العودة   منتديات عتيبه > الأقسام الأسرية > منتدى الأسرة والمجتمع

منتدى الأسرة والمجتمع شؤون الاسرة ومتطلباتها التربوية والصحية والاجتماعية

 
كاتب الموضوع نفر كويس مشاركات 4 المشاهدات 5023  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 03-04-2014, 01:51 AM   #1
معلومات العضو
عضو محترف

الصورة الرمزية نفر كويس
رقم العضوية : 24847
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مجموع المشاركات : 281
قوة التقييم : 13
نفر كويس will become famous soon enough
Lightbulb اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله, فلا مضل له, ومن يضلل, فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أدى الأمانة, وبلَّغ الرسالة, ونصح الأمة, وتركها على المحجبة البيضاء ليلُها كنهارها, لا يزيغ عنها إلا هالك. صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: فإن الإسلام دين الله الخالد, الذي ارتضاه للبشرية, ويصلح به كل جانب من جوانب حياتها, الثابتة منها, والمتغيرة على مر الزمن: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14].

ولقد كانت الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس لتشرفها بحمل هذه الرسالة, والقيام بتوصيلها لغيرها من الأمم.

فيوم أن تجردت عن الأهواء, والشهوات, وأخلصت النية لله, وعملت بصدق لتطبيق أحكام الإسلام كان الله معها, فنصرها, وأعزها, وأدان لها الشرق, والغرب تنشر في ربوعهما الخير, والعدل, والسلام, وتوجه الأمور في شتى نواحي الحياة على أساس من العقيدة الصافية, والخلق الكريم, فعاش الناس في سعادة كاملة, وطمأنينة وأمان.

واليوم قد أصيبت هذه الأمة في أعز ما تملك, وهو دينها الذي أعزها الله به, فنسيت أو تناسته, وسيطرت عليها الأهواء, والشهوات, وانطلقت بسرعة البرق تأخذ ما عند الأمم الأخرى, من باطل وضلال, وتقلدهم في فسقهم, وفجورهم, وانحرافهم, تقليداً أعمى, لا تفريق فيه بين النافع, والضار. ومن أعنف مظاهر هذا التيار اندفاع المرأة المسلمة لمحاكاة المرأة الغربية في أوضاعها المختلفة وبخاصة في لباسها, وزينتها التي كان لها أكبر الأثر على غياب الفضيلة, وانتشار الرذيلة, وتفشي الانحلال, والتفسخ في المجتمع الغربي.

ومن هنا كان الاهتمام بقضية اللباس, والزينة, لاسيما وأن صرخات من يسمون بدعاة تحرير المرأة التي تصم الآذان, ومخططات التضليل الرهيبة, كل ذلك يكاد يعصف بالمرأة, ويلفها في تياره الرهيب, بل لقد أثر ذلك في كثير من النساء المسلمات.

ومن هنا أيضاً كان لابد لدعاة الإسلام الغيورين على هذه الأمة أن ينهضوا, ويهبوا لحمايتها من كل هذه الأخطار التي تهددها, فيقوموا بنصيحتها وتبصيرها بما ينفعها وما يضرها, فيبينوا لها ما جهلته من أحكام دينها, وفي مقدمة ذلك ما يتعلق باللباس والزينة.

ولما كان اللباس والزينة من الأمور الهامة التي لها أثرها البالغ في حياة المسلمين, وكنت واحداً منهم أشعر بمسؤوليتي وواجبي نحوهم, لم أتردد بعد حصولي على درجة الماجستير من اختياره موضوعاً لرسالتي في الدكتوراه خاصة وقد شجعني على الكتابة فيه, نم كان حولي من أخواني المخلصين, حيث أكدوا أن الحاجة ماسة إليه في هذا الوقت بالذات, لجهل أكثر المسلمين بأحكامه وانحرافهم مع تيار التقليد العاتي في أمور اللباس والزينة وغير ذلك من العادات والأحوال التي غزاهم بها عدوهم.

