثر من قرن ونصف، كانت قبائل عتيبة قد انحدرت إلى نجد من الحجاز من أجل المرعى، وبسبب ما حصل في ديارهم من قحط، كما هي عادة قبائل الجزيرة، منذ قديم التاريخ، ترحال وتقاتل من أجل البقاء على أنعامهم وحمايتها.. كما قال الشاعر الجاهلي منهم:

وأحياناً على بكر أخينا

إذا مالم نجد إلا أخانا

وكان (العُصمة) قد سكنوا قرية سنام في عالية نجد، ويتداول كبار السن منهم قصة هي من عجائب قدرة الله، مما يقوي رابطة المخلوق بالخالق، الذي يسوق العبر والآيات، لتتعظ النفوس، وترق القلوب.. ولله في خلقه شؤون سبحانه.

ففي سنة من السنين تهيأ جمع من أهل هذه القرية، والقرى المجاورة، للمسيرة إلى مكة المكرمة، لأداء فريضة الحج، على مختلف الأعمار: رجالاً ونساء.

وكانت طرق الحج آمنة في أيام الإمام فيصل بن تركي، والناس يتكاثر جمعهم في مسيرة الحج عندما يتوفر الأمن، وتتيسر السبل.

وكان بين النساء القاصدات الحج، مع محارمهن امرأة حامل في شهورها الأخيرة، ونساء ذلك الوقت مع صلابتهن وتحملن، لا يثنيهن الحمل عن العمل: فلاحة وأعمالاً شاقة في الحواضر، ورعياً للأغنام وتربيتها وسقياها مع الأعمال الأخرى في البادية.

أحسّت «غزيّل» وهذا هو اسم تلك المرأة الحامل ببدايات الطلق، ويزيدها ألماً وشدة. مواصلة السير على ظهور الإبل، أياماً متطاولة، يتواصل فيها سير النهار، مع سرى الليل، وتحاملت على نفسها، فلم تبدِ لمن حولها شيئاً، خوفاً من إرباك القافلة في مسيرها، أو أن تتحمل ما يعكر صفو الركب في اتجاهه نحو بيت الله الحرام.. ذلك أن نساء ذلك الجيل، لا يبدين الشكاية فيما هو من خصوصياتهن لأحد، غير أكبر العجائز ممن يحيط بالمرأة: حياء وتربية.

اشتد الأمر على «غزيّل» وظهر الإجهاد عليها، بشيء لم يكن مما اعتادته النساء من حولها، اللواتي كن يهوّنّ الأمر، وأن هذا يمر بكل امرأة، فطالما رجعت مثيلاتها في العشيّ، تسوق أغنامها، وقد حملت مولودها الذي جاءها في ذلك اليوم على كتفها.. حيث لا معين لها إلا الله.. تلد كما تلد أغنامها، وقد ترتاح أياماً ليخلفها غيرها في رعي الأغنام.. وقد لا تحتاج لذلك. فهن يعشن حياة قاسية، عوّدت على الصلابة والتحمل.

لكن «غزيّل» تحوّل ألمها إلى غيبوبة.. مما أفقدها السيطرة على نفسها، فلم يسع القافلة إلا التوقف، والنزول عند أقرب مورد ماء، والطلب ممن لديه من النساء المتقدمات في السن قدرة وخبرة على مساعدتها على ما تعانيه.. إعانتها بما يخفف عنها ما تجد.

أقاموا معها يومين، لكن المخاض لم يزدد إلا شدة، وتعسرت ولادة «غزيّل» وأصبح وضعها يزداد سوءاً، فتدارسوا الأمر، وهي لا تدري من أمرهم شيئاً.

وخوفاً من فوات الحج على الجميع، استقر الرأي على تهيئة هودج خاص بها، ويكون معها فيه امرأة تشرف على حالتها.. حسب ما تعارفت عليه النساء، من وصفات شعبية، واجتهادات شخصية، بما يعرفنه من أمور النساء، فلا أطباء ولا مراكز صحية في الجزيرة ـ آنذاك ـ لتؤدي المهمة، لكي يتجهوا إليها للإعانة.

