العودة   منتديات عتيبه > الأقسام الإسلامية > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي كل ما يتعلق بديننا الإسلامي حسب مذهب أهل السنة و الجماعة

إضافة رد
كاتب الموضوع البّدر مشاركات 38 المشاهدات 5299  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 07-21-2009, 06:37 PM   #31
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]
محمد بن علي البيشي

الشيخ النبيل




محمد بن علي البيشي



نعم ... لقد غيب الموت أحد أبرز العلماء الربانيين, الذين عرفوا بين الناس بحب العلم, نشرا وتدريسا وإفتاء وبحثا وتحقيقا وتدقيقا, تفوق دروسه الأربعين في الأسبوع بين حديث وفقه, تفسير وسيرة, وعلوم العربية والسياسة الشرعية, ويتحمل الشيخ على كبر سنه – شارف 80 عاما – حمل التنقل بين المساجد فمن جامع الراجحي بشبرا إلى مسجد الراجحي بالربوة, ومن مسجد محمد بن إبراهيم بالدخنة إلى جامع الملك خالد بأم الحمام, ومن جامع عتيقة إلى مسجد البرغش, صبور لا يمل العلم, وقور تعلوه هيبة العلماء, يضرب للناس – عالمهم وعاميهم – مثلا مشاهدا لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, وطريقة السلف الصالح.
إذن ... مات الشيخ الذي: (لعب وقفز على بيوت الطين المنتشرة بالقويعية, شرب من مياه الابار الضحلة , وجلس على أطرافها يسمع الأخبار والحكايات, لبس الملابس المتواضعة في قريته الطينية, لم يلبس الغالي والنفيس, لم يفكر في شراء أثواب كل شهر او شهرين, بل كان مثل ابناء الجزيرة العربية آنذاك يفرح بالثوب والثوبين من العيد الى العيد, عاش بين الناس الذين تقاربت مستويات معيشتهم, عاش بآمالهم, وعاش بأحلامهم, وتغنى بمستقبلهم, ضحك بين النخيل, جرى مع الطيور والعصافير يداعبها وتداعبه, وجرى مع الصبية وه يلهون بين ماء الزروع وبقايا الغنم والإبل هناك, يراه الناس وهو قد ملأ الطين رجليه وساقيه النحيلتين, ويفرح بذلك الجو البهيج, فهو يعتبر ذلك شعارا للانسان الحر النبيل).
عرفت فضيلته واعظا يتخول مساجد مدينة الدمام – وانا لا زلت في نهايات المرحلة الابتدائية – فارتسمت في ذاكرتي صورة العالم يتدافع الناس للقرب منه ونيل الحظوة بالحديث إليه ومعه, ولو بافتراض سؤال لم يقع, ثم قرت عيني برؤيته واعظا ومفتيا بالمعهد العلمي مرحلة الثانوية بالدمام, وقد تحينت الفرصة للصلاة إلى جواره بعد انتهاء كلمته لانظر صلاته, واكتسب الخشوع – كما ازعم – وأقبّل الكيان الذي ملئ علما وزهدا وصبرا.
نعم ... عرفت ابن جبرين رحمه الله تعالى في دروس الفقه والعقائد, والتي لم يزل تقرير عويص مسائلها تكييفا وترجيحا, محفوظا لدى طلابه من خلاله دروسه في الدمام والرياض, ولا زلت محتفظا بكلمته الشجية الصادقة التي داعبت مسمعي, وشحذت همتي للعلم ونيل شهادة الدراسات العليا, اذ قال : (كنت ممن درس وكتب وذاكر ونسخ الكتب الكبيرة على ضوء الشمع, واليوم – ومع وجود الكهرباء إلا أن الطلاب يتضجرون).
وقبل الختام : إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب, وان لفراقك شيخنا لمحزونون, وتسليتنا في فراقك (إن في البقية خيرا).




[/align]

التوقيع : البّدر




رحمة الله عليك ياوالدي الغالي
البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-21-2009, 06:37 PM   #32
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]
عاش زاهد اً وصلى على جنازة ابن باز قبل أخته



د- عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين تحدث عن والده لـ(اليوم) قائلا:
الوالد اسمه عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن ابراهيم بن حمد بن جبرين وجده الرابع (حمد) آل إليه أمر القضاء والولاية والإمارة في مدينة القويعية. نشأته- ولد الشيخ في بلدة محيرقة إحدى قرى القويعية سنة 1352هـ ونشأ في بلدة الرين وابتدأ بالتعلم سنة 1359هـ.
بداية طلبه للعلم
كان والد الشيخ أحد طلبة العلم وحفظة كتاب الله حيث طلب الشيخ عبدالله العلم على يد والده حيث قرأ عليه أول الاجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظاً وكذا عمر الأحكام وبعد أن أتم حفظ القرآن قبل بلوغه الخامسة عشرة من عمره حيث اشترط عليه الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب إذا اراد أن يطلب العلم عليه أن يحفظ القرآن الكريم فكان كذلك ثم شرع في الطلب على يد الشيخ ابي حبيب حيث قرأ عليه كتب الحديث والتفسير والتوحيد والزاد وغير ذلك.
بداية طلب العلم النظامي
حين ارتحل الشيخ ابو حبيب الشتري الى الرياض انتقل الشيخ الى الرياض والتحق بمعهد إمام الدعوة في المرحلة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم اربعة عشر طالبا ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومدته اربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان ترتيبه الاول وفي عام 1388هـ انتظم في المعهد العالي للقضاء ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جدا.
وفي عام 1407هـ نال الشيخ شهادة الدكتوراة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرق، هذه خلاصة الحياة العلمية للشيخ.
الحياة الاجتماعية
هل لكم أن تحدوثنا عن الحياة الاجتماعية لوالدكم؟.
تزوج الوالد مرتين ففي المرة تزوج بابنة عمه سنة 1370هـ وكانت امرأة صالحة وذات دين وقد رزق منها الوالد اثنى عشر مولوداً من الذكور والاناث مات بعضهم في الصغر والموجود ثلاثة ذكور وست إناث وقد توفيت زوجته عام 1414هـ ثم تزوج بزوجته الثانية.
وماذا عن تعامله معكم؟
منذ ان نشأ الوالد وهو مشغول بطلب العلم ومدارسته وتدربه ولكن ذلك لم يمنعه او يشغله عن واجب كأب فهو حريص على توجيهنا والحاقنا بمدارس تحفيظ القرآن كما أنه حريص على اختيار اصحابنا وتوجهنا إلى طلب العلم.
الاعمال التي تقلدها الشيخ
ما الاعمال التي تقلدها فضيلة والدكم؟ الشيخ عبدالرحمن
في عام 1380هـ بعث مع الدعاة الى الحدود الشمالية بأمر الملك سعود – يرحمه الله-.
في عام 1381هـ عين مدرساً في معهد إمام الدعوة.
في عام 1395هـ انتقل الى كلية الشريعة بالرياض.
في عاخم 1402هـ انتقل الى رئاسة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد، وبقي في هذا المنصب حتى احيل للتقاعد سنة 1417هـ.
وهو بجانب عمله الرسمي يقوم بتقديم الدروس والمحاضرات والإمامة والخطابة في عدة مساجد.
وفي أواخر حياته كان متفرغاً للدعوة والإفتاء والدروس وله خمسة عشر درسا منها عشر دروس في مسجد الراجحي بالرياض وثلاثة في مساجد أخرى ودرسان في البيت. أما مؤلفات الشيخ فهي:
1- اخبار الآحاد في الحديث النبوى لنيل الماجستير عام 1390هـ.
2- التدخين مادته وحكمه في الاسلام عام 1398هـ.
3- الجواب الفائق في الرد على من بدل الحقائق عام 1402هـ.
4- الشهادتان معناهما وماتستلزمه كل منهما.
5- تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرقي وهي رسالة الدكتوراة هذا بجانب الرسائل والاجابات المكتوبة.
دمعة وفاء
وماذا عن علاقة الوالد بسماحة الشيخ الراحل عبدالعزيز ابن باز؟
لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز مكانة عظيمة في نفس الوالد، فالشيخ ابن باز – رحمه الله- من اشهر علماء الوالد لازمة في أغلب الحلقات التي يقيمها في الجامع الكبير بالرياض ولما توفى الشيخ ابن باز صدم الوالد كثيرا فالشيخ ابن باز يجل الوالد والوالد يجل الشيخ ويعتبره اباً ولا يرد له طلباً وفي اليوم الذي مات فيه الشيخ ابن باز توفيت عمتي اخت الوالد ومع ذلك آثر ان يذهب ويصلى على جنازة الشيخ ابن باز وحين عاد لى على اخته في قبرها.
جوانب من حياة الشيخ الزاهد
الشيخ زاهد حيث عاش فترة من الزمن في بيت ايجار بعد اشترى بيتا من الطين وبقي فيه سبع عشرة عاماً وفي عام 1402هـ انتقل الى بيته الحالي الذي اقامه بعون من الله ثم بمساعدة بنك التنمية العقاري.
سعة الصدر والحلم
يتسم الشيخ بالحلم وسعة الصدر في تعامله مع جميع الناس وخصوصاً المستفتين حتى انه قد يقف نصف ساعة وزيادة للاجابة على استفتاء السائل.
الشفاعة
الشيخ معروف بسعيه الحثيث للشفاعة الحسنة وخصوصا أصحاب الحاجات.




