وجب عدم إساءة الظن بمن لا شبهة عليه أو تهمة ..لكن هل كل الظن إثم؟؟؟
ولو كان كل الظن إثم ويفترض بالمسلم حسن الظن بكل من أظهر أنه مسلم كيف سيحذر المسلم ممن أراد به سوءا والمفسدين والمنافقين و الكذابين والدجالين مثل المسيح الدجال مثلا والذي سيأتي بصورة الخلوق الورع صاحب الدين ؟؟؟
طبعا القرآن يجيبنا (في الآيات التي جاءت تخص الظن بالمسلمين لا الظن بالخالق ويرجى التفريق بينها ) "إن بعض الظن إثم"
بمعنى أنا هناك من الظن ما هو إثم وهناك ما هو ليس بإثم
متى يجوز إساءة الظن بالمسلم واتهامه ؟ و ما هو الظن الجائز ؟
و الجواب على ذلك ينحصر في كل ظن كانت له امارة صحيحة أو سبب موجب للتهمة،فالمسلم الذي عرف عنه التعاطي بالريب أو الكذب، يجوز إساءة الظن به و اتهامه لسبب ظاهر أو امارة دالة صحيحة ، كوجود دلالة على كذبه أو أن يمسك عليه شبهة مثل غش للناس أو خداع بالسابق ، أو نحو ذلك من شبهات و امارات و دلائل جاز سوء الظن .
و هناك عدة أدلة على ذلك مثل ما رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَقَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَاأَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا وفي رواية مَاأَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْه قَالَ اللَّيْثُ كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، أن مثل هذا الذي وقع في الحديث ليس من الظن المنهي عنه لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين
قال علي بن آبي طالب رضي عنه : " إذا استولى الصلاح علىالزمان و أهله ، ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه حوبةفقد ظلم ، و إذا استولىالفساد على الزمان و أهله ، فأحسن رجل الظن برجل فقد غرّر "و الحوبة : الإثم ،والغرّر :الخطر . نهج البلاغة . و قال أيضا : "من وضع نفسه مواضع التهمةفلا يلومن من أساء به الظن ".
وعن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي عن أبيه قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدأراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح فقال التمس صاحبا قال فجاءني عمرو بن أمية الضمري فقال بلغني إنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا قال قلت أجل قال فأنا لك صاحب قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد وجدت صاحبا قال فقال لي من فقلت عمرو بن أمية الضمري قال إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل أخوك البكري فلا تأمنه قال فخرجنا حتى إذا كنا بالأبواء قال أني أريد حاجة إلى قومي بودان فتلبث لي قلت راشدا فلما ولي ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصفار إذا هو يعارضني فيرهط قال وأوضعت فسبقته فلما رءاني أن قد فته انصرفوا وجاءني فقال كانت لي إلى قومي حاجة قال قلت أجل ومضينا حتى إذا قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبي سفيان. سنن البيهقي الكبرى*وقد يكون الوقوع في الشبهات عن قصد، أو عن غير قصد، بل وعدم تبرير الوقوع في هذه الشبهات إن كانت عن غير قصد، أو غير تعمد من الأسباب التي تغري الآخرين أن يقعوا في سوء الظن،ولعل هذا بعض أسرار تأكيده صلى الله عليه وسلم على البعد عن الشبهات وضربه صلى الله عليه وسلم المثل من نفسه لنقتدي به ونتأسى في البعد عن كل شبهة، إذ تقول السيدةصفية بنت حيي أم المؤمنين رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفافأتيته أزوره ليلا، فحدثته، ثم قمت لأنقلب فقام معي ليقلبني - وكان مسكنها في دارأسامة بن زيد - فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكماشرا"
- وجود سابقة : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين
قال الخطابي في المعالم : هذا يروى على وجهين من الإعراب أحدهما بضم اللين على الخبر معناه أنالمؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرىوهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به وقد قيل إنه عليه السلام أراد به الخداع في أمرالآخرة دون أمر الدنيا . والوجه الآخر أن تكون الرواية بكسر الغين على النهي يقول عليه السلام لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع فيمكروه أو شر وهو لا يشعروليكن حذرا مستيقظا , وهذا قد يصلح أن يكون في أمرالدنيا والآخرة انتهى .
والحديث ورد حين أسر النبي صلى الله عليه وسلم أباغرة الشاعر يوم بدر فمن عليه وعاهده أن لا يحرض عليه ولا يهجوه وأطلقه فلحق بقومه ثم رجع إلى التحريض والهجاء ثم أسره يوم أحد فسأله المن فقاله .
قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه .
[[و أخيرا نقول أن جو الشك يولدالتشكيك و جو الإيمان يولد الثقة ، و القيام بأعمال الشبهة و مصاحبة المشبوهين تجلب التهمة و يتولد عنها سوء الظن فانأى بنفسك عن مواطن السوء ، فالرسول صلّى الله عليه و سلّم يقول في الحديث الشريف :" إذا رأيتم العلماء على أبواب السلاطين الا فاتهموهم " . و في رواية "فلا تأمنوهم علىدينكم" ،لقد أجاز الرسول تهمة العالم فماذا نقول في امر العامة؟ ]]<<<<((هذا الجزءلا أعلم مدى صحته))
فما بالنا بتحذيره صلى الله عليه وسلم صراحة من كثرة الكذابين عند اقتراب الساعة وأمره الصريح لكل مسلم بأن يحذرهم (إن بين يدي الساعة كذابين00فاحذروهم) رواه مسلم ..وطبعا الكاذب بالأغلب لن يقول عن نفسه أنه كاذب ما لم يكتشف كذبه ومع هذا أمرنا بالحذر.. أما لو انكشف فعلا كذبه فهنا وجب عدم تصديق كل ما يقوله بعد ذلك تماما مثل من شهد الزور أو قذف محصنة فلا تقبل له شهادة فيما بعد أبدا ..
فمن باب الإحتياط يجب تنبيه المسلمين الذين لا يعلمون بكذبه من أن يغرر بهم .. ومع هذا وجب التستر على التائب عن الذنب حتى لو لم نتيقن من صدق توبته ما دام قد توقف عن أذى العباد وخداعهم .. لكن إن عاد وجب هنا على كل من علم بأمره أن يحذر الناس منه ما لم يمتنع هو من تلقاء نفسه..وحتى لو امتنع فيما بعد ظاهرا وجب الحذر والتحذير لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحذروهم ..
إن السبيل واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، أما المؤمن الصادق في إيمانه لا يغيره تلبد الأجواء و تسممها بجميع الأوبئة مادام يدرك الخط البياني المستقيم الذي رسمه رسول الهدى محمد و يسير معه حيث سار يذبّ النميمة عن نفسه و يربأ بنفسه عن مواطن الشبة ولا يفرط في الاتهام للمسلمين ولا يتهمهم إلا بالقدر الذي يجعله كيَّساً فطنا و لا يغرربه و لا يخدعه المبطلون ، و لا يتمكن أهل الباطل من تمرير مخططاتهم عليه و علىالمسلمين و بلادهم .
فالمسلم اليوم ينبغي أن يكون حذرا و مُحذرا من الشبهات و المشبوهين الذين يمررون على الأمة المخططات المشبوهة بل المفضوحة و يظن بهم السوء و لا يحمل مخطّطاتهم على المحمل الحسن ، و لا يخشى أهل الباطل في الله و يخشى الله في الناس الصالحين بل يدفع عنهم أي أذى ولو إشاعة