وكان لهذا التشجيع أثره البالغ في نفسي, حيث أكد لي خطورة المسألة وعظم المسؤولية, مما دفعني إلى مزيد من الدراسة والبحث لأتمكن من الإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه, خاصة وأنه لم يسبق أن عالجه أحد معالجة شاملة, وغاية ما في الأمر أن الفقهاء قديماً تعرضوا لبيان أحكامه تحت أبواب فقهية مختلفة, وأما في عصرنا الحديث, فإن ما كتب فيه لا يعدو أن يكون أبحاثاً قصيرة اقتصرت على جوانب محدودة فقط. وهذا مما شحذ همتي للعمل, فقمت بجمع شتات الموضوع, وبيان أحكامه المتناثرة في بطون كتب الفقه الإسلامي وغيرها من المصادر المختلفة, وفي خلال ذلك واجهتني صعوبات كثيرة, ولكنني بفضل الله وعونه تجاوزتها, وصبرت عليها, وبذلت جهدي في ابحث والدراسة والمقارنة حتى جاءت هذه الرسالة كما هي عليه الآن, فإن أحسنت فمن الله وله الحمد والمنة, وإن أخطأت, فمن نفسي ومن الشيطان, وحسبي أني بذلت جهدي, وأخلصت لله قصدي, فأرجوا أن يتقبل ذلك مني, وأن يثيبني عليه, وينفع به غيري.

وقد جعلت رسالتي هذه في تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة:

أما التمهيد فيشتمل على ما يلي:

1- نشأة اللباس وأهميته.

2- حاجة الإنسان إلى اللباس.

3- تطور مفهوم اللباس عند الأمم.

وأما الباب الأول فقد جعلته في أحكام العورة والحجاب, ويشتمل على ثلاثة فصول هي:

الفصل الأول: في ستر العورة وفيه مبحثان:

1- معنى العورة.

2- حدود العورة.

الفصل الثاني: ستر العورة في الصلاة وفيه مباحث:

1- الستر من شروط الصلاة.

2- صفة الساتر في الصلاة.

3- ما يحرم لبسه من الثياب في الصلاة.

4- انكشاف العورة في الصلاة.

الفصل الثالث: أحكام الحجاب وفيه مباحث:

1- معنى الحجاب وأهميته.

2- الاستئذان: معناه, قواعده آدابه.

3- غض البصر: معناه وأثره.

4- أحكام عامة في النظر بين الرجال والنساء.

وأما الباب الثاني, فقد جعلته في أحكام اللباس, ويشتمل على تمهيد وخمسة فصول هي:

التمهيد: معنى اللباس وأهميته.

الفصل الأول: أحكام اللبس وفيه مبحثان:

1- ما لا يحرم من اللباس.

2- ما يحرم من اللباس.

الفصل الثاني: لباس الصلاة وفيه مباحث:

1- لبس الرجل في الصلاة.

2- لباس المرأة في الصلاة.

3- هيئات اللباس المكروهة في الصلاة.

4- هيئات اللباس المباحة في الصلاة.

الفصل الثالث: أنواع اللباس وفيه مباحث:

1- لباس الرأس.

2- لباس الجسم.

3- لباس القدم.

4- ملابس الصوف, والكتان, والقطن.

5- الملابس الرقيقة, والضيقة.

6- الملابس المصنوعة من جلود الحيوانات.

الفصل الرابع: هيئات اللباس وفيه مباحث:

1- الاعتدال, والتوسط في اللباس.

2- حد كم اليد.

3- حد الأزرار, "أو ذيل الثوب".

4- لباس الشهرة.

5- التشبه في اللباس.

الفصل الخامس: أحكام عامة في اللباس وفيه مبحثان:

1- ألوان الملابس.

2- آداب اللبس.

وأما الباب الثالث, فقد جعلته في أحكام الزينة, ويشتمل على أربعة فصول هي:

الفصل الأول: معنى الزينة, وحدودها, وفيه مبحثان:

1- معاني ألفاظ الزينة, ومدلولاتها في القرآن.

2- حدود الزينة.

الفصل الثاني: أهمية الزينة, وفيه مباحث:

1- النظافة.

2- سن الفطرة.

3- شعر الرأس.

الفصل الثالث: زينة المرأة, وفيه مباحث:

1- الزينة الخلقية.

2- الزينة الحسية.

