بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
أخوتي الكرام إن الكثير من الناس يضنون بأن الألغاز إنما المقصود منها هو التسلية وملء الفراغ فقط ، بينما هي في الحقيقة والواقع لها فوائد أخرى مهمة الكثير من الناس على جهل بهذه الفوائد وخاصة لصغار السن الذين هم في طور البناء والنمو الجسدي والعقلي فأحببت أن أوضح لكم بعضاً من هذه الفوائد للفائدة والله الموفق للصواب :
من المعلوم لدى أهل العلوم أن هناك قاعدة أساسية كلية لتقوية أي عضو أو آله في جسم الإنسان على فعلها الذي لها وهذه القاعدة تقول: (أن تقوية أي آله في جسم الإنسان على القيام بفعلها هو القيام بتكرار عمل هذه الآلة أو هذا العضو مرات ومرات حتى يقوى هذا العضو على فعله بالشكل التام الذي هو له وكلما زاد التكرار إزدادة قوة هذا العضو أو الآلة على أداء عملها بشكل كامل وتام بإذن -الله تعالى-)
مثال بسيط على ذلك :
أنك مثلاً إذا أردت أن تقوم بتقوية أي عضلة من عضلات جسمك فإنك تقوم بتكرار فعل وعمل هذه العضلة وعمل العضلة كما هو معلوم هو القبض والبسط فعلى ذلك فإنك أذا أردت أن تنميها وتقويها فإنك تقوم بتكرار عملية القبض والبسط (الذي هو عبارة عن فعل العضلة) الخاصة بتلك العضلة ومن خلال هذه العملية تجد أن العضلة تزداد قوة ونمواً وقدرة على أداء عملها .
مثال آخر : أنك إذا أردت تقوية القوة البصرية لديك فإنك تقوم بتكرار عملها وهو كثرة الإبصار والنظر خاصة في الأشياء البعيدة المدى الصغيرة الحجم وتحدق فيها والتي يجتهد البصر بدوره حتى يدركها ويبصرها بوضوح وإذا كررت هذه العملية فسوف تجد أن البصر لديك يقوى على الرؤية والإبصار بشكل أكبر وأكبر وذلك متوقف على حسب كثرة التمرين الذي تقدمه أنت لبصرك .
وقس على ذلك ،،، فعلى ذلك إذا أرت أن تقوي أي آله على فعلها فأنظر أولاً ماهو العمل الذي خلقت لأجله هذه الآلة فإذا علمت هذا العمل فكرره مرات ومرات وستشاهد الفرق بنفسك .
ونعود الآن إلى ما أردنا إيضاحه وهو فائدة الألغاز وعلم الحساب في تقوية قوى الدماغ وخاصة القوة المتخيلة والمتفكرة والمتذكرة فنقول : بأنه من المعلوم في علم التشريح أن دماغ الإنسان مقسوم إلى قسمين بطول الرأس من الأمام إلى الخلف قسم أيمن وقسم أيسر وكل قسم مستقل عن الآخر وكل قسم من هذين القسمين ينقسم إلى ثلاثة بطون في عرضه أو ثلاثة حجر أو غرف كما يسميها البعض وكل بطن من هذه البطون هو عبارة عن مستودع ومستقر لقوة من القوى النفسانية فالقوة المصورة في مقدم الدماغ والقوة المتخيلة والمتفكرة في وسط الدماغ والبطنين الأخيرين للقوة الحافظة المتذكرة ، وهناك قوى أخرى أعرض عن ذكرها الآن ، فإذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة على موضوعنا هنا فإننا سنجد بأن الألغاز وعلم الحساب عند سماعها تحتاج لحلها والجواب عليها إلى إعمال أكثر هذه القوى الموجودة في الدماغ فتتوجه القوة الروحية الموجودة في الإنسان إلى محط هذه القوى وهذه البطون فيتحرك في الشخص الذي يريد حل اللغز وحساب المسألة الحسابية القوة المتخيلة والمتفكرة والمتذكرة فإنه إن تذكر انه يعرف هذا اللغز فقد نشط الذاكرة الحافظة بأن قام بفعلها وهو التذكر وإن لم يتذكر بأنه سمع بها مسبق بدأ بالتفكير والتخيل وربط الأمور ببعضها من خلال عملية معقدة تتم في داخل الدماغ -لا يمكن شرحها لكل أحد لصعوبة فهمها على من لم يخض ويتخصص في هذا المجال سنين عديدة لأن شرحها لغير المتخصص يماثل إرادة تعليم علم الطب لشخص لم يدرس ويتعلم مباديء ومقدمات هذا العلم وعلم الطب كغيرة من العلوم مبني على مقدمات وأساسيات وقواعد لايمكن شرح آخرها لمن لم يعلم أولها- ، وبعد هذه العملية الروحية الكيميائية الدماغية وهذا الإعمال لكل هذه القوى الباطنة سواء وصل الشخص للحل والجواب عن اللغز أو لم يصل فقد حصل المراد وهو تنشيط الدماغ وجلب كمية كبيرة من الدم إليه وتنشيط جميع القوى النفسانية فيه ، وهذا هو ما نحتاج إليه هنا أكثر من حاجتنا إلى معرفة حل اللغز أو حل المسألة الرياضية الحسابية ، وهناك أيضاً جملة من الفوائد الدقيقة جداً والمسلمة الصحة والتي لا يسع كل أحد إدراكها أو فهمها وليس ذلك قصوراً فيهم بل لعدم التخصص في هذه الفنون وهم في ذلك معذورون ، فنصيحتي للأباء وأولياء الأمور خاصة بأن يجعلوا لأبنائهم وقتاً من أوقات الفراغ الذي هو خاص بالتسلية والترفيه عن النفس فيدخلوا لهم هذه العلوم ويكثروا نوعاً ما عليهم منها ويجعلوا لهم المحفزات التي تحفزهم إلى التفكير والتأمل لحلها ومن الحساب الذي هو مماثل لها في إعمال هذه القوى الباطنة وغيرها من العلوم التي تحرك هذه القوى فإنها تفتق الذكاء وتنمي الدماغ وتقضي على البلادة والبرود الذهني والدماغي الذي يعاني منه كثير من الأطفال .
وقد حاولت قدر الإمكان الاختصار مع عدم الإخلاء حتى لا أطيل عليكم وأتمنى أن أكون وفقت للصواب وحصلت الفائدة المرجوة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أرجو تقييمكم اخواني .
وتقبلوا مني أطيب التحيات والأمنيات لكم بالتوفيق