يوجد في موروثنا الشعبي الكثير من القصص الجميلة والمعبرة لفرسان الماضي, وما كانوا فيه من شجاعةً وشهامة
ومن يبحث في تاريخ الجزيرة العربية سيجد الكم الهائل من المواقف المشرفة لؤلئك الفرسان سواءً المتقدمين منهم أو المتأخرين
ومن قصص هؤلاء الفرسان نذكر لكم هذه القصة الرائعة..
يقال في أحد الأيام ركبوا فرسان قبيلة الشدادين من بني الحارث للغزو طلباً للمغنم وذلك بقيادة أميرهم الفارس مبارك بن مهرس الشدادي المشهور بـ(( أبو سعد)), وأستطاعوا أن يظفروا بإبل إحدى القبائل وعندما كانوا في طريقهم لديارهم واجههم أحد فرسان قبيلة عبيدة قحطان ومعه مجموعة من قومه, فأنقضوا على الإبل طمعاً في كثرة الإبل التي كسبها الشدادين, فحصل بين الطرفين طراد وقتال أصيب فيه العبيدي القحطاني في ساقه وأنكسرت وأستطاعوا الشدادين الحفاظ على كسبهم.
أما العبيدي فذهبوا به قومه إلى بيشة عند أحد المجبرين ليجبر ساقه ولم يكن يعلم منهم القوم الذين كسروا ساقه فسأل أحد قومه عن عزوتهم؟ فأخبره بأنهم كانوا يتنادون بقولهم (( الأد شداد يا حمّاية التالي)), فعرف أنهم الشدادين ولو كان يعلم بذلك لم يهاجمهم ولكن حصل الذي حصل, وذلك لأن الشدادين يرجع نسبهم في الضياغم من عبيدة قحطان وقد غارم جدهم المنتزع من قحطان قبيلة بني الحارث من حوالي 400 عام تقريباً.
أما فارسنا القحطاني فخلال فترة وجوده في بيشة كان بجواره أحد القرويين وكان عنده ديك, فكان كلما أذن هذا الديك أستثار القحطاني وفي أحد الأيام قال هذه الأبيات معبراً عن ما جرى له:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا ديك ياللي في العلالي تلالي = لا واهنيك بالتعاجيب يا ديك
تجر صوتك ما شكيت الليالي = وأنا جرالي في زماني شرابيك
أتعبت ساقي بطرد عُرْب ٍ متالي = لعيون من حط العويدي مساويك
لين أعطبوني محتمين التوالي = جمع الشلاوى مبعدين المصاويك
يتلون شيخ ٍ شيخته بالعدالي = (( أبو سعد)) أليا عزل ذيك عن ذيك
العود من جنسه يجيله ظلالي = والجد واحد ماش ريبه وتشكيك
ربعي عبيدة في نهار القتالي = سوات سيل ٍ من مخيله تهاليك
لكن ثار الهيج بين الرجالي = ومنا ومنهم صار ضرب المشاويك[/poem]
وعندما وصلت القصيدة للشدادين أرسل الأمير مبارك بن مهرس لهذا القحطاني بعض من الإبل إكراماً وتقديراً له.
فسبحان الله بالأمس كاد أن يقتله واليوم يهدي له الإبل!!
نعم لا غريب في الأمر فهذه أخلاق الفرسان النبلاء وشهامتهم, رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.