ربيعة

[مطرالثبيتي]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربـــيــعــة
تشترك الكثير من القبائل العربية مع بعضها بالاسم ، فهناك بنو أسد بن خزيمه بن مدركة ، وهناك بنو أسد من قريش ، وهناك إضافة إلى بكر بن وائل ، أكثر من بكر آخر ، وكذلك الحال بالنسبة لكعب وغيرها ، هذا الأمر ينطبق على ربيعة ، إذ هناك أكثر من ربيعة ، فهناك بنو ربيعة بن حازم بن علي بن مفرج بن دغفل بن جراح بن شبيب بن مسعر بن سعيد بن حرب بن الربيع بن غلفي بن حوط حتى يتصل نسبهم بلام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعاء ، حتى يتصل نسبهم بن فطرة بن طيء ، فبنو ربيعة هؤلاء إذن من طيء من القحطانية وكانت منازلهم أرض غسان في بلاد الشام ويطلق عليهم ربيعة طيء .
وهناك بنو ربيعة بن مالك بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهم ربيعة الجوع فهم إذن تميميون عدنانيون .
وهناك ربيعة الفرس وهم أبناء ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان
وعلى رأي أكثر النسابة ، كان لنزار بن معد بن عدنان أربعة أولاد هم : مضر و ربيعة وإياد وأنمار .
وإذا اختلف النسابة في عدد أولاد نزار ، إذ هناك من يعدهم أربعة وهناك من يقول إنهم إثنان حسب ، هـما ربيعة ومضر ، فإن هؤلاء النسابة يتفقون على أن ربيعة ومضراً هـما أبناء نزار بن معد بن عدنان .
وتقول الأخبار المتوارثة إن نزار بن معد بن عدنان وقبل أن تدركه الوفاة أوصى لأبنه ربيعة بفرسه فسمي ربيعة الفرس فيما أوصى لأبنه مضر بالذهب فسمي نسله بمضر الحمراء .
وقيل إن نزاراً وقد أدركته المنية جعل الميراث بين أولاده شورى وأوصى أن يحكم بينهم ، أفعى نجران وكان عرافاً مشهوراً وحكيماً ، فلما مات نزار صاروا إلى أفعى نجران فحكم لمضر بالذهب والقبة الحمراء كان من أدم ولربيعة بالأفراس ولانمار بالشاء ، فصار كل واحد يعرف بما توارثه ذهبا أحمر أو أفراساً أو شاء .
أما لغة ، فربيعة كما تتفق معاجم اللغة تعني الصخرة التي تربع وتحمل باليد أو البيضة من الحديد ، وربيعة هو أبو القبائل فمنه أسد بن ربيعة ومنه ضبيعة وأكلب ، ومنه جديلة وعنزة ومنه وائل بن قاسط ، وجاء منه بكر وتغلب وعنزة وكلها قبائل عظيمة وعريقة لكن ربيعة ظلت تحتفظ باسمها رغم كثرة بطونها وأفخاذها وبيوتاتها .
وتفخر ربيعة بسجلها الحربي وأكثر فخرها بيوم خزازي وهو يوم بينها وبين اليمانيين وكانت ربيعة ومعها قريش على ميمنة الجيش وعليها كليب بن وائل وكانت مضر على الميسرة وعليها الأحوص بن جعفر بن كلاب ، وأمر كليب ربيعة ألا يتعرضوا لشيء من النهب فإنه يبطل الشجاعة ، وأمرهم بأسر الرجال وأسرت ربيعة بالفعل تسعة من ملوك اليمن وقتلت العاشر وسلبت الملوك تيجانهم وعلقتها على الكعبة ، وباعت الملوك الأسرى بألف بعير للواحد ، وصار كليب بن وائل يفرق الأباعير في قريش فيما انشغلت مضر بالغنائم ، ثم خاضت بكر بن وائل وهم بطن ربيعة الكبير معارك عدة مع تميم وهم بطن من مضر وكانت تخيم ما بين اليمامة وهجر وكانت بكر تجاورها شمالاً وكان السبب الرئيسي للمعارك الطاحنة بين القبيلتين هو الجدب والجفاف ، وكانت ديارهم تميم هي الأخصب وقد بلغت تلك المعارك اثنتي عشر موقعة ، كان النصر والهزيمة متعادلين للقبيلتين وخاضت ربيعة حربا داخلية بين بطنيها المعروفين بكر بن وائل وقد عرفت تلك الحرب بحرب البسوس نسبة إلى امرأة أسمها البسوس هي خالة جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان من بكر .
