[align=center][frame="3 80"]
[line]
[line]
الحمد لله الذي لا يموت, تفرّد بالديمومة والبقاء, وتفرد بالعزة والكبرياء, وطوّق عباده بطوق الفناء, وفرقهم بما كتب عليهم من السعادة والشقاء، نحمده سبحانه ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه,
ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, وصلى الله على خير خلقه نبينا محمد القائل (( أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت .. ))
والإنسان مأمور بالاستعداد للقاء الله تعالى في كل حين, فإنه لا يدري متى تأتيه رسل ربه لقبض روحه ؟
وقد قال عز وجل : ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
وقال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾
قال بعض السلف هذه الآية فيها تعزية لجميع الناس فإنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت , فما أسعد من استعد لهذه الساعة ! قال جبريل عليه السلام لنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم :-
(يا محمد , عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ).
اعلموا أخواني في الله أن هذه الدنيا مدبرة فانية, ثم المرد إلى الله تعالى
وإلى جنة أو نار, خلودٌ بلا موت, وإقامة بلا ضعن,
قال الله جل ثناؤه: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾
قال أبو نعيم في الحلية :
كان مطرف بن عبد الله أحد الصالحين يزور المقابر فيبكي ويدعو لهم , وفي ليلة من الليالي ما زارهم .. كانت الليلة باردة ممطرة فترك زيارتهم, فرأى في المنام كأن رجلاً من أهل المقابر من المسلمين يقول :
يا مطرف, ما زرتنا الليلة, والله الذي لا إله إلا هو يا مطرف إنا نستأنس بزيارتك, وإن الله ينور قبورنا بزيارتك أسبوعاً كاملاً, يا مطرف تزود من لا إله إلا الله فقد حيل بيننا وبين لا إله إلا الله .. والله لو تعلم يا مطرف نفع لا إله إلا الله لقضيت بها أنفاسك.
قال تعالى : ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ﴾
فانظر يا عبد الله مقامك وتوهّم مكانك , ومن أي أولئك تكون ؟
فيا عجباً ممن آثر الحظ الفاني الخسيس, على الحظ الباقي النفيس, وممن باع جنة عرضها السماوات والأرض بسجنٍ ضيقٍ في هذه الدنيا الفانية!
ويا عجباً ممن باع سماع خطاب الرحمن .. بسماع المعازف والغناء !
فتذكر يا غافلاً عن الآخرة وتفكر في الموت وما بعده فكفى به قاطعاً للأمنيات, وحارماً للذات, ومفرقاً للجماعات, كيف والقدوم على عقبه لا تدري المهبط بعدها إلى النار أم إلى الجنة ؟!
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وجزاكم الله خير[/frame][/align]