ماجد، شاب في التاسعة عشرة من عمره, بدأت معاناته وهو رضيع ملقى بجوار حاوية نفايات، ألتقطه مسن كان في طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر ليودعه خلف أسوار الملجأ ليتبناه بعد 3 سنوات من العثور عليه زوجان حرما من نعمة الإنجاب،.. يسترجع مأساته قائلا: عندما بلغت الحادية عشرة عرفت الحقيقة، عندما لم تحرك (أمي) ساكنا تجاه عبارات شقيقتها وهي تردد (ابني ولد ناس مو مثل ابنك ولد حرام) كما عجزت عن حمايتي من محاولات (ابن خالتي) المتكررة للاعتداء علي جنسيا.
بعد هذة الحادثة، ثارت تساؤلات كثيرة في داخلي إلى أن تأكدت أن (أمي) ليست (أمي) وكثرت بعدها مشاكلي؛ مما حدا بالأسرة التي ربتني إلى إرجاعي للملجأ لأعيش في وسط أدخلني أبواب الشذوذ والانحراف بطريقة سريعة.
والآن أعيش وخمسة من أبناء الدار في شقة استأجرتها لنا الشؤون الاجتماعية نقضي نهارنا في النوم والمساء نتجول في الأماكن العامة.
ويضيف ماجد (بحسب ما ذكرت صحيفة عكاظ في تحقيق من إعداد الصحفي عيد الحارثي): حاولت أن أتجاوز كل ما مررت به بتكوين أسرة تعوضني ما فقدته، وأمنحها ما لم أحصل عليه، وبالفعل تقدمت لخطبة فتاة كان مطلب والدها الأول حضور والدي، وعندما عرف وضعي رفض بشدة وطلب مني مغادرة منزله دون رجعة. هذه قصتي وما أشبهها بمعاناة رفاق الدار (اللقطاء) حياة لا ترحم. ومجتمع يحاسبنا على أخطاء لم نرتكبها. أقدمت على الانتحار ثلاث مرات ولم أنجح، وتقتلني الأسئلة والبحث عن إجاباتها كل ليلة، مجتمع قاس لا أقسى منه إلا أيام العيد.
مؤسسات المجتمع فشلت في احتواء هذه الفئة بجنسيها، كما أن عملية دمج البعض منهم في أسر لتعيش بينها لم تكن سوى محاولات يائسة لتأجيل مرارة الحقيقة، وغالبا ما تنتهي بمأساة، وهناك بعض الأسر تسعى لاستقطاب اللقطاء في فترة الطفولة بهدف الحصول على المخصص المالي الذي تدفعه الدولة كمصروف شهري لهذة الفئة وبعضها الآخر تحاول وتبذل الجهود بهدف الأجر والثواب. وما أن يصل الطفل أو الطفلة إلى سن البلوغ حتى تبرز بعض المشاكل بين أبناء الأسرة الحقيقيين أو أحد أقاربهم مع هذا (الدخيل) بحجة الكشف على المحارم أو ما في حكمها والمسوغات في هذا الجانب كثيرة.
(الجريحة) -كما رمزت لنفسها- تقول لم أعد أبحث عن حضن أمي وأبي بقدر ما أبحث عن تأمين جرعة المخدر التي أتعاطاها بأي ثمن، حملت مرتين سفاحا من شخص كنت أمارس معه علاقة محرمة عندما أحتاج جرعة المخدر ولا أجد ثمنها، وقمت بإسقاط الجنين في الحالتين.
وتضيف كل ما أعرفه عن نفسي ببساطة، طفلة وجدها إمام مسجد في حي النزلة في جدة أمام باب المسجد فجرا بعد أن تجردت أمها من كل معاني الإنسانية والأمومة لتعالج خطيئتها بخطأ أجسم، كبرت وترعرعت في دار الأيتام، وكنت إلى حد ما مجتهدة في دراستي، وبعد إتمامي مرحلة الثانوية تقدم لخطبتي شاب كنت قد شاهدته في أحد الأماكن العامة أثناء رحلة تسوق نظمتها لنا الدار، تبادلنا الإعجاب وأحسست أني سأجد ضالتي معه، على أمل تكوين أسرة سعيدة تنسيني الماضي المؤلم، أعطاني رقم هاتفه وتواصلنا بين الحين والآخر من جوال نجحت في إخفائه عن أنظار المشرفات في الدار. في بداية علاقتنا عارضت أسرة الشاب ارتباطنا بشدة وأمام الحاحه والضغط الشديد الذي مارسه على والديه استجابا لرغبته وتم عمل زفاف بسيط لنا، وبعد مضي 7 أشهر وقعت مشكلة بيني وبين إحدى شقيقاته، امتنعت بعدها عن الذهاب إلى منزل أسرته وبعد أيام شكوت له من اتصالات وإزعاجات أتلقاها على جوالي إلا أنه قام بطريقة غير متوقعة بضربي وهو يقول «بنت شوارع» لتبدأ مرحلة أخرى بعد طلاقي عندما أعادني إلى الدار التي أسكنتني مع عدد من الفتيات في إحدى الشقق وانزلقت في طريق المخدرات، ولا أخفيك أن كثيرا من الفتيات أمثالي يعانين كما أعاني، وهناك نسبة كبيرة منهن يتعاطين المخدرات ويتعرضن لاعتداءات جنسية في كثير من الأحيان.
مؤسسات المجتمع والجهات المعنية بذلت جهودا حثيثة لاحتواء ودعم هذه الفئة عن طريق الأسر البديلة التي يعتبرها علماء النفس والاجتماع الحل الأمثل مع ضرورة أن تكون الأسرة البديلة مؤهلة لتأدية هذا الدور.
(أمينة مهدي) تقول أنا متزوجة منذ فترة طويلة ولم يرزقني الله بأطفال، أخبرت زوجي برغبتي بكفالة طفلة يتيمة من الدار، وبعدما اقتنع ذهبنا واخترنا (منى) التي ملأت حياتنا سعادة وشغلت فراغا كبيرا في حياتنا.
ومنذ أن دخلت بيتنا بارك الله لنا في رزقنا، ونحن الآن نفكر في تأمين مستقبلها وتعويضها عما حرمت منه ونتمنى أن تمر الأيام لنراها ربة منزل حينها فقط سنشعر أننا أكملنا رسالتنا معها.