الغيبة وما أدراك بها
الغيبة أفة العصر وطاعونه
في كل الأزمان
إلا أنها في هذا الزمن أصبحت فاكهة المجالس
ومسامرته في كل وقت وحين
ومن كلا الجنسين إلا من رحم الله
أنتم لاتحبون أحد يتكلم عليكم أو بكم
أنتم في مجالسكم تحصدون حسناتكم حصدا كحصد الزرع
أنتم تجمعون الحسنات من هنا وتطير منكم من هنا وهناك
أنتم لو طلب منكم مبلغا من المال لتحججتم بأي شئ وأنه ليس عندكم شئ
ولكن حسناتكم تتناثر بين أيديكم وأنتم تدرون ورغم ذلك تتكلمون في أعراض الناس
أنتم لو طلب منكم أن تأكلو لحم ميتة لأبيتم ولكنكم تأكلونه وأنتم لاتعلمون
أنتم مريضون بمرض العصر وداء عضال يذهب بالأخضر واليابس
أنتم أتعبتم ألسنتكم وقلوبكم بالتكلم بهذه اللآفة المقيته التي حذرنا منها ربنا سبحانه وتعالى في كتابه
ونهانا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بالوقوع فيها والإنجراف في محيطها
قال الله تعالى : (ولا يغتب بعضكم بعضـًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتـًا فكرهتموه ، واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم)(الحجرات/12)
عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار
قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله -تعالى- عليه
تعبد الله ولا تشرك به شيئا
وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أدلك على أبواب الخير؟
الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا قوله -تعالى-: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ: يَعْمَلُونَ
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله
قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله،
ثم قال:
ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا. قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم
نسأل الله السلامة من ألستنا
في من تكبنا على وجوهنا في النار كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
كفانا الله وإياكم شرها ووزرها
وحفظ ألسنتنا وأدام عليها ذكره وشكره
ورزقنا الإخلاص في القول والعمل
بقلمي
همس النسيم