3- أحكام الزينة من حيث الإباحة, والحرمة.

4- الحُلي.

الفصل الرابع: زينة البيوت, وفيه مبحثان:

1- تزيينها بالآنية.

2- تزيينها بالصور والستور والفرش.

وفي ختام هذه المقدمة أرى لزاماً علىَّ أن أوفي صاحب الحق حقه وذا الفضل فضله, ومن أولى الناس بهذا أستاذي الجليل فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الغني محمد عبد الخالق, رئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون, والمشرف على هذه الرسالة, لما قدمه لي من جهد كبير, وعناية وتسديد, وتوجيه كريم, على كثرة أعماله ومسؤولياته, حتى شاء الله تعالى أن تخرج هذه الرسالة بهذا المظهر.

وإني لأضرع إلى الله عز وجل أن يجزيه عني خير الجزاء, وأن يبارك له في وقته, وأن يديم النفع عليه.

كما أشكر كل من قدم لي عوناً في بحثي هذا, سائلاً المولى عز وجل أن يجزيهم عني أحسن الجزاء.

والله أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل, وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم, ومنه سبحانه وتعالى نستمد العون, والتوفيق, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخاتمة:

بعد عون الله وتوفيقه, أرجو أن أكون قد استكملت في هذه الرسالة, بيان أحكام اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية. وفي ختام هذا البحث لابد من إبراز أهم المبادئ والأسس التي تقوم عليها فكرة اللباس والزينة في الإسلام, لأهميتها العظمى في واقعنا الإنساني الذي تعيشه ونحياه.

وهذه المبادئ هي:

1- إن اللباس من النعم الكبرى التي امتن الله به على عباده, شرعه لهم ليستر ما ما انكشف من عوراتهم, وليكون لهم - بهذا الستر - زينة وجمالاً بدلاً من قبح العُري وشناعته.

2- إن ستر الجسد من الحياء, وهو فطرة خلقها الله في الإنسان, فكل ذي فطرة سليمة يحرص على ستر عورته, وينفر من انكشافها وتعريها, إذن فستر الجسد ليس مجرد اصطلاح وعُرْف بيئي كما تزعم الأبواق المسلطة على حياء الناس وعفتهم, لتدمير إنسانيتهم وفق الخطة الصهيونية البشعة التي تتضمنها مقررات حكماء صهيون.

ومن هنا يمكن الربط بين الحملة الضخمة الموجهة إلى حياء الناس وأخلاقهم, وبين الدعوة السافرة إلى العُري الجسدي, باسم الزينة والحضارة "والموضة" وبين الخطة الصهيونية لتدمير إنسانية الإنسان والتعجيل بانحرافه, ليسهل استعباده والسيطرة عليه, فيصبح ألعوبة في أيديهم يسخرونه لخدمة مصالحهم الخاصة.

3- إن قضية اللباس والزينة ليست منفصلة عن شرع الله ومنهجه للحياة, بل إنها ترتبط بالعقيدة والشريعة بأسباب شتى:

أ- إنها تتعلق قبل كل شيء بالربوبية, وتحديد الجهة التي تشرع للناس في هذه الأمور ذات التأثير العميق في الأخلاق والاقتصاد, وشتى جوانب الحياة.

ب- كذلك تتعلق بإبراز خصائص الإنسان في الجنس البشري, وتغليب الطابع الإنساني في هذا الجنس على الطابع الحيواني, الذي هو سمة بارزة للجاهلية التي تمسخ التصورات والأذواق والقيم والأخلاق, وتجعل العري الحيواني تقدماً ورقياً, والستر الإنساني تأخراً ورجعية, وليس بعد ذلك مسخ لفطرة الإنسان وخصائصه.

4- إن الزينة الإنسانية هي زينة الستر, وأما الزينة الحيوانية فهي زينة العري, وهذه حقيقة ثابتة, لا يغيرها ولا ينقص من قدرها انقلاب الموازين في شتى الأماكن والعصور.

5- إن اللباس ليس بأداة خارجية لستر بعض أعضاء الجسد, ووسيلة لحفظه من تقلبات الجو فقط, بل جذور متأصلة في نفسية كل أمة وحضارتها ومدنيتها, وتقاليدها وسائر شؤونها الاجتماعية, فهو في واقع الأمر مظهر لتلك الروح التي تعمل عملها في جسد الأمة تلك.

