بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
أجمع المؤرخون والنسابون القدماء أن جميع الأمم الموجودة على الأرض بعد الطوفان هم من ذرية نوح عليه السلام ، قال تعالى : ( ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين ) ، ثم قال تعالى : ( ثم أغرقنا الآخرين ) ، ( وإن من شيعته لإبراهيم ) الصافات 76 ، 83 .
وهذا لاخلاف فيه بين العلماء . وأما ماكان مع نوح عليه لسلام في السفينة فقد روي عن ابن عباس أنهم كانوا ثمانين نفسًا معهم نساؤهم ، وقيل : اثنين وسبعين نفسًا ، وقيل : كانوا عشرة ، وقيل : كانوا سبعة ، والله أعلم .
واتفق المؤرخون والنسابون المفسرون على أن ولد نوح عليه السلام الذين تفرعت الأمم منهم ثلاثة ، وهم : يافث وسام وحام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قول الله تعالى : ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) : " حام وسام ويافث " ، أما يافث ( وهو الابن الأكبر ) فقد تناسلت منه أمم وشعوب كثيرة ، وهم أكثر عددا من نسل أخويه سام وحام ، فمن يافث الترك ومن في جنسهم من الغبجاق والتتر والغز والهياطلة والخلج والخزر والصقالبة والصين والإفرنج ويأجوج ومأجوج وغيرهم ، أما سام ( الابن الأوسط ) : فقد تناسلت منه العرب والأكراد والأشوريون والسريان والفرس والنبط والكنعانيون وغيرهم .
وأما حام ( الابن الأصغر ) فتناسلت منه أمم وشعوب منها : المصريون القدماء ( القبط ) ، والكوش ( السند والهند ) ، والسودان بأنواعها من الزنج والحبش النوبة وزيلة .
وقد ثبت عن النبي صلى لله عليه وسلم أنه قال : " سام أبو العرب ، ويافث أبو الروم ، وحام أبو الحبش .
وقد أجمع النسابون أن العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم من ولد سام بن نوح عليه السلام ، وكان لسام بن نوح خمسة أولاد ، وهم : أرفخشذ ، ولاوذ ، وإرم ، وأشوذ ، وغليم .
وأن بني أشوذ هم أهل الموصل ، وبني غليم هم أهل خوزستان ومنها الأهواز .
وكان للاوذ أربعة من الولد هم : طسم وعمليق وجرجان وفارس ، وولد إرم : عوص وكاثر وعبيل ، من ولد عوص عاد ، ومن ولد كاثر ثمود وجديس ، ولد لأرفخشذ قينان ( قينن ) ، وولد لقينان شالخ ، وولد لشالخ عابر " عيبر " ، وولد لعابر فالغ " فالج " ، وقحطان " يقطن " ، وولد لفالغ أرغو " راعو " ، ولد لأرغو : ساروغ ، ولد لساروغ ناحور "ناخور" ، وولد لناحور : تارخ " آزر " ، وولد لتارخ إبراهيم ، ولد لإبراهيم بنون أشهرهما إسماعيل وإسحاق . وأجلهما هو الذبيح على الصحيح إسماعيل بكر إبراهيم الخليل من هاجر القبطية المصرية عليها السلام .
ومن قال إن الذبيح هو إسحاق فإنما تلقاه من بني إسرائيل الذين بدلوا وحرفوا وأولوا التوراة والإنجيل وخالفوا ما بأيديهم في هذا من التنزيل .
ففي نص كتابهم أن إسماعيل ولد ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة ، وإنما ولد إسحاق بعد مضي مئة سنة من عمر الخليل ، فإسماعيل هو البكر لامحالة ، وهو الوحيد صورة ومعنى على كل حالة ، فإنه هو الذي هاجر به أبوه ومعه أمه هاجر ، وكان صغيرا رضيعا فيما قيل ، فوضعهما في وهاد جبال فاران ، وهي الجبال التي حول مكة ، نعم المقيل ، وتركهما هنالك ليس معهما من الزاد والماء إلا القليل ، وذلك ثقة بالله وتوكلا عليه ، فحاطهما الله تعالى بعنايته وكفايته ، فنعم الحسيب والكافي والوكيل والكفيل .
دفن إسماعيل نبي الله بالحجر مع أمه هاجر ، وكان عمره مئة وسبعا وثلاثين سنة .
دمتم في رعاية الله تعالى ، وكل عام وأنتم بخير ، ومن العايدين .
تحيات أخيكم : مطر الثبيتي .