قصة جحيش بن مهاوش مع ابنائه
رزق جحيش باولاد وقد توفيت امهم وهم صغار ... فحرص جحيش على عدم الزواج . وأخذ في تربية ابناءه وتقديم معيشتهم على معيشته حتى انه يمتنع بعض الايام عن الزاد والطعام في سبيل توفيره لابنائه .. وكانت الحياة في ذلك الوقت زهيدة ضيقة الاحوال ... ظل طوال تلك الفترة يحرص على تربيتهم ورعايتهم ... حتى كبروا *** وعندما اصبحوا رجالاً تزوجوا جميعهم وكل استقل بمفرده بزوجته * واصبحوا لا يريدوا ابيهم ان يعيش معهم ** ولاحظ جحيش النكران والجحود في تصرفات ابنائه وزوجاتهم ** وسكن في خرابة بعيداً عن أبنائه ... وبعد أن تقدم به العمر وأصبح شيخاً لا يستطيع أن يخدم نفسه ** وكانت معيشته على ايدي أهل الخير * فدعا على ابنائه *** ودعوة الوالد ليس بينها وبين الله حجاب ... ومن حكمة الله أن الابناء لم يرزق أحد منهم بأولاد ... وقيل إنه كلما ما جاء لهم اولاد يموتون ...
واستمر عقوق الأبناء لأبيهم *** وهم في عز قوتهم مع شدة ضعفه وفي أحد الأيام تحايل عليه أحد أبنائه فقال له : يا أبو مهاوش ومهاوش ابنه الأكبر هل ترغب بالذهاب إلى شبة الشيخ فلان ؟ ففرح وانشرح صدره بعدما كان حبيس المنزل لا يسمع صوتا يواسيه وقد قضى مدة لا يعرف عن الأخبار شيئا فأخذه الإبن إلى أحد الآبار العميقة وأوقفه على حافة فوهة البئر وقال له : تحسس بعصاك فقال : هذه والله يا وليدي بير عجب ... فرد عليه الابن إن لم تكف لسانك عنا فمصيرك سوف يكون هنا ... فكظم الشيخ غيظه ولجأ إلى أحد الجيران فقال هذه القصيدة التي ما تزال تطبع في المنطقة وتوزع بين وقت وآخر كمثل حي لتذكير أبنائهم بواجبهم نحو أبائهم ومصير من لم يبر بوالديه :
قال الذي يقراء بلايا مكاتيب
ياللي تقرون العمى مـن عماكـم
يا عيالي اللي تشرفون المراقيـب
تريضوا لي واقصروا في خطاكـم
خذوا كلام الصدق مـا به تكاذيـب
مثل السند مضمون للي وراكم
يا عيال لا صرتوا ضيوف ومعازيب
ترى الكلام الزين ملحة قراكم
وترى البلاسه مـن كبار العذاريب
وهرج البلايس ما يطول لحاكم
يا عيالي أوصيكم ترى المذهب الطيب
وترى ردى المذهب يبور نساكم
يا عيال ما سرحتكم باللواهيب
يا عيال ما عمر المعزب ولاكـم
يا عيال ما ضربتكم بالمشاعيـب
ولا سمعوا الجيران لجة بكاكم
ياما توشلعت القبايل تقل ذيب
من خوف لا ينقص عليكم عشاكم
وياما شريت السمن من عرض ما جيب
يفز قلبي يوم يبكي حداكم
أحفيت أنا رجليني بحامـي اللواهيب
وخليت لحم الريم يخالط عشاكم
يصير بعيون الرفاقة تقل شيب
ليا منَّه أقبل قيل هذا بلاكم
يا عيال دونكم لحيتي كلها شيب
هذا زمان قعودنا في ذراكم
قمت أتوكا فوق عوج المصاليب
وقصرت خطانا يوم طالت خطاكم
عطوني القرضه عليكم مطاليب
عطوني القرضه جزى من جزاكم
لا بد يوم عاوي دوني الذيب
بالقبر ما أفرق طيبكم من رداكم
ماني بفاضحكم بوسط الأجانيب
بأعمالكم يدرون كل أقرباكم
لو كان تدرون الردى والمعاييب
صرتوا مع المخلوق مثل خوياكم
خوالكم بالطيب تروي المغاليب
ولـو تتبعون الجد محدن شناكم
وش علمكم يا تاركين المواجيب
حسبي عليكم هالردى وين جاكم
قصيتكم وأسندت وادي سلاحيب
ولقيت بالصبخا مدافيق ماكم
يا عيال بعتوني بصفر العراقيب
ما هي حقيقة سَوَّد الله قراكـم
يالله عسى أعماركم شمسها تغيب
يعتم قمركم ثم تظلم سماكم
يا علكم في حاميات اللواهيب
يللي على الوالد خبيث لغاكم
شفت الجفا والحيف والغلب والريب
بضلوعكم لا بيض الله قراكم
عسى نساكم ما تحمل ولا تجيب
ولا حدن من البزران يمشي وراكم
اخسوا خسيتوا يا كبار اللغابيب
اهبوا هبيتوا يقـطع الله نماكم
حسبنا الله ونعم الوكيل .... أللهم أسكنه فسيح جناتك