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-21-2009, 06:38 PM   #33
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]
ابن جبرين

سعيد الحمالي
قصيدة في رثاء فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين رحمه الله


الشاعر اللي ما ارخصت دمعته لين
جاه الشديد اللي يبيّح كنينه
يقول هلي غالي الدمع ياعين
ياعين دمعك ليه ما تسكبينه
اما ذرفتي عبرتك لإبن جبرين
بالله من بعده لمن تذخرينه
مرحوم ياشيخٍ رحل يوم الإثنين
راح وخواطرنا لفقده حزينه
ياعين فقد الشيخ في ذمتي شين
وأنشهد إن فرقى المشايخ غبينة
مصيبةٍ حلّت على الناس والدين
الله يثبتنا بصبر وسكينة
له فرجةٍ في الصف وتبين بعدين
لا هاجت الأمواج تحت السفينة
قبله رحل بنّ باز وإبن العثيمين
وحكم القدر نرضى بزينه وشينه
يالله عساهم في جنان ورياحين
يسلون عن صلف الزمان وسنينه




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 08:59 PM   #34
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]

محطات في حياة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين




الشيخ محمد المنجد

الحمد لله القائل: « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ، وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ » .
ونقصان أطرافها كما ذكر ابن عباس وغيره من علماء السلف: « ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها «.
وهذا أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية, حتى قال ابن عبد البر عن هذا القول: « تلقاه أهل العلم بالقبول «.
وكانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ).
فموت العلماء من أعظم المصائب على الإطلاق, وقد فقدت الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ عبد الله الجبرين عالماً جليلاً , ومربياً عظيماً ، وأباً حانياً ، وفقيهاً ومفسراً ، وأصولياً ، ونحوياً ، وأديباً ، وقدوةً وإماماً كبيراً .
وصل علمه إلى الآفاق, وتتلمذ على يديه وتخرج من مدرسته علماء وفقهاء وطلاب علم من شتى أنحاء العالم ، وقد دفن بوفاته علم غزير.
ها قد رحل الشيخ وقد قارب الثمانين عاماً قضاها في العلم والدعوة والعبادة ، جلس للتدريس عشرات السنين، ودوّن المؤلفات النافعة، وتولى الإفتاء ، وظهرت صنائع المعروف على يديه، فعمّ نفعه وكثر خيره..
لم يمت مَن ورّث هذا العلم الزاخر والأدب العظيم، ومن أراد الشيخ فسيجده في الكتب والدروس المسجلة والفتاوى.
لقد ولد الشيخ في بيت علم وفضل ، فكان أبوه وجده وأبو جده من حفظة كتاب الله ، وكان جده الأكبر حمد ابن جبرين ذا منزلة ومكانة في قومه، فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم، مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال ، وله مخطوطات وشروح أورثت الشيخ عبد الله حافزاً تاريخياً ، وإرثاً عائلياً في العلم .
وقرأ الشيخ على أبيه بعض العلوم كالفرائض والنحو وبعض متون الحديث كالأربعين النووية والعمدة .
ولقد تلقى الشيخ من والده تربية إيمانية عالية ، ولقد أخبرني أن والده اعتاد القيام آخر الليل ، فكان ينام مبكراً ، ويستيقظ قبل الفجر بساعتين غالباً ، وربما ختم القرآن في ليلة واحدة.
وكان يوقظ أبناءه قبيل الفجر بنصف ساعة ليعودهم الصلاة في هذا الوقت المبارك ولو شيئاً يسيراً .
لقد كان الشيخ رحمه الله تعالى أعجوبة وآية من آيات الله في الذكاء والعلم ، وكان الشيخ عصاميا صاحب همة عالية : ففي سن السابعة عشرة من عمره طلب من قاضي البلد الشيخ أبو حبيب محمد بن عبد العزيز الشثري أن يقرأ عليه ، فاشترط عليه إتمام حفظ القرآن ، فتفرغ الشيخ لقراءة القرآن وحفظه ، وكان قد بقي عليه نحواً من 18 جزءاً ، فحفظها في نحو سبعة أشهر كما حدثني بذلك.

وكان الشيخ حريصا على المذاكرة مع الأقران، وكان يقول : « الطالب الذي لا يجلس مع من ينافسه ويسابقه يغلب عليه التكاسل والتثاقل وعدم الاهتمام ، فإذا كان هناك من ينافسه فإنه ينبعث وتقوى همته ويكثر من القراءة ومن البحث «.
وذكر لي أنه في أثناء انتقاله للرياض كان في ضيافة الشيخ الشتري لأنهم استأجروا للشيخ منزلين ، منزلاً للعوائل ، ومنزلاً للرفقاء ، قال لي الشيخ : « وفي السنة التي بعدها رأيت أنا وأحد زملائي أن نستقل في منزل صغير لكثرة من يغشى الشيخ من الزوار الذين لا نتمكن معهم من المذاكرة والمدارسة « .
وكان الشيخ مجدا في طلبه للعلم وقراءة المطولات ، وكان يقرأ كثيرا منها على شيخه أبو حبيب من بعد صلاة المغرب من كل يوم إلى أذان العشاء ، وكذلك في الضحى من بعد طلوع الشمس إلى قرابة الساعة ونصف.
وقد قرأ على شيخه في هذين الوقتين المباركين كتباً كثيرة ، كالصحيحين ومختصر سنن أبي داود ، وتفسير الطبري ، وتفسير ابن كثير ، وجامع العلوم والحكم ، وسبل السلام ، والآداب الشرعية لابن مفلح ، وشرح الزاد ، فضلا عن المتون الكثيرة.
وكان الشيخ متنوع المشارب ، فقد أخذ عن علماء بلده ، وعند انتقاله للرياض درس على كثير من المشايخ وعلى رأسهم الشيخ : محمد بن إبراهيم فقد قرأ عليه الروض المربع ، وبلوغ المرام ، وفتح المجيد ، وكتاب الإيمان والواسطية والحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية .
ودرس على الشيخ إسماعيل الأنصاري ، وحماد الأنصاري الإفريقيين ، ومحمد البيحاني من حضرموت ، وابن عمار من الجزائر، والشيخ عبد الرزاق عفيفي من مصر، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي من موريتانيا ، وغيرهم كثير .
فه كوكبة من كبار العلماء ذوي العلم الواسع في المتون المختلفة في التفسير والفرائض والفقه والحديث والعقيدة والأدب.
وكان مثابراً على طلب العلم متحملاً للمشاق في جمعه ، يذهب في الصباح الباكر مشياً على الأقدام للقراءة على شيخه ( صالح بن مطلق) في قرية مجاورة لبلده تبعد عنها نحوا من 5 كيلو أو 7 كيلو، ويرجع في المساء ماشياً ، وقد يبيت عنده أحيانا ، ويعود في اليوم الثاني.
ويتحمل المشاق في سبيل مرافقة شيخه حتى لو اضطر للركوب في صندوق السيارة .
وقد كان شيخه صالح بن مطلق أديباً مفوهاً يحفظ من النظم ما يزيد على خمسين ألف بيت ، فضلا عن الأشعار والمقامات والقصص الكثيرة ، وهو كما ذكر لي الشيخ : « ضرير البصر ، وكان يدلنا على كثير من القصائد ويحثنا على حفظها «.
وقد صحبه الشيخ ابن جبرين في سفره إلى مكة للحج مرتين، الأولى منهما كانت أول حجة للشيخ سنة (1369) وكانت في سيارة مكثوا في الطريق 5 أيام ذهاباً ، و3 أيام إياباً.
قال الشيخ ابن جبرين : « وكان الطريق صحراوياً ولا نستطيع أن نسري في الليل ، ونتوقف في وسط النهار أيضاً في القيلولة ، وفي هذه المدة نقرأ عليه في وقت القيلولة ، وكذلك في وقت الصباح قبل الركوب وبالأخص في مناسك الحج «.
وقد كان الشيخ ممن اختارهم الشيخ أبو حبيب لصحبته في رحلته للمناطق الشمالية بتكليف من الشيخ ابن إبراهيم نظرا لحاجة تلك المناطق للتعليم والتوجيه ، وقد ذكر لي الشيخ جانبا عن رحلته هذه فقال: « هذه رحلة طويلة ، وهي التي أرسلنا فيها الشيخ محمد بن إبراهيم ، وجعل رئيسنا الشيخ عبد العزيز أبو حبيب الشثري رحمه الله ، ندعو ونعلم في هذه المدة التي استغرقت ثلاثة أشهر ونصف ، ابتدأنا من أرماح، ثم مشينا على الحدود الشمالية من قرية ، والحفر ، والقيصومة ، والحدود حدود العراق ، وانتهينا إلى حدود الأردن إلى الطريف، وإلى حقل، وإلى حدود الساحل، ثم رجعنا إلى المدينة .. خيبر.. العلا .. تبوك ، وهكذا...».
وكان الشيخ يمضي وقته في الرياض في طلب العلم ، فمن بعد الفجر حتى انتشار الشمس يقرأ على الشيخ محمد بن إبراهيم ، وبعد درس الفجر للشيخ محمد بن إبراهيم ، يذهب إلى المنزل لتناول الفطور، ثم يرجع بعد ساعة ونصف لتلقي بعض الدروس في المسجد .
ومما ذكره لي الشيخ ، قال: « عندما قدمنا على الرياض في سنة (1374) رأى الشيخ الشثري رحمه الله أن يستزيد جملة من المشائخ في ليلة الجمعة مساء الخميس من كل أسبوع، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد العزيز الأشقر ، فلسطيني ، وجملة من المشائخ أحياناً ابن مهيزع .
يجتمعون في بيت الشيخ بعد العشاء ولمدة ساعة ونصف ونحوها ، وكلفني أن أقرأ عليهم ، أقرأ في صحيح البخاري، ويتولى الشيخ عبد الرزاق شرح الحديث الذي نقرؤه، وكذلك أيضاً يتولى الشيخ عبد العزيز بن باز التعليق عليه ، ولا يزالون كذلك يبحثون في المسائل المتجددة التي تحتاج إلى مراجعة وما أشبهها من المسائل التي تقع ، فيستفيد الحاضرون «.
فوا أسفاه على فقدنا لعلم تلك المجالس مع هذه الكوكبة المباركة .
وكذلك كان الشيخ ابن جبرين يحضر مجالس الشيخ ابن باز ، وقد استفاد منه كثيرا .
قال الشيخ : « من سنة خمسٍ وسبعين إلى سنة ثمانين كنا نأتي إليه في بيته ، ونحضر الدروس ، وبالأخص عندما ابتدأ في تصحيح فتح الباري نحضر معهم أحياناً الذين يصححون ، كانوا قد أحضروا أربع نسخ مطبوعة ، طبعات متفرقة ، ونسخة خطية ، فكانوا يقرؤون عليه ، يقرأ عليه أحدهم والبقية يصححون .
هذا يقول : عندي فارق كلمة ، عندي نقص كلمة ، ويثبت ما رأى أنه أصح الكلمات وينبه أيضاً على بعض الغلطات كما هو في المجلدين الأولين من فتح الباري ...».
وقد وثق به الشيخ ابن باز فأوكل إليه إمامة الناس في الجامع الكبير ، وكان يحيل إليه مسائل الفرائض التي لم يحلها أحد غيره ، وكان قد برع في هذا العلم وتلقاه في أربع سنين عن شيخه عبد العزيز بن ناصر بن رشيد .
ومع ما كان يعانيه الشيخ من ضيق ذات اليد إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة طلب العلم ، فقد أخبرني عن الوضع المادي لوالده ، وأنه لم يكن له من الدخل إلا ما يرزقه الله به من الشيء اليسير من بعض الأعمال التجارية التي كان يقوم بها.
ولما انتقل الشيخ إلى الرياض عام (1373) ترك زوجته في البلد ، ولم يستطع استقدامها للرياض إلا بعد أربع سنوات في سنة (1377) ، وذلك لصعوبة حاله وظروفه.. وبقي ساكنا في بيت من حجر وطين قرابة سبع عشرة سنة .
وكان الشيخ متواضعاً ، حريصاً على الحقوق العامة للمسلمين ، من عيادة المريض، واتباع الجنازة ، ولما سمع أن جدي (لأمي) توفي حضر الصلاة عليه دون أن أخبره بذلك ، وحقق رغبتي في إمامة صلاة الجنازة لما طلبت منه ذلك .

وكان يصبر على طلابه ويترفق بهم ، وقد مر عليه وقت لا يحضر بعض دروسه إلا طالب واحد في المواريث ، وقد حضر الشيخ مرة ولم يجد إلا هذا الطالب ، فقال له : أنا وأنت وبراد الشاي ثالثنا.
وقد سألت الشيخ عن صوته ، هل كان بسبب حادثة معينة أو ظرف صحي أو أنه هكذا من القديم ؟
فقال الشيخ: « هكذا كان ، ما أذكر أنه تغير ، وكذلك الذين يعرفونني قديماً ما ذكروا أنه حصل شيء يغيره ، وهم يعرفون صوتي من صغري أنه هكذا دون أن يحصل فيه شيء من التغير» .
وذكر لي مرة في مجلس خاص أنه كان جميل الصوت ، فأصيب بالعين ، فأصبح يعاني في كلامه ، ومرض مرضاً طويلاً عانى فيه من بلع الطعام حتى شفاه الله منه في مرحلة متأخرة من حياته.
ومما لا بد أن يتنبه له: أن فتاوى الشيخ لا تدل على علمه الغزير ، ومن أراد الوقوف على علم الشيخ حقيقة ، فعليه بشروحه على الكتب ومطبوعاته ودروسه المسجلة ، ففيها يظهر عمقه العلمي وفقهه الواسع .
وقد بارك الله للشيخ في وقته فكان يقوم بالأعمال المتنوعة الكثيرة في يوم واحد بل في مجلس واحد.
فتراه في غرفة الإفتاء يرفع سماعة الهاتف والأخرى موضوعة على الطاولة ، والسائلون جلوس حوله ، وبيده أوراق يكتب عليها إجابات ، وبجانبه طالب يقرأ عليه .. فيوزع وقته بينها في تنظيم عجيب.
والشيخ سهل الاقتحام ليس عنده حجاب ولا بواب ، وفي مجلس بيته : يعقد زواجاً ، ويقسم ميراثاً ، ويكتب شفاعةً ، ويجيب هاتفاً ، ويستقبل زائراً ، ويشرح لطالب مسألة.
ولقد كانت جنازته أكبر دليل على مكانته في قلوب الناس ... فقد امتلأ الجامع الكبير كاملاً بساحاته ، وأغلقت بواباته قبل الظهر بساعة ، ثم امتلأت الساحات الخارجية وامتدت الصفوف إلى مواقف الأسواق المجاورة .. وأوقف المشيعون سياراتهم على جوانب الطرق الرئيسة ومشت الجموع كيلو مترات على أرجلها ، بالرغم من حر الظهيرة ، وفيهم من المواطنين والمقيمين ، ومن دول خليجية ومن العرب والأعاجم وأكثرهم من الشباب .
كان حب الشيخ يطغى على حر الظهيرة ، وكان دور طلبة العلم بارزاً في تنظيم الناس لإفساح الطريق للجنازة وتنبيه المصلين بعدم التقدم على الإمام خارج المسجد في صلاة الظهر.
وأعاد بعضهم صلاة الظهر بعد أداء صلاة الجنازة ، وقام بعض المحسنين بتوزيع المياه على المشيعين الذين امتلأت بها جوانب المقبرة .
ومن رأى وقائع جنازته وتابع صفحات المواقع الالكترونية ولاحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ أدرك كم ترك الشيخ من الذكر الحسن في الناس... وكما قال بعض السلف لأهل البدع : بيننا وبينكم يوم الجنائز .
رحم الله الشيخ رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، ورفع درجته في المهديين ، وأخلف الأمة خيراً ، إنا لله وإنا إليه راجعون .




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:00 PM   #35
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]

العفالق والطيار معددين مناقب الشيخ المتواضع :

ابن جبرين أفنى عمره في الدعوة والعلم ونفع الناس

فتح أبواب بيته وقلبه للطلبة والزائرين



سامي المبارك - الدمام


ابن جبرين

رحيل الاحباب وفقدهم امر تتألم له النفوس ولا تلام على ذلك غير أن اشد انواع الفقد فقد العلماء الربانيين والائمة المصلحين فرحيلهم يزلزل الافئدة ويهز المشاعر ويستدر الدموع خصوصاً إذا كان الراحل من الكبار – واي كبار- كبار العلماء ففي السنوات الماضية رزئت امتنا الاسلامية بفقد كوكبة منيرة من علمائها أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهما من علماء العالم الاسلامي وها نحن اليوم نفقد علما من اعلامنا وجهبذا من جهابذتنا وكوكبا منيرا من كواكبنا انه سماحة العلامة بقية السلف الصالح الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله - هذا العالم الذي أفنى عمره وحياته في طلب العلم وتعليمه والدعوة الى الله والافتاء والنصح والإرشاد ونفع الناس.
وعبر كثير من العلماء وطلاب العلم بل وعامة الناس عن حزنهم لموت الشيخ ورحيله.
د/عبد الله بن محمد الطيار استاذ الفقه في الدراسات العليا بجامعة القصيم تحدث قائلا : لا شك أن بموت الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين فقدت الأمة الاسلامية علماً من اعلامها وفقدت الساحة العلمية والدعوية عالماً كبيراً من علمائها كان يجوب البلاد شرقاً وغرباً من اجل الدعوة إلى الله ومن اجل إقامة الدروس العلمية والمشاركة في الدورات فهو من اكثر العلماء دروساً وتفرعاً وقل من يقوم بمثله - رحمه الله -.
والشيخ بجانب علمه فهو متواضع جداً خصوصاً مع طلابه حتى انه يقبل رؤوس بعضهم ويذكر آراءهم في دروسه وبعض مؤلفاته، فهو يقدر اهل العلم والعلماء شأنه في ذلك شأن شيخه وشيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والشيخ له موروث علمي أتمنى ان يعتنى به من قبل اولاده وخصوصاً ابنه د.عبد الرحمن الجبرين سلمه الله فهو مؤهل ومهيأ لمثل هذا العمل وأخيرا فإنني اعزي هذه البلاد قيادة وعلماء وطلاب علم ودعاة وابناء الفقيد واخوانه واهله في هذا المصاب الجلل سائلا المولى عز وجل ان يرحمه وان يسكنه فسيح جناته.
معلم في الصباح والعصر
صاحب الفضيلة الشيخ يوسف بن عبد الرحمن العفالق القاضي بالمحكمة العامة بالدمام تحدث عن فقد الشيخ ورحيله قائلا :
لا شك ان فقد العلماء خسارة عظيمة للأمة الاسلامية خصوصاً امثال الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله - وفي الحديث (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
ويقول القائل :



لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بموته خلق كثير



واضاف فضيلة الشيخ يوسف العفالق قائلا : لقد عرفت الشيخ مند كنت طالباً في كلية الشريعة بالرياض فقد كان يدرسنا مادة العقيدة الاسلامية في الكلية وكنا نذهب اليه بعد العصر ويدرسنا في بيته فقد كان بيته مفتوحاً لطلاب العلم والزائرين وكان بيته متواضعا جداً في احد الاحياء الشعبية وكان يكرمنا بتقديم الشاهي والقهوة وكرم الضيافة من صفاته البارزة كما انه على علو منزلته وقدره فقد كان متواضعا مع الجميع.
والشيخ - رحمه الله - كان دائم الترحال من اجل الدعوة الى الله فهو من جيل المحتسبين ولم يقعده التقاعد عن مواصلة مسيرته العلمية والدعوة بل كان عطاؤه مستمرا حتى في مرضه وكم شرفت المنطقة الشرقية بمجيئه وكان متواصلا مع اهلها ومع قضاتها فقد كان يزور المشايخ والقضاة في احدية لقاء القضاء وكان يزور الجهات الحكومية ويدعو الى الله فيها ويستجيب لكل دعوة خير سواء للجمعيات الخيرية والمؤسسات الدعوية وغيرها. ومما تميز به الشيخ تواصله مع ولاة الامر فرحمه الله رحمة اسعة وعوض الامة الاسلامية خيراًُ بفقده.




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:00 PM   #36
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]

الندوة العالمية للشباب الإسلامي تنعى العلامة الشيخ ابن جبرين

الشيخ ابن جبرين
«الاقتصادية» من الرياض
نعت الندوة العالمية للشباب الإسلامي للعالمين العربي والإسلامي وللأمة جمعاء فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء السابق، رئيس الهيئة الشرعية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي الذي توفي ظهر الإثنين الماضي بعد صراع مع المرض، وشيع الآلاف جثمانه الثلاثاء.

وقالت الندوة العالمية للشباب الإسلامي في بيان لها «لقد فقدت الأمة عالماً جليلاً من أبرز علمائها، وفقيهاً كبيراً، وداعية كرّس جلَّ وقته وحياته لخدمة هذا الدين، والذود عن حياضه، وبيان المنهج الصحيح في الدعوة». وأضافت الندوة في بيانها: لقد عُرف العلامة الشيخ الجبرين - عليه رحمة الله - بعلمه الغزير، وزهده وورعه، وتلمس حاجات المسلمين، وكان له دوره الكبير في دعم ومساندة العمل الخيري، عبر فتاواه الشرعية والتأصيلية، وكتابة التزكيات للمحسنين وأهل الخير لدعم الأعمال الدعوية والخيرية. وأشارت الندوة إلى ترؤس فضيلته ـ عليه رحمة الله تعالى ـ الهيئة الشرعية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي منذ إنشائها قبل تسع سنوات، وهي الجهة المختصة بالنظر في الأمور والمسائل الشرعية للندوة.

وأعربت الندوة في بيانها عن الحزن العميق الذي خيم على جميع العاملين في الندوة في جميع فروعها ومكاتبها في الداخل والخارج لفقد فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين - رحمه الله .




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:01 PM   #37
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]
الشيخ ابن جبرين وسبع سنوات في الحج








فخالط رواة العلم واصحب خيارهم ***فصحبتهم زيـن وخلطتهم غُنم

ولا تعد عيناك عنهم فإنهم ***نجـوم إذا ما غاب نجــم بدا نجــم

فو الله لولا العلم ما اتضح الهدى ***ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم

إن صحبة العالم في السفر وخصوصا في مناسبات عظيمة وكبيرة كالحج تثري الطالب ثراء واسعا وتزرع لديه سعة الفهم، وقوة الإدراك كيف وإذا كان ذلك العالم الرباني بحر من بحور العلم وعلاّمة مميز تميزه : دقة العبارة، وسعة الاطلاع ، وقوة الإدراك، فضلا عن سماحة التعامل، وتواضع الفعال، وطيب الأقوال، وجمال الأخلاق، ورحابة الصدر ، فرحمة الله على نجم أفل نوره، ومصباح خبئ ضوءه، وسراج انطفأت شموعه، فيارب عوض الأمة بفقده خيرا .

واجب علينا ونحن نودع هذا الهمام الإمام أن نسجل بعض الدروس المستفادة من مواقف الشيخ في الحج :

الشيخ يحج كل سنة

يدرك الجميع أن الشيخ ومع كبر سنه ، ورقة عظمه ، يستغل مناسبة الحج لكسب الأجر، واغتنام الثواب، ونفع الناس كيف لا ومناسبة الحج تجمع جميع الأطياف فمع تقدم عمر الشيخ، وهشاشة عظمه، إلا انه يتلذذ بهذه العبادة ويهتم لها ولا يفوتها في كل عام فتجد الشيخ وبعد وصوله الأراضي الطاهرة ينطلق في كل مكان واعظا ومرشدا ومفتيا فيجد الناس لدعوته قبولا ولنصحه أثرا. زيادة على تطبيقه شعائر الحج كاملة دون توكيل أو إنابة.

فكيف ببعض شبابنا ممن رزق قوة في البدن، وكمالا في العقل، وصحة في الجسم، ومع ذلك يتكاسل ويفرط في أداء ماافترضه الله عليه

رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجزاه عن الأمة خير الجزاء .

الشيخ ومدرسة التواضع

الشيخ رحمه الله مدرك لحديث ( وماتواضع عبد لله إلا رفعه الله ) فهذا العالم رفع الله قدره، ويسر أمره ، وشرح صدره، وكسب محبة الخلق.

إن خلق التواضع ليست صناعة بشرية، وليست مشهدا تمثيلا، ولا تصنعا وتميعا، بل التواضع: تعليم سماوي، ودرس نبوي، وخلق رباني ، عالمنا رحمه الله طبق هذا الخلق سلوكا عمليا ولهذا شواهد لاتحصى كثرة من أبرزها :

· الشيخ يحجز له مقعدا خاصا في الطائرة لنقله للحج نظرا لمشقة الطريق وزحامه ، فضلا عن شيبته وضعفه فيأبى الشيخ رحمه الله إلا السيارة وكأني به يريد أن يساوي ويماثل عامة الناس أو ربما يجد في طريقه ضعيفا فيسعفه، أو مسكينا فيكرمه، أو محتاجا فيعطيه، فبارك الله هذه المثل .

· في كل سنة ومع قرب موسم الحج تأتي للشيخ عروض خاصة ومغرية من حملات متميزة وراقية في مركبها، ومطعهما، ومسكنها، ومع ذلك يأبى الشيخ إلا حملة خيرية متواضعة جمعت جميع أطياف المجتمع الشريف والوضيع ، الفقير والغني، الصغير والكبير، القوي والضعيف، فضلا عن مكاتب الجاليات والمسلمين الجدد ولهذه الميزات أحب الشيخ هذه الحملة الخيرية وألفها وصار يحج معها كل عام ويجعل للشيخ فيها خيمة صغيرة متواضعة وهذا حسب رغبة الشيخ وطلبه .أراد أن يماثل الناس ويشاكلهم في كل شئ .

الشيخ وأسرة الشيخ حمد بن عبدالله اليحيا

الشيخ له علاقات مودة ومحبة مع جميع طباقات المجتمع وفئاته ، والشيخ محبوب الجميع نظرا للاطفته، وسعة حلمه، ومن بين تلك الأسر التي أحبت الشيخ وأحبها الشيخ أسرة الشيخ الكريم / الشيخ حمد بن عبدالله اليحيا - متعه الله بالصحة والعافية - فهذه الأسرة المباركة جمعت الحلم والعلم، والفضل والأدب ، لقد شارك الشيخ هذه الأسرة أفراحهم وأتراحهم وأغلب مناسباتهم لقد كانت بينهما عشرة كريمة ، وتأريخ عريق .

وحملة الشيخ الخلوق المتواضع : سليمان بن حمد اليحيى من حملات الحج الخيرية والتي شهد لها القاصي والداني هذه الحملة لها في كل عام موعد مع شيخنا الجليل عبدالله الجبرين فقهيا ومفتيا بين أفراد الحملة لقد أحب الشيخ هذه الحملة لما كسبته من الميزات السابقة.

