بنك الكويت الوطني :السعودية تنجح في حماية اقتصادها وترصد 575 بليون دولار لمشاريع في القطاعين العام والخاص
أشار «بنك الكويت الوطني» في نشرة اقتصادية أمس إلى ان الاقتصاد السعودي «برز خلال السنوات الأخيرة كأحد أكثر الاقتصادات ديناميكية في المنطقة، فهو الاقتصاد الأكبر على مستوى المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم». ولفت إلى «ان الأداء القوي والسياسات الاقتصادية الرشيدة والخطوات الإصلاحية الجادة والطموحة إلى جانب سياسات تحرير الاقتصاد ساهمت في جذب الاهتمام والتقدير للاقتصاد السعودي على نطاق واسع. ونجحت الإجراءات الحكومية المتخذة لحماية الاقتصاد من تداعيات الأزمة العالمية، ومنها السياسات المالية والنقدية التوسعية، في استعادة الثقة بمقومات الاقتصاد السعودي وتطلعاته المستقبلية».
وشدد التقرير على ان السنة الحالية «تبقى مملوءة بالتحديات بالنسبة إلى الاقتصاد السعودي في ظل تأثر قطاعه النفطي بتداعيات الأزمة والتدهور الذي يشهده الاقتصادي العالمي». ونتيجة لذلك، توقع «البنك الوطني» ان ينكمش اقتصاد المملكة هذه السنة بنحو 1.5 في المئة بالأسعار الثابتة (بعد احتساب التضخم)، عقب نموه بواقع 4.4 في المئة عام 2008، وبمتوسط 5 في المئة خلال الأعوام الخمسة السابقة. أما بالأسعار الجارية (من دون احتساب التضخم)، فتوقع ان ينكمش الاقتصاد السعودي هذه السنة بواقع 20 في المئة، على خلفية الانخفاض الحاد في أسعار النفط من المستويات القياسية التي بلغتها العام الماضي. وأكد «ان الحال كانت ستبدو أسوأ بكثير لو لم تتخذ الحكومة سياسة مالية توسعية تزخر بالإجراءات المنعشة للاقتصاد». وتوقع «البنك الوطني» ان يستأنف الاقتصاد السعودي مسيرة نموه خلال عام 2010، ولو بوتيرة أبطأ، في ضوء دلالات مشجعة على التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي وأسواق النفط. وتوقع ان يسجل الاقتصاد السعودي نمواً السنة المقبلة بواقع 3 في المئة بالأسعار الثابتة و10 في المئة بالأسعار الجارية.
وعلى رغم النجاحات المحققة على صعيد تنويع مصادر الدخل، أشار التقرير إلى ان وشدد التقرير على ان اقتصاد السعودي لا يزال يعتمد في شكل كبير على قطاع النفط، ما يُبقي الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار هذه السلعة. وذكّر بأن طفرة النفط الأخيرة التي دامت نحو ست سنوات، شهدت ارتفاع متوسط السعر السنوي لبرميل الخام السعودي بأكثر من ثلاثة أضعاف بين عامي 2002 و2008. ونتيجة لذلك، أضاف التقرير: «وصل الناتج المحلي بالأسعار الجارية عام 2008 إلى 2.5 ضعف ما كان عام 2002». كذلك، إذ عززت الطفرة الموجودات الأجنبية في المملكة، ودعمت القدرة المالية للحكومة على اتخاذ سياسات مالية توسعية، بالمقدار الذي يسهم في التصدي بفاعلية لتداعيات أزمة المال العالمية، فمكنتها من خفض الدين العام القائم في شكل كبير.
ورأى «البنك الوطني» ان الانخفاض الملحوظ في إيرادات النفط لم يمنع الحكومة السعودية من دعم الاقتصاد عموماً والقطاع الخاص خصوصاً، بإعلانها زيادة النفقات العامة في الموازنة الحالية بنحو 16 في المئة، مقارنة بالموازنة السابقة. ومن شأن الزيادة، وفقاً للتقرير، «ان تؤمّن حافزاً قوياً لنشاط القطاع الخاص، الذي يمثّل نحو ثلثي القطاع غير النفطي». وذكّر «البنك الوطني» بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين (مطلع نيسان/أبريل الماضي) أن إنفاق المملكة على البنية التحتية وقطاع النفط سيبلغ 400 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
ولفت التقرير إلى ارتفاع ملحوظ خلال السنوات الأخيرة في مخصصات الموازنة السعودية للإنفاق على تطوير رأس المال البشري والتعليم، إلى جانب تحسين المستوى المعيشي للمواطنين. وأكد ان ذلك يؤتي ثماره في جانب الإنتاجية والفاعلية. فمثلاً، بلغ متوسط النمو في النفقات المخصصة لتطوير الموارد البشرية خلال السنوات الست السابقة نحو 14.3 في المئة سنوياً، مقارنة بمتوسط نمو إجمالي النفقات بواقع 12.5 في المئة سنوياً. ووفقاً لقاعدة بيانات المجلة الاقتصادية العالمية «ميد»، يبلغ حجم المشاريع في السعودية في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ نحو 575 بليون دولار، 80 في المئة منها تتركز في قطاعات الإنشاء والصناعة والطاقة والمياه. كما ان نحو 30 في المئة منها مشاريع مشتركة بين القطاعين العام والخاص.
وعلى صعيد الإصلاحات الاقتصادية، أوضح «البنك الوطني» ان الدلائل تشير إلى ان الاقتصاد السعودي شهد تحولاً ملحوظاً ونجاحاً لافتاً في دعم القطاع الخاص وتطوره في فترة زمنية قصيرة. «فالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أواخر 2005، وإطلاق برنامج فاعل وواسع النطاق للتخصيص، وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والسياسات الاقتصادية الداعمة للسوق الحر، وتحديث القوانين الضريبية والتجارية، كلها إنجازات رئيسة في طريق الإصلاح الاقتصادي»، وفقاً للتقرير، الذي نوّه ببدء المملكة العمل بمخطط لبناء ست مدن اقتصادية بهدف تعزيز التنوع الاقتصادي.
وذكّر «البنك الوطني» بأن الجهود الحثيثة لتنويع الاقتصاد وتأسيس مناخ استثماري جاذب من دون تقدير دولي أو محلي. ففي العام الماضي، صنف البنك الدولي السعودية في المرتبة 16 بين 181 بلداً حول العالم لجهة سهولة بيئة الأعمال. وفي ضوء الإصلاحات المختلفة وخفض الضريبة المفروضة على الشركات عام 2004 من 30 في المئة إلى 20 في المئة، قفزت قيمة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السعودية من أقل من بليوني دولار عام 2004 إلى نحو 24.3 بليون دولار عام 2007 و22.5 بليون عام 2008.
ولاحظ «البنك الوطني» ان نمو القطاع الخاص في السعودية ومساهمته في النشاط الاقتصادي في تصاعد مستمر، بفضل البيئة الاقتصادية المشجعة والسياسات الداعمة للسوق الحر، فيما ارتفعت القيمة المضافة للقطاع الخاص خلال السنوات الخمس الماضية بمعدل 8.1 في المئة بالأسعار الجارية و5.5 في المئة بالأسعار الثابتة. وكانت قطاعات الصناعة والنقل والمواصلات والإنشاء الأكثر نمواً بين القطاعات غير النفطية، وفقاً للتقرير، فبلغ متوسط نموها السنوي 12.3 في المئة و9.6 في المئة و8.5 في المئة على التوالي.
ورأى «البنك الوطني» ان القطاع الخاص في السعودية بدأ يواجه تحديات جادة في المدى القصير، «فحال عدم التيقن بدأت بتقييد الطلب المحلي والأجنبي، ودفعت القطاع الخاص إلى العمل دون طاقته وإرجاء خطط التوسع. وانخفضت الصادرات والواردات غير النفطية خلال الشهور الخمسة الأولى من السنة بواقع 22.4 في المئة و17.3 في المئة على التوالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وتراجعت واردات القطاع الخاص الممولة من المصارف التجارية (الاعتمادات التجارية الجديدة) في النصف الأول من 2009 بنحو 35 في المئة عن مستواها قبل سنة، بينما انخفضت اعتمادات الصادرات بنحو 57 في المئة في الفترة ذاتها».
ووفقاً للتقرير، أدى تحفظ المصارف التجارية على منح القروض إلى تقليص الطلب المحلي الخاص، إضافة إلى الحد من التمويل الممنوح للقطاع الخاص. وفي هذا الإطار، أضاف: «تراجع حجم قروض المصارف الممنوحة للقطاع الخاص خلال النصف الأول من السنة بنحو 0.7 في المئة عن مستواه نهاية العام الماضي، وذلك عقب نموه بواقع 28 في المئة في 2008 و21.7 في المئة في 2007». ولفت إلى ان المصارف اختارت ان تبقي حصة أكبر من موجوداتها على شكل ودائع لدى «مؤسسة النقد العربي السعودي» (البنك المركزي)، إذ ارتفعت الودائع خلال النصف الأول من السنة الحالية بنحو 38 في المئة، لتشكل نحو تسعة في المئة من إجمالي موجودات المصارف.
الخبر منقول
تحيات
الساااحر