[align=center]العقبة الكبرى في طريق الوحدة و التضامن العربي و الحل المقترح [/align]
إن قراءتك بتجرد و موضوعية لهذا الموضوع بعيداً عن التعصب لخلفيتك السياسية و المذهبية و الطائفية و بعيداً عما هو موجود بذهنك من أفكار سابقة تحتاج لتحقيق و تدقيق ، مهمة لأمتك لأنك سوف تتخذ قرارك الإيجابي و تضع لبنة في هذا المشروع الوحدوي الذي فيه عز هذه الأمة و استعادة هيبتها المفقودة بين الأمم أما إذا ضعفت و غلبت عاطفتك عقلك الذي ميزك الله به بين مخلوقاته فأخشى أن تضع لبنتك في بناء آخر غير مرتبط بهذا البناء الوحدوي فتكون كمن بنوا المسجد الضرار الذي هدمه رسول الله صلى الله عليه و سلم وبالتالي ستكون ممن تناقض أفعاله أقواله و لن نصل إلى ما نصبوا إليه جميعاً ألا و هو إقامة هذا المشروع الوحدوي إلا إذا امتلكنا
– شعوباً و أفراداً – القوة و الإرادة في اقتحام هذه العقبة الكبرى .
و حسب رأيي إن العقبة الكبرى في طريق الوحدة و التضامن العربي و الإسلامي قديماً و حديثاً هي نزعة ( أنا خيرٌ منه ) التي أخرجت إبليس من الجنة و التي تعود في أصلها إلى الأنانية التي طبع الله بها الإنسان و غرسها فيه و لكن بالمقدار الذي يقوم به بواجب الخلافة في الأرض التي خص الله بها الإنسان دون غيره من المخلوقات تشريفاً و تكريماً له و مسؤوليةً ناء بحملها .
و بالغوص في أعماق التاريخ العربي و استقراء حاضره نجد أن العرب و بسبب الظروف المحيطة لهم صفات يتميزون بها عن باقي الأمم منها الإيجابي و منها السلبي فإذا تهذبت هذه النفوس بشريعة الله و هدي رسوله صلى الله عليه و سلم وتخلصت من الصفات السلبية التي علقت بها فإنهم يصنعون الأعاجيب وإذا تفلتوا منها وهجروها فإنهم يعودون كما كانوا في الجاهلية متناحرين ممزقين مختلفين يعيشون على هامش التاريخ و تتخطفهم الأمم مزقاً مزقاً .
و كما تدل التجارب التي مرت بها أمتنا فإن أي محاولة تهدف إلى لم شمل هذه الأمة بعيداً عن النبع الصافي وهو الإسلام العظيم ، ستبوء تلك المحاولة بالفشل كما باء غيرها ولا نريد أن نجرب أكثر لأن التجارب على الأمم بعيداً عن جذورها يسبب لها الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية و الاقتصادية و السياسية و هذا يكون سبباً لتخلفها عن ركب الحضارة .
و أظن أن الأمة قد تجاوزت هذه المرحلة بعد أن سار بها البعض من أبناء جلدتها في العقود الماضية في شعاب متفرقة شرقية و غربية و...... فضلوا و أضلوا و ضاعوا و ضيعوا.
و الأمة استفاقت من غفلتها و وعت لأمرها و عادت إلى رشدها و الأغلبية الآن ترى أن الإسلام هو الحل ففي أي بلد عربي أو إسلامي تجري فيه انتخابات ديمقراطية فالأغلبية الساحقة من الشعب تختار من يرفع راية الإسلام باستثناء فئة مصالحهم مرتبطة بمشاريعهم الخاصة.
و لكن المشكلة الأهم - وهي بيت القصيد في هذا الموضوع - هو أن هناك الكثير من المشاريع المطروحة في الساحة العربية و الإسلامية منها ما هو قريب من الإسلام ومنها ما هو بعيد كل البعد عنه و الكل يدعي أنه القائد الملهم وأنه يرشف من النبع الصافي للإسلام وأنه المخلص لهذه الأمة مما هي فيه و أن تجربته هي أحرى أن تحتذى و أنه المحور الذي يجب أن يلتف حوله الآخرون فتاهت الشعوب مرة أخرى و لم تعرف ما الحل و ما الصواب و ما الخطأ و صار البعض يفكر بالعدول عن الاعتقاد بالحل الإسلامي لمشاكلنا لكثرة الأخطاء التي وقع بها أصحاب هذه المشاريع و لكثرة التشويش الذي تثيره كل جماعة و كل تيار ضد الآخر.
فأصبح من الضرورة بمكان تحديد الدولة المحورية ذات التجربة الناجحة لتكون نواة الوحدة المنشودة التي تلتف حولها الدول و الشعوب العربية و الإسلامية لأنه بدون تحديد هذا البلد المحوري ذو التجربة الناجحة سوف يكون السعي وراء تحقيق التضامن و الوحدة العربية سعياً وراء السراب الذي لا يمكن الوصول إليه لأنها هذه سنة الحياة فلا بد لأي مشروع أو إدارة أو مجتمع أو قبيلة أو شعب أو أمة حتى يكون ناجحاً و موحداً و محترماً و له مكانة من قائد أو مدير وهذا القائد يجب أن يكون موجود على ارض الواقع و ليس في الخيال أو التاريخ و له مواصفات القيادة حتى يدين له الناس و يعطونه الولاء .
و الدولة القيادية التي نتحدث عتها يجب أن تكون موجودة على أرض الواقع و لها منهج قائم على الكتاب و السنة و الذي يتفق عليه أغلبية المسلمين و لها تجربة ناجحة ومعترف بها دولياً و موثوقة و هذا لا يعني أنه ليس لديها أخطاء فلا أحد يستطيع أن يدعي الكمال في هذا الزمن و لكنها الأقل أخطاءً و الأكثر عطاءً و الأجدر ثقةً و الأعلى مكانةً في التاريخ .
لأن أي مسعى لإقامة دولة جديدة على أسس إسلامية سوف يلقى هذا المشروع معارضة دولية و إقليمية شديدة و سوف يحارب بكل الأشكال و السبل لإجهاضه قبل أن يرى النور و حتى إن رأى النور فلن ينعم الناس بثمرته و ربما ينقلبون عليه ، بسبب الوضع الدولي البالغ التعقيد حالياً ، و سوف تسيل دماء غزيرة و تحصل كوارث إنسانية و مشاكل اقتصادية و اجتماعية وطائفية و مذهبية و عرقية و ........ لا طاقة للناس باحتمالها و خاصة أنهم غير مهيئين لذلك معنوياً و إيمانياً
و لكي نصل إلى هذه الدولة المحورية فلا بد من وضع معايير القيادة و السيادة و الزعامة الشرعية في المجتمعات و الشعوب و الدول بعيداً عن الطرق غير الشرعية و هي طريقة الاستيلاء بالقوة فقط وإتقان فن سرقة الأضواء و الخداع و التزوير و الشعارات الرنانة و هذه المعايير يعرفها عقلاء الناس و عامتهم و هي من البديهيات و المسلمات بين الناس إذا لم يتم التشويش عليها علماً بأننا نعيش زمن انقلاب المفاهيم و طمس الحقائق و تشويش الفكر و ذلك من قبل فئة لها مصلحة في ذلك حتى لا تهتدي الشعوب إلى الحقيقة و تبقى تائهة و بالتالي تبقى هذه الأمة ممزقة و ضعيفة يتخطفها أصحاب المصالح الضيقة و الأهواء و هذه الفئة هي التي تسيطر على وسائل الإعلام بشتى صوره وكذلك التربية والتعليم في تلك المجتمعات .
ولأهمية الأمر أقترح بأن يقوم عقلاء الأمة و علمائها و قادتها بوضع تلك المعايير التي من خلالها يتم تحديد تلك الدولة المحورية و بعد ذلك يتم وزن جميع الدول العربية بهذا الميزان و تحديد هذا
المخلص – بإذن الله تعالى – لهذه الأمة مما هي فيه بكل موضوعية و حيادية و مسؤولية وإعلان ذلك على الملأ بوضوح و شفافية و إعلان الالتفاف حول هذا المحور و السعي لانضمام باقي الأمة
إليه بكل الوسائل المتاحة و المشروعة و عبر وضع خطط عملية و برامج زمنية و متابعة ميدانية مستفيدةً من تجربة هذا البلد الناجحة و حكمة قيادته في هذا المجال.
و ليعلم أصحاب المصالح الضيقة الذين يعارضون هذا التوجه الوحدوي أن الخير و العز الجزئي الذي سيحصدونه إذا تحققت هذه الوحدة وبطريقة شرعية أكبر بكثير من هذه الفائدة التي يجنونها الآن في ظل الوضع الراهن وبطريقة غير شرعية و سيخلدهم التاريخ بدل أن يلعنهم .
و بجهد متواضع سوف أقوم في مواضيع لاحقة بوضع بعض المعايير التي يتم من خلالها تحديد الدولة القيادية - و أرجو من الله أن أكون موفقاً في ذلك - و بعد ذلك سأقوم بعرض الدول العربية على هذه المعايير و تحديد الدولة ذات الوزن الثقيل المهيأة لشغل نواة الوحدة العربية المأمولة .