العقل! هل هو في الدماغ أم القلب؟!
=====
كثيرٌ منَّا يتساءل!
هل العقل في الدماغ أم القلب؟
والجواب المتبادر والمتعارف عليه بيننا -إلا من رحم الله- أنه في الدماغ.
فهل هو فعلاً في الدماغ؟
إليكم هذه الفائدة التي وقفت عليها في كتاب شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح العثيمين، وقد استفدتُ منها، وأحببت إفادتكم بها، لتتبدد الشبهة ، ويتضح الجواب.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين (*):
" .. يعني هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب؟
جـ- هذه مسألة أشكلت على كثير من النظار الذين ينظرون إلى الأمور نظرة مادية لا يرجعون فيها إلى قول الله، وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وإلا فالحقيقة أن الأمر فيها واضح، أن العقل في القلب (!)، وأن القلب في الصدر {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46]، وقال: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46]، ولم يقل: القلوب التي في الأدمغة (!).
فالأمر فيه واضح جدًّا، أن العقل يكون في القلب، ويؤيد هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
فما بالك بأمر شهد به كتاب الله، والله هو الخالق العالم بكل شيء، وشهدت به سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟!.
إن الواجب علينا إزاء ذلك؛ أن نطرح كل قول يخالف كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن نجعله تحت أقدامنا، وألا نرفع به رأسًا.
إذن، القلب هو محل العقل، ولا شك، ولكن الدماغ محل التصور، ثم إذا تصورها وجهزها بعث بها إلى القلب، ثم القلب يأمر أو ينهي، فكأن الدماغ "سكرتير" يجهز الأشياء ثم يدفعها إلى القلب، ثم القلب يأمر أو ينهي، وهذا ليس بغريب {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] وفي هذا الجسم أشياء غريبة تُحار فيها العقول.
وأيضًا قلنا هذا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا صلحت صلح الجسد" فلولا أن الأمر للقلب، ما كان إذا صلح صلح الجسد، وإذا فسد، فسد الجسد كله.
إذًا: فالقلوب محل العقل والتدبير للشخص، ولكن لا شك أن لها اتصالاً بالدماغ، ولهذا إذا اختل الدماغ فسد التفكير، وفسد العقل (!) فهذا مرتبط بهذا، لكن العقل المدبر في القلب، والقلب في الصدر:{ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
(*) شرح رياض الصالحين- للشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، المجلد الأول- باب المراقبة- ص: 179.