أعطني 1000 ساعة... أعطيك عالما !!
يؤكد الدكتور إبراهيم الفقي رائد التنمية البشرية في العالم العربي في دراسة أجريت أن الإنسان في المتوسط يقضي حوالي 1000 ساعة سنويا في السيارة وفي الحقيقة أن هذا عالية, ذهلني وجعلني انتقل بالتفكير كأي شاب حالما بالنهضة ويسعى إلي التطوير والتغير إلي الأفضل في كل شئ وتسألت هل نحن نستغل هذه الساعات والدقائق والثواني بما يدر علنا بالفائدة ؟؟
أمعنت النظر في حال الناس وأحوالهم وهم يسابقون الزمن في الشوارع والطرق السريعة والأزقة الضيقة ولسان حال من يراهم لأول مرة ( إنهم شعب يقدر الوقت ويستغله بفاعلية عالية, لا وقت لديهم إنهم يقودون سياراتهم بسرعة شديدة ويودون أن تكون الشوارع بلا إشارات مرورية, انه أمر مذهل يستحق الدراسة )
ولكن الواقع مغاير لهذه الفرضية التي يفسرها العلماء بأنه تفريغ طاقة ليس إلا !!
وهذا يجرنا إلي سؤال في مربع آخر لماذا لا نستفيد من هذا الطاقات ونطورها ونستغلها الاستغلال الأمثل ونطوعها لتحقيق طموحنا ورؤيتنا الخاصة للحياة.
إن المتمعن في هذه الألف ساعة التي اجزم بأن استغلالها بكل بساطه يعني حياة أفضل وواقع أجمل وتفكير نير ورؤية مختلفة للأشياء من حولنا يعطي الإنسان وقود سحريا على العمل والانجاز والتميز والإعجاز والارتقاء الديني والدنيوي الشامل والكامل بأذنه تعالى..
كان الإمام احمد ابن حنبل معجب جدا بأستاذه الإمام الشافعي وفي ذات مرة زار الشافعي بغداد ونام ليلته عند تلميذه الإمام احمد, وكان للإمام احمد ابنة لطالما تشوقت لرؤية هذا الشخص الذي كسب إعجاب والدها الإمام احمد وحبه الشديدين.
وفي نفس الليلة ظلت تراقب ضيف والدها الإمام الشافعي لتعرف سر هذا الإعجاب فإذا به نائم وعادت إلي والدها الإمام احمد وإذ به يقوم الليل ويحيه ذكر واستغفارا وشكرا لله البارئ المصور !!
فتبادر إلي ذهنها شعورا و تسأل, لماذا أبي معجب بهذا الرجل ؟ انه نائم ؟
بل أبي أفضل منه, انه يقوم الليل !!
وذهب إلي والدها الإمام احمد وقالت له ما حدث وفي تلك الليلة وأبدت له هذا لتسأل والاستغراب ؟
وحمل الإمام احمد الذي كانت ثقته بالإمام الشافعي فوق كل شئ تسأل ابنته ووعدها بأن يأتيها بالخبر اليقين.
وفعلا في الصباح سأل الإمام احمد الإمام الشافعي.
كيف كانت ليلتك يا أبا عبدالله ؟
فقال الشافعي الحمد لله, لقد تأملت قبل أن أنام أية كذا وحديث كذا واستخرجت منها ستون فائدة ثم نمت !!
فعاد لابنته واخبرها بالقصة والسر الذي يغلفها وكله ثقة بأستاذه وقال لها والله بابنتي إن تلك الساعة للشافعي خير من عبادة أبيك.
إنها الطاقة المستغلة والهدف الواضح والإنجاز الدائم وهذه تربية ذاتية يسيطر الإنسان فيها على نفسه وليس العكس.
ونحن في عصرنا الحالي تيسرت السبل والوسائل وتنوعت مصادر التعلم والتلقي العلمي والثقافي والفكري ولم يبقى إلا الهمم العالية والإرادة الحديدية والقوة الداخلية التي تتفجر لتتحول إلي مشروع نجاح كبير للشخص والمجتمع في آن واحد..
فهناك الإذاعات المتنوعة والأشرطة السمعية بمختلف صيغها ومختلف أبواب المعرفة والخير فيها و التي تحمل ابتداء من العلوم الدينية الثرية والآداب والشعر والسير والتربية والتاريخ والقصص المعبرة ومواضيع مختلفة ودورات تدريبية متنوعة في مجالات التنمية البشرية وتطوير الذات والعلوم التطبيقية والمسابقات الثقافية إلي أخر ما نتمنى من أصناف العلوم وأبواب المعرفة لعدد لا حصر له من صناع الفكر ورواد القلم والمحبرة وأهل التجارب التي غيرت مجرى التاريخ وحولت مسار الأمم والشعوب.
ومن هنا تأتي المحاولات الجادة لاستغلال الأوقات والطاقات لحياة أفضل وواقع أجمل وتدرج ايجابي إلي الأعلى في مراتب الحياة في شتى المناحي بأذن الله .
إنها 1000 ساعة !! تخيل معي وتسأل ماذا جنيت من نوبات التفكير المطول والهواجس التي الفائدة منها !!
إنها 1000 ساعة !! تخيل معي وتسأل ماذا جنيت من حديث مفرط بلا حد وبلا عد بالهاتف النقال !!
إنها 1000 ساعة, 60000 دقيقة, 3600000 ثانية !!
انه المصدر المهم والمغنم الأعم أن تبني ثقافتك وعلمك وإطلاعك وترتقي بنفسك وعائلتك من خلال ثقافة تكتسبها بكل يسر وسهوله وأنت في السيارة.
كما أود أن أشير أن المرأة تقضي أيضا حوالي 1000 ساعة سنويا في أعمال المنزل وإعداد الطعام, وهي فرصة ذهبية لها أيضا لايمكن أن تعوض.
إنها بحق وحقيقة ثروة لا يمكن أن تمر على كيس فطن بلا استغلال أو استفادة.
فلنبدأ من الآن استغلال هذه الساعات في كل ما يفيد ويبني في كل ما يثمر ويعمر, فالحياة مضمار لا يصل
إلي خط الفوز فيه إلا أهل الأنفس التواقة إلي كل نجاح وتميز. كل إبداع وتفوق.
نشرت الصحف المحلية تقرير مفاده أن احد المواطنين البريطانيين بدأ استكمال الدراسات العليا بعد تقاعده من العمل في سن الخامسة والستين وفعلا أكمل مسيرته العلمية في الماجستير والدكتوراه خلال 7 سنوات إي انه حصل على الدكتوراه في سن الثالثة والسبعين من العمر !!
إنها فعلا طاقات مثمرة تضفي الكثير من النفع والفائدة على الكوكب التي تعيش فوقه و على الأمة التي تنتمي إليها و هي وتحتاج منا الكثير والكثير.
لا وقت للهدر, ولا مكان للجمود والتراخي والوفاة المعنوية والتسويف.
انه طموح بلا حدود ولا بد أن يقابله نجاح بلا حدود.
وتذكر دائما
( عيش لدنياك كأنك تعيش أبدى, وعش لأخراك كأنك تموت غدا )
ولتعد الدماء تجري في عروقنا من جديد..
محبكم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
من الايميل