أولا: يا عزيزي شاعر الحرب
أهلاً وسهلاً يا عزيزي عيد سعد .. جعل الله أيّامك كلها أعياد وسعادة يارب
العلماء لم يتكلموا من فراغ بل جسلوا معه وناظروه في كثير من أقواله وخصوصا تحريف القرآن و إنكار السنة وهؤلاء العلماء الذين تحدثوا مع القذافي أرسلهم الشيخ ابن باز رحمه الله
ثم عادوا إلى الشيخ وأخبروه بما شاهدوه وبما قال فصدر الحكم بتكفيره
يا عزيزي بارك الله فيك , في مداخلتي لم أتطرّق لأقوال العلماء هل هي من فراغ أو من غيره !!!
هذا أمر تلتزم بهِ أنت ولا يلزمني !!
فالبنسبة لي لا أضعُ أحداً بيني وبين ربي , لأنّهُ لن يحاسبني عن أقوال العلماء والمفكرين والمثقفين وغيرهم !! بل سيحاسبُني عن معتقدي وأقوالي وأفكاري وآرائي وما أؤمن به !!!
أرجو أن فكرتي واضحة هُنا لك يا عزيزي !! فالحمدلله أنّ الله جعل لعبادهِ عقولاً وكلّفهم على ضوء هذه العقول !! وإلا مافائدةٌ التكليف على العقل حينها ؟؟ هل سؤالي واضح هُنا يا عزيزي ؟؟؟ ولعلي أعيد صياغة إجابتي بطريقة أكثرُ وضوحاً فأقول لك :
أنّني لم أُرسل أحداً للقذافي ولم أناظره في شيءٍ مُطلقاً !! وحتّى لو أرسلت فلن أبني رأيي على أقوالِ من أرسلتُ بهم , ولكن قد أستأنسُ بها فقط أو أعتبرها قرائن غير قطعيّة لأُدلي برأيي حول الرجل !!! أمّا إذا أردتُ أن أدلي برأيي المجرّد حول أحدهم , فلابدّ أن أسمع منه وأحاورهُ بنفسي , وأصلُ حينها إلى قناعاتي الخاصّة على ضوء هذا النقاش الذي دار بيني وبينه !!
ثانيا : قولك في منزلة بين المنزلتين فهذا قول المعتزلة الذين يقولون أن الذي يقع في الكبائر ليس بكافر ولا مؤمن ولكنه في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين وفي الاخره في النار وهم هربوا من قول الخوارج الذين يقولون اصحاب الكبائر كفار في الدنيا و في الاخرة مخلدين في النار فهم كما قال المثل " صبها قال لا أحقنها "
قولُ المعتزلة أم قولُ الفلاسفة أم قولُ الأشاعرة أم قولُ الماتريديّة أم قولُ المهرطقين !!! لا يعنيني توصيفك لرأيي في شيء مع إحترامي لشخصك الكريم !! سيظلُّ هذا هو رأيي وإقتناعي الخاص !! أم أنني مجبرٌ وملزمٌ بقناعاتك ورأيك ورأي من ذهبت مذهبهم !!! ثمّ يا عزيزي ألا يوجدُ في شريعتنا ما يسمّى بالإسلام والإيمان والإحسان !!! هل فاتك حديثُ جبريل عليه السّلام ؟؟؟ هل فاتتك الآيات الكريمة التي أوردت الإختلاف بين مسمّى الإسلام والإيمان ؟؟ يقول الحقُّ سبحانه :
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) وهنا أسألكَ سؤالاً مهمّاً وهو كالآتي :
هل في معتقد أهل السنّة والجماعة كلُّ مسلمٍ مؤمن ؟؟؟؟؟ ليتك تجيب يا عزيزي ؟؟؟ ولكن كلُّ مؤمنٍ مسلم !!! أليس كذلك يا عزيزي ؟؟؟ فالقذافي في نظري مسلم لم يبلغ الإيمان والله تعالى أعلم , أمّا في الآخرةِ فأمرهُ إلى الله إن شاء عذّبهُ على موبقاته فدخل النار بسببها حتّى يتطهّر ثم إذا شاء أخرجهُ منها إلى الجنّة , ولله أن يرحمهُ ويعفي عنه ويتجاوز ويصفح فهو الرحمن الرحيم الذي لا نحيطُ شيئاً بعلمهِ وقدرته , فأنا هنا لم أتطرّق لا لقولِ المعتزلة ولا لقولِ الخوارج مع إحترامي الشديد لفهمك , فلا تدخلنا في متاهاتِ فهمك وطريقة قراءتك الخاصّة لرأيي رعاك الله وحفظك !!!
أمّا قولك (صبّها إحقنها ) فلا أعلم هل هذا أسلوب علمي في النقاشات الجادّة والمهمّة والجسيمة كهذا النقاش الذي فيه تكفير للمعيّن وإستباحة عرضه وماله , رُغم ما أتى بهِ من الظّلم والموبقات على شعبه وغيرهم والتي لا نقرُّهُ عليها مُطلقاً .
ثالثا : نحن لو رجعنا للقرآن الكريم وللسنة النبوية لا تجد فيها قول بمنزلة بين المنزلتين بل تجد أما مؤمن أو كافر .