حملوا هودجها على أطوع ما لديهم من الجمال.. الوئيدة في سيرها، ينتظرون بارقة من أمل.. لكن مشقة الطريق، وبُعد المسافر.. زادت الأعباء إلا على ضغث، وشعرت مرافقتها من السكرات التي تمر «بغزيّل» وما وقعت فيه من إنهاك، أن حالتها تزداد سوءاً،.. فأعطت إشارة لمن حولها بأنه لابد من التوقف، لأن حالتها دخلت منعطفاً حرجاً، تشعر معه ببروز مظاهر الموت عليها، إن لم يحصل في الأمر حالة مفاجئة.

انحرف مسير القافلة، باتجاه جبال، لا تبعد كثيراً عن الطريق، لأنهم يعرفون فيها كهوفاً، ومغارات، لتكون مثواها، إن أسلمت الروح لبارئها.. كما هي عادة أبناء البادية، بالتماس ماهو الأعجل والأسهل.. خاصة وأن بعض الأراضي تكون صلبة يصعب الحفر فيها، وتهيئة القبر المناسب.

ما إن أناخ ركب القافلة، حتى عرفوا أن «غزيل» قد فارقت الحياة، وجنينها في بطنها.. فالتمسوا مغارة ملائمة، أودعوها فيها، وسدّوا بابها بحجارة، لكي تمنع عنها عاديات السباع أو الذئاب الهائمة في الصحراء، تبحث عن أي شيء تقتات به.

توثقوا من عملهم.. ثم واصلوا السير لمقصدهم، في الرحلة التعبديّة، إلى بيت الله الحرام.. حجاجاً يلتمسون من الله المغفرة والقبول، وألسنة بعضهم تدعو «لغزيّل» بالمغفرة، لعلها تكون شريكة في الثواب من الله بالنيّة الحسنة، أن تحج معهم هذا العام.

أدّوا مناسك حجهم، والكل يذكر هذا الموقف الذي حصل، فكانت «غزيّل» في أذهانهم تذكراً، وعلى ألسنتهم تحدثاً، وعلى ما حصل لها ترحماً ودعاء.

انصرفوا من حجهم، ميممين ديارهم، وعند الاقتراب من تلك الجبال، طرأ لزوج «غزيّل» وأقرب الناس إليها، فكرة أفصحوا عنها.. وذلك بالتعريج على الكهف، والاطمئنان على ساكنته، من عادية الذئاب، أو بعض سباع البراري وهوامه.

لقيت الفكرة قبولاً من بعضهم، لأن الألم بفجيعة «غزيّل» لم يندمل جرحه، وعزوفاً عن من لم يهتم بالأمر على اعتبار الموت من الأمور المألوفة، ومن ذهب لا يتبع ولا يسأل عنه.

لكن مع الأخذ والرد، أثناء المسيرة، قوي الرأي الأول، وفاء لمن ذهب، ومجاملة لمن طلب.

وصل هذا الموكب بأكمله سفح الجبل، فصعد الزوج، وبعض المؤيدين له، والمتعاطفين معه، إلى المغارة، فوجدوا الردم الذي عملوه لم يتغير، وأطل زوجها من إحدى فتحات الطيّ.. فرأى أمراً عجباً، لقد رأى زوجته، وعلى صدرها غلام يرضع من ثديها.. الذي لم يحجبه ثوب ولا غيره، فراقبه فإذا هو كلما شبع أطلقه، وإذا أحس بالجوع تناوله.

أبلغ من حوله بما رأى فصاروا يحسون ويشاهدون بمثل ما رأى، أزاحوا الرّدم ظانين أن الأم لاتزال على قيد الحياة.. خاصة وأنهم رأوا عيناً واحدة من عيونها مفتوحة تنظر إلى الغلام، والأخرى مغمضة.

نادوها باسمها فل تجب، حرّكوها فلم تتحرك، فظنوها في غيبوبة.. خاصة وأن ثديها يتفجر لبناً، فالغلام يتردد عليه ليكفيه طعاماً، أما الآخر فهي مضطجعة عليه.

انتظروا وقتاً يتعجبون فرأوا المولود عندما يشبع يخلد إلى الراحة، وينام بجوار أمه، لكن اضطجاعها لم يتغير، ويديها لا تنعطفان عليه حنواً أو مساعدة.