6- الإسلام دين الفطرة فهو - لذلك - لا يسلك في كل شأن من شؤون الحياة إلا طريقاً يتفق مع العقل العام, ويتجاوب مع الفطرة السليمة, فهو لم يقرر للإنسان نوعاً خاصاً من اللباس أو أسلوباً خاصاً للمعيشة, ما دام قد تطور وترقى بأسلوب فطري سليم, إلا أنه وضع مجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية من الوجهة الخلقية والاجتماعية الخاصة, وهو يريد من كل أمة أن تتولى الإصلاح في لباسها وفي طريقها للمعيشة حسب هذه المبادئ والقواعد الأساسية لا غير.

ومن قواعده في اللباس ما يلي:

أ- ما يختص بملابس الرجال:

1- أن تكون ساترة للعورة, وأن تكون نظيفة ومرتبة.

2- أن يراعى فيها حد الاعتدال, فلا إسراف ولا تضييق, بحيث تتناسب ومقدار إنعام الله على عبده.

3- أن لا تكون مما نُهي الرجال عن لبسه كالحرير والذهب.

4- أن لا يقصد بها الفخر والشهرة والكِبْر.

5- أن لا تشبه ملابس النساء.

ب- ما يختص بملابس النساء:

- إن لملابس النساء من الأهمية ما يجعل الأمر بالنسبة لها أكثر دقة وأعمق تفصيلاً من ملابس الرجال.

- لقد كرَّم الإسلام المرأة وارتفع بها عن مستوى المهانة والازدراء, فهو يريدها أن تكون أداة تشييد وبناء المجتمع الذي تعيش فيه, لا أداة تخريب وهدم, ولذلك ابتعد بها عن كل ما يثير غرائز الرجل ويهبط به إلى دركات البهيمية, ومن أجل هذا فقد اشترط في لباسها ما يلي:

1- أن تكون ثيابها واسعة فضفاضة بحيث تستوعب جميع أجزاء البدن, وأن لا تبرز شيئاً منه أو تجسمه, وخاصة مواضع الفتنة منها.

2- أن تكون سميكة صفيقة بحيث لا تشف, فيظهر ما تحتها من الأعضاء.

3- أن لا تكون الملابس زينة في نفسها, كأن تكون ذات ألوان مثيرة تلفت إليها الأنظار, بل عليها أن تختار الألوان الهادئة التي تخلو من الإثارة والإغراء.

4- أن لا تشبه ملابس الرجال لمنافاة ذلك لأنوثة المرأة ووظيفتها.

5- إن الإسلام قد راعى في المرأة أنوثتها وحبها للزينة والجمال, فأباح لها ما يناسب هذه الأنوثة كالحرير والذهب, كما لم يحرم عليها اللباس الفاخر إذا كانت ممن أنعم الله عليها, بشرط عدم الإثارة والإغراء كما تقدم, وكذلك عدم تضييع أو تعطيل حق من الحقوق الشرعية.

6- لقد حرص الإسلام على المرأة حرصاً شديداً فصانها, وحافظ عليها, ولم يسمح لأحد أن ينظر إلى أي جزء من جسمها, أو يكشف عنه إلا لضرورة أو حاجة اقتضتها مصلحتها الخاصة, أو المصلحة العامة للأمة, كمداواة أو خطبة, أو شهادة مثلاً.

7- أن لا يكون لباسها شهرة, وأن يخلو عن الطيب عند الخروج من البيت, والخروج من البيت شرط في جميع ما تقدم.

8- ترك الإسلام للمرأة حرية اللباس والزينة داخل البيت للزوج, حيث الفتنة نائمة, فلها أن تختار ما تشاء من أنواع الثياب وألوانها, وأن تتزين وتتجمل لزوجها كيفما تشاء, وبهذا تحافظ على زوجها مع بقائها بعيدة عن كل ما يعرضها ويعرض المجتمع معها إلى الانحراف.