أظنّني أجبتُ على تساؤلكَ هذا سابقاً والآيةُ خيرُ دليل وحديثُ جبريل عليه السلام داعمُ ومؤيدُ لرأيي , في أن المنازل المعتبرة في الإسلام هي الإسلام والإيمان والإحسان
وكذلك قولُ الحقِّ سبحانه :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) خيرُ دليل على أن أحوال المسلم كثيرة لا ينكرها إلا جاهل أو مكابر , وقول نبيّنا الكريم صلى الله عليه وسلم : < لا يزني المؤمن حين يزني وهو مؤمن .. الحديث >
رابعا :القذافي لم يقع في الكبائر فقط بل وقع في الكفر الصراح وهو تحريف القرآن وكذلك إنكار السنة .
وقع عندك هذا الأمر وعند من ذهب مذهبك وليس لزاماً أن يقع عند غيرك رعاك الله !!
أم أنّك تؤمن بمقولة إمّا معي أو ضدي ؟؟؟؟
أحسن الله إليك يا عزيزي , إنّ مثل هذه الطريقة في التفكير هي سببُ آلامِ الأمّة وسبب تفرّقها وشتاتها , فليسَ لزاماً أن نتّفق في كل القضايا الخلافيّة المعتبرة والتي يكتنفها الغموض والأدلّة الغير القطعيّة الواضحة البرهان !!! وقد رأيتُ علماء سلفيين من ليبيا أثناء الثورة يرون أنّ القذّافي هو ولي أمرهم وجامعُ أمرهم وأنّ الأمن والإستقرار كان في وقتهِ على خير ما يرام وأنّهُ في نظرهم من أهل السنة والجماعة !!! فهل نذهب لرأي علماء السعوديّة !! أم نأخذُ بقولِ علماء ليبيا ؟؟؟ الذين يدركون خفايا القذافي وعقيدته وطريقة تفكيرهِ أكثر من بعض علماء السعوديّة !!!
عزيزي المحترم عيد سعد المسألة في نظري ليست بهذه الحديّة التي أنت تنظرُ بها إليها !!
لك أن تؤمن بما تشاء ولك أن تكفّر الرجل حسب قناعاتك ومعتقداتك وأدلّتك التي لا أوافقك عليها كلياً , ولك أن تحترم مخالفيك ولا تحاول أن تجبرهم وتثنيهم عن أرائهم وقناعاتهم !! فكلُّ إنسانُ ملزومٌ بقناعاته وآرائهِ وسيحاسبُ عليها عند ربِّ العالمين (يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون) ( يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمّهِ وأبيه وصاحبتهِ وبنيه لكلِّ إمرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه ) فيومُ القيامة لن ينفعني لا علماء ولا أكابر ولا أسياد ولا أصدقاء ولا زوجة ولا أم ولا أب رعاك الله , بل فقط ما أؤمن به وما أعتقده وما أُدلي بهِ بقناعاتي .
الأمر الآخر يا عزيزي لو دقّقنا في كلام اللحيدان عن القذافي وعن ثورته لوجدنا تناقضاً عجيباً غريباً !!
فهو يتكلّم عن ثورة القذافي على السنوسي وهو لا يعلم شيئاً عن سبب هذه الثورة ولا كيفيّة طريقة حكم السنوسي من قبل القذافي وماهي الأحداث التاريخيّة الدافعة لثورة القذافي التي رحّب بها وقتها الشعب الليبي كافة !!! ثم يُعطي أوصافاً لتلك الثورة وهو لا يعلمُ خفاياها ولا أسبابها !! وقد قال الأصوليّون القاعدة المتّفق عليها عندهم < أنّ الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره > فهل لاحظت هذا الأمر أمّ أنّك غضّيت الطّرف عنه يا رعاك الله !!!
خامسا : بارك الله فيك على رد وأتمنى لي ولك وللجميع الهداية والاستمرار على الدين الحق حتى يأتي اليقين .
وفيك بارك الله يا عزيزي وهدانا وأيّاك للطريقِ القويم والصّراطِ المستقيم .
وتذكّر أنّ الأمر يعودُ لبناء القناعات بالأدلّةِ السّاطعة والقاطعة , وقد سمعنا من بعض علماء النّفس أنّ القذّافي يعاني من الدونيّة لعدم تعلّمه وجهالته ويعاني من أمراض نفسيّة فهل يُمكن أن نعتبر ذلك مانعاً من موانع تكفيره عند أهلّ السنّة والجماعة في رأيك ؟؟؟ أظنُّ أنّ الأمر فعلاً بحاجة للتأمّل !! ألا توافقني في ذلك يا عزيزي ؟؟؟
وتأكّد أنّهُ ليسَ من حقّك ولا حقّي أن أثنيك عن رأيك ولا تثنيني عن رأيي أبداً , إلا بالدليل البيّن القاطع الذي لا لبس فيه ولا ظنون , وبعيداً عن التلميحات والإيحاءات الغريبة في تشويه رأي المخالف لنا !!!!
وأنّ نؤمن بحريّة التفكير والرأي وأنّ لكلِّ إنسان الحق في إظهار رأيهِ وقناعاته دون خوفٍ أو وجل , فهذا ما إتّفقت عليه كلُّ الشرائع السماويّة والقوانين الوضعيّة ومعهادات حقوق الإنسان العالميّة والتي وقّعت عليها دولتنا السعوديّة المباركة .
تحيّة عاطرة وكريمة لكَ وللجميع ,,