الشيخ في طريقه لرمي الجمرات

الشيخ له مكانة واحترام في قلوب الخلق ونحن في طريق الجمرات يمشي الشيخ:

فهذا شاب يوقفه فيعانقه ، وذاك طفل يضاحكه ويداعبه، وتلك امرأة تشتكي إليه ، فسبحان من رزق الشيخ الصبر والحلم يقف معهم ويجب سؤلهم ويقضي شغلهم ، لايمل ولا يسأم ، ولا يعنف ولا يزجر، بل ابتسامة هادئة ، وسعة بال ، وتحمل مشاق ، فرحمة الله عليه .

* في زحام الجمرات وبعد العشاء نعمل حزاما بشريا لحماية الشيخ من مشقة الزحام لأن جسمه نحيل، وجسده منهك فيأبى الشيخ إلا مساواة الناس فندخل معه في زحام الجمار فيسقط شماغ الشيخ من شدة الزحام وربما ضويق من غير قصد ويتقبل ذلك بصدر رحب لأنه يعلم أن الأجر على قدر المشقة كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها ( أجرك على قدر نصبك )

الشيخ والباكستاني

وفي عودتنا من الجمرات يبصر الشيخ رجل من الباكستان وهو يحمل والدته العجوز على كتفيه فيقف الشيخ متأملا ومتأثرا بمشهد عظيم من مشاهد البر والإحسان فتدمعي عيني الشيخ لأنه تذكر بعض مشاهد العقوق من بعض أولادنا هداهم الله .

بين الشيخ الجبرين والشيخ الجزائري

بين هاذين العالمين ( بكسر اللام ) ألفة عجيبة ، ومحبة كبيرة دليلها القرآن ، ودستورها نور النبوة ، سرها وقصتها في الحج ففي كل سنة لنا موعد مع هاذين العلمين الرائعين : في أسلوبهما، وطريقة تربيتهما، هما يسكنان في خيمة واحدة لايفصل بينهما سوى شراع من القماش فيتناوبان في الوعظ والفتوى دون كلل أو ملل بل في سعادة عالية وروعة بالغة، في تبليغ الدعوة وإيصال الرسالة .

الشيخ وحارس خزانات الماء

في آخر ليلة من ليالي الحج وكنا في ليلة وداع لفراق الشيخ دخل علينا رجل كبير في السن وعليه علامات الحزن والكآبة والملل فقال الشيخ مالك ؟ قال ياشيخ فسد حجي فقال له الشيخ كيف ؟ قال ياشيخ أديت بحمد الله جميع مناسك الحج في يسر وراحة وبحكم عملي في حراسة خزانات مياه الحجاج كنت أبيت خارج منى أيام التشريق فقال لي رجل حجك غير صحيح.

تكفى ياشيخ افتني فقال له الشيخ مادام أن عملك مرتبط بهذه المصلحة العظيمة فحجك صحيح وأنت مأجور ( معنى كلام الشيخ وليس نصه ) فخرج الرجل يهلل ويكبر فرحا مسرورا ومستبشرا ومغتبطا بفتوى هذا العالم .

الشيخ بعد صلاة الفجر

بعد صلاة الفجر نستقبل أسئلة الحجاج ومشكلاتهم ونعرضها على الشيخ الغريب في الأمر أن الشيخ لايمل ولا يتضجر من كثرة الأسئلة بل تجده يجيب وهو على هيئة واحدة، وبأسلوب واحد فيطول الوقت بالشيخ ونشفق على حاله ونقول للشيخ نريد أن نتوقف وأعرف أن الشيخ يتمني أن يجيب على أسئلة الجميع ويقف على حل مشكلاتهم .

الشيخ وتقبيل الرأس

أمر الشرع الحنيف بتوقير العلماء وإجلالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط) رواه أبو داود

قال ابن عبد البر: أنشدني يوسف بن هارون بنفسه في قصيدة له :

وأجلّه في كل عين علمه

فيرى له الإجلال كل جليلِ

وكذلك العلماء كالخلفاء عند

الناس في التعظيم والتبجيل

فمن فرط محبة الناس للشيخ وإجلالهم له وتقديرهم للعلم الذي يحمله كان الواحد من الطلاب يحرص على شرف تقبيل رأس الشيخ الذي حوى العلم والمعرفة، وجمع الأدب والأخلاق ، إلا أن الشيخ رحمه الله من فرط تواضعه يشدد على عدم تقبيل رأسه ويكتفي بالمصافحة والمعانقة فرحم الله شيخ التواضع وأستاذ العلم .

الشيخ وسلامة الصدر

في ظني الذي لايخيب أن الشيخ يملك مواصفات عالية جعلت منه شخصية محبوبة لعامة الخلق صغيرهم وكبيرهم ، نساؤهم ورجالهم، في جميع أصقاع الأرض هذا الحب لم يكن وليد الصدفة فكنز الحب لم يأتي من سعة ماله ، أو رفعة جاهه ، أو شرف مقامه ، بل نبع ذلك من إخلاص صادق ، وقلب طاهر ،وفؤاد نقي فلا يحمل في قلبه غيظا، ولا حنقا ، ولا احتقارا ، ولا بغضا، فرحمك الله أيها الإمام .

بيت الشيخ

بيت الشيخ الذي يسكنه ليس قصرا فارها ولا برجا عاجيا إنما بيت متواضع بعيد كل البعد عن التكلف والترف بيت يشع منه العلم وتنبع منه المعرفة

بيت الشيخ لم يخصص لفئة معينة بل خلية نحل يدخله الغني والفقير، والكبير والصغير ، وجميع أطياف المجتمع فلا يخرج الداخل إلا وقد حاز نورا ومسكا : إما علما تعلمه ، أو شفاعة محققه ، أو تزكية موقعة، أو مساعدة مجزية، فالشيخ رحمه الله لايرد طالبا كريم النفس سمح الطبع رحمة الله عليه .

الشيخ والفتوى

لايخفى على كل ذي لب براعة الشيخ في الفتوى فالله سبحانه وتعالى أراد بعبده الجبرين خيرا ففقهه في دينه ، ونوره بالعلم والحلم و ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) ولهذا تجد دروس الشيخ وفتاواه رصينة متينة ، مقرونة بالدليل، معزوة للأصول ، مفصلة ، مؤصلة، موضحة، ولهذا إذا قيل أفتى الشيخ ابن جبرين في كذا وكذا تجد لهذه الفتوى قبولا في قلوب الخلق . فرحم الله ذلك العبد الصادق وأسكنه جنته .

ختاما......... رحمك الله ياشيخنا ، وأسكنك فردوسه الأعلى وجمعنا بك في أعالي الجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر


وكتبه محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشائع

أستاذ الشريعة في المعهد العلمي في محافظة شقراء





[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:02 PM   #38
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]

(خواطر وذكريات من وحي جنازة العلامة ابن جبرين رحمه الله)




الدكتور سعد مطر العتيبي
للتوِّ عدتُ من منزل الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله! وقد عزيت إخوته وأبناءه ومن وجدت من أحفاده..

حاولت حين عدت إلى المنزل أن أمارس حياتي الطبيعية في المكتبة، لكني وجدت الذهنَ يشرد! فقد تتالت كثير من الذكريات وأنا في طريقي إلى المنزل، فلم أجد خيارا أفضل من الاسترسال مع الذهن، وتدوين ما يمليه، دون تعكيره بتكلّف نسق ما من الكتابة! فوجدته يدفعني لأكتب ما يمليه.. فكتبت :

1) لقد رأيت جموعا كبيرة تتالى على منزل الشيخ للعزاء، ما بين رجال ونساء، وكان للدوريات حضور في تنظيم الناس، و وقوف السيارات..

ومن شاهد مسارات الناس التي تمتد خلال المنزل إلى مقرّ إخوة الشيخ وأبنائه داخل مجلس العزاء يوقن أن الحضور ليس كلهم على صلة بالشيخ أو ذويه.. والجميع يسلم ويعزي ويخرج حيث لا يسع المكان للجلوس لكثرة الناس..

وكنت حضرت مع زميلين كريمين، وكلنا له صلة بالشيخ وبعض أبنائه وبعض إخوانه؛ فالشيخ الدكتور عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله أستاذ جامعي معروف، وهو ممن عرفتهم منذ كنت طالبا في كلية الشريعة، وكانت ثم صلات عديدة.. وأما الأستاذ ناصر أخو الشيخ فهو زميل قديم، حين كنا بكلية الشريعة، وكذا الأستاذ سليمان بن الشيخ عبد الله، فهو من أقراني، و زملائي مدة دراستي في كلية الشريعة بالرياض، وعلاقتنا مستمرة من تلك الأيام ولله الحمد والمنّة..

لكن ليس كل المعزِّين في الشيخ له صلة بالشيخ و بمن يعزونه في الشيخ، شأن من حضروا صلاة الجنازة أو تبعوها وشيعوها إلى المقبرة.. فأن يعزي المَعَارف، أمر عادي، لكن أن يأتي معزون كثيرون لا معرفة لهم بمن يعزّون على الإطلاق، فتلك المنقبة لهم وللشيخ رحمه الله!

وقد اختصر أحد كبار السن - ممن يظهر عليهم أثر الوجاهة - هذا المعنى بقوله ونحن نسلم عليه عند مدخل مجلس العزاء، بقوله : كلنا نُعزّى في الشيخ، فليس العزاء خاصاً بقرابته!

قلت : صدق والله، فالشيخ شيخ أمّة!

2) وبالأمس كنت حضرت جنازة الشيخ ذاته، وانتابتني مشاعر شتى، أثارتها إضافة إلى الحدث : شجون الزمان والمكان! وهنا أترك العنان للقلم ليخفف عني شيئا من وقع فقد هذا الشيخ الجليل على النفس.. ولا سيما أنني رأيته آخر مرّة في مكان أكاد أجزم أنه لم ولن يخطر على بال قاريء! ووقع في ذات المكان ما آلمني كثيرا.. وسأذكر ذلك المكان في مناسبته من هذه المقالة إن شاء الله تعالى، وإن كنت قد لا أطيق ذكر ما آلمني حينها..

اتجهت الضحى العالي يوم الثلاثاء، في الساعة الحادية عشرة والربع تقريبا إلى جامع الإمام تركي ( الجامع الكبير بمدينة الرياض ) واتصلت في الطريق على أحد حمائم ذلك الجامع؛ لأحدد طريقة وصولي للجامع، فأخبرني أنه موجود في المسجد منذ الساعة العاشرة والنصف.. وأنه وجد صعوبة في وجود موقف لسيارته؛ ففكرت في إيقاف سيارتي والانتقال للمسجد عبر سيارة أجرة (ليموزين) - أو سيارة كِراء كما عربها المرور القطري -.. لكنني قرّرت الذهاب بالسيارة مع الابتعاد عن مواقع الزحام والضنك، ولا سيما أنني أكاد أحفظ كل طريق وزقاق في تلك المنطقة، لكثرة ترددي إليها، وتجولي في سن الصبا مع الرفاق حواليها.

واحتياطا لمثل هذه الجنازة التي كان جميع من يعرفون الشيخ يتوقعون أن يكون حضورها كبيرا مشهودا، أوقفت سيارتي ككثير من الناس قرب مسجد العيد غربا منه - أي بالقرب من المنزل الطيني الذي كان الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله يلقي فيه أوائل دروسه، التي لم يكن يحضرها - كما كان يحدِّث رحمه الله - في بعض الأحيان إلا ثلاثة : الشيخ ( ابن جبرين )، وأحد الطلبة اليمَنيين، وإبريق الشاي!! وهي مسافة تقارب خمسمائة متر عن المسجد تقريبا من الناحية الجنوبية الشرقية للجامع الكبير ( جامع الإمام تركي ) بوسط مدينة الرياض.

سرت مع جموع المشاة مرورا بمحطة الإطفاء، متجهين شمالا إلى الجامع، مرورا بموقع المنزل الذي كان يسكن فيه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قبل انتقاله إلى حي البديعة..

3) تلك الطريق التي تتخلل أسواق الديرة الشهيرة، والتي منها سوق الزل العريق، وسوق الآثار الذي يرتاده الخواجات منذ عرفته..

تلك الطريق التي طالما رأيت - وأنا بجوار والدي رحمه الله في سيارته ذاهبين إلى الندوة الأسبوعية - شيخَنا ابنَ باز رحمه الله يسير على رصيفها الغربي، قبيل الغروب متجها إلى الجامع الكبير حين كان يؤمه، ويلقي فيه دروسه! ويعلق فيه على محاضرات الجامع وندواته الشهيرة آنذاك حين كان مقدمها الشيخ عبد الجواد..

ذلك الجامع ذي المبنى العريق، الذي طالما حدثني خالي مخلد بن ضويحي عن مشاركته في بنائه وذلك حين قدم من الدوادمي صغيرا بحثا - كلداته - عن سوق العمل! فكان له نصيب من البناء مع معلّم البناء! - ذلك البناء القديم، المسقّف بأعمدة خشبية طبيعية، لتعاقب الطيور بينها وقْع في النفس يبعث على الأنس، في زمن الطفولة! كان ذلك قبل أن يُنقض البناء القديم ببضعة عشر عام، ذلك النقض المرحلي الذي أثار أشجان مؤذنه الشهير الشيخ عبد العزيز بن ماجد رحمه الله! فلم يتمالك نفسه حيث خنقته العَبرة، ثم انفجر باكيا! وذلك أثناء آخر نداء رفعه من ذلك المبنى القديم..

4) وعودا إلى خبر جنازة الشيخ عبد الله ابن جبرين رحمه الله!

سرت بجانب الطريق على ذات الرصيف الغربي، والناس تسير فيه كالسيل الجارف في جميع الطريق : وسطه وجانبيه، ولفت انتباهي : خروج أصحاب المحلات التجارية - على جانبي الطريق - أمام متاجرهم! يشاهدون الجموع بدهشة، وتلحظ تهامس الأعاجم والغرباء منهم بالسؤال : ما الحدث؟! فترى الحيرة أحيانا، وتسمع الجواب أحيانا أخرى، يتكرر ذلك أمام ناظريك - وأنت تسير نحو الجامع - بتكرر السائلين والمجيبين..

وذكرني هذا المشهد بأسئلة مشابهة كنت أطرحها مع بعض الرفاق استفسارا عن حشود رأيناها في وسط مدينة باريس قبل بضعة أشهر! فكان الجواب هناك : إنها مظاهرات رسمية، أي مرخّصة وفق قانون المظاهرات!

ولكن وجدتني أردد في نفسي : إن هذه مظاهر تعبدية.. لا مظاهرات سياسية.. وشتّان بينهما.. ومن ثم فلا تحتاج لإذن لتكون رسمية! بل قد أعدت الجهات الرسمية عدتها في التنظيم والتسيير، منعا للاختناقات المرورية، ولا سيما في جو ساخن بسخونة صيف الرياض! وإن كان الله قد أنعم علينا حينها بهواء يبدد شيئا من سكون الحرارة..

وسرت حتى انحنى الطريق، فتبيّن الجامع للناظر من بين المباني، وكانت المفاجأة أن جميع الأبواب الجانبية الجنوبية للجامع مغلقة، ما عدا الباب الأخير الذي يُدخَل منه على الساحة المكشوفة في المسجد، وإذا النّاس يتدافعون فيه دخولا، في مشهد ذكرني اندفاع الناس إلى الحرم المكي بعد الأذان من باب الفتح أو باب الملك عبد العزيز رحمه الله! ومن شهد ما شهدت يعلم أني لم أبالغ كما قد يظن بعض من لم ير المشهد!

ورأيت بعض الناس يخرجون من ذات الباب الكبير، ومن بينهم شيخ كبير يتكئ إلى عصاه، ويردد : يقولون ما فيه محل إلا في الشمس!

ومن عادتي في الزحام، أني لا أستمع إلى الناس، حتى أرى.. وما إن تخللنا من الباب حتى رأينا جميع المواقع التي لها نصيب من الظل قد امتلأت! وبقيت الساحة المكشوفة محل تردد من بعض الواقفين، لشدة الشمس وطول الوقت المتبقي! وهنا جاء فرج عاجل، بتقدم بعض الصفوف التي تلي صف الحرس الرسمي داخل المسجد، نتيجة تضييق الحرس لدائرة الحراسة، كما هو معتاد في مثل هذه الأحوال.. فدخلنا في الجزء المسقوف من الجامع، وانتظرنا الصلاة..

وقد ضجر أحد المصلين أمامي فرجع إلى الصف الذي أنا فيها، وهو يردد : الناس يحملون أحذيتهم في المسجد!! - وكأنه لم يتحمل حمل الناس لأحذيتهم -.. قلت له : يا عم! الأمر كما ترى، هذه زحام والناس تريد أن تدرك المقبرة أيضا.. فسكن وبدأ يتلو من سورة الكهف في انتظار الصلاة حتى ختمها! فخلته قد وهم في ظل الزحام أنَّ اليوم يوم جمعة! ونسي أن اليوم يوم ثلاثاء!!

وقد اتصل علي بعض الإخوة وأنا في المسجد، يسألون عن إمكانية الصلاة داخل المسجد، وكان منهم أخي يعقوب وبصحبته أخي أحمد، حيث كانا قد أوقفا سيارتهما بقرب المكان الذي أوقفت فيه سيارتي، لبعده عن مجامع الزحام المشهورة.. فأخبرته أن جوف الجامع قد امتلأ! وقد أعلمني فيما بعد أنه صلى مع الجموع الكبيرة التي بلغت في صفوفها - تحت الشمس الحارقة - قريبا من أسواق الثميري جهة الشرق!

5) صلينا الظهر، وأمّنا في الصلاة نائبُ سماحة المفتي في إمامة الجامع الكبير، زميلُنا الشيخ الصالح - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا - الدكتور عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ إذ لم يتمكن سماحة المفتي العام من القدوم لمدينة الرياض مع محاولته لذلك، لالتزامه بعدد من المواعيد الرسمية السابقة في مدينة الطائف فصلى عليه صلاة الغائب بمسجد الإفتاء هناك.

ثم أعلن شخص لم يتبيّن لي من هو : أننا سنصلي على جنازة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين، وخنقته العبرة، وتحشرجت الكلمات في مخارجها، وأكمل - بصعوبة - ذِكْرَ اسمِ جنازة أخرى لم أتبينها.. وتأخرت الصلاة بضع دقائق، وعلَت أصوات بعض المنظمين في الجامع، ولم أشاهدهم، لكني عرفت صوت أخينا إبراهيم بن عبيد، وهو من المشرفين على الجامع، حيث كان يوجه بعض الناس بالابتعاد عن الإمام ليتمكّن الإمام من الصلاة.. وبدأ بعض الناس يجهش بالبكاء، بل قد انفجر بعضهم باكيا، وتكاثرت مرتفعة بالبكاء الأصوات، وذلك من حين كبر الإمام لصلاة الجنازة، وكان بجانبي رجل من العسكر، ذو رتبة عالية، فكانت حركة اضطراب جسده وهو يحبس البكاء تشغلني عن بعض الدعاء، و كان ينحني من شدّة ما يجد! وقد ظهر صوت الإمام بالدعاء قريبا مما لو كان يجهر بالقراءة، وربما كان السبب في ذلك : كثرة الأصوات الباكية حوله..

سلّم الإمام، وبدأ الناس في الخروج من المسجد، وانتظرت اندفاع الناس، ورأيت عددا من الأحبة والمشايخ فعزيتهم، وكان منهم الشيخ عبد الله المطلق حفظه الله، وقد رأيته متأثرا تأثرا لا يستطيع إخفاءه.. ومنهم مِن خارج الرياض حبيبنا الشيخ سعد الغنام حفظه الله! وقد أخبرني أنه جاء مع جمع من الإخوة من الخرج، ليشهدوا الجنازة..

وما إن خرجت من المسجد حتى رأيت بعض أحبتنا من أهل مدينة جُدّة! فسألته بعد أن تبادلنا التعازي: منذ متى وأنتم في الرياض ولم تخبرونا؟ فأجاب : أتينا البارحة في وقت متأخر، حيث لم نتمكن من المجيء جواً، وخشينا فوات الجنازة، فأتينا بالسيارات، مع جمع من الدعاة وطلبة العلم، وذكر لي بعضهم من أعيان مدينة جدة! فحمدت الله عز وجل أن يسر لهم الوصول، والمشاركة في الصلاة على عالم لم يَرُدّ لأهل جُدّة طلبا كما يعبر أحدهم، لا طلب محاضرة، ولا دورة علمية، ولا دعوة إلى عضوية في مجلس إدارة مكتب دعوي، ولا غيره!

قلت : هذا ديدن الشيخ رحمه الله! فهو لا يرد طلبا يمكنه تحقيقه، لا لأهل جدة ولا لغيرهم! من شرق المملكة إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وما بين ذلك! فأيّ همة تلك الهمّة! وأي توفيق ذلك التوفيق! وما أراه إلا عوناً من الله للشيخ، فلعل الله علم منه صدق النية ويسّر له العمل.. وإذا أراد الله بعبد خيرا هيأ له من أسباب الخير ما يعجز عنه غيره..

ومما لفت انتباهي : كثرة الأخوات اللاتي قدمن للصلاة على الشيخ رحمه الله! وعلمت من أخي يعقوب أن صفوف الناس كانت أكثر مما رأيت وأنا أنصرف.. وهنا تذكرت أختا اتصلت عليّ ليلة الثلاثاء، تسأل : هل يجوز أن أصلي على الشيخ صلاة الغائب! لأنني خارج الرياض؟!!

وانطلق الناس إلى المقبرة، فمنهم من وصل، ومنهم من انقطعت به السبل، لشدة الزحام، فقد تحولت بعض الطرق إلى مواقف للسيارات، وأحدث هذا نوعا من الخلل في وصول الراكبين، فسبق الراجلون الراكبين..

حقا لقد كانت جنازة الشيخ رحمه الله من الجنائز الكبيرة، في قائمة الجنائز الشهيرة في مدينة الرياض، كجنازة الشيخ حمود التويجري، والشيخ صالح الغصون رحمهما الله، وغيرهم..

6) لقد كانت هذه الجنازة الكبيرة المهيبة، رداً صارخا على من يظنون أنهم يقللون من حب الناس للعلماء، واقتداء الناس بهم، حين ينالون منهم بشكل أو آخر!

لقد كانت مقولة الإمام أحمد التي تبيّن سنة من سنن الله في وقوف الأمة الصالحة إلى جانب علماء السنة، مهما نال أهل البدعة منهم " بيننا وبينهم الجنائز ".. وهو وقوف شهادة بالديانة، وسلامة المنهج.. ومثالها في الماضين : جنازة الإمام أحمد بن حنبل ذاته التي خرج فيها أهل بغداد حبا له، لا جماهير شهرة كجنائز بعض أهل الفن، أو تغرير إعلامي كجنازة عبد الناصر مثلا.. وكثرة الحضور في الجنائز التي أشار إليها الإمام أحمد رحمه الله، ما هي إلا صورة من شهادة الأمة الصالحة ( شهداء الله ) العدول باجتماع شهادتهم.. لا شهود المشاهير.. التي تدفع إليها كوامن النفس التي تبحث عن إكمال مشاعر النقص في الاقتراب من المشاهير! أو حب الظهور معهم، ولو للذكرى في صورة أو لقطة!!

7) وأمَّا الحديث عن الشيخ العلامة عبد الله ابن جبرين فحديث ذو شجون عند من لم يلازمه مثلي، فكيف بمن لازمه وتتلمذ بين يديه دهرا؟!

الشيخ العلامة عبد الله ابن جبرين عالم أتشرف بوجود اسمه في بعض الوثائق الشخصية الرسمية الخاصة بي.. لكنني أقول بكل أسف : لم أشرف بالتتلمذ عليه، وغاية ما يمكن أن أقوله في موضوع التتلمذ عليه، هو حضوري لبعض دروسه في مُدد لا تتجاوز بمجموعها بضعة أشهر! حين كان ينوب عن شيخنا العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله في الجامع الكبير إيَّاه، وبعض حلقاته في جامع الراجحي القديم بحي الربوة..

والسبب في ذلك التزامي بنصيحة أحد شيوخي في عدم الإكثار من الشيوخ في فترة الطلب الأولى؛ لأن ذلك مما يفوّت الإفادة العلمية المطلوبة، ولا سيما في الجانب التأصيلي..

وكنت قد التزمت دروسا رئيسة لثلاثة من العلماء الكبار أيضا، وهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله! في دروسه بالجامع الكبير وجامع سارة ومسجد الحي - وهي الدروس التي ربطني بها شيخي الأول، أعني والدي مطر رحمه الله وقد تحدثت عن شيء من ذلك في ذكريات بدايات الطلب -؛ والشيخ عبد الله بن حسن بن قعود رحمه الله! في دروس خاصّة متخصصة منتظمة في منزله بل في مكتبته الخاصة؛ والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان حفظه الله! في دروسه بمسجد الإفتاء، ثم في درسه المتخصص بعد العشاء من مساء كل إثنين..

وقد عتبت على محرر صحيفة عكاظ بالأمس حين زعم في تقرير الصحيفة عن الشيخ رحمه الله أني أحد تلامذة الشيخ! وهو شرف لم أحظ به على الوجه الصحيح، إذ لا تكفي المدة التي قضيتها في حلقاته للزعم بأني من تلاميذه؛ فالتتلمذ ليس مجرد الحضور في الحلقة ولو لبضعة أشهر! وقلت له : أتريد أن تجعلني ممن يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا!

وكم أسفت على عجزي عن حضور دروس الشيخ المنتظمة، وإن كنت قد واسيت نفسي بالإفادة من دروس الشيخ المسجلة، ومن ذلك شرحه لمنهج السالكين ضمن الدروة العلمية المكثفة في جامع ابن المديني، فقد كررت سماعه، وأفدت منه في فرائد علمية، ومعارف ثقافية، قلّ أن تجدها في شروح الشارحين!

كما كنت أسأل الشيخ - رحمه الله - عن بعض ما يشكل عليّ من مسائل يشتد فيها الخلاف، أو يعسر فيها الترجيح.. وربما قصدته في منزله أو مسجده لأسمع منه رأيه في مسألة أو جوابه على مشكل..

ولا زلت أذكر فتح مكتبته لنا - أنا وبعض زملائي في المرحلة الثانوية - حين كلفنا أستاذ مقرر التفسير، الشيخ الدكتور يوسف عثمان جبريل رحمه الله! ببحث رجال أسانيد بعض الأحاديث الواردة في تفسير سورة (ص).. وكان هذا الأستاذ المربي قد أرشدنا إلى الاستعانة حينها بمكتبة الشيخ عبد الله رحمه الله، وهنا أتذكر مقولة أستاذنا د. يوسف حين كان يردد ضمن توجيهاته اليومية الشيقة التي لا تخلو من طرفة أو لطيفة، النافعة التي لا تخلو من رسالة، وذلك في الإذاعة المدرسية أثناء طابور الصباح، قال لنا مرة، وكررها بعدُ مراراً في مناسبات شتى : أنا جبريل السودان لا جبرين السعودية! وهي عبارة لها قصة..

