موقف الحوثيين من الهوية الزيدية
تمت الإضافة بتاريخ : 11/12/2013
v\:* {behavior:url(#default#VML);}o\:* {behavior:url(#default#VML);}w\:* {behavior:url(#default#VML);}.shape {behavior:url(#default#VML);}موقف الحوثيين من الهوية الزيدية
إعداد/ عبد الرزاق سعيد سند
لم يعتنِ الحوثيون بالمذهب الزيدي برغم زعمهم الانتماء إليه مذهباً وعقيدة، وظهورهم به أمام الملأ لتحسين صورتهم، وإنما سعوا إلى إلغائه على أرض الواقع، فلم يعد هناك مرجعية لمسند الإمام زيد بن علي، أو أمالي أحمد بن عيسى بن زيد، أو غيرهما من الكتب المعتمدة عند الزيدية، سواء الكتب الحديثية أو العقدية أو الفقهية.
ملازم حسين الحوثي هي المرجعية الوحيدة:
جعل الحوثيون منذ بداية ظهورهم من ملازم حسين الحوثي منهجاً وطريقاً، بل واعتبروها الركن الركين والحصن الحصين الذي لا يمكن الاستغناء عنها، أو الاعتماد على غيرها.
ورأوا أن الثقافة القرآنية- كما يحلوا لهم تسميتها- التي رسمها لهم حسين الحوثي في ملازمه، ومحاضراته التي ألقاها قبل عشر سنوات، هي المنهجية العملية الجامعة للأمة حسب قولهم([1])، بل ظل عبد الملك الحوثي يشرح المشروع القرآني الذي وضعه حسين الحوثي في خطابه الذي ألقاه يوم الدفن بتاريخ 6/6/2013م.
وظل الإنشاد يعزف في قنواتهم عن مشروعه القرآني بقولهم: أنقذ بها أجيالاً من واقع تيهٍ وهوان، وأنار لهم درب جهاد فيه العزة للإنسان، ورسم للأمة نهجاً تشرق من هدي القرآن، كي تحيا عزاً وجهاداً وإباءاً عبر الأزمان([2]).
ولا تخلوا برامجهم الدينية أو السياسية في قنواتهم من الاستشهاد بكلام حسين الحوثي([3])، بل لا يمكن لأي صحيفة أو مجلة تابعة لهم أن تصدر بدون إضاءة أو كلمات من نور، أو حقائق وأحداث،-كما يسمونها- من كلام حسين الحوثي([4]).
وفي المعرض الدولي للكتاب عام 1433هـ، وعام 1434هـ بصنعاء لا يوجد في عرض الحوثيين المكتبي، غير ملازم حسين الحوثي، باستثناء بعض الكتب القليلة جداً، بل كانوا يسعون إلى توزيعها في المعرض الدولي مجاناً، وبدون أي مقابل.
والعجيب أن الحوثيين قد جعلوا أناساً متخصصين، في فكر وملازم ومحاضرات حسين الحوثي، يظهرونهم في إعلامهم لمناقشة ماذا يقصد حسين الحوثي بكلامه في ملازمه ومحاضراته، ومنهم المتخصص الشهير (يحيى قاسم أبو عواضة)([5]).
وقد ذكر الأمين العام السابق لمنتدى الشباب المؤمن محمد سالم عزان هذه المنهجية بقوله: ظهرت شعارات حسين بدر الدين الحوثي وشيئاً فشيئاً، فإذا بأنصاره يظهرون حالة من المبالغة في تقديس الملازم التي كانت تفرغ من أشرطة صوتية، بشكل بالغ الغرابة لمن يعرف فكر الزيدية...وأكد عزان أنه بعد اطلاعهم على تلك الملازم وجدوا فيها كثيراً مما لا يقروه ولا يتفقوا معه([6]).
لابد من تصحيح الثقافة الزيدية:
هكذا يصدّر الحوثيون كلامهم، حيث يقول قائدهم حسين الحوثي:" بصراحة أقول هذه: إن الزيدية لا يتوقع أن تنهض إلا إذا نظرنا نظرة موضوعية لنصحح ثقافتنا"([7]).
إذاً لابد من تصحيح الثقافة الزيدية وغرس المفاهيم الحوثية، من خلال إبعاد الناس عن القرآن، ومنهج أهل البيت، والمذهب الزيدي، وتعظيم حسين الحوثي وملازمه.
ويصف حسين الحوثي بعض أئمة الزيدية بأنهم غير أكفاء لمنصب الإمامة فيقول:" فظهر لنا أئمة حتى داخل الزيدية ليسوا جديرين بأن يحكموا الأمة، وصُدِّروا في تاريخنا كأئمة من أهل البيت وليسوا كاملين ولا مؤهلين فعلاً"([8])
ولكي يتسنى للحوثي وأتباعه طمس المعالم والتراث الزيدي وعدم اعتماده كمرجعية للزيدية، أظهر ما يسمى بــ(المسيرة القرآنية)، ولا أدري ماذا يقصد بالمسيرة القرآنية التي يرفعها.
فهذا أحد القيادات الحوثية يظهر في قناة المسيرة واصفاً القرآن والسنة بأنهما ينفعان كمصدر للتعامل فقط مثل الأشياء التفصيلية، لكن كمتمسك من الضلال، كمعتصم للإنسان حتى يخرجه من هذا الضلال فإنهما لا ينفعان([9]).
ويأتي آخر فيقول:" القرآن قُدم كتاباً مبتذلاً، لم يعد له ارتباط بقرنائه من أهل بيت النبي([10]) صلوات الله عليه وعلى آله، وبالتالي طلع القرآن عمى ليس فقط كتاب ناقص وإنما عمى"([11]).
فهل هذه هي المسيرة القرآنية التي يعتمدها الحوثي وأتباعه بقولهم: أن القرآن لا ينفع، وأنه ناقص بل كتاب عمى لا كتاب هدى.
ولكي يتسنى طمس الهوية الزيدية، تم تسمية أنصار الحوثي بـــــ(أنصار الله) ولا شك أن هذا الاسم هو أفضل من اسم الزيدية، التي قال عنها حسين الحوثي: لابد من تصحيح ثقافتها.
والعجيب أنك إذا أردت مناقشة أحد الحوثيين بما في الكتب المعتمدة عند الزيدية كمسند الإمام زيد رحمه الله، لم يسلم لك بما تقوله، لعدم الاعتراف بمثل هذه الكتب عند الحوثيين.
موقف الزيدية من هويتهم وتراثهم:
تعد الكتب الحديثية والفقهية القديمة([12]) في المذهب الزيدي من المراجع المعتمدة في المذهب، وكان أئمة أهل البيت من الزيدية يدارسون تلك الكتب فمنهم الشارح لها، ومنهم المختصر، ومنهم المبين، ولم يكن يخطر ببال أحد من علماء الزيدية ترك تلك المراجع، واعتماد من يزعم الانتماء إلى الزيدية على ملازم من لم يدرس ويتعلم إلا الشيء القليل([13])، بل لا يمكن أن يقارن علم هذا بعلم أولئك السابقين، من أهل البيت([14]).
ولذلك كان اعتماد متقدمي الزيدية ومتأخريهم على تلك المراجع المعتمدة في المذهب، والتي كانت تعد أصولاً للمذهب الزيدي.
فهذا مجموع الإمام زيد بن علي على سبيل المثال، يقول عنه المحدث أحمد بن يوسف بن الحسين المتوفى 1191هـ:" مجموع الإمام الأعظم...جدير أن يرقم بسواد العيون، وأن ترجع إليه أعلام العترة المتقدمون والمتأخرون"([15]).
وقال الإمام عز الدين بن الحسن، المتوفى سنة900هـ: والمجموع الفقهي متلقى بالقبول عند أهل البيت عليهم السلام، وهو أول كتاب جمع في الفقه([16]).
ولأهمية هذا الكتاب العلمية والحديثية عند الزيدية، فقد قام بشرحه والتعليق عليه عدد من أئمة الزيدية وعلمائها([17]).
فكيف يأتِ اليوم من يقول لابد من تصحيح ثقافة الزيدية، وتغيير هويتها، ثم يزعم الانتماء إليها، والظهور أمام الناس بثوبها.
لماذا ترك الحوثيون الهوية والتراث الزيدي:
هناك أسباب عدة جعلت الحوثيين يميلون عن الهوية والتراث الزيدي، واعتماد الثقافة القرآنية -حسب زعمهم- كمرجع يرجعون إليها، منها:
1- الرجوع إلى الحكم:
لا شك أن الدولة الزيدية حكمت اليمن ما يقارب أحد عشر قرناً من الزمنإلا أنها كانت في بعض المراحل تنكمش على محافظة صعدة وما جاورها، وفي بعضها تتوسع أكبر حتى يصل امتدادها إلى اليمن الأسفل، باستثناء بعض العقود، لكنها بالمجموع العام كانت حاكمة.
أراد حسين الحوثي إرجاع الحكم الإمامي في اليمن، لكنه وجد أن المذهب الزيدي قد التحم بالمذاهب الأخرى، وتعايش الناس مع بعضهم، خاصة بعد قيام الجمهورية اليمنية، -وهذا هو الأصل-، ولكي يتسنى له الرجوع إلى الحكم، فلابد من الظهور بالمظهر المغاير لما عليه الزيدية الهادوية، من أجل إرجاع المجد التليد.
2- استجلاب الدعم الإيراني والشيعي:
لا شك ولا ريب أن إيران والشيعة في البلدان العربية والإسلامية، تدعم الحوثيين بالمال والسلاح، وهذا لم يعد خافياً على أحد، ومن أجل استمرار هذا الدعم؛ فلابد من متابعتهم فيما يذهبون إليه من عقائد ومذاهب، ولكن بالتدرج باسم الثقافة القرآنية التي أسسها حسين الحوثي، حتى لا يُنكر عليه من قبل أتباعه الذين هم في الأصل من أتباع المذهب الزيدي في الغالب.
وللعلم فإن إيران لا تدعم الحوثيين من أجل نشر المذهب الزيدي وإنما لنشر أفكارها الاثني عشرية، وَوَاهم من يظن أن إيران تدعم الحوثيين من أجل نشر المذهب الزيدي.
3- الانفراد بالكعكة كاملة:
كانت اليمن في صراعات مستمرة إيام الحكم الإمامي بين الأسر الهاشمية، لادعاء كل أسرة أن الحق لها في الحكم دون غيرها، ولكي يتسنى للحوثي حكم اليمن بدون منافس من الأسر الهاشمية، أظهر حسين الحوثي ما يسمى بــ: الثقافة القرآنية التي تبناها، ومن هنا فلا شرعية لأي أسرة هاشمية بهذا الحق، إلا لآل الحوثي فقط.
4- لتحاشي ما سيقع عليه من إنكار علماء المذهب:
لا شك ولا ريب أن الحوثي وأتباعه خالفوا المذهب الزيدي، وهم لا ينكرون هذا، بل كان هدفاً من أهداف حسين الحوثي حيث قال:" إن الزيدية لا يتوقع أن تنهض إلا إذا نظرنا نظرة موضوعية لنصحح ثقافتنا"([18])، ومن هنا فإنه لا التزام بأصول ومبادئ المذهب الزيدي.
فإن قام أحد علماء المذهب الزيدي بالإنكار الشديد على الحوثي في تغيير هوية الزيدية، وأنه لا يمثل المذهب([19])، فمن السهل على الحوثيين الرد عليه بقولهم: نحن مع الثقافة القرآنية التي انتهجها حسين الحوثي.
5- للحفاظ على كيان الحركة:
استمر التعايش الزيدي مع أهل السنة في اليمن مئات السنين، ولم تكن هناك أية مذهبية أو طائفية تجتاح المجتمعات برغم وجود هذا التمايز في المجتمع.
ولكي تحافظ الحركة الحوثية على وجودها في الساحة اليمنية، ككيان مميز عن المجتمع، قررت عدم التعايش مع الآخر إما برغبتها كما قال محمد سالم عزان عن حسين الحوثي([20]) أو بسبب عقائدها الغريبة، والدخيلة على المذهب الزيدي خصوصاً وأهل السنة عموماً.
الخلاصة:
لم يعتنِ الحوثيون بالمذهب الزيدي، بل سعوا إلى طمسه وإلغائه على أرض الواقع، فلم يعد هناك مرجعية لمسند الإمام زيد بن علي أو أمالي أحمد بن عيسى بن زيد أو غيرهما من الكتب المعتمدة عند الزيدية سواء الكتب الحديثية أو العقدية أو الفقهية، وسعوا إلى اعتماد ملازم ومحاضرات حسين الحوثي أو ما تسمى بالثقافة القرآنية، كمرجعية بديلة لهم في أمور دينهم.
وكان الهدف من هذا هو: الرغبة في الحكم، والانفراد به عن بقية الهاشميين، ولكي يستمر الدعم المالي والعسكري من إيران والشيعة.
ولكي يتحاشى الحوثيون إنكار علماء المذهب في تغيير الهوية الزيدية، سعوا إلى إعلان الثقافة القرآنية التي تبناها لهم حسين الحوثي.
موقف الحوثيين من الهوية الزيدية
تمت الإضافة بتاريخ : 11/12/2013
منقول