وبعد بيان مبادئ الإسلام في اللباس والزينة, لابد من كلمة نبين فيها مدى الخطر الناجم من الانحراف عن هذه المبادئ, لما نشاهده من الفساد الذي استشرى في جميع نواحي الحياة في هذا المجتمع, وذلك لابتعاد الناس عن منهج الله للحياة, وإتباعهم مناهج الشيطان, ولكي يعود لهذا المجتمع بهاؤه ورونقه, وبشره وسعادته, لابد من أن نضع أصبعنا على موطن الداء. وأن نحدد على من تقع المسؤولية في معالجة هذا الداء, وكيفية استعمال الدواء, ليتم الشفاء من جميع هذه الأمراض الخلقية الذميمة.

تحديد الداء:

إن الداء الأصيل هو البعد عن منهج الله للحياة في جميع نواحيها, وأما فيما يختص باللباس والزينة فهو ناتج عما يلي:

1- عدم التزام المرأة بالمبادئ والأسس العامة التي وضعتها الشرعية الإسلامية للباسها وزينتها.

2- خروج المرأة عن مجال وظيفتها الأساسية, وفشلها في هذا المجال مع إنكارها لذلك, وعدم رغبتها في العودة إلى الطريق السليم.

3- تأثير وسائل الإعلام على المرأة, والتغرير بها, واتخاذها أداة إغراء وإغواء, مما دفعها للانحدار إلى عالم الجنس, وهذا كان له أثر سيء على الواقع الإنساني.

4- أثر مستحضرات التجميل على أنوثة المرأة, فهي تفجر فيها طاقة أنثوية, وتشعل فيها نار الرغبة, بحيث تستدرجها إلى طريق الشيطان, وتخرج بها عن مجال أنوثتها الحقة.

5- سيطرت الغرائز على سلوك المرأة, ودفعها إلى المبالغة في عمليات التزين والتجمل, مما كان له بالغ الأثر في انحلال المجتمع, وتدهوره نحو الدمار.

6- تلاعب دكاكين الأزياء بعقل المرأة, مما جعلها حقلاً للتجارب وسوقاً رائجة تدر أرباحاً طائلة.

طريق النجاة:

أن طريق النجاة من الأوضاع المتردية التي وصلت إليها أخلاق الأمة لما تقدم من أسباب, يكمن كما قلت في الرجوع إلى الله, والتزام منهجه الذي ارتضاه لنا دستوراً للحياة, فيلتزم كل فرد في المجتمع القيام بمسؤوليته, فيقوم بواجبه نحو الله أولاً ثم يؤدي واجبه كاملاً نحو أمته ووطنه, فالكل مسؤول عن رعيته, فالحاكم راعٍ وهو مسؤول عن رعيته, والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته, والمرأة في بيتها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها, والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته, وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

مسؤولية الأفراد:

فمسؤولية كل فرد تنبع من شعوره بتقوى الله ومراقبته والشعور بأنه مسؤول أمامه. وكذلك من شعوره بأهمية التعاون مع الآخرين والحرص على المصلحة العامة للأمة, والبعد عن الأنانية, ومراعاة النفع الخاص.

ومن هنا فمسؤولية الرجل, سواء كان أباً أو زوجاً, أو أخاً مسؤولاً, أن يبين لنساء بيته الأحكام التي تخُصُّهن في أمور الزينة واللباس, بأسلوب لطيف لين بعيد عن القسوة والغلظة عملاً بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125], وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].فإن هذا الأسلوب أقرب للقبول والامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى, لأن الطاعة عن طواعية وحب أضمن في دوام الاستمرار من أن تكون عن طريق الإكراه والعنف.

والمرأة مسؤولة في هذا المجال, فيجب عليها أن تدرك بأن التزيين وسيلة وليس غاية في ذاته, ولهذا فعليها أن تلتزم بشرع الله, ولا تبالغ في عمليات التزيين حتى تكون قدوة صالحة لبناتها, وبنات جنسها من معارفها, بفضل التزامها بآداب الإسلام في كل شيء, وخاصة في مجال الزينة واللباس. ولتعلم أن رسالتها في هذه الحياة أكبر من أن تكون متعة للرجل يتلهى بها ثم يتركها, وأكبر من أن تكون أداة إغواء وسحر وجاذبية. إنها خلقت لتكون شريكة الرجل لا أن تكون لعبته. رفيقة دربه لا أداة تسليته, ولن يكون الطريق إلى 1لك إلا باحترامها لنفسها وإتباعها آداب الإسلام في الملابس والتزين.

مسؤولية العلماء:

إن العلماء في هذا المجال وكل مجال مسؤولية خطيرة, فهم ورثة الأنبياء كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فواجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتقدم عليه واجب, فأول واجباتهم أن يتقوا الله فيطبقوا شرع الله على أنفسهم وفي بيوتهم, وذلك بأن تلتزم زوجاتهم وبناتهم بتعاليم الإسلام في اللباس والزينة حتى يكنَّ قدوة لغيرهن من النساء, لأن الناس ينظرون إليهن نظرة الإقتداء والإتباع. فإذا ما التزم العلماء بتعاليم الإسلام في أنفسه وفي بيوتهم, كانت كلمتهم مسموعة ومؤثرة في من يقومون بوعظهم ونصحهم.

ومن واجب العلماء أن يتبصروا الحكام بمهام مسؤولياتهم, وأن يقدموا لهم النصح والإرشاد, ويوضحوا لهم عظم التبعة الملقاة على عاتقهم, وإن عذابهم بوم القيامة أليم شديد إذا ما قصروا فيما أسند إليهم من مسؤوليات وتهاونوا في تطبيق شرع الله في مجتمعهم الذي أسندت مقاليد الحكم فيه.

ومن المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقهم في هذا المجال حسن التوجيه لوسائل الإعلام حتى تؤدي واجباً نحو الأمة على أحسن وجه يحقق لها الخير والفلاح. فمهمة الإعلام خطيرة. لأن للصورة المرئية, وللكلمة المسموعة أو المكتوبة أثراً سحرياً عجيباً, يسيطر على العقول والقلوب بسرعة البرق. وهذا يبين لنا ما لأجهزة الإعلام من كبير أثر على واقع المجتمعات البشرية.

ولذا فالاهتمام بها, وتوجيهها التوجيه الجاد من أهم الواجبات الملقاة على عاتق الحكام, نريدها وسائل تبني ولا تهدم, وتنقذ ولا تغرر. لكن للأسف, فوسائل الإعلام في بلادنا قد لعبت دوراً كبيراً جداً في صنع هذا الواقع الفاسد, بانتهاجها غير طريق الإسلام في برامجها المتنوعة, ووسائلها المختلفة في الإثارة والإغراء, حتى أصبح المسلم الغيور يشعر بالغربة عند قراءة أو سماع أو رؤية شيء صادر عن هذه الوسائل. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ, فطوبى للغرباء, الذين يصلحون ما أفسد الناس".

إذن فواجب الإصلاح الأول يقع عل عاتق العلماء, بيان أحكام الإسلام من حلال وحرام, وبنصيحة الحكام ودعوتهم لتطبيق شريعة الله, لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمعات التي غربت عنها شمس الإيمان, وفقدت فيها التقوى ومراقبة الله, يحتاج فوق قوة الحجة, والكلمة المؤثرة, إلى قوة مادية يستند إليها, كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

فإن تعاونت هاتان الفئتان, فبذل العلماء النصح, وقبل الحكام النصيحة, فقاموا بواجبهم بإصلاح ما فسد, وتقويم ما أعوج, صلح أمر الأمة, واستقامت مسيرتها, ووصلت السعادة التي تنشدها, وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فئتان إذا صلحتا صلح الناس, وإذا فسدتا فسد الناس, العلماء والأمراء).

فباستطاعة هؤلاء إذا أخلصوا النية لله, أن يعيدوا للمجتمع المسلم صبغته الصافية, وصورته الناصعة التي أرادها الله له, وأن يحافظوا على جوهر الحياة الإسلامية وشكلها وهيئاتها, والله المستعان.

وفي الختام, فهذا جهدي الذي استطعت أن أقدمه, فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت فمن نفسي ومن الشيطان, وأرجو الله أن يغفر لي ويهديني سواء السبيل. ويجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


منقول

نفر كويس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها