" زاوية خامسة "
إحتياجي ::
القرية التي تخرجتي منها و زفتك للمدينة أول مرّة تضجُ بالحنين ، تكتم الشوق و اللوعة و تود لو صافحت قدميك من جديد ، كما كنتِ تفعلين سابقاً ، وكما كنتُ أنا أيضاً أعدو بلهفة نحو وجع تركه رحيلكِ .. لم أعتد أن أواجه كل هذه الكميّة من الحنين الخجول ؛ يخجل أن يبوح بضعفهِ فيلجأ للحيلة كنوع من محاولة مد الأيادي ، على أمل أن تعيدي لي عنجهيتي الزائفة تلك التي تقتلكِ و تحييك في آن معاً.
حنيني ايضـاً لا يستطيع التعبير عن ذاته أو ركوب موجةٍ جريئة كما أنا مع الآخرين الأغراب ؛ صبــور جداً حينمـا تأتي ساعـة اللجوء فأكتمه بين أسوار قلبي ولا أبوح بهِ لأحد ، حتى أنتِ احياناً كثيرة تفشلين في إداراكِ مـا لا أقوله ، او لعلكِ بمكـر حواء تريدين مزيدا الضعف حتى وانا أرتق أعلاي لأصعد نحوَ أسفلكِ .
يا آخر النساء و أول الملائكة :
أحتاج كثيراً ان تعبريني كسحابة صيف ، وأحتاج إحتياجاً صوفيّاً يلهج بقرب لقاءكِ ، فقد تعبت من أسلاك البعدِ و حروفٍ لا تغني حنيني ولا تشبعه من جوع ..
بلادتكِ ::
ببلادة متناهيـة تسعيـن لإرغامي بالوقوف تحت سياطِ غنجكِ ، وببلادة متناهية أيضاً أقف أنــا كمتسول أمام أبوابكِ العصيّة ؛ لا تحتاجين كثيرا لتتهاوي بين يدي لكنك تحتاجين للكثير كي تتجرأي و تقفي أمامي كما أفعل أنا كل ليلة ..
بلادتي ::
أعلمُ أني " معفّن " و فوق عفني تراكمات عاطفيّة و غيرة قاتلة تجعلني وحشاً أو عربجيّاً في نظــركِ ، بيّد أني _ومن أحسن خلقكِ و خُلقكِ_ أحبك محبة لو وزعّت على أهل الأرضِ لكفتهم!
هذا قسمٌ / إعترافٌ لو تعلمونَ عظيم.
ليس من السهلِ على من هو مثلي أن ينسكب كله هكذا ، أو أن يعتذر ، أو يتوسل ، أو يخّر باكياً ، أو حتى شاكياً غير أن الزمن و أنـأ و مشروعي الدراسي قد وقفوا جميعاً في وجهِ قلبي ، فصببتُ جام غضبي و عنفواني وغيرتي و إنكساري و خيبتي فيكِ ، فكنتِ كالمظلوم القابع خلف قضبان السجنِ تنتظرين سيف الجلّاد ، و يالي من جلّادٍ خائب ، أرفع سيفي ليدمي خاصرتي و يقتادني كالشاة نحوَ نهاياتي ..
أيــا إمرأةً قدّت من عنادْ:
آمـا آن لـكِ أن تقرّي بين أحشائـي ، أو أن تأخذيني عطراً يتسللُ إلى المستعصي منكِ و ينزوي في ركنٍ قصيّ منه لا يمسسه أحد كما لم يمسسكِ أحدٌ من قبل.
أعتـرف بخيبتي العظمى و بقسوتي العظمى و بحبكِ الأعظم! فأغفري لي طعناتي وأغفري لي زلّاتي و أدمحي _من أجلي_ كل أخطائي.
كينونتي ::
كُلمــا شعرتُ بالإستقلال ، عادت جيوش إبتساماتكِ لتكرب قيادي ..
لستُ أفهم كيف كُتب علي البقاء تحت ظلالِ ضحكاتكِ ، كما اني لم أستوعب بعد كيفَ لي _بعد أن لاح عارضي شيباً_ القعود على أملِ أن تهاتفيني ، كي أنطلق مجدداً في البحثِ عن كينونتي بين هذه الأفـواه الجائعة التي لا تكل ولا تمل ولا تعرف كيف تسمو قليلاً ؛ ما زلتُ لا أفقه الســبب الذي يجبرني على اللـجوء لذاكرتنا المُشتركة كي أتنفس .
عُـذراً أيتها الحياة ، فلا حياة لي بعدْ ؛ ما زلتُ في طورِ النــمو و مازلتُ كائناً مؤجلاً ، على إعتبــار أن كينونتي بيــدكِ و مستقبلي مرهون بسماعِ صوتكِ.
وجعي ::
ما زلنا نقرضُ الذاكرةِ بحثاً عنّا ، نتسابقُ سويّاً للخطيئةِ وتمنعنا المشيئة .. وربما الغدُ الآثمْ .
قطعاً تدركينَ الآن أنّـا حكايةٌ لا نهايةَ لها ، وربما في نهايتها تبدأ مسيرة جديدة على خُطى الدفء الذي نتمنى ..
أيا شهوتي المؤجلة :
قد كنـا و النوى من حولنا نخضع الآلام طوعاً ، نهـرع نحـو الأمواتِ أن قوموا فـرحاً ، فكفـوف الزمنِ خُضّبت بالحنانِ ! وأن جـدّفوا بأيديكم فالغدُ باتَ بحارٌ من الآمالِ لا تعـرف اليباس .. وها نحنُ نلوك المرارة ، نتجرع السموم و نختبيء من عيونِ القدرِ كالمذنبينْ .
عفوك يا حبُ !:
ما هكذا كنتَ من قبلُ!، فما الواشي غير سواد يأكل سواداً و ستذروه الرياح كالرمادْ ، فمالي أراكَ تدفع الغضبَ دفعاً في أوردتي ؟
بلادتي مجدداً ::
ها هنا..
حيثُ فتنة حضوركِ نحوي في ظلامِ لا يشي بآهاتِ الشوقِ ، ولا يفضح نظراتَ الرجاء في عينيكِ ، كنتُ أرتب فوضويتي على هامش أناقة عطركِ الشارد .. لا نور إلا نوركِ ولا ظلٌ يسبق دهشتي فيكِ إلا ظلُ نهديكِ ، لن أدخلَ سريرَ أحلامنا إلا وأنا بكاملِ قواي القلبيّة.
و ها هنا ..
حيثُ الرمقِ الأول من أنفاسِ الحُب تموت على شهقاتكِ ، كنتُ أتذوق بشراهة ما تبقى من شهدٍ علق بكفيّ ذاتَ تلاحم طفيف سلبكِ الصراخ و تركَ على وجهي آثار دهشة! ..
تمنيت ساعتها أني رسام كي لا أحرم الآخرين متعة النظرِ إليكِ ؛ الظلام لا يجدي مع رجلٍ إعتاد منذ صغرهِ على دلوف الأماكن المحظورة ، فلا تلوذي بهِ لتحرميني رؤية خجلكِ فأنا الذي صنعه أولَ مرّة ! ، وأنا من يعيد صياغة ملامحةِ على وجنتيكِ متى ما أرادت ساديتي ذلك ..
أنا الموبوء بالأنا ، أعشقكِ ..
لا أعرفُ كيفَ أسكبها بحنانِ على مسامعكِ ولا أدرك سبيلاً آخر لإيصالها لكِ غير إمتطاءكِ بهمجيّةِ " آتيلا " وصلابةِ " جدي "..
جدي لأبي ليس همجيّاً مثلي ، لكنه أيضاً ليس رومانسيّاً تعشقه النساء ؛ قال لي قبل وفاتهِ بسنين " أن الرجل قليل كلام حاد النظرات " ، عجزتُ عن السكوت فتشبثت بالنظرةِ الحادة وأنا أتتبع آثار الدمِ في رقبتك تاركاً لحنجرتي حريتها في نشرِ الخبرِ وإفشاء سرنا المميت .. << أميرة تعشق عبدُها >> !
لا أجيد الصمتَ في حضرتكِ ..
منذ تركتكِ البارحة وأنا أحلمُ بريحٍ تطرد شبح الوشاة عنكِ ، وعني أيضاً ..
فجأة! تذكرتُ أني الرجل وأني من يجبُ أن يأتي و يمضي بدّقة و حرصٍ شديدين ، لم أكن كذلك ليلة البارحة ..
وكنتِ أنتِ الرجل و الأنثى في آنٍ معاً .. تارة تكتبيني قصيدة
وتارةً .. تغنيني أغنية !