[align=center]
//
أطيب الذكريات لمعدد...الزوجات.... (الحلقة الأولى)....
قال الراوي:
تزوجت قبل عشرين عاما....فتاة جامعية بيضاء البشرة ذات ملامح جذابة....
وكان اختيارها عن طريق الوالدة التي تنقلت بين بيوت عدة.....حتى وقع الاختيار على تلك الفتاة....
فتاة جميلة متعلمة متدينة خلوقة من أسرة طيبة....ولا غرو في ذلك الاختيار ولا غضاضة...
فالوالدة يرحمها الله كانت على شرط الإمام البخاري في الاختيار....
لن أطيل....تمت الخطبة وعقد النكاح وتجهيز بيت الزوجية والدخول خلال أربعة أشهر....
والتحقت برابطة المتزوجين....وصرت أنظر نظرة غريبة إلى بقايا العزاب من أصدقائي...نظرة تغلب عليها
الشفقة وأحياناً الاعتزاز بالنفس أكثر مما يجب...ولا أقول العجب أو الخيلاء....
كنت حينها في أوائل العشرين....قد أنهيت دراستي الجامعية والتحقت بركب المعلمين....
وكذلك صنعت زوجتي المصون فقد عملت في حقل التعليم هي الأخرى.....
بدأت حياتنا الزوجية سعيدة فريدة تختال بين المنتزهات والرحلات....وتميس بين الولائم والدعوات....
أيام خلت وأيام رحلت.......ما أعذب تلك الأيام....ألا ليتها تعود يوماً....حين كانت همومي هماً....
واليوم فقد تشعبت بي الهموم....وهجمت عليَّ المهمات من كل طريق....
قابلت صديقا يوماً وقد تزوج قبلي بعدة سنوات....ولم يمض على زواجي سوى عدة أشهر....فقال لي:
هيه.....ألا تفكر في الزواج؟؟...
قلت:أنسيت أنني ما زلت عروساً(عريساً)....
قال:وماذا يعني هذا؟؟؟...وزيادة الخير خيران(خيرين)....
زيادة الخير خيرين....هذه الجملة غدت ناموس كثير من المعددين ومنهاج طوائف من المتزوجين.....
كما رأيت بعد وسمعت......
تركته بعد أن تبادلنا الأخبار السريعة....وعدت وأنا والله أفكر في كلام الرجل....
هل من المعقول أن يتزوج هذا الرجل على امرأته....وهل هو سعيد معها....
وهل يمكن وأنا أتقلب في مراتب السعادة ومجالس الهناء مع زوجتي أن أتزوج عليها؟؟؟؟....
لقد نظرت إليه نظرة اشمئزاز ونكير!!!!....وأنه متسرع بل متهور....لا يراعي مشاعر النساء...ولا يقيم وزناً
لبنات حواء!!!!....
أما صديقي فقد تزوج بالفعل بامرأة أخرى...وقامت بينه وبين زوجته الأولى معارك وخصومات....طال
أمدها....واستعرَّ لهيبها....
أما أنا فقد عدت إلى زوجتي الحبيبة أضمها وأقبلها....وكأني أحاول التكفير عن لقائي بذلك الصديق الذي
لم يقدر لزوجته قدرها....ولم يعرف لها حقها.....
مرت سنتان....ونحن على أحسن حال....تفاهم وتودد....آآآآآآآه......ما أجمل تودد النساء...وما أطيبه....
لم يكن يعكر صفو ذلك العيش سوى تحرشات الحماة بين الفينة والأخرى....ولكن كانت زوجتي بحكمتها
ودرايتها بأمها تبطل مفعول تلك التحرشات....فإذا بها تتحول مع الأيام إلى باقة من الطرائف والنكات!!!
جاء الحمل الأول لزوجتي بعد هاتين السنتين الحلوتين العذبتين.......وبدأ الحلم الجميل الذي كنت
أعيشه يختفي قليلا قليلا....لقد كدت أطير في السماء فرحا ومرحا بهذا الحمل....ولم أعلم أن هذا الحمل
سوف يكون حِملاً جاثما فوق راحتي وسعادتي!!!!!....
بدأت تظهر علامات الحمل وأعراض الوحم....دوران وضعف وذهول.....قيء وإضراب عن الطعام
والشراب....
مطالبات غريبة بجلب بعض أنواع التربة والطين لتلتهمها الزوجة....صارت تعشق الكبريت(أعواد الثقاب)
وتستنشقه!!!
تقلب في المزاج....وتحول كبير مفاجئ حتى صار مزاجها حادا وتحولت إلى عصبية ثائرة....
وكانت تهدأ أحيانا وتعتذر وتبكي وأنا أمسح دمعتها وأدخل الطمئنينة إلى قلبها....وأحاول أن أعيد
السكون إلى نفسها....
طبعا...كنت شابا أكاد أنفجر حيوية وقوة ونشاطاً.....وقد حفظني ربي منذ كنت صغيرا....فنشأت
عفيفا شريفا....لا أمد عيني....ولا أتطلع إلى الحرام.....
زوجتي كانت تتأسف بلطف....إذا هدأت سورة غضبها....وأنا كنت أصبر وأرابط عند ثغر حملها لعل
الله يأتي بالفرج....وكنت في بعض الأحيان أكاد أتميز من الغيظ حين أنظر لحالي وكيف انقطع حلمي
الجميل....وأعقبه كابوس منغص أليم.....
مرت أيام الوحم وأنا بأسوأ حال....وكنت أستمع لقصص بعض زملائي في المدرسة وطرائفهم حول
الزواج من زوجة ثانية....فلم يعد لديَّ ذلك التحفظ القديم....
خفت الوطأة نوعا ما بعد زوال الوحم...ألا قاتل الله أيام الوحم....وأعان الله الزوج على ما سيناله من
تلك النقم!!!...
في الشهرين الآخيرين من الحمل استبد القلق والخوف بزوجتي...فهذا أول حمل..كانت خائفة متوترة.
وقد استغرقت مراجعات الطبيبة منا وقتا وجهدا وتفكيرا....
واقتربت ساعة الصفر...في ذات صباح قارس من أيام الشتاء الباردة....وكنت متدثرا بغطاء ثقيل...
فلم أرع إلا وزوجتي توقظني وهي تبكي وتتأوه.....هيا انهض.....
كانت تصرخ في السيارة وأنا أصبرها وأسليها....ولكن ضاع ذلك مع اشتداد موجات الطلق....
وطرق المولود المتتابع بعنف جدار الرحم يريد الخروج إلى هذه الحياة....
تمت الولادة بسلام....ورزقنا الله بغلام جميل.....وبعد يومين عدنا إلى عشنا الصغير...وقد حملنا حلمنا
الكبير...
من الطبيعي أن تنزل حماتي علينا في بيتنا ضيفة مهابة الجانب....مضيفة لنا في الحقيقة...تعتني بابنتها
ووليدها الصغير....
يا سادة......أنا شــــــــــــــــاب!!!!!.....هل فهمتم ما أعني.....
مكثت أعاني على بوابة الحرمان منذ أوائل الشهر التاسع....وهذه الأربعون قد كشرت عن أنيابها....
وصار كل يوم منها عقربا أو حية تلدغني فتجرح إحساسي ومشاعري واحتياجي....
وأما المولود الصغير فلم يشأ إلا أن يشارك هو أيضاً ببكائه وصراخه في أكثر الليل والنهار....
كنت في غاية الشوق والالتياع والوجد لزوجتي....وكانت منصرفة تماما إلى وليدها تحتضنه وترضعه
وتناغيه....
لا أخفيكم لقد تضايقت كثيرا....هل صرت أغار من هذا الطفل الصغير...إنه ابني وفلذة كبدي....
أحاول الاقتراب منها فأمسك بيدها....كيف أنت يا حبيبتي....لقد كدت أذوب شوقا إليك....فترد عليَّ
ببرود وفتور.....وتقول:انظرْ إليه إنه يشبهك تماماً....وكل من زارنا من الأقارب قال ذلك...
إنني في واد الحرمان والشوق والوجد والهيام والحب....
وهي في وادي الأمومة بفروعها والطفولة بأصولها....
فأعود كاسفا وأنا حزين!!!!!.....
مرت الأربعون.....وتهيأت زوجتي بعد رحيل النفاس....وتزينت.....وراودني شعوري الجميل يوم زُفت
لي ليلة العرس السعيد....
كنت كمن فقد الماء في صحراء أياما حتى كاد يهلك.....ثم وجد عينا من الماء العذب السلسبيل....
فاقام يشرب ويشرب دون انقطاع....
تحسنت الحال....ولكن الوليد الصغير ربما أفسد علينا فرحة اللقاء في كثير من الأحيان....
وكأن هناك من يقوم بتسليطه علينا!!!!...
وما أقبح الحال.....حين تقطع صرخات الأطفال وبكاؤهم لحظات الرومانسية والوصال.....
تغيرت زوجتي-حتى أكون منصفا-أكثر من خمسين بالمائة....وقل اهتمامها بي...وانصرف إلى طفلنا
الصغير...
كنت أتضايق وأغضب ولكن كنت أسلي نفسي بأن اهتمامها بابننا وفلذة كبدنا.....فلا ضير أن أحتمل
وأصطبر!!!...
ومرت سنتان أخريان....وأطل الحمل الثاني....فقعدت أفكر هل سأعاني مثل ما كنت في الأول أعاني....
حملت زوجتي ووضعت وليدها الثاني غلاما....بعد معاناة أليمة مريرة لها ولي...
وفي ليلة من ليالي النفاس الحالكة....حدث تغير هائل في حياتي!!!!!.....
:{أبو الحسين}: .. بنـاء الفكر ..
نقل بـ تصررف ..
[/align]