كان وائل بن ربيعة وهو من تغلب بن وائل قد قتل لبيد بن عقبة عامل ملوك كندة على ربيعة ، وكان لبيد متزوجاً من الزهراء أخت وائل وكان لبيد طاغية متجبراً ، فحز ذلك في نفس الزهراء وانكرته وكلمت لبيداً فيه فقال لها لبيد :
- ما بال أخيك كليب (وائل بن ربيعة) ينتصر لمضر ويتهدد الملوك كأنه يعز بغيرهم .
- فقالت له : ما عرف أعز من كليب ، وهو كفء لها .
فغضب لبيد بن عقبة ولطم الزهراء زوجته لطمة اغشت عينها فخرجت إلى أخيها وائل بن ربيعة وهي تقول :
ما كنت احسب والحوادث جمة أنا عبيد الحي من قحطان
حتى اتتني من لبيد لطمة فغشت لها من وقعها العينان
إن ترض أسرة تغلب ابنة وائل تلك الدنيا أو بنو شيبان
لا يبرحوا الدهر الطويل أذلة هدل الأعنه عند كل رهان
فلما سمع كليب قولها ورأى اللطمة ثارت حميته فهجم على لبيد فقتله وقال :
إن يكن قتلنا الملوك خطأ أو صوابا فقد قتلنا لبيدا
وجعلنا من الملوك ملوكا بجياد جرد تجر الحديدا
وسمعت ملوك كندة وحمير باليمن بمقتل لبيدا فجهزوا جيشاً ****************ا لغزو ربيعة ، وسمع كليب بمقدم هذا الجيش ، فراح يؤلب القبائل العدنانية لمجابهة الخطر القحطاني القادم من اليمن ، فجمع ربيعة ومضرا واياداً وطيئا وقضاعة وكانت وقعة خزازي نسبة لجبل خزازي وقد تطرقنا إليها قبل قليل .
وبعد هذا النصر المؤزر لربيعة وحلفائها على كندة وحمير أجمعت قبائل ربيعة كلها على الانضواء تحت راية وائل بن ربيعة زعيماً لها .
لقد أسكرت نشوة النصر وائل بن ربيعة فنصب نفسه ملكا شأنه شأن ملوك اليمن وأحاط نفسه بالحاشية والأتباع وراح ينأى شيئا فشيئا عن الأخوة وأبناء العم وأبناء العشيرة الذين أوصلوه إلى هذا المنصب ، واتخذ له جرواً كان يطرحه أرضاً فحيثما يصل عواؤه تكون تلك الدائرة محمية لا يحق لأحد الاقتراب منها .
وحدث أن دخلت السراب وهي ناقة للبسوس خالة جساس بن مرة وهو أخ جليلة الشيبانية زوجة كليب فلما رأى كليب الناقة قد دخلت حماه شد قوسه وأطلق سهمه وأصاب الناقة في ضرعها ، ورأت البسوس ما حل بناقتها فصرخت واستثارت حمية ابن أختها جساس الذي لم يتوان عن الثأر لكرامة خالته فقتل ابن عمه كليب وائل ، وهنا أندلعت حرب البسوس وظلت مستعرة بين الحيين الأخوين أربعين عاماً ، قتل فيها الكثيرون من الطرفين .
عندما قتل كليب كانت جليلة الشيبانية زوجته قد حملت ، وذهبت إلى بيت أخيها جساس بن مرة قاتل زوجها ووضعت جليلة حملها فكان صبياً سمته هجرساً وشب هجرس في كنف خاله جساس وحين أدرك هول المصيبة ، أنه تربى في حجر قاتل أبيه ، قال :
أصاب خالي أبي وما أنا بالذي أمثل أمري بين خالي ووالدي
ثم قتل خاله الذي رباه وقال :
ألم ترني ثأرت أبي كليباً وقد يزجي المرشح للدخول
غسلت العار عن جسم أبن بكر بجساس بن مرة ذي التبول
جدعت بقتله بكرا وهل عمر الله للجدع الأصيل
ومن رجالات ربيعة عمرو بن كلثوم التغلبي ، الشاعر المعروف وصاحب المعلقة الشهيرة التي يقول في مطلعها :
ألا هبي بصحنك واصبحينا ولا تبقى خمور الأندرينا
وعمرو بن كلثوم هو قاتل عمرو بم هند آخر ملوك الحيرة من المناذرة .
ويروي المؤرخون والرواة أن عمرو بن هند قال يوما لندمانه هل تعلمون أحد من العرب تأنف أمه من خدمة أمي ( وأمه هند بنت الحارث بن عمرو بن حُجر آكل المُرار وهي عمه أمريء القيس بن حُجر الشاعر المعروف .
فقالوا : نعم ، عمرو بن كلثوم .
فقال : ولم ذلك ؟
قالوا : لأن أباها مهلهل بن ربيعة ، وعمها كليب وائل ، وأعز العرب وبعلها كلثوم ابن مالك بن عتاب أفرس العرب ، وابنها عمرو بن كلثوم سيد من هو منهم .
فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستضيفه ويسأل أن يصحب أمه معه ، فأقبل عمرو بن كلثوم من الجزيرة إلى الحيرة عاصمة عمرو بن هند وكان مع عمرو بن كلثوم جماعة من بني تغلب ، وأقبلت أمه ليلى بنت المهلهل في ظعن من بني تغلب ، أمر عمرو بن هند برواقه فضرب فيما بين الحيرة والفرات ، وأرسل إلى وجوه مملكته فحضروا ، وجاء عمرو بن كلثوم في وجوه بني تغلب ودخل على النعمان في رواقه ، ودخلت أمه ليلى على هند أم النعمان في قبة في جانب الرواق .



كان عمرو بن هند قد عزم أمراً ، فطلب من أمه أن تنحي الخدم جانبا حين تقدم الطرف ، وأن تستخدم ليلى أم عمرو بن كلثوم لإذلالها ، فكان ما كان ، طلبت هند من ليلى أن تناولها طبقاً فقالت لها ليلى لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها ، فكررت هند طلبها وألحت ، وهنا صرخت ليلى أم عمرو : وأذلاه يالتغلب ! ، فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم فثار ونظر إلى عمرو بن هند فعرف الشر في وجهه ، فقام وامتشق سيفاً لعمرو بن هند معلق بالرواق ليس هناك غيره فضرب به رأس عمرو بن هند فقتله ، ونادى في تغلب فانتبهوا جميع ما في الرواق وساقو نجائبه نحو الجزيرة .
وفي ذلك يقول عمرو بن كلثوم في معلقته :
بأي مشيئة عمرو بن هند تطيع بنا الواشاة وتزورينا
تهددنا وتوعدنا رويدا متى كنا لأمك مقتوينا
ملأنا البر حتى ضاق بنا وماء البحر نملأه سفينا
إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا

نرجو أن يكون هذا الموضوع قد نال إستحسان جميع القراء ونرجوا للحجاج حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعوداً حميداً وكل عام وأنتم بخير

أخوكم الأستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
المرجع
موسوعة عشائر العراق لعبد عون الروضان
والسلام ختام