توجس فريق من القافلة، أن في الأمر حدثاً، بطول مكث هؤلاء الرهط، من رجال ونساء، عند الكهف، فساورتهم الظنون، وصعد سرعانهم إليهم في كهفهم مستطلعاً النتيجة، وباحثاً عن السبب الذي أبطأ بمكثهم.

وقف عليهم فإذا هم واجمون ينظرون، فاستطلع النظر معهم، فرأى ما أذهله، وبدأ يفرك عينيه لعل المنظر الذي حسبه من ارتداد البصر، يتغيّر.. وصعّد وصوّب مرة بعد أخرى فإذا الأمر حقيقة، وإذا بصبي في صحة جيدة، نائم بجوار أمه، والأم تشبه النائم، فهل يعقل أن تكون بقيت على قيد الحياة، تلك الأيام التي غبنا عنها، بدون طعام ولا شراب.. وكيف يتغذى هذا المولود من ثدي أم قد فارقت الحياة، ولم تتناول طعاماً منذ أمد ليس باليسير

تحسّسوا الأم، فإذا جسمها بارد، ولا حركة فيه، فأيقنوا بوفاتها، وقرروا أخذ الصبي معهم، وما أن انتزعوه من جوارها، وحملوه معهم، حتى رأوا العين المفتوحة تغمض كأختها.

أعادوا الرّدم على الكهف، أجود مما كان، وتركوها تخلد فيه، كما يخلد الموتى في قبورهم.. ثم عرّجوا على صحبهم، وأخبروهم بما رأوا، وتعجب الجميع من ذلك الأمر الذي لا يمكن تصديقه لو لم تكن حقيقته ماثلة، حيث سهّل الله ولادتها، بعدما خرجت الروح من الجسد، ويسّرت عناية الله القادر على كل شيء، خروج الصبي من بطن أمه بعدما أودعت هذا الكهف.. لأن الله سبحانه يخرج الحي من الميت، ويحيي الأرض بعد موتها.. ثم لأن الله أراد له حياة، فقد هيأ الله له من أسباب الحياة ما أعانه على البقاء حتى جاء من يأخذه.. فقد كانت عين أمه المفتوحة تنظر إليه كأنها يقظة في الحياة ليأنس بها، ولتحفظه بحفظ الله، وبقي ثديها مستمراً في عطائه باللبن، حتى يجد هذا المولود في كهف بعيد عن البشر ما يقيه، لأن الله قد تكفل به، وإذا أراد الله سبحانه شيئاً هيأ له أسبابه.

تولت النسوة رعاية هذا الغلام حتى كبر، وشبّ عن الطوق، فكان له فيما بعد نسب تعاقبوا، وصار قومه يتناقلون هذه الحكاية الغريبة، ولا غرابة فيما يريده الله سبحانه.. ولكنها للعظة والتدبّر.

أما «غزيّل» فلم تنفك سيرتها عن ألسنة النساء، جيلاً بعد جيل، لأنها كانت ذات منهج مستقيم في تعاملها مع الجميع، بالأدب وحسن الخلق، وحبّ للصدقات ومساعدة المحتاج.. على قدر ما تعلمت من أمور الدين.. وخاصة في أيام السنين، وما أكثرها في البيئة الصحراوية ذلك الوقت، عندما يتأخر المطر، فتجف الآبار، وتعبّر الأرض بانعدام المرعى، الذي هو قوام الماشية، وسرّ نمائها، ولله في سياق العجائب حكمة بالغة، حيث ذكر ابن كثير في تاريخه، نماذج من ذلك، وغيره من المؤرخين، والوعاظ، لترقيق القلوب.. وتمكين رابطتهم الإيمانية بالله عز وجل.

راعي السويدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مناظر طبيعيه ..بس .. عجيبه نيران منتدى الصور والرسومات 3 10-04-2010 07:45 PM
من احدى قصص الفارس خلف بن دعيجا العاذرية نُونْ وَ مَا يَسْطُرُون 4 04-17-2008 01:01 AM
مدير احدى القنوات مع ....! محمد العتيبي منتدى الصور والرسومات 8 09-25-2006 12:29 AM
صوووور عجيبه نوف منتدى الصور والرسومات 8 01-24-2006 07:23 PM
مسجات عجيبه نيران منتدى الجوالات والاجهزة الذكية 3 10-14-2005 01:48 PM




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها