إن مرحلة الشباب هي أهم مرحلة في حياة الإنسان و هي مرحلة النشاط و الحركة و إثبات الذات و تحديد الاتجاه و المصير.
ففيها يقف الشاب و الشابة على مفترق طرق
فهي مرحلة الحيرة و الضياع و التشتت لأنه يعيش في حياة مليئة بالصخب و هي أشبه ما يكون بسوق الحراج أو المزاد العلني فالكل يدعوه لعنده و يغريه بشتى الوسائل و الحيل
و هنا ينقسم– هذا التقسيم اعتباري خاص - الشباب و الشابات إلى أربعة تيارات:
- تيار تقليدي عادي
- و تيار يميني معتدل
- و تيار يميني متطرف
- و تيار يساري
و يمكن جمع هذه التيارات بقسمين رئيسيين عادي و هو التيار الأول وغير عادي و هم الثلاثة تيارات الأخيرة
و أود أن أبدأ بالتيار الأخير و هو التيار غير العادي اليساري لخطورته
و هذا التيار ليس على مستوى واحد أيضاً فهناك المعتدل و المتطرف و هناك من له خلفية فكرية و يدعوا لها - و هو أخطرهم - و هناك من يفعل ذلك تقليد أعمى نتيجة شهوة عابرة
و دعاة هذا التيار كثر و هم الأشد صخباً و الأعلى صوتاً لأنهم مدعومين بآلة إعلامية ضخمة و رأسمال ضخم و قوة كبيرة و وسائل إغراء متعددة تستهوي النفس الشهوانية .
و هم دعاة التحرر من القيم و الأخلاق الفاضلة .
و دعاة الجري وراء صرعات الملابس و قصات الشعر التي لا تناسب حضارتنا و قيمنا العربية و الإسلامية الأصيلة
و دعاة لفت الأنظار بطرق غير صحيحة و مؤذية مثل التفحيط و غيره .
و هؤلاء الدعاة عرفوا جيداً هذه المرحلة من مراحل العمر حيث يكون الشباب و الشابات كتلة من الحماس و الشهوات و حب التميز و العطاء و رغبة جامحة في إثبات الذات و لفت الأنظار .
و هؤلاء الدعاة لا يهمهم سوى جيوبهم و شهواتهم و قد عرفوا نقطة ضعف الشباب فاستخدموا النساء لتسويق منتجاتهم
و اسمحوا لي يا شباب و يا شابات ممن وقعوا ضحية هؤلاء الدعاة ان أقول لكم و بكل ود و صراحة :
إن من حقكم إثبات ذواتكم و أن تكونوا رقماً و تتركوا بصمة في هذا المجتمع
و حقاً إن المجتمع مقصر في حقكم فلم يوفر لكم الطرق المشروعة لإثبات ذواتكم
و بعض الدعاة مقصرون بحقكم فلم يعرفوا لغتكم ليخاطبوكم بها لأن لكل جيل لغة خاصة به يستوعبها .
و المنفرون من الدين المنغلقون المتقوقعون يتحملون جزء من المسئولية في خطأكم أيضاً .
و لكن هذا لا يعفيكم من المسئولية فقد منحكم الله العقل الذي تميزون به بين الخير و الشر
و العاقل قبل أن يسير في اي اتجاه يفكر فيه جيداّ و لا يسير وفق عواطفه و شهواته و وفق ردات الفعل الاستفزازية و خاصةً عندما يكون هذا الطريق مفصلي و محوري في حياته و بالتالي مصير أمته .
و قد سلكتم الطريق الخاطئ للسعادة و إثبات الذات و التميز و خدعتم بالتنك المطلي الذي سينكشف أمره عاجلاً ام آجلاً و لكن ربما بعد فوات الأوان .
و قد كانت ردة فعل بعضكم من تصرفات بعض الدعاة الجفاة متطرفة فهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم و فهموا الاسلام كما فهم أصحاب المناهج الوضعية لمناهجهم و شتان بين الاثنين
فالإسلام لا يعطي ثمرته المرجوة إذا لم يتغلغل في أعماق النفس و إذا تغلغل تحول المسلم إلى كتلة من الرحمة و الأدب و اللطف و الفطنة و الحكمة , و عندها ينظر الداعية إلى الغارق في الذنوب و المعاصي بعين الرحمة فهو كالمريض الذي وقع ضحية ضعفه و محيطه الموبوء .
و العمر لا يتسع لهكذا تجارب و لو أمعنتم النظر بما يدور داخل تلك المجتمعات التي سلكت هذا الطريق لاعتبرتم بدل أن تنخدعوا فالعاقل من اتعظ بغيره .
و هذا الطريق الذي سلكتموه يسبب لكم و لمجتمعكم الأضرار التالية:
- لا يرضي حبيبكم محمد صلوات الله عليه لأنه يريدنا شخصيات مستقلة معتزة غير تابعة للغيرلأن التقليد الأعمى في الملبس و غيره نوع من أنواع التبعية الفكرية للآخر
فالسعيد و الموفق من كان مظهره يليق بأحفاد صحابة رسول الله و على خطى الحبيب المحبوب صلوات الله عليه .
- إتلاف الكثير من أموالكم و أموال آباءكم .
- الإضرار بسمعتكم وسمعة عائلاتكم لأنكم خالفتم قيم مجتمعكم العالية و استبدلتموها بأدنى منها
قال الله تعالى ( أتستبدلون الذي هوأدنى بالذي هو خير ) .
- و هذا لا يناسب مجتمعكم المسلم الملتزم .
- و هذا يدل على انهزام فكري و حضاري فهل ترضون بالهزيمة و أنتم الشجعان في التغيير و لكنكم استعملتموها في الطريق الخاطئ.
و يوجد البديل فأنتم بين أيديكم ذهباً خالصاً في شكل سبائك و هو هذا الإسلام العظيم
و تمتلكون الشجاعة و الإرادة الكافية للتميز فبإمكانكم أن تصنعوا من هذا الذهب قطع ذهبية مميزة و ملفتة للانتباه و مفيدة لكم و لأمتكم أجمع بان تجسدوه على أنفسكم باعتدال و وعي و فهم و تذوق لمعانيه السامية - لا كما فهمه الإرهابيون - فتسعدون به
و تكونون نماذج غير عادية في هذا المجتمع الذي هو بأمس الحاجة إليها.
و عذراً إن أخطأت التعبير فإني لا أبتغي إلا الخير لكم و أرجوا راحة قلوبكم و طمأنينة نفوسكم و رفعة قدركم في مجتمعكم و جنة عرضها السموات و الأرض في آخرتكم .