لك الله أيها الرجل الطفل !
أيعقل أن يكون رجلاً وطفلاً في آن واحد ؟!
إنها صورة محزنة لبعض الشباب الذين تخطوا مرحلة الطفولة إلى غير رجعة وما زال الآباء يمارسون عليهم معاملة الطفل الصغير الذي لا يجيد إلاَّ الدلال والدلع وأن يكون كلاً على غيره عالة على سواه .
فتراه مهزومًا من الداخل ، فاشلاً في مواجهة الأزمات ، مخذولاً في اتخاذ القرارت ، متحيرًا فيما يعرض له من عقبات وصعوبات ، عاجزًا عن مصارعة الحوادث ومقارعة النوازل ومقاومة المعوقات .
لأنَّه تربى على ذلك ، وتلك جريمة في حقه لا تُغتفر !
إنها صورة مشوهة لطفل في مسلاخ رجل ، يبكي عند كل نازلة ، ويعجز عند كل معضلة ، ويهاب أن يواجه أيَّ مشكلة ، فجميع رغابته محققة ، وكل طلباته مجابة ، وكل حاجياته موفرة ، فلماذا يكد عقله أو يعمل فكره أو يجهد بدنه في أمور تأتي إليه دون عناء أو بلاء ؟!
إنها سوءة يمارسها بعض الآباء حبًّا في الأبناء ، وهم لا يشعرون أنهم يسلبونهم شخصياتهم ، ويفقدونهم كيانهم ، ويحرمونهم حق التجربة والدربة ، حتى يبلغ الحال بالوالد المشفق أنه لا يعتمد على ولده في شراء متاع بريال ، ولا يثق به حتى في أدق أموره الشخصية .
فكيف لهذا الابن المخذول أن يواجه الرجال أو مواقف النزال ؟!
إن التجارب تصقل المواهب ، والنفوس تقبل الدروس ، ودرر المعاني تؤخذ من ألم المعاناة ، ونحن نحتاج أن نتوجع لنبدع ، ونتلوع لنخترع .
فمتى يفقه الآباء أهمية زرع الثقة في أنفس أبنائهم ؟ ومتى يعودونهم على الاعتماد ـ بعد الله ـ على أنفسهم ؟
أيها الأحبة !
إن الطفل الذي تعود كلما جاع صاح وولول ، فجاء إليه والده وهرول ، ليضع الملعقة في فيه سيموت جوعًا إذا فقده ، وسيظل يبكي ـ من عجزه ـ حتى تفلق كبده لأنه لم يجده !