أما اللقاءات به رحمه الله، فكثيرة بحمد الله، وهي لقاءات متنوعة، دورية وغير دورية، ما بين علمية وفكرية ودعوية.. وقد كان لوجود الشيخ فيها أثر كبير في نفوس من يحضرها من العلماء وطلبة العلم، فضلا عمّن تشدّه رؤية الشيخ وتثير فيه كوامن تأمّل من أمثالي..

وقد أفدت - كغيري من طلبة العلم - من فتاويه الفريدة في تحقيق مسائل خالف فيها بعض الآراء التي كانت سائدة، مما كنت أميل إلى قول الشيخ فيها نتيجة بحوث و مدارسات، كفتواه رحمه الله في جواز الرسوم في مجلات الأطفال الهادفة، وفي أفلام الكرتون النافعة، وفي المسعى حيث فتواه المدعّمة بشهادته، وهو من هو في العناية بالتاريخ والتأريخ..

لقد كان آخر لقاء جلست فيه مع الشيخ وجها لوجه مساء الإربعاء ليلة الخميس العاشر من شهر محرم من هذا العام : عام ثلاثين وأربعمائة وألف، وذلك على مائدة طعام في مطعم برج جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية! وكان ينثر درر علم حتى أثناء الأكل! بل لم يترك الاحتساب في هذه اللحظات، فقد نصح من بجانبه - بلطف عجيب - حين نطق هاتفه النقال بدعاء غير سائغ!

وكان حضور الشيخ للجامعة حضور وفاء لشيخه محمد بن إبراهيم رحمه الله! وذلك بمناسبة مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الطالب الشيخ / سليمان بن عبد الله التويجري، بعنوان: [اختيارات سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في العبادات والمعاملات عدا الطهارة].

وأخيرا، فلقد كان الشيخ رحمه الله عالم أمة! وكان قدوة في العلم والدعوة والاحتساب، وعلو الهمّة، والجَلَد في طلب العلم ثم في نشره، وكان موسوعي العلم، جَمَعَ بين علوم الشريعة وعلوم الآلة، والمعرفة بالتاريخ والأنساب، ومعارف أخرى..

لقد كان الشيخ رحمه الله من نوادر زهّاد العصر.. يهضم ذاته ليوصل رسالته! لا تهمه الجمهرة، ولا تستهويه الشهرة، ولا يقف خارج قناعاته مراعاة لأحد!

رحم الله الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، فقد كان أحد أركان الصحوة الإسلامية المباركة ورموزها الأجلاء، ومن أهل الوفاء لها : رعاية ونصحا، وتصحيحا، وذبا عنها وعن رموزها، حتى من الأجيال التي هي دونه سنا ومنزلة.. لا تكاد تجد لجنة شرعية في مؤسسة دعوية أهلية إلا وله فيها عضوية فاعلة، وفتاوى فريدة، بعضهم ينص فيها الشيخ على أنها فتوى خاصة بإقليم كذا أو بأهل البلد الفلاني لا يجوز إعمالها في غيره!! أي أنها من فتاوى السياسة الشرعية المؤقتة!!

رحم الله الشيخ العلامة ابن جبرين؛ فكم كنت أأنس لرؤيته، وكم أجد بينه وبين شيخنا عبد الله بن قعود من موافقات عجيبة، وتوافقات ليست بالغريبة..




[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:03 PM   #39
معلومات العضو
البّدر

مشرف سابق

عضو اللجنة الإعلامية

الصورة الرمزية البّدر
رقم العضوية : 4491
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 11,024
الإقامة : بـــآريس نـ ـجــد
قوة التقييم : 42
البّدر has a spectacular aura aboutالبّدر has a spectacular aura about

[align=center]
خاطرة مُشَيِّع للعلامة الجبرين
مشيعو الأهواء والشهوات ومشيعو العلماء الأثبات

إبراهيم الأزرق

ذهبت للصلاة على فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله، وحاولت أن أبكر ممنياً نفسي بموقف سهل، ولكني لم أجد بعد نحو خمس وأربعين دقيقة من البحث المضني عن موقف بأجرة أو بدونها سوى موقف يبعد عن المسجد نحو ألف متر أو يزيد. وقد وفقني الله لدخول فناء المسجد مع انتهاء الأذان تقريباً.

وجامع الإمام تركي بن عبدالله الذي أقميت فيه صلاة الظهر ثم الجنازة على الشيخ رحمه الله وفقاً لما يُذكر في تصميمه يتسع لنحو سبعة عشر ألف مصل، ومع ذلك لم أجد لقدمي موطئاً إلاّ في فنائه حيث لا ظل وكنت محظوظاً إذ ظفرت بقطعة من فراش لم تكن لتدفع عن قدمي سخونة الأرض التي لا تغيِّر فيها شيئاً قطراتُ العرق المتصببة من الجموع، أما ما يحف الفناء الشرقي على امتداد جنباته المسقوفة فقد امتلأ بالمصلين عن بكرة أبيه، بل امتلأ الدور الأرضي لمبنى هيئة الأمر بالمعروف وما تاخمها.

وبعد أن قُضِيَت الصلاة التي لم يتمالك فيها كثير من الناس دمعه بل بعضهم –خلافاً للسنة- صوته الذي ارتفع بالبكاء، انتشرت الجموع فسدت الأفق ولم يجد كثير من تلك الجموع مع الزحام بدّاً من المشي على الأقدام إلى المقبرة في حمَّارة القيظ، في مشهد مهيب قد تعجز الكلمات عن تصويره وحسبك أن تعلم أنه يذكر صاحب الفكرة بالآخرة.

ومع وصولي المبكر نسبياً إلى المقبرة لم أتمكن من قرب القبر نظراً لشدة الزحام والتدافع الذي آثرت ألا أكون طرفاً فيه، فمكثت بعيداً بين القبور أنظر إلى تلك الجموع الهادرة الذاكرة الداعية وقلت في نفسي كان الشيخ مباركاً في حياته وهو اليوم مبارك بعد موته جاء بالخير إلى أهل القبور فكم من مُسَلِّمٍ عليهم وداع لهم ما جاء به إلاّ موت الشيخ رحمه الله، وبينما أنا كذلك إذ رعى انتباهي صوت أحدهم يرتفع قائلاً لصاحبه: الله أكبر، قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز!

فجعلت أتأمل مقالته، وورَدَ عليَّ خبرُ موت بعض المغنيين الغربيين قريباً وتأبين الألوف له، وخبر موت بعض المطربين والفسقة في دول قريبة وتشييع الجموع الغفيرة لهم... فتأملت النكتة التي ما كانت لتخفى على الأئمة، الذين قالوا: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز، فوجدت تلك الحشود المرذولة إنما يشيعون أهواءهم وينعون بعض شهواتهم، ومن قال منهم يوماً من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، لم يقل لمطربه المُشَيَّع اللهم ارفع درجته في المهديين واغفر لنا وله يا رب العالمين! ولهذا تجد في تأبينهم الفسق والمجون والغناء وهذا يدلك على أن بكاءهم المرير وتأثرهم المنفعل إنما هو على شهواتهم وأهوائهم... فحق للناظر إلى جموعهم أن يقول بملء فيه:

ما أَكثَرَ الناسَ لا بَل ما أَقَلَّهُمُ اللَهُ يَعـلَمُ أَنّي لَم أَقُـل فَنَدا
إِنّي لَأَفتَحُ عَيـني حينَ أَفتَحُها عَلى كَثيرٍ وَلَكِن لا أَرى أَحَدا

وزيادة على هذا المعنى فإن يوم الجنائز لا يقتصر أمره على جموع المشيعين أو المعزين فذلك يوم يلقى فيه المرء عمله...

أما في وفاة الشيخ ابن جبرين فأنت ترى المشايخ الأثبات وطلاب العلم الثقات والصالحين والمسلمين الصادقين، تراهم قد خرجوا من أجل الدعاء للشيخ خاصة ولأموات المسلمين عامة مع قصد الاعتبار وكل ذلك أداء لبعض الواجب الشرعي وعرفاناً لبعض حق الشيخ الذي ظل يرشد الأمة ويعلمها، وينير دربها ويسهم في رفع الفتن عنها نصف قرن ونيِّف من الزمان، فكانت وفاته –رحمه الله- باب خير لهم وسبيل قربة وسنة فمن أسهم فيها بخير فقد نفع نفسه بتقديمه لآخرته، كما كانت حياته دعوة إلى الهدى ودين الحق.. ومن كانت تلك حاله فيرجى له أن يلقى ربّاً رحيماً رحمن راض غير غضبان...

انتهت الخاطرة التي جالت بالخاطر، وانتهى طلاب الشيخ ومحبيه من قبره، فوجدتني أقول: اللهم اغفر لعبدك عبدالله الجبرين، وثبته عند سؤال عبديك في القبر كما ثبته نصف قرن أو يزيد مجيباً مجيداً عن أسئلة عبيدك المؤمنين.

اللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين...

[/